هل المستقبل للقنوات «الإنترنتية»؟

خطوة تاريخية تنفذها «بي بي سي» ببدء البث عبر الإنترنت كليا اليوم

موقع قناة «بي بي سي1»
TT

يتابع المراقبون للشؤون الإعلامية بشغف قرار هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) بدء بث جميع قنواتها وبرامجها مباشرة عبر الإنترنت، والذي يدخل حيز التنفيذ، بشغف. ذلك لأن مثل هذه الخطوة، حين تأتي من مجموعة عملاقة تضع المعايير في كثير من الأحيان، مثل «بي بي سي»، فإن في ذلك دلالات خاصة. ولمن لم يتابع الخبر، فما يجري هو أن الهيئة البريطانية قررت ضم قناتي «بي بي سي 1» و«بي بي سي 2» التلفزيونيتين إلى باقة قنواتها الأخرى التي تقدم خدمة البث المباشر عبر مواقعها الإلكترونية على الإنترنت، وبذلك تبث كافة قنوات «بي بي سي» التلفزيونية مباشرة على الإنترنت. وفي هذا السياق، يذكر أن «بي بي سي» كانت قدمت في العام الماضي خدمة «آي ـ بلاير»، وهو مشغل رقمي عبر الانترنت (وبعض شبكات الكيبل التلفزيوني) يمكنك من متابعة الأعمال والبرامج التي فاتتك خلال أسبوع من بثها. وهو يمكن المشاهدين من مشاهدة حلقات من برامجهم المفضلة بعد بثها على التلفزيون، وتقدر الهيئة عدد الذين شاهدوا برامج عبر «آي بلاير» منذ تلك الفترة بـ250 مليون شخص.

وحين نعلم أن نسبة نفاذ الإنترنت في بريطانيا بلغت أكثر من 60% عام 2006 فلا بد للمرء من أن يتساءل عما إذا كانت عادة مشاهدة التلفزيون عبر شبكة الإنترنت ستصبح هي العرف في المستقبل القريب، سيما وأن هيئة «أوف كوم» لمراقبة الإعلام في بريطانيا ذكرت في آخر تقرير لها بأن عدد من يشاهدون التلفزيون عبر الشبكة العنكبوتية تضاعف خلال الـ 12 شهرا الماضية.

من جهته يجيب متحدث باسم هيئة الاذاعة البريطانية بالقول بأن الهيئة ملتزمة بجعل برامجها وخدماتها متوفرة لدافعي «ضريبة التلفزيون» في المكان والزمن الذي يريدونه. ويضيف المتحدث: «وفي حين أن المشاهدة عبر البث التقليدي، أي عبر التلفزيون، هو الأكثر شعبية، فإن توفير برامجنا عبر الانترنت سيلعب دورا مهما في توجيه المشاهدين الى برامجنا، وكذلك يلعب دورا مهما في مساندة المشاهدة». أما البروفيسورة يان ووه، المحاضرة في الإعلام بجامعة «سوانسي» البريطانية، فتقول بأنه فيما هو صحيح انه لا توجد وسيلة إعلامية لغت الأخرى، بمعنى أن الراديو لم يلغ الصحيفة حين ظهر، وكذلك الحال مع التلفزيون والراديو، فإن ما تتوقعه هو أن تحدث التطورات التقنية السريعة التي نشاهدها تحولا في طرق البث، وليس الغاء من قبل وسيلة لأخرى. وترى ووه بأن ما سيحدث على الأرجح هو أن مزيدا من القنوات التلفزيونية والمشاهدين أنفسهم سيلجأون لخدمات البث عبر الانترنت، والفكرة هي أن المشاهدين سيشاهدون نفس القنوات التلفزيونية لكن من خلال الاتصال بالانترنت (بدلا من اسلاك الكيبل والصحون اللاقطة)، وذلك لما في شبكة الانترنت من عملية تمكن المشاهدين حول العالم من التقاط قنواتهم في أي مكان وأي زمان. يذكر في هذا السياق، أن اول قناة اتبعت هذا الأسلوب في بريطانيا، كانت البريطانية الرابعة (تشانيل 4)، وذلك في العام 2006. وما يمكن اضافته كذلك هو ان مدى قوة ظاهرة مشاهدة التلفزيون عبر الانترنت تختلف من بلد لآخر، بموجب عوامل عدة مثل نسبة نفاذ الإنترنت، وسرعة الخدمة والعادات الاجتماعية، فمثلا تبلغ نسبة مشاهدة التلفزيون عبر الانترنت في الولايات المتحدة نحو 16% فقط بحسب أرقام العام 2007.