عزام الدخيل في «إفرا» الشرق الأوسط: لا تناقض بين الإعلام الحديث وازدهار الطباعة

السعودية تستضيف المؤتمر المقبل > بناء منصة أعمال متعددة لتحقيق التكامل وتطوير صناعة المحتوى بالمنطقة العربية

TT

واصل خبراء الصحافة والإعلام والنشر والطباعة من 20 دولة فعالياتهم أمس، في مؤتمر منظمة «إفرا» الشرق الأوسط، الذي بدأ بالعاصمة المصرية يوم أول من أمس بالتعاون مع مؤسسات إعلامية عربية ودولية. وفي كلمته في بداية جلسات أمس أكد الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق الدكتور عزام بن محمد الدخيل، أن منظومة الأعمال المتكاملة التي تواصل المجموعة بناءها، أسهمت في إحداث نقلة نوعية في صناعة النشر، التي تزاولها منذ 40 عاما، وتغيير الصورة النمطية التقليدية، التي اتسمت بها دور النشر في المنطقة والعالم، عبر الاستثمار في صناعات متصلة تشمل الطباعة والتوزيع والإعلان، لتحقيق التكامل، وإطلاق مبادرات وحلول ذكية لتوفير المحتوى على إطلاقه ورقيا، ومرئيا، وإلكترونيا وجوالا، تماشيا مع متطلبات المرحلة الحالية.

وذكر الدخيل في ورقة عمل قدمها خلال مؤتمر «إفرا» الشرق الأوسط للنشر الصحافي أمس في القاهرة، أنه يرى أن لا تناقض بين الإعلام الحديث وازدهار الطباعة، مضيفا ان المجموعة تمتلك منصة أعمال متكاملة في صناعة النشر، تتيح لها تحقيق أهدافها لتكون من أولى الشركات الإعلامية، وأكثرها ربحا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تصل عائداتها الحالية في قطاع النشر الى 1.5 مليار ريال، فيما تبلغ إيراداتها من الطباعة 450 مليون ريال، منها 180 مليون ريال إيرادات تجارية من خارج المجموعة. وأوضح الدخيل أن المجموعة تُصدر حاليا 30 مطبوعة بخمس لغات مختلفة، ما بين مطبوعة يومية وأسبوعية وشهرية، موجهة لشرائح القراء كافة، وذلك من خلال شركتي نشر تابعتين للمجموعة، هما الشركة السعودية للأبحاث والنشر، التي تأسست عام 1972، والشركة السعودية للنشر المتخصص التي تأسست عام 2006، وتساندهما أذرع لوجستية تشمل الشركة السعودية للتوزيع، التي تأسست عام 1983، والشركة الخليجية للإعلان والعلاقات العامة، التي تأسست عام 1990، والشركة السعودية للطباعة والتغليف، التي تضم شركة المدينة للطباعة والنشر، وشركة مطابع هلا.

وقال الدخيل: «رغم أن النشر هو أصل ما تتخصص فيه أعمال المجموعة، إلا أنها توسعت بشكل كبير في الصناعات المتصلة بالنشر، ومنها الطباعة التي أصبحت فرصة استثمارية واعدة، حيث تتوسع المجموعة في هذا القطاع محلياً وإقليمياً، لتلبية متطلبات الشركتين الناشرتين في المجموعة، ولاقتطاع حصة مجزية من سوق الطباعة في المنطقة»، مبينا في الوقت نفسه أن التكاليف التي تنفقها الشركتان الناشرتان في المجموعة أصبحت جزءاً من الإيرادات الاستثمارية لقطاع الطباعة التابع للمجموعة، ومكَّنها بالتالي من التوسع بالاستثمار في هذا المجال، وساعدها أيضا لطرح الشركة السعودية للطباعة والتغليف للاكتتاب العام.

وأشار الدخيل إلى أن المجموعة تتبنى توجهات استثمارية جديدة لاستقطاب قاعدة أوسع من الجمهور، من خلال تطوير تطبيقات جديدة في صناعة النشر، تعتمد على النشر الذكي (Smart Media Publishing) لتوفير حلول متكاملة تضم، إضافة إلى النشر الورقي، النشر الإلكتروني، والتلفازي، والجوال، بالاعتماد على الخبرات المتراكمة التي تمتلكها المجموعة في صناعة المحتوى، واستكشاف فرص جديدة واعدة سيتم الكشف عنها في موعدها، مما سيجعل المجموعة من كبرى الكيانات العالمية في تقديم المحتوى العربي بأنواعه كافة ورقيا، وتلفازا، وإلكترونيا وجوالا.

وتابع الدخيل أن المجموعة السعودية تستثمر في بناء الأعمال المتصلة بالنشر الذكي، ونفذت وتدرس العديد من المبادرات لتعزيز قدراتها في هذا الاتجاه، ومنها إطلاق أكبر بوابة للمحتوى العربي الإلكتروني، وتطوير أدوات إنتاج المحتوى المرئي ليكون رافداً إضافياً متميزاً لأنواع المحتوى الأخرى، التي يتأتى توفيرها في هذا المشروع، فضلا عن توفير محتوى متخصص يخاطب شرائح محددة من الجمهور، مثل المحتوى الموجه لقطاع الأعمال (B2B)، وتعزيز ذلك بنشاطات مصاحبة مثل المؤتمرات والمنتديات.

وقال الدخيل إن التوجه الاستثماري لا يقتصر على ما تنتجه قنوات المجموعة من محتوى، بل يشمل تأسيس علاقات شراكة إستراتيجية مع معظم الناشرين العالميين، عبر استقطاب أهم المطبوعات العالمية لإصدارها باللغة العربية أو إصدارها بطبعة إنجليزية تخص المنطقة، وشراء حقوق نشر محتوى متعدد التخصصات، يلبي أهداف وتطلعات المجموعة كونها أكبر مزود للمحتوى باللغة العربية، وتنشط الشركة السعودية للنشر المتخصص التابعة للمجموعة لتحقيق هذا الطموح، إذ تعمل على تنفيذ خطة لإصدار الطبعة العربية لأكبر 50 مطبوعة عالمية، أو إصدار طبعة إنجليزية خاصة بالمنطقة لبعض المطبوعات العالمية الرائدة.

وفي إشارة إلى ما أثير خلال جلسات المؤتمر، في ما يتعلق بمستقبل الصحافة المطبوعة أمام التحديات التي تواجهها من الصحافة الالكترونية، قال الدكتور الدخيل أمام المشاركين في مؤتمر «إفرا»، إنه لا شك أن ما حققته الطباعة في سنوات كثيرة حقققه الإعلام الحديث في سنوات قليلة..«ما أستطع أن أقوله هو أننا الآن نستثمر في المحتوى.. نحن نستعد لمرحلة قادمة ومهمة جدا»، موضحا أن «الطباعة لن تتأثر وهي مازالت تنمو».

وتابع الرئيس التنفيذي للمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق قائلاً: إن «نظريات الإعلام الحديث والقديم هي الآن محل التطبيق عندنا (في المجموعة)»، وأشار إلى ما ردده بعض المشاركين العرب والغربيين خلال المؤتمر من مخاوف من انخفاض الإقبال على الصحافة الورقية، بقوله إنه ربما هذه المشكلة ليست موجودة لدينا، لأن لدينا تقارير مرعبة عن معدل الأمية في العالم العربي، خاصة في أوساط كبار السن، وحيث أن التعويل على دخول الشباب الجديد مجال القراءة فإن مستقبل الصحافة الورقية مؤهل لمزيد من الاستثمار فيه والتعويل عليه، وقال: «ما زال أكثر من 50% من سكان العالم العربي على مقاعد الدراسة.. ونحن في المجموعة لا نرى تهديدا من طرق النشر الحديثة (الإلكترونية) لطرق النشر القديمة (الورقية)، بل نرى أن التكامل بين الطريقتين يعطي فرصة لمزيد من الاستثمار في هذا المجال، وهو ما نقوم به بالفعل».

وقبيل ختام جلسات مؤتمر «إفرا» أمس أعلن الدكتور عبد العزيز سلطان الملحم، وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للتخطيط والدراسات بالمملكة العربية السعودية، والمشرف العام على تقنية المعلومات، أن المملكة سوف تستضيف مؤتمر «إفرا» القادم وذلك في 31 مارس (آذار) عام 2009، وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور الملحم أن المؤتمر المقبل سوف يناقش التوجهات الحديثة في صناعة النشر والطباعة، على ضوء التحديات الاقتصادية القائمة، قائلا عن الهواجس التي أبداها البعض في اليوم الأول للمؤتمر عن مستقبل الصحافة الورقية، إن الصحافة التلفزيونية حين ظهرت لأول مرة اعتقد البعض أنها ستقضي على الصحافة الورقية، لكن حتى الآن مازالت الصحافة الورقية لها جمهورها، ولها قاعدتها العريضة، وإلا لما رأينا ازدياد المطبوعات على مستوى المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية والعالم.. «وبالتالي التقنيات الرقمية الحديثة هي منافس وربما يكون منافسا شرسا للمطبوعات الورقية، ولكنها في الفترة الحالية مكملة للصحافة المقروءة».

وأضاف وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للتخطيط والدراسات بالمملكة، إن من أفضل طرق التكامل بين الصحافة الورقية والرقمية تلك التي تم التطرق إليها في المؤتمر عن تجربة صحيفة «الصن» من أن العمق والتكامل والتأثير تجده في الطبعة الورقية، وأكبر انتشار لها تجده عن طريق الأونلاين (الموقع الانترنتي)، أما آخر المستجدات فتوصلها لك الصحيفة عن طريق خدمة الجوال (الموبايل).. وقال: «هذا يدل على تكامل في منظومة العمل وليس تنافسا».

وكان العديد من المتحدثين في جلسات المؤتمر من دول مختلفة تناولوا العلاقة بين الصحافة الورقية والالكترونية من وجهات نظر متباينة، ومستقبل خدمات الاتصال الحديثة في توفير المعلومات، بما في ذلك خدمة «الواب» عن طريق الموبايل، إذ قال مارك تشالينور عضو مجلس إدارة إنما (وكالة تسويق وسائل الإعلام الدولية) بالمملكة المتحدة، إن سوق الهاتف الجوال في الشرق الأوسط، تنمو بشكل متزايد ويمكنها تحقيق مكاسب، وأن مصر على سبيل المثال بها 20 مليون شخص يستخدمون الجوال، موضحا أن هذا يتبعه بشكل مطرد التوسع في الاعتماد على خدمة الواب في التعرف على المنتجات والأخبار، وتصفح الانترنت.. «بل قيل إن الإعلام سيصبح مثل الوجبات السريعة بسبب الواب».

وأشار الناشر المصري المعروف هشام قاسم في المؤتمر إلى أن 6% من المصريين تحت سن الـ15 سنة، أي أنهم سيدخلون خلال فترة وجيزة في شريحة الراغبين في القراءة.. «لدينا فرصة لازدهار هذه الصناعة»، مشيراً إلى أن عدد النسخ المباعة يوميا من الصحف (بكل أنواعها) يصل إلى مليون، إضافة لحوالي 8 ملايين مشترك على الانترنت، و5 ملايين لديهم القدرة على استخدام الواب عبر الجوال. لكنه أضاف: «هناك مسؤولون في صحف (مصرية) قديمة يقاومون استخدام هذه الوسائط الالكترونية الحديثة، على خلاف الصحف الخاصة الجديدة».

ومن جانبه قال الناشر اللبناني زياد تويني إنه يجب أن يكون هناك أسلوب لربط التقنيات الحديثة والقديمة مع بعضها بعضا لربط القارئ بها.. «يمكن للصحيفة أن ترسل الخبر العاجل للقارئ، من خلال خدمة الجوال، ثم توفر له تفاصيل أكثر من خلال موقعها على الانترنت، وفي اليوم التالي يجد الموضوع بكل تفاصيله القريبة والبعيدة، في الطبعة الورقية ثم العودة للانترنت لاستقبال تعليقات القراء.. يجب أن نجد السُّبل لكي نستخدم كل هذه المسارات التقنية».