بي بي سي الفارسية تباشر البث.. بدون مراسل في إيران

رئيس قسم آسيا والمحيط الهادي في هيئة الإذاعة البريطانية: سنستمر في طلب تعيين صحافي لنا هناك

بهروز أفاغ («الشرق الأوسط»)
TT

انطلقت أمس قناة «بي بي سي» التلفزيونية الجديدة الناطقة بالفارسية، والتي تبث الأخبار والبرامج المنوعة بواقع 8 ساعات يومياً، وبميزانية تبلغ 15 مليون جنيه استرليني سنوياً، والتي ستوجه للمتحدثين بهذه اللغة الـ 100 مليون حول العالم، وتحديداً في إيران وأفغانستان وطاجيكستان. ويأتي انطلاق هذه المحطة الجديدة التابعة لـ«الخدمة الدولية» في هيئة الإذاعة البريطانية بعد عام من انطلاق المحطة التلفزيونية العربية التي يفترض أن تبث بواقع 24/24 ساعة مع نهاية الشهر الحالي حسب ما علمت «الشرق الأوسط».

اللافت هو العقبات التي واجهت انطلاقة «بي بي سي» الفارسية، ولعل أبرزها هو استمرار رفض الحكومة الإيرانية تعيين مراسل للغة الفارسية في إيران (رغم وجود مكتب ومراسل للغة الإنجليزية)، هذا فيما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأسبوع الماضي أن هناك اتهامات في إيران حول احتمال قيام الـ«بي بي سي» بتوظيف جواسيس ضدها عبر قناتها الجديدة، موضحة أنه حسب ما حذرت وكالة «إيرنا» الرسمية، فإن المخابرات البريطانية ستستخدم «بي بي سي» لتجنيد إيرانيين من أجل «التجسس والحرب النفسية»، وكان متحدث باسم «بي بي سي» نفى هذه الاتهامات لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «إن بي بي سي-الخدمة الدولية هي مؤسسة بث، وإن موظفينا ينتجون البرامج للجماهير ويغطون أحداث العالم بطريقة حيادية ومستقلة تحريرياً، وليس لديهم أي أهداف أخرى».

لكن من جهة ثانية تتمتع بميزة مثيرة هي عدم وجود كمّ كبير من المنافسين لها في سوق المتحدثين بالفارسية، كما كان الحال مع انطلاقة القناة العربية» «الشرق الأوسط» التقت بهروز أفاغ، رئيس قسم آسيا والمحيط الهادي في «بي بي سي»، على هامش الإعلان عن انطلاقة القناة في لندن، وأجرت معه الحوار التالي: > ما هو هدفكم من إطلاق «بي بي سي» الفارسية؟ - المزيد من المشاهدين! حالياً هناك 10 ملايين شخص يتحدث الفارسية يستمعون إلى الخدمة الفارسية عبر الإذاعة أو يتابعونها من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بها في إيران، أفغانستان وطاجيكستان والمنطقة، ونأمل في زيادتهم. النقطة الأخرى هي أن التلفزيون بات وسيلة الإعلام الأكثر طغياناً في إيران وبشكل أكثر تزايداً في أفغانستان، لذلك فمن الضروري بالنسبة إلينا أن نبث تلفزيونياً. > فلنتحدث قليلا عن موضوع التلفزيون في إيران، فرسمياً الأطباق اللاقطة (دش) ممنوعة، فهل لديك فكرة عن نسبة الناس الذين يمتلكون أطباقاً بشكل غير قانوني، وماذا سيحل بنسب مشاهدتكم لو قررت الحكومة شن حملة لمصادرة هذه الأطباق؟ - أفضل التقديرات وبحسب دراستنا أن هناك 40% من السكان لديهم أطباق لاقطة، وأنا أتحدث طبعاً عن البالغين، ما يعني نحو 20 مليون شخص. من جهة ثانية صحيح أن الأطباق اللاقطة لا تشجَّع رسمياً، لكن الواقع أنها منتشرة وموجودة في كل مكان. وللرد على سؤالك حول ماذا بإمكاننا أن نفعل لو قررت الحكومة مصادرة هذه الأطباق من السكان، أعتقد أن رأيي الشخصي هو أننا ننظر إلى المسألة على المدى البعيد، وأعتقد أنه بحسب التوجهات لا أعتقد أنني أستطيع أن أرى بلداً مثل إيران في القرن الواحد العشرين، وهي تتمتع بسكان مثقفين للغاية، تمنع الأطباق اللاقطة. > كنت سأسألك كم ستعتمدون على البث من خلال الموقع الإلكتروني، لكني أعلم أن موقعكم «محجوب جزئياً» في إيران، ماذا يعني أن يكون الموقع «محجوباً جزئياً»؟ - بحسب فهمي وقدرتي على الشرح، فإن الموقع يمكن مشاهدته من خلال خدمات الإنترنت التابعة للمؤسسات الكبرى مثل جامعة طهران مثلا والهيئات الحكومية. > وإذا كنت في منزلك؟

- إذا كانت خدمة الإنترنت التي لديك من قبل مزودي الخدمة التجاريين فلن يمكنك مشاهدة الموقع، أما لو كانت الخدمة عبر إحدى المؤسسات المسموح لها فسيكون بإمكانك. > هناك بلدان عربية حجبت إذاعة «بي بي سي» عبر الراديو، فهل الوضع مماثل في إيران؟ - لا، إنها متوفرة عبر الراديو. > من خلال الشريط الدعائي الذي عرضتموه، يبدو جليّاً أنكم لن تقدموا الأخبار وحسب، وإنما المنوعات كذلك، وهو أسلوب لم تتبعوه في القناة العربية التي أطلقتموها مؤخراً والتي تركز حصرياً على الأخبار، وقد تحدث رئيس الخدمة الدولية نايجل تشابمان خلال المؤتمر الصحافي قائلا إن ذلك يعود لـ«السياق» الذي تتواجد به المحطتان (العربية والفارسية)، حيث الأبحاث أظهرت أن هناك طلباً على البرامج المنوعة وأن القنوات الفارسية الحالية لا تقدمها، هل لك أن توضح لنا ماذا يريد المشاهد في إيران أن يرى، بحسب دراساتكم؟ - أعتقد أن دراساتنا تظهر أن الإيرانيين مهتمون جداً بدائرة واسعة من الاهتمامات، إنها بلاد نشطة جداً على الصعيد الفني، وهناك شهية كبيرة للتكنولوجيا والإعلام الجديد وحتى أحياناً صيحات الموضة والأفلام الجديدة، وهذا يخص بشكل خاص الجيل الجديد الحريص على التواصل والتفاعل. وقد أظهرت دراساتنا أن الناس مهتمون بكل هذه الأشياء إلى جانب الأخبار.

النقطة الأخرى، هي أنه بعكس الوضع الذي كان أمام قناتنا العربية، فليس هناك منافسون كثرٌ يقدمون المحتوى في هذه المجالات، هناك القنوات الرسمية وهي تقدم مسلسلات تلفزيونية جيدة وذات شعبية كبيرة، وبرامج علمية وثقافية، ولكن ما سنقدمه نحن سيكون مختلفاً لكونه ذا مستوى عالمي، مثلا الـ«بي بي سي» تنتج وثائقيات ممتازة للغاية ونحن سندبلجها ونقدمها للجمهور الناطق بالفارسية.

> حسناً، قبل خوض غمار السياسة، فلنبقَ قليلا في الفن والثقافة، ما يُقلق في ظل تركيزكم على هذين المجالين، هو أنه بعكس السياسيين والشخصيات الكبرى فإن الفنانين مثلا ليس لديهم من يدافع عنهم أو لا يستطيعون تحمل كُلفة ذلك، ونحن نسمع عن مشاكل حتى على مستوى ظهور ممثلة بدون غطاء الرأس، فكيف ستتعاملون مع هذه المشكلة؟ - فريقنا هناك ذو خبرة، كثيرون منهم عملوا هناك لسنوات طويلة وتعاملوا مع مثل هذه الخيارات طوال الوقت. > وكيف يتعامل فريقكم مع القيود المفروضة على الصحافة هناك، فمثلا الصحافيون الأجانب بحاجة لإذن مسبق للتحدث مع أي من المسؤولين، هل توصلتم إلى صيغة للاتفاق مع الحكومة الإيرانية للسماح لهم بالعمل بحرية؟ - كنا في حوار لفترة طويلة مع المسؤولين الإيرانيين، ولدينا مكتب هناك ولكن ليس هناك مراسل باللغة الفارسية، وطلبنا منهم ذلك ولكنهم رفضوا، وسنستمر بالطلب. > وأين لديكم مراسلون آخرون للغة الفارسية؟ لدينا تواجد قوي في أفغانستان وطاجيكستان، ولدينا مراسل خاص في بيروت والقدس وواشنطن وإسطنبول وإسلام أباد، ولدينا متعاونون في أوروبا وأماكن أخرى في العالم.