ماذا يعني أن تكون مراسلا في واشنطن؟

مدير مكتب «نيويورك تايمز» بالعاصمة الأميركية يتحدث عن تجربته

TT

قضى فيليب تاوبمان، مدير مكتب صحيفة «نيويورك تايمز» في واشنطن، 28 عاما في هذه الجريدة، عمل خلالها كصحافي متخصص بقضايا الأمن القومي في واشنطن ومدير مكتب الصحيفة في موسكو ونائب مدير مكتب الصحيفة في واشنطن ونائب محرر الشؤون الوطنية ونائب محرر الصفحة الافتتاحية. وقبل ذلك، كان كاتبا رياضيا في مجلة «إسكوير» وكاتبا ومراسلا لمجلة «تايم». وفيما يلي نص الحوار الذي دار حول عمله وحيثياته: > ما الضغوط التي تُمارس على صحيفة «نيويورك تايمز» كي تحذف أو تؤجل أو تخفف من حدة القصص الإخبارية الخاصة بواشنطن؟ وكيف تتخذ الصحيفة قراراتها؟

ـ تصلنا مطالب وتُمارس علينا ضغوط من كافة الجهات التي ذكرت، فمعظم الأماكن التي تتناولها الأخبار يريدون أن تظهرهم الأخبار بصورة إيجابية، سواء كانوا أفرادا أو هيئات حكومية أو مؤسسات أو جامعات، كما أنهم يريدون إقصاء المعلومات التي لا تناسب تصوراتهم للأحداث والسياسات وتلك التي لا تتماشى مع مخططاتهم. ومهمتنا هي التأكد من أننا نعطي القراء تقريرا كاملا يتسم بالشمول والنزاهة والتوازن وبه المعلومات التي قد لا تسر من نكتب عنهم. وفي بعض الأحيان تحاول المؤسسات والأفراد وضع قيود على الوقت الذي ننشر فيه القصص الإخبارية. فعلى سبيل المثال، قد نحصل على نص الخطاب السنوي الذي يلقيه الرئيس بوش أمام الكونغرس في وقت ما من مساء الثلاثاء قبل أن يصل هو إلى مبنى مجلس النواب. ويكون هناك حظر على نشر نص الخطاب قبل أن يدلي الرئيس به في الساعة التاسعة مساء، ويعني ذلك اننا لا نستطيع الاقتباس منه حتى تلك الساعة. وهذا أمر شائع، ولا مشكلة فيه. وتلك طريقة لتأخير نشر الموضوع. وفي الحالات التي نرى فيها أن تأجيل النشر سيتعارض مع الصالح العام، نعترض بسرعة على «الحظر» الذي تفرضه المؤسسة أو يفرضه الشخص الذي قدمه، وتكون لنا حرية نشره في أسرع وقت ممكن. ويمكن أن يأتي طلب تأجيل نشر موضوع ما بصيغة أخرى، مثل تأكيدات من الحكومة بأن نشر معلومات ذات صلة بالأمن القومي قد يعرض الأمن الأميركي لخطر، وفي تلك الحالات نقوم بالنظر في هذا الطلب بتأنٍ شديد. وفي بعض الأحيان نقوم بذلك، ولكن في أحيان أخرى ننشرها. وتلك القرارات ليست سهلة، وعادة ما تتسبب في الكثير من الجدل. وفي بعض الحالات يتم اتخاذ القرارات الخاصة بالتعامل مع تلك الضغوط التي ذكرت من قبل الصحافيين. فعادة ما يقوم الصحافيين أنفسهم بتحديد أسلوب الكتابة. وللمحررين الحق في التساؤل بخصوص طريقة كتابة موضوع ما، وطلب تغيره إذا شعروا أنه جائر. ولدى معظم الصحافيين الذين أتعامل معهم القدرة على الحكم في مثل تلك الأمور، وهناك سياسات لها مكانتها تتبعها الصحيفة وتتعلق بالنزاهة والتوازن وأسلوب الكتابة. ويقرر المحررون، بالتشاور مع الصحافيين، ميعاد نشر المواضيع، وما إذا كان سيتم تأخير النشر أم لا.

> هل صحيح أن صحافي «نيويورك تايمز» لا يوجهون أسئلة في المؤتمرات الصحافية التي يعقدها الرئيس بوش في البيت الأبيض؟

ـ انطباع خاطئ، فصحافيو الصحيفة يوجهون أسئلة في كل مؤتمر صحافي رئاسي تقريبا، وإذا لم يحدث، يكون ذلك بسبب أن الرئيس بوش لم يخترهم لتوجيه أسئلة. وفي المعتاد، يجيب الرؤساء عن أسئلة الخدمات الإخبارية، ومنها الأسوشيتد برس ورويترز، وبعد ذلك يتحولون إلى مراسلي القنوات الإخبارية الأرضية والشبكات وصحافيي المطبوعات. وخلال المؤتمرات الصحافية التي تستمر لساعة واحدة، وهذا هو الشكل المفضل للرئيس بوش في مؤتمراته، تتمكن صحيفة «نيويورك تايمز» في أغلب الأحيان من توجيه أسئلة. > ما السياسات الداخلية والإجراءات التي تقوم بها صحيفة «نيويورك تايمز» لضمان أن صحافييها ومحرريها لن يتأثروا بصداقاتهم مع البيروقراطيين والسياسيين الذين يكتبون عنهم؟

ـ لقد أثرت قضية مهمة، فقد تكون واشنطن بيئة غير مستقرة بالنسبة للصحافيين إذا ما أصبحت لهم علاقات قوية جدا مع مصادرهم، وأنا أنظر إلى ذلك على أنه أشبه ببحر من الرمال المتحركة، يبدو لك أنه بلا أضرار في بادئ الأمر، ومع ذلك فقد يكون شيئا مميتا. ومن السهل والمغري أن يضيع المرء بسبب العلاقات بين الصحافيين والمصادر ومن الممكن أن يؤثر ذلك في النزاهة والحيادية. وأنا لن أذكر حالات فردية، وفضلا لا تقرأ ما قلته على أنه تعليق حول جوديث ميلر، حتى ولو كان ذلك بطريقة غير مباشرة. ولكن هناك فرضية عامة، وهي أن الصحيفة تكون واضحة في طلبها من الصحافيين والمحررين وغيرهم من العاملين حول الالتزام بالمبادئ الأخلاقية في عملهم، بما في ذلك التعامل مع المصادر. وتلك المبادئ موجودة في كتيب بعنوان الصحافة الأخلاقية، وقد شاركت في صياغة تلك المبادئ. وتطلب الصحيفة من كل من يعمل لديها الاطلاع على هذا الكتيب والالتزام بما فيه. وهو يحظر صراع المصالح. والمبدأ الأساسي هو أنه على العاملين مراعاة حيادية الصحيفة في كافة الأوقات. ويمكن النظر إلى واشنطن على أنها مكان لاختبار ذلك، فواشنطن مكان مميز، كما ذكرت، فهي مدينة صغيرة، ما يعني أن الصحافيين والمسؤولين الحكوميين والشخصيات العامة، يمكنهم الاتصال ببعضهم بعضا بصورة دائمة، ومن الممكن أن تجدهم على نفس المائدة في حفلات الغداء، أو تجدهم يعيشون في نفس الشارع ويذهب أولادهم إلى المدرسة نفسها، ولذا قد تنشأ بينهم العلاقات الاجتماعية بجانب العلاقات المهنية. فعلى سبيل المثال من الممكن أن تجد صحافية نفسها تشجع نفس فريق كرة القدم الذي يشجعه مسؤول بارز في وزارة الخارجية هي مسؤولة عن تغطية الأخبار المرتبطة به. > هل هناك اختلاف كبير بين ما تعرفه ما تنشره؟

ـ يقوم الصحافيون الجيدون بجمع كمية كبيرة من المعلومات، وفي الغالب تكون تلك المعلومات أكثر مما يمكننا جمعها في قصة إخبارية واحدة، حتى لو كانت كبيرة. وفي مثل تلك الحالات، نترك بعض المعلومات، ولكن لا يعني ذلك ترك معلومات مهمة. وجزء من تكوين القصة الإخبارية هو تقليص المعلومات التي تم جمعها حتى يتم إدراج المعلومات الأكثر أهمية والضرورية. وهناك أيضا كمية كبيرة من التوقعات ذات الصلة بالأخبار التي نغطيها، مثل لماذا اتخذ البيت الأبيض قرارا معينا؟ وهل هناك خصومة بين وزير الخارجية ووزير الدفاع؟ ومثل هذا، ونحاول معرفة ما إذا كانت تلك التقارير والفرضيات دقيقة أم لا، وإذا كانت كذلك، ندرجها في المواضيع، وإن كنا غير متأكدين، لا نقوم بذلك. > من هو المراسل الرئيس المتخصص في تغطية أخبار البيت الأبيض؟

ـ يقوم كل من شرايل ستولبيرغ وجيم وتنبرغ بتغطية أخبار البيت الأبيض، وأرى أنهما يقومان بدوريهما بامتياز. وأخيرا، عُين ديفيد سانغر المراسل الرئيس في واشنطن، وما زال يقوم بتغطيات خاصة بالرئيس بوش، خاصة في ما يتعلق بقضايا الأمن القومي. وتقضي إليزابث بوميلر إجازة في الوقت الحالي، وهي تكتب كتابا حول وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. وقد رأينا أن تترك بوميلر كتابة عمودها المميز الذي تكتبه تحت عنوان «خطاب البيت الأبيض»، منذ أن بدأت إجازتها لإنجاز ذلك الكتاب.

* «خدمة نيويورك تايمز»