ملتقى دولي في غرناطة يبحث السبق الصحافي واحترام القانون في تناول قضايا الإرهاب

يتناول المضايقات والانتهاكات للحقوق المدنية والمس بحريات الأشخاص

TT

دافع صحافيو أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن استقلاليتهم عن الحكومات اثناء تلقيهم معلومات حول قضايا الإرهاب، وتوخي الحذر من الجماعات التي تتغذى من العنف، والتي تمارس الإرهاب علانية، وذلك عبر غربلة المعلومات التي تنشرها تلك الجماعات، أو تبثها عبر وسائل إعلام مرئية ومسموعة، أو من خلال شبكة الانترنت، أو الصحافة الالكترونية، وبوابات المدونين، حتى لا يصبح العمل الصحافي مجرد وسيلة لترويج أفكار العنف والقتل، أو عملاً مسهلا للدعاية التي يود الارهابيون نشرها على نطاق واسع.

وأجمع الصحافيون الذين شاركوا في ملتقى دولي تحت عنوان «أساليب إعداد ونشر التقارير والاخبار المتعلقة بالارهاب، بين وسائل الاعلام والحكومات»، المنعقد يومي 24 و25 من الشهر الماضي بمدينة غرناطة بأسبانيا، على أهمية احترام أخلاقيات مهنة الصحافة، التي وضعتها المنظمات الصحافية الدولية، والاتحادات والجمعيات المحلية لكل دولة، مؤكدين أنهم لا يحتاجون الى مدونة سلوك جديدة في تناولهم ملفات وقضايا الارهاب، ولكن يحتاجون الى تعلم مهارات فنية تكتسب من خلال تجربتهم. وأكد المشاركون أن الحرب على الارهاب، لا يمكنها ان تكون ذريعة للحكومات، قصد الاجهاز على الحريات العامة، وبالأخص حرية التعبير، والحق في الوصول الى مصادر الخبر، مؤكدين على ضرورة التزام الصحافي بالموضوعية، التي تعني بكل بساطة، وضع مسافة بين الصحافي والمعلومة المتوصل بها، سواء أكانت من جهة الحكومة، أو من جهة التنظيمات الضالعة في الارهاب، وإجراء التحري بخصوصها، وعمل مقارنة شمولية، باعتبارها آلية من آليات التدقيق، في نوعية المعلومة المتوصل بها والمصدر الذي سربها، وتوقيت تسريبها.

وقال دومينغو ديل بينو،ممثل اتحاد جمعيات الصحفيين الاسبان: «إن الحصول على معلومات دقيقة يعد احد مظاهر الامن بالمفهوم الجديد، وليس التقليدي، كما دأبت على ترديده الحكومات، دفاعا عن حرية المجتمع»، لكن الصحافي في نفس السياق، عليه الانتباه الى تأثير الاحزاب السياسية اثناء تسريب تلك المعلومات، التي قد تخدم مصلحة تلك الاحزاب، أكثر من الامن القومي للمجتمع.

وناقش المشاركون الذين توزعوا على شكل أربع مجموعات عمل، أو ورشات فنية، مواضيع مختلفة، من قبيل المعايير التي يعتمدها الصحافيون في تناول قضايا الارهاب، وعلاقة ذلك بمبادئهم المهنية، ومدوناتهم الاخلاقية، والتصورات والتفسيرات التي تناولت قضايا الارهاب، وتأثير الارهاب على الحريات المدنية، والمفاهيم الجديدة المتناولة من قبل وسائل الاعلام في حرب الحكومات على الارهاب.

وإذا كان المشاركون، في هذا الملتقى الذي رعته المفوضية الاوروبية، بدعم من وزارة الخارجية الاسبانية، وجامعة غرناطة، والاتحاد الدولي للصحافيين، ألحوا على ضرورة ترسيم الحدود بينهم وبين تدفق المعلومات المتعلقة بالارهاب، فإنهم اشاروا الى أهمية ذكر المصادر التي تمدهم بتلك المعلومات، بالاقتصار على تسمية المؤسسة، من قبيل وزارة الامن، او الداخلية، أو الموقع الالكتروني، تجنبا للخلط الذي يمكن ان يقع اثناء نشر أو إذاعة، أو بث خبر حول الاشخاص المشتبه في تورطهم، وكأنهم اعترفوا علانية، الى حين ان يبت القضاء في مصيرهم، مبرزين أهمية الصياغة اللغوية التي تحترم القانون في عمقه، دون ان تمس بحرية الصحافي في تناول الموضوع من جوانب عديدة. وفي هذا السياق، قال توم ماكجرات، ممثل المفوضية الاوروبية،إن الارهاب يتجاوز الحدود الجغرافية لأي بلد، مشيرا الى بروز مؤسسات جديدة، تتعاون من أجل مكافحته، من قبيل المجموعة الاورومتوسطية.

وسجل ماكجرات، وجود نقص في التعاون بين وسائل الاعلام في المنطقة الاورومتوسطية، واصفا ذلك «التهميش غير المبرر»، مضيفا ان مؤسسات الاتحاد المتوسطي تتعاون في تبادل الخبرات، ونقل المعلومات، ودعم المشاريع السياسية في مجال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، فيما توضع وسائل الاعلام جانبا وكأنها غير معنية.

واعتبر الصحافيون أن من بين مسؤولياتهم احترام القانون، حتى ولو كان الامر مرتبطا بالسبق الصحافي في نشر المعلومات المتوصل بها، مؤكدين ان السبق الصحافي والتنافس على إذاعة أو بث الخبر بسرعة، لا يعفي الصحافي من مسؤوليته في تقدير مدى جسامة بث أو إذاعة، أو نشر خبر غير صحيح، ستكون له تداعيات على المؤسسة التي يشتغل فيها الصحافي وعلى الاسر والمجتمع وأيضا الحكومات، لكنهم في ذات الوقت أكدوا أن مسؤولية الصحافي لا يجب ان تحجبه عن نقل الخبر، فالصوت الحر لا يباع، كما لا يمكن إلقاء المسؤولية عليه كاملة، وبالمطلق، دون أن تكون هناك محاسبة، وهنا توضع مصداقية الصحافي على المحك.

وفي هذا السياق، قال السيد علي، ممثل منظمة التعاون والامن الاوروبية،،إن هناك تعاونا في مجال تبادل المعلومات لمكافحة الارهاب، موضحا أن الدول وحدها لا يمكنها القيام بذلك، مؤكدا أن جمعيات المجتمع المدني ووسائل الاعلام، مطالبة بالتعاون ايضا، لكنه لم يحدد نوعية هذا التعاون، بيد أنه قال «إن منظمة التعاون والأمن الاوروبية، ضد تقييد الحريات اثناء مناهضة الارهاب، بل تحث دائما على احترام حقوق الإنسان».

لكن الصحافيين أشاروا الى وجود مضايقات وانتهاكات للحقوق المدنية والسياسية في الدول الاوروبية، ودول الجنوب، من خلال المس بحقوق الاقليات التي تنتمي الى الاسلام، في الدول الاوروبية، والمس بحرية الاشخاص في دول الجنوب.