ماذا يعني أن تكون مدير تصوير؟

الصحافية المسؤولة في «نيويورك تايمز» تتحدث عن تجربتها

ميشيل ميكانللي
TT

قبل التحاقها بالعمل كمديرة للتصوير بصحيفة النيويورك تايمز، عام 2004، عملت ميشيل ميكانللي كمونتير صور في مجلة فورتشن، وهي في هذا الحوار تتحدث عن تجربتها وتفاصيل عملها الذي يتطلب اختيار الصور التي تنشر في الصحيفة لمختلف المواضيع، الخبرية منها والتحقيقات والمقابلات، وفيما يلي نص اللقاء: > كيف يمكنك رسم خط فاصل بين المونتاج المقبول كالذي يتم عبر برنامج أدوبي فوتوشوب مثلا والتلاعب غير المقبول؟ وما الذي يحدث إذا تم التلاعب بإحدى اللقطات الحاسمة، وهل تحاولين إصلاح الضرر الذي وقع على الصور أم تستبعدينها كلية؟ وكيف تصوغين الخطوط الإرشادية الكافية لتوجيه الإمكانات الضخمة لبرنامج مثل فوتوشوب؟

- لدينا سياسة محددة بشأن التلاعب في الصور، إذ يعد ذلك أمرا غير مقبول في الصور الإخبارية، والخطوط الإرشادية الأخلاقية توضح ذلك تمامًا، أما بالنسبة لأقسام الفنون، فإننا نحاول - في بعض الأحيان - المزج بين الصورة والشرح، ودائما ما يأتي التعليق أسفلها على سبيل الشرح.

يعمل قسم الإنتاج لدينا على إعداد الصور من أجل إعادة استخدامها، وهم قادرون على تبين الصور المعيبة وإذا ما اكتشفوا ذلك فإننا لا نستخدمها على الإطلاق، وإذا كان السبب مجهولاً نلجأ إلى الملف الخام. وقد نسمح ببعض التعديلات الأساسية مثل التضاد والنغمة، إضافة إلى زيادة التشويق وتخفيف الضوضاء. وقد تعلم مصورونا تقنيات الفوتوشوب الرئيسة وهم ماهرون في استخدامها.

> لدى سؤال حول القواعد الحاكمة لنشر الصور الواردة من العراق، فالتايمز تنشر صورًا للجرحى من المدنيين والأطفال ومشاهد العائلات المفجعة خلال الجنازات في العراق. وفي وقت الغزو وما بعده نشرتم صورا لمقاتلين عراقيين مصابين أو مقتولين أو مأسورين بعضهم في أوضاع مخزية، كما شاهدنا صورًا لعائلات الجنود الأميركيين الثكلى وهم يشيعون جنازات أبنائهم. لكن حسبما أتذكر لم تنشر التايمز صورًا للجنود المصابين أو المقتولين في صفوف القوات الأميركية أو قوات التحالف، وتلك صورة مختلفة عن الحروب السابقة التي شهدناها في فيتنام وكوريا، فهل مارس الجيش الأميركي حظرًا على الصحف بنشر مثل تلك الصور أم أن هذا قرار اتخذته التايمز بمفردها؟

في حقيقة الأمر، إننا ننشر تلك الصور بمجرد وصولها إلينا، وهي ليست متاحة كما يمكن أن يتراءى لك، لكن الطريقة الوحيدة للحصول عليها تكون عبر الوجود في الأماكن التي يسيطر عليها الجنود الأميركيون، وهناك بعض الأمثلة القليلة لما قمنا بنشره. والقاعدة الأولى في نشر صور للجنود الذين يتم التعرف عليهم هي أننا يجب ألا ننتظر حتى يتم إعلام العائلات. وقد عانينا أوقاتًا صعبة مع الجنود الأميركيين الذين يتماثلون للشفاء جراء إصابات بالغة وقمنا بنشر سلسلة من هذه الصور في يناير (كانون الثاني) هذا العام. كانت غالبية إصابات الجنود ناتجة عن القنابل التي تزرع على جانب الطريق وكان البعض منهم قد أصيب بإصابات حادة في المخ أو تعرضت بعض أطرافهم للبتر، وقد حاولنا أن نعرض لأكبر جزء من القصة قدر الإمكان وسوف نستمر في القيام بذلك (الصورة التقطها جون سبانر/ بولاريس للنيويورك تايمز ومن أعلى اليسار خواو سيلفا للنيويورك تايمز وآشلي جيلبرتون للنيويورك تايمز أسفل اليمين).

> ما هي النصيحة التي يمكن أن تقدميها للشباب الذين يرغبون في دخول عالم التصوير؟

- أهم ما يمكن أن يقوم به المصور الشاب أن يتبين أي نوعية من المصورين يرغب في أن يكون عليه وما الرسالة التي يرغب في إيصالها، وهل باستطاعته التفوق على من سبقوه. وعندما يدرك المصور الشاب أن مهنة المصور الصحافي صعبة، فإنه يجب عليه أن يحب ما يعمل وأن يتأكد من مهمته وأن يكون لديه استعداد دائم للتطور، والعمل الجاد والجاد جدًا، وعلى المصور أن يكون دائمًا صاحب نزعة فضولية ومثابرا ومهذبا، وعندما يدنيه الآخرون منهم فعليه أن يتذكر أن هذه هبة. ولا تجعل المسائل الفنية تحول بينك وبين الحصول على لقطة عظيمة، فاجعلها تأتي في الأولوية الثانية، كما يجب أن تدرك دور الجمال في رواية القصة ثم التقط الصور والمزيد منها.

> ما الذي تبحث عنه التايمز في المصورين الذين تستخدمهم؟

- أحد الإعلانات التي طلبنا فيها مصورين كانت كالتالي: «تقدم صحيفة نيويورك تايمز فرصة ملائمة لمصور في مدينة نيويورك، يجب على المتقدم أن يتمتع بحيوية عالية وحماسة متقدة وقدرات إبداعية تمكنه من التقاط صور للمواضيع المختلفة في الصحيفة ـ الأخبار والرياضة والفن. ونحن نتوقع أن يبذل المصور قصارى جهده في كل المهام التي تناط به، بداية من المهام الداخلية إلى المهام الخارجية ومن يستطيعون التأقلم مع الآخرين، كما أن بإمكانه العمل أيام وليالي العطلات الأسبوعية، ويجب أن يكون على اطلاع بالإنترنت ووسائل الإعلام المتنوعة. ويشترط على المتقدم أن يكون على خبرة فنية في حاسبات ماكنتوش. أرسلوا سيرتكم الذاتية وبعضًا من أعمالكم إلى الجريدة».

ويتشكل غالبية الذين عينتهم الصحيفة مؤخرًا من العاملين في مجال القنوات الأرضية أو الصحف الأخرى أو المصورين الصحافيين المتعاونين، لكن المصورين العاملين في البلدات الصغيرة لا يتماشى عملهم مع معايير القبول في النيويورك تايمز.

> ما هو تأثير الصور الإخبارية وكيف يمكننا أن نفهم من خلالها الخبر أو الشخصية. فعلى سبيل المثال قد تظهر إحدى الصور مرشحًا واثقًا من نفسه بينما تظهر أخرى المرشح أو المرشحة كما لو كان مرتبكًا أو مذنبًا، على عكس المقال الصحافي الذي يسعى لإبراز الاختلاف في وجهات النظر، بينما الصورة لا تعبر إلا عن جملة واحدة، لذا كيف يمكن لمن يقوم بالمونتاج للصورة أن يقدم هذ الخط الصحافي؟

- المونتير الصحافي يقوم بقراءة الخبر أو الحديث الذي أورده المراسل أو المصور عن الموقف ويقوم باختيار الصورة التي تقدم أصدق تعبير عنه.

> غالبية الصور التي شاهدتها في النيويورك تايمز لها مضمون فني إضافة إلى محتوى إخباري جيد، إذ تميل إلى أن تكون كلاسيكية التركيب. وأعتقد أن ذلك راجع إلى تدريب المصورين على التقاط صور ديناميكية حتى في ظل أقسى الظروف وضغط الوقت، لكن إذا اضطررت إلى الاختيار بين صورة تحمل كل مضامين الجمال وصورة قد لا تكون على نفس الدرجة لكنها تخدم المقال بصورة أفضل، فأيهما تختارين؟

- أفضل صور صحافية هي تلك التي تستخدم في مستويات متعددة: تاريخية واجتماعية وعاطفية وجمالية، وتلك الصور هي التي تظل بحوزتك، ولا تقدم المواقف المختلفة الصورة المناسبة لكننا يجب أن نسعى للحصول على تلك اللقطة المميزة.

> لقد أتاحت وفرة الكاميرات الرقمية وإمكانية التصوير الرقمي الفرصة للكثيرين للدخول إلى مجال التصوير على سبيل الهواية، والتصوير للمدونات هو أحدث الاتجاهات التي ظهرت وأظهر فيها بعض الهواة تميزًا. ومونتيرة الصور تقول إنها تعتقد أن ذلك الاتجاه مخيف وأنها لا ترغب في أن ترى صورا رقمية لغير محترفين. فما رأيك في اتجاه التصوير للمدونات؟ وهل ترين موهبة في بعض أشكال ذلك الفن الدخيل؟ - أعتقد أن الإنتاج الكلي لتلك الصور يبرز أهمية الإنتاج الواعي للصور التي ترافق الخبر. لكن الأهم في ذلك كله هو العقل الذي يقف خلف الكاميرا، ولا يمكنني القول إنني لا أرغب في رؤية صور التقطها هواة فصور أبو غريب وتفجيرات أنفاق لندن التقطها هواة، وأعتقد أن هذه الصور تنم عن إتقان حقيقي وصدق لا يمكن للمصورين الصحافيين استبداله بصور مشكوك في صحتها.

> هل هناك أنواع من الصور لا تنشرها التايمز؟

- نعم، نحن لا ننشر الصور غير المصرح بها والصور التي تحط من كرامة الإنسان والرسوم والصور الجنسية، وقد يرد البعض بالقول إننا نشرنا بعض الرسوم التي أثارت مشكلات ولم يكن مصرحا بنشرها ـ لقد أعطى قسم الأخبار التصريح بنشر صور: تسونامي واحتراق طالبان وأبو غريب والفلوجة والتفجيرات الانتحارية وأحداث ضخمة في أماكن شتى.

* خدمة «نيويورك تايمز»