«قرصان» الجوائز الصحافية: لا ألوم الإعلام على عدم تغطيته للصومال

الصحافي الصومالي «دوغوف» الذي خطف 3 جوائز بارزة في أقل من شهر يتحدث لـ «الشرق الأوسط»

«دوغوف» لدى تسلمه الجائزة مع فريق القناة الرابعة
TT

أن تفوز بـ 3 جوائز صحافية مرموقة في أقل من شهر فهذا يعد إنجازا غير عادي، لكن المصور التلفزيوني الصومالي عبد الله فرح محمد (الذي يعرف باسم «دوغوف») ليس صحافيا عاديا بأي حال. ومع كل الاهتمام الذي حظي به خلال هذا الشهر، يمكن القول أن عبد الله فرح هو «قرصان» الجوائز الإعلامية بلا منازع، فقد استطاع «دوغوف» نيل جائزة «روري بيك» Rory Peck للأخبار التلفزيونية بلندن في 13 نوفمبر الماضي، ليعود ويختطف جائزة «القصة الخبرية التلفزيونية» وجائزة «صحافي العام» هذه السنة في جوائز «رابطة الصحافيين الأجانب» FPA التي عقدت في فندق شيراتون بارك لين بحضور ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، الأسبوع الماضي... إلا أن المفارقة هي انه فيما القراصنة يخطفون ما ليس لهم به حق، فإن عبد الله فاز بجدارة بحسب حكام المسابقتين. إلا أن الجوائز يجب أن لا تنسينا القصة الأساسية، التي كانت سبب فوز عبد الله فرح، وهي المآسي التي يعيشها مواطنوه الصوماليون، ولعل الكلمات القليلة التي ألقاها «دوغوف» لدى فوزه الأسبوع الماضي كانت كفيلة بالتذكير بذلك، حيث ترقرقت دمعة في عينه لدى ذكر أولئك الذين يموتون في موطنه (ومن بينهم زملاء له في الصحافة)، والذين كان عليه أن يصور معاناتهم والظروف الإنسانية والأمنية السيئة التي يعانون منها في سبتمبر 2007، مخاطرا بحياته في بلد يـأتي ترتيبه في الرقم 153 في مؤشر منظمة «مراسلون بلا حدود» لاحترام حرية الصحافة (من إجمالي 173 بلدا). «الشرق الأوسط» التقت «دوغوف» عقب فوزه، وفيما يلي نص الحوار: > لعله من المفارقات اللافتة أنك صورت هذه اللقطات في وقت لم تكن تحظى فيه الصومال باهتمام إعلامي عالمي، واليوم هي من القصص اللافتة بحكم موضوع القراصنة، هل تعتقد أن الصومال بجميع المآسي التي فيها لا تزال مظلومة إعلاميا؟ - أنا لا ألوم الصحافة الدولية، ليس باستطاعتهم المجيء إلى الصومال لأن الوضع خطير للغاية. وقد كان من حسن الحظ أنني على اتصال بالقناة الرابعة واستطعت عرض ما لدي من لقطات لهم، وهم سارعوا بطلب المزيد وكنت ارسل لهم اللقطات عبر الـ «دي اتش ال»، ومن ثم تم عرض القصة، وهم يشكرون على اهتمامهم هذا. > حسنا، لا بد انك أصبحت مشهورا الآن، كيف كانت ردود الفعل على نيلك لهذه الجوائز؟

ـ (مبتسما) تلقيت عشرات الاتصالات من الصحافيين الذين يسألون عن الوضع في الصومال، كما تلقيت عروض عمل عدة من قنوات دولية مختلفة. > وهل ستنتقل إلى أي منها؟ ـ الواقع أنا اعتبر أن للقناة الرابعة دورا كبيرا في ما أنا عليه اليوم، لكني سأدرس كافة العروض ومن ثم أقرر وأبلغهم بقراري. > أراهن أن قصتك المصورة المقبلة ستكون عن القراصنة، أليس كذلك؟ ـ بالتأكيد، أنا أستعد لذلك حاليا. > بالمناسبة عن كم قرصان نتحدث؟ ـ هناك أكثر من ألف قرصان، انها مهنة ذات شعبية كبيرة هذه الأيام، فهي الطريق الأسرع للثراء، ومن ينجح في القرصنة يغتن وقد يحصل على ملايين الدولارات في خبطة واحدة ويتزوج من أجمل فتاة في المنطقة، حتى أن والد الفتاة هو الذي يأتي بها للقرصان. والعملية ليست مكلفة، فكل ما يتطلبه الأمر هو بضع بنادق أي كي 47 وقاذفات ار بي جي وقوارب، والقارب لا يكلف سوى 5000 دولار. > لكن باعتبار أنك اصبحت معروفا الآن، هل سيكون من الآمن لك العودة إلى الصومال؟ ـ هل تعلم انه في الليلة التالية لنيلي جائزة رابطة الصحافيين الأجانب، تمت مهاجمة منزلي واضطرت زوجتي وطفلاي إلى الهرب؟ إن الوضع صعب جدا في الصومال. > ألا توجد جهة تحمي الصحافيين؟ ـ أعتقد أن الصومال من أسوأ الأماكن بالنسبة للصحافيين، فهناك المتمردون الذين يقتلون الصحافيين، وهناك أيضا رجال الحكومة الانتقالية الفدرالية... في جميع الحالات الصحافيون ليسوا في مأمن والجرائم تسجل ضد مجهول. لقد خسرت احد زملائي خلال تصوير الشريط الفائز، وهو كان يدعى علي ايمان، حيث تم تفجير سيارتي واصبت في ذراعي، فيما هو لم ينج. > كيف ستعود إذا؟ سيكون من الصعب عليك العمل خصوصا بعد شهرتك. ـ سأجد طريقة، لكني اعتقد ان الأسلوب الأمثل سيكون بالذهاب هناك لفترة للتصوير ومن ثم الخروج، وليس البقاء هناك مدة طويلة.

* ماذا قالت لجنة التحكيم عن «دوغوف»؟

* كان عبد الله فرح نجم حفل توزيع جوائز «رابطة الصحافيين الأجانب» السنوي الذي عقد مساء الثلاثاء 25 نوفمبر 2008 في لندن، حيث حظي باهتمام كبير من قبل الحاضرين الذين حاصروه باطرائهم واسئلتهم عقب فوزه وفريقه بجائزتي «قصة العام الإخبارية التلفزيونية» و«صحافي العام». وكانت قصة الصومال التي صورها عبد الله فرح محور اهتمام لجنة التحكيم في جلسة اختيار الفائزين، حين كان هناك شبه اجماع عليها في خانة «قصة العام الإخبارية» وكانت إحدى القصتين المرشحتين وفي نهاية الأمر أعطت صاحبها جائزة «صحافي العام». وخلال جلسة التحكيم اعتبر المشاركون في اللجنة ان القصة تعتبر فعلا نموذجا لما يجب ان تكون عليه الصحافة من شجاعة، وما تتعرض له من مخاطر. وكان نائب رئيس الرابطة ورئيس لجنة تنظيم الجوائز، حسني إمام، قال لـ«الشرق الأوسط» بأن «التقرير الذي أعده الصحافي عبد الله فرح نال اهتماما شديدا وأثار مناقشة واسعة واجماعا، لأن موضوع الصومال من الموضوعات غير المطروقة عموما في الإعلام، وبالتالي كان عملا فريدا وجريئا وتميز بالصور النادرة التي لم يسبق ان قامت أي شبكة تلفزيونية بعرضها من قبل.