تكريم الشخصيات الأكثر تأثيرا.. على طريقة «الإعلام الجديد»

الملكة رانيا العبد الله تنال جائزة موقع «يوتيوب» الإلكتروني الأولى لـ«الرؤيوية»

استطاعت الملكة رانيا العبد الله ان تسجل نحو 3 ملايين مشاهدة لملفات الفيديو وتلقي اكثر من 43 الف رسالة عبر قناتها على يوتيوب (الشرق الأوسط)
TT

في نهاية العام 2006 كان اختيار مجلة «تايم» لـ«شخصية العام» لافتا بحق، فوفق التقليد الإعلامي الشهير الذي تتبعه مجموعة من كبريات وسائل الإعلام العالمية يتم اختيار شخصية واحدة في نهاية كل عام ليتم تسليط الضوء عليها باعتبارها كانت الأكثر تأثيرا خلال تلك السنة، سواء على صعيد سياسي، اقتصادي، اجتماعي، رياضي أو أي صعيد آخر.

واللافت انه في نهاية تلك السنة، كانت «شخصية العام» لمجلة «تايم» هي «أنت»، واحتل غلاف ذلك العدد الذي صدر في نهاية شهر ديسمبر من تلك السنة صورة جهاز كومبيوتر (مع ورقة قصدير عاكسة على شاشة ذلك الجهاز تجعل الناظر اليها يرى انعكاس صورته عليها)، وأرفقت المجلة تلك الصورة بعنوان فرعي يقول: «نعم أنت.. أنت تتحكم في عصر المعلومات، فمرحبا بك في عالمك». والفكرة كانت أن المجلة حاولت أن تعبر من خلال اختيارها هذا عن نمو أعداد مستخدمي الشبكة العالمية وتأثيرهم المتعاظم في تشكيل الرأي العام في عصر المعلومات، عصر المدونات الشخصية ومواقع «يوتيوب» و«فايس بوك» و«ماي سبيس»، وكل المواقع التي تمكن أي فرد من الإدلاء بدلوه وإيصال فكرته، أيا كانت، إلى ملايين الأشخاص حول العالم.

مراقبون عدة اعتبروا الأمر دلالة واضحة على دور الإنترنت المتنامي في ذلك الوقت، واعتبروه كذلك اعترافا واضحا من «الإعلام التقليدي» Traditional Media بنمو تأثير «الإعلام الجديد» New Media بعد فترة طويلة من حالة الإنكار التي كانت تحكم النظرة إلى الإنترنت وجيل المدونين bloggers و«الصحافيين المواطنين» Citizen Journalists، سيما وأن تلك الخطوة جاءت بعد سنتين من سماح البيت الأبيض في واشنطن لأول مرة بدخول مدّون إلكتروني (صاحب مدونة «فشبول دي سي»، وكان ذلك في عام 2004) إلى جلسات الإيجاز الصحافي التي يعقدها جنبا إلى جنب كبار مراسلي أعرق الصحف والقنوات التلفزيونية الأميركية مثل «واشنطن بوست» و«سي.إن.إن». لكن ما سيجري بعد غد السبت في سانفرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية يعد نقلة نوعية بحق، ولمن لا يعلم ما هو الحدث فما سيجري هو أن موقع «يوتيوب» الشهير لملفات الفيديو سيقيم احتفاله السنوي الأول لتكريم شخصيات هذه السنة، أي بمعنى آخر فإنه يمكن أن نعتبر أننا نشاهد «الإعلام الجديد» يخطو خطوة جديدة للإمام في مجال التأثير، وحين نعلم أن نحو 80 مليون مشاهد دخلوا إلى الموقع لمشاهدة كليب ما في يناير 2008 وحده (حسب معلومات مجلة «فورتشن»)، وأن 13 ساعة من ملفات الفيديو يتم تحميلها الى الموقع كل دقيقة وأن 70% من مستخدمي الموقع يقطنون خارج الولايات المتحدة (حسب معلومات «غوغل»)، فإنه لا بد للمراقب أن يتساءل: هل ستصبح «شخصية العام» التي يختارها موقع «يوتيوب» أكثر أهمية من أي جائزة أو «شخصية عام» تختارها أي مطبوعة أو قناة تلفزيونية أخرى؟ تجيب فكتوريا كاتسارو، متحدثة باسم موقع «يوتيوب»، لـ»الشرق الاوسط»، بأنها لا ترى أنه يمكن مقارنة جائزة موقع «يوتيوب» بأي جوائز أخرى، ذلك لأنها جائزة فريدة من نوعها ولأن الحفل الذي يقام تحت مسمى «يوتيوب لايف» الذي ستقدم خلاله الجائزة يقام للمرة الأولى كذلك. إلا أن البروفيسور أدريان مونك، رئيس كلية الصحافة والنشر في جامعة "سيتي" اللندنية يقول لـ"الشرق الأوسط" أنه إن كانت شركة "غوغل" أو موقع "يوتيوب" يسعيان إلى إعادة تقديم مفهوم "شخصية العام" فإنه كان يتوجب عليهما الذهاب خطوة أبعد وتقديم شيء أكثر ابتكارا، ذلك لأن هذا المفهوم يرتبط بمجلة "تايم" والناس يثقون باختيارها.

لكن مونك لا يقلل من جهة ثانية من حجم تأثير "يوتيوب" أو أهميته مشيرا إلى إعلان الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما أخيرا عن بث تسجيل اسبوعي من خلاله. والجدير بالذكر أن أول «جائزة يوتيوب للرؤيوية» YouTube Visionary Award ستذهب للملكة رانيا ـ زوجة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وكانت الملكة رانيا تصدرت العناوين قبل أشهر حين أطلقت قناتها على موقع «يوتيوب» www.Youtube.com/queenrania، في مسعى ضمن جهودها الى تصحيح المفاهيم والصور النمطية الخاطئة المرتبطة بالعرب والمسلمين. وقد سجلت قناة الملكة على الموقع نحو 3 ملايين مشاهدة لملفات الفيديو وتلقت اكثر من 43 ألف رسالة من كافة انحاء العالم. وحول ذلك قالت الملكة رانيا في بيان صحافي بأنها تسعد بقبول هذه الجائزة مضيفة بأنها تعتبر أن «يوتيوب» يساهم في «تشجيعنا أن نكون فاعلين في الحوار العالمي، وجعل اصواتنا مسموعة، واعطاءنا القوة أن نبث بأنفسنا، وزيادة معرفتنا ببعضنا البعض، وبالتالي تحطيم الحواجز مع كل كليب». هذا وكانت الملكة رانيا صرحت لـ«الشرق الأوسط» في مايو الماضي بأنها تعتبر أن الأمل هو أن يكون الشباب المحرك الرئيسي لقوى التغيير الايجابي في العالم، مضيفة «نحن العرب والمسلمين لا نزال نعاني من سوء فهم العالم لنا، لواقعنا، تاريخنا، وطريقة تفكيرنا. يجب ان نعمل على تغيير الصور النمطية التي ألصقت بنا، وإيصال صورتنا الحقيقية بكل الوسائل الممكنة. ولا يَخفى على أحد أن الحوار هو الوسيلة الأفضل لتحقيق ذلك، والحوار الالكتروني الذي بدأته على يوتيوب ما هو إلا استكمال للحوار الذي اعمل على تشجيعه منذ سنوات. لأن هذا الجيل، جيل اليوتيوب والفيس بوك وإكبس، مختلف، ويجب أن نصله من خلال أدواته، لأن العالم الآن اكثر شبابا من أي وقت مضى». وحسب القائمين على جوائز «يوتيوب» فإن جائزة «الرؤيوية» تعطى لتسليط الضوء على أولئك الذين يستخدمون موقع ملفات الفيديو العالمي هذا من أجل التغير الاجتماعي الإيجابي. ونقل بيان صحافي عن شاد هورلي، أحد مؤسسي «يوتيوب»، قوله بأن «الملكة رانيا تضع المعايير بخصوص تكسير الصور النمطية وأقل ما يمكن قوله عن ملفات الفيديو الخاصة بها هو أنها ملهمة»، مضيفا «انه لمن دواعي سرورنا ويشرفنا بأن نقدم إليها هذا التكريم الذي تستحقه عن جدارة». وستلقي الملكة رانيا كلمة عبر تسجيل فيديو على الانترنت تقبل من خلالها بجائزتها، حيث تبث الكلمة خلال الفعالية التي ستقام يوم السبت 22 نوفمبر المقبل، وستبث مباشرة عبر موقع «يوتيوب»، ويمكن مشاهدتها من خلال زيارة موقع http://youtube.com/live على شبكة الانترنت. وتعود فكتوريا كاتسارو لتقول لـ«الشرق الأوسط» بأن «يوتيوب» بات أكثر من مجرد مصدر للترفيه (من خلال كليبات الأغاني وما شابه)، واصفة اياه بأنه أصبح مجتمعا يركز على الاتصال والإخبار وإلهام الناس حول العالم. ويذكر في هذا السياق ان موقع «يوتيوب» تميز خلال السنة الماضية باشتراكه مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية في تنظيم المناظرات بين مرشحي الرئاسة الأميركية، حيث مكن الموقع المستخدمين من إرسال رسائلهم وأسئلتهم مباشرة إلى مرشحي الرئاسة، وتم عرض عدد منها على التلفزيون. من جهة ثانية، يستفيد عدد كبير من السياسيين من هذا الموقع، وإلى جانب الملكة رانيا هناك الملكة إليزابيث الثانية، ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون ومنظمات خيرية مثل «غرين بيس» ووكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين.