خبير اقتصادي: صناعة الإعلان تواجه الأزمة المالية خلال العام المقبل

8 مليارات دولار قيمة الإنفاق الإعلاني الخليجي في 2008

خميس المقلة
TT

ستكون صناعة الإعلان في مهب الريح خلال العام المقبل، عندما تواجه تأثيرات الأزمة المالية العالمية، وهو ما يشكل أكبر تحد تواجهه بعد أزمة حرب الخليج في عام 1990، غير أن آراء الخبراء تذهب إلى أن هذه الصناعة الإعلانية ستكون أقل تضررا من قطاعات حيوية أخرى، باعتبار أن أضرارها ستنحصر على توقف نموها المتراوح بين 15 إلى 20% بالسنوات السابقة.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال خميس محمد المقلة، رئيس مجموعة ماركوم الخليج الاعلامية، عضو المجلس العالمي للجمعية الدولية للاعلان، انه في حالة انخفاض اعمال بعض القطاعات التي بدأت تتأثر بالأزمة مثل المؤسسات المالية والمصرفية، المشاريع الاقتصادية، الفنادق والسفر والسياحة، السيارات والمجوهرات وغيرها من كماليات، بالإضافة الى احتمال انخفاض أنشطة الهيئات والمؤسسات الحكومية، فإن ارقام احصائيات الشركة العربية للدراسات والبحوث (بارك) حتى نهاية شهر سبتمبر 2008 تشير الى ان هذه القطاعات تشكل نسبة 27% من اجمالي الصرف الاعلاني على وسائل اعلام (بان عرب )، «وهي نسبة قد تنعكس سلبا على إجمالي النشاط الاعلاني خلال عام 2009، عدا في حالة قيام بعض هذه القطاعات بإعادة ترتيب اوضاعها من خلال الاندماجات او التحالفات التي قد يشهدها القطاع المالي والمصرفي او القطاع العقاري وغيرهما، والتي تتطلب حملات اعلانية وبرامج علاقات عامة مكثفة، او زيادة نشاط بعض القطاعات لاقتناص فرص تسويقية قد تتاح لهم خلال هذه الفترة، ومن غير المستبعد ان تجد بعض الاسماء التجارية تقاعس بعض المعلنين فرصة لتطوير وجودهم الاعلاني على الساحة وزيادة حصتهم من السوق، وهو احد التحديات التي ستواجه بعض المعلنين في حالة قيامهم بخفض ميزانياتهم الاعلانية التي ستتيح لمنافسيهم فرصة ذهبية لا تقدر بثمن».

ولكن ماذا عن توقعات العام المقبل؟ يرجح المقلة ان لا يشهد الانفاق الاعلاني خلال عام 2009 زيادة ملحوظة مقارنة بالعام الحالي او بالاعوام السابقة التي تراوح النمو فيها مابين 15% الى 20%، وان تحافظ صناعة الاعلان الخليجية على انجازاتها حتى الان وهي 8 مليارات دولار على احسن تقدير، وينطبق ذلك على الاسواق العربية في مصر ولبنان والاردن وغيرها.

ويوضح المقلة ان المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود كل أطراف العملية الإعلانية من معلنين ووسائل اعلام ووكالات الاعلان والشراء الاعلاني الموحد MBU للبحث عن عروض وحلول وبدائل مبتكرة للتعامل مع ازمة غير مسبوقة في العالم ودول المنطقة، «فالمعلن بالتأكيد لا يرغب في وقف حملاته الاعلانية، وهو على يقين بأن الازمة ستأخذ مداها او دورتها قبل ان تعود عجلة الاقتصاد الى نشاطها مجددا، لذا فهو يبحث خلال هذه الفترة عن أفضل البدائل او أفضل مردود استثماري او قيمة إضافية لميزانيته الاعلانية، وان المطلوب هو المزيد من التعاون والتفاهم والتنسيق بين كافة اطراف العملية الاعلانية لإيجاد حلول وبدائل اخرى مبتكرة سواء مع وسائل الاعلام الرئيسية من صحافة وتلفزيون واذاعة وطرق وسينما، او الاستفادة القصوى من وسائل الاعلام الجديدة مثل الانترنت والهاتف النقال واللوحات الالكترونية وغيرها من قنوات التواصل مع الجمهور، ومن المرجح ان يكون لبرامج العلاقات العامة دور حيوي ومهم خلال هذه الفترة». وأضاف المقلة ان الخيارات المتاحة امام المعلن العالمي والمحلي خلال هذه الفترة هي اما مواصلة نشاطهم الإعلاني ومراقبته بشكل منتظم حسب تطورات الاوضاع الاقتصادية وتأثيرها في مبيعاتهم دون الالتزام باتفاقيات اعلانية طويلة الأمد، او خفض الميزانية الاعلانية وربما تجميدها الى حين اتضاح الصورة، «وهو خيار صعب ومكلف ايضا، فالاسماء التجارية والمنتجات والخدمات تفقد صيتها وسمعتها عندما تختفي عن نظر وسمع الجمهور، وتكون عودتها الى السوق اصعب وأكثر كلفة اعلانيا اذا طالت غيبتها عن الاذهان».

إلى ذلك، تشير الإحصائيات التي أجرتها (بارك) وحصلت عليها «الشرق الأوسط» إلى أن الانفاق الاعلاني الخليجي سجل خلال التسعة شهور (يناير – سبتمبر ) من عام 2008 زيادة بلغت 27% مقارنة بنفس الفترة من عام 2007، ليصل اجمالي الانفاق الإعلاني الخليجي شاملا وسائل الاعلام العابرة للاقطار العربية (بان عرب ) وهي اساسا الفضائيات العربية الى 14 .6 مليار دولار مقارنة بــ4.82 مليار دولار. وكان نصيب وسائل اعلام (بان عرب) هو 2.71 مقارنة بــ2.08 مليار دولار في عام 2007، بزيادة بلغت 30%، وتشكل الفضائيات العربية نسبة 91% من اعلانات (بان عرب)، وبشكل إجمالي فإن نصيب اعلانات التلفزيون شاملا محطات التلفزيون المحلية قد بلغ 3.20 مليار دولار وحصتها 43%، تليها الجرائد اليومية 3.14 مليار دولار وحصتها 42% والمجلات 600 مليون دولار وحصتها 8%، وبذلك يصبح اجمالي حصة الاعلان المطبوع خليجيا 50%، والطرق 340 مليون دولار وحصتها 5%، والراديو والسينما 115 مليون دولار وحصتهما 1%.

ويظل الاعلان المطبوع هو سيد الموقف في الاسواق المحلية، وتتراوح حصته بين 80% الى 90%، فهو يشكل 83% من اجمالي الصرف الاعلاني في السعودية و87% في الامارات و79% في الكويت و91% في قطر و90% في عمان و80% في البحرين. ويعود خميس المقلة، للقول ان حجم الصرف الاعلاني خلال التسعة شهور قد بلغ 2.71 مليار دولار على وسائل اعلام (بان عرب) والتي تمثل حصة (45%) من اجمالي الصرف الإعلاني الخليجي، موضحا أنها اساسا ميزانيات اعلانية موجهة الى الاسواق الخليجية الرئيسية، وعلى رأسها السوق السعودي «الذي هو أحد أهم الاسواق الاعلانية للفضائيات العربية»، بينما بلغ في الامارات 1.48 مليار دولار وحصتها (25%)، والسعودية 833 مليون دولار وحصتها (14%) والكويت 502 مليون دولار وحصتها (8%) وقطر 249 مليون دولار وحصتها (4%) وعمان 190 مليون دولار وحصتها (3 %) والبحرين 79 مليون دولار وحصتها (1%).

واضاف المقلة ان اهم القطاعات المعلنة على وسائل إعلام (بان عرب) خلال هذه الفترة هي مستحضرات النظافة الشخصية والمنزلية والتجميل 23%، الاتصالات والمرافق العامة 15%، الأغذية والمشروبات والتبغ 13%، الهيئات والمؤسسات الحكومية 7%، المطبوعات ووسائل الاعلام 6%، العقارات والتأمين 5%، السيارات ولوازمها 4%، الفنادق والسفر والسياحة 4%، الخدمات المالية 4%، الخدمات المهنية 3%، المقاولات ولوازمها 3%، الأجهزة المنزلية 3%، الترفيه 3%، الملابس والمجوهرات والاكسسوارات 3%، مراكز التسوق والمتاجر 2%، وخدمات أخـرى 1%. عربيا ارتفع الصرف الاعلاني في مصر من 661 مليون دولار في عام 2007 الى 885 مليون دولار في عام 2008 بنسبة زيادة بلغت 34%، وارتفع في لبنان من 196 الى 265 مليون دولار بنسبة زيادة بلغت 35%، وانخفض في الأردن من 93 الى 79 مليون دولار بنسبة انخفاض بلغت 14%.

وفي تعليق له على تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية في النشاط الاعلاني خليجيا وعربيا، يقول المقلة ان هذه الأزمة التي بدأت تلقى بظلالها على المنطقة سيكون تأثيرها محدودا بالنسبة للعام الحالي نظرا لحدوثها خلال الربع الأخير من عام 2008، والتزام المعلنين وشركات الاعلان خاصة وكالات الشراء الاعلاني الموحد MBU بالميزانيات المرصودة والمتفق عليها مسبقا، وحرص كبار المعلنين العالميين والمحليين على مواصلة دعم اسمائهم التجارية ومنتجاتهم وخدماتهم في دول المنطقة التي لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية حتى الان بنفس القدر الذي تأثرت به اسواق اميركا واوروبا واليابان وغيرها، «لذا فمن المرجح ان تتحقق التوقعات بأن يصل اجمالي الانفاق الاعلاني الخليجي بنهاية عام 2008 الى حوالي 8 مليارات دولار مقارنة بـــ6.5 بليون دولار تحققت في عام 2007، بزيادة نسبتها 24% وهي نفس الزيادة التي تحققت بنهاية التسعة شهور تقريبا (27%)».