لبنان بلا «دايلي ستار».. حتى إشعار آخر

جميل مروة لـ «الشرق الأوسط» : الصحيفة لن تتوقف عن الصدور

جميل مروة
TT

ترك الإقفال «المؤقت» لصحيفة «الدايلي ستار» اللبنانية الناطقة بالإنجليزية، والمستمر منذ منتصف الشهر الجاري بسبب دعوى مالية بينها وبين مصرف «ستاندرد تشارتر»، الكثير من «اليتامى» من اللبنانيين المقيمين في الخارج ومن الأجانب المقيمين في لبنان، فهي كانت صلتهم الوحيدة بالواقع اللبناني الداخلي، ومنها كانوا يستقون أخبار البلد المليء بالتناقضات والأحداث والأزمات.

لم يكن هذا الإقفال هو الأول للصحيفة، فقد أقفلت «مؤقتا» ثلاث مرات منذ تأسيسها، لكنها كانت تعود إلى الصدور مجددا في كل مرة، نظرا لحاجة السوق إلى مشروع مماثل. وتقول سان غرام بيدرسن، مراسلة الشرق الأوسط لصحيفة «الصباح» الدنماركية إنها انقطعت عن أخبار لبنان منذ إقفال الصحيفة طبعتها الورقية وتوقفها عن تحديث موقعها الإلكتروني في 14 يناير (كانون الثاني) الجاري. وتقول بيدرسن التي تتخذ من لبنان مقرا لها، إن هذا الانقطاع حصل خلال تواجدها في غزة لتغطية الحرب وما تلاها من تداعيات، فأصيبت بانقطاع شبه تام عن الواقع اللبناني، كون الصحيفة تقدم لها صورة عامة يصعب على وكالات الأنباء الأجنبية تغطية فراغها. عندما أسس كامل مروة صحيفة «الدايلي ستار» في عام 1952، كان يهدف من خلالها الى إطلاع الأجانب في لبنان والمنطقة على قضايا المنطقة والقضية الفلسطينية، فكانت بيروت مركزا لها باعتبارها أكبر مركز تجمع للأجانب في المنطقة العربية، بالإضافة الى التجمعات النفطية التي كانت قائمة في المنطقة، كما في حالة الظهران أو بغداد، حيث التجمعات الأجنبية.

لكن هذه الصورة تبدلت مع مرور الزمن، إذ تحولت الصحيفة – كما يقول جميل مروة – إلى «جسر تفاهم وتبادل معلومات ومقالات، خصوصا للجيل الثاني (من اللبنانيين) الذين ولدوا في المغتربات، ويتآلفون مع اللغة الإنجليزية بشكل أكبر، وبدلا من أن تبقى جسرا للأجانب، أصبحت جسرا للبنانيين الذين هاجروا إلى الخارج، دون التخلي عن وظيفتها الأولى». ويعترف مروة بأن الصحيفة، قد لا تكون فريدة من نوعها في المنطقة كصحيفة ناطقة بالإنجليزية، لكنها بالتأكيد فريدة من نوعها في كونها الوحيدة التي وصلت المهاجر اللبناني بوطنه الأم.

كانت «الدايلي ستار» أول جريدة لبنانية تنشئ موقعا الكترونيا وذلك في عام 1997، فانغمست في ثورة الانترنت منذ بدايتها، وهذا ما جعلها الآن تبدو كصحيفة الكترونية «بمعنى استعمالها أو قراءتها» أكثر منها صحيفة مكتوبة. فالصحيفة كانت توزع قبيل إقفالها نحو 5 آلاف عدد وتبيع نحو 3500، فيما يبلغ عدد قرائها على الانترنت نحو 500 ألف شهريا، يقرأون نحو مليون و200 ألف صفحة وفقا لبيانات الصحيفة.

لم يكن توزيع الصحيفة، المقبول نسبة إلى الكثير من الصحف اللبنانية من الصف الثاني، بهذا الحجم دائما، فتوزيع الصحيفة وصل في عام 2006 إلى نحو 23 ألف نسخة مع معدل مبيع يصل إلى 17 ألفا خلال الأزمات، كما يقول مروة. لكن الحرب التي حصلت في ذلك الصيف – بالإضافة إلى الوضع المتأزم في لبنان منذ اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 2005، أطاحت بالكثير من المنجزات التي توصلت إليها الصحيفة. وفي وجه الوقائع والحقائق الاقتصادية الصعبة، اضطرت الشركات المحلية إلى التخفيف من الإعلانات، فتلقت «الدايلي ستار» صفعة قوية، وفقاً لما ذكره مروّة. وبحلول عام 2006، تقلصت الصحيفة لنحو النصف، وأصبح عدد صفحاتها 10 بدلاً من الصفحات العشرين كما جرت العادة.

كان الحل جراحيا، فأقفلت الصحيفة الطبعات التي أنشأتها في مصر والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة، كما أوقفت «التفاهم التسويقي» القائم منذ العاشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 مع صحيفة «الهيرالد تريبيون» الدولية..

لا ينظر مروة إلى الصحيفة على أنها ولد من أولاده فقط، فهي بالنسبة إليه «خلطة من أب وولد»، مشيرا إلى أن الصحيفة تأسست وهو في عمر السنتين، ولهذا لا يعرف في الدنيا «إلا الدايلي ستار». ويؤكد مروة الإصرار على إعادة إصدار الصحيفة، مشيرا إلى أن لها دورا في المستقبل في «الأجندة الخطيرة»، أي في المجال الاقتصادي «لأن المصطلح العربي مفقود»، متوقعا أن يكون لها دور فاعل. خاض جميل مروة غمار الصحافة باكرا، رغم أنه حائز على إجازة في العلوم الاقتصادية من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1973، فبادر فور تخرجه إلى تسلم إدارة صحيفتي «الحياة» و«الدايلي ستار» من والدته سلمى البيسار التي أدارت الصحيفة منذ اغتيال والده عام 1966.

أراد جميل أن يتوسع بالصحيفة عبر إنشاء طبعة سعودية، لكن الحرب الأهلية اللبنانية منعته من تحقيق هذه الرغبة، فغادر إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته، ليعود إلى بيروت في عام 1982، وعمل مع أخويه مالك وكريم على إصدار «الدايلي ستار»، لكن تجدد الحرب أجبرهم على إعادة إقفالها مرة أخرى في عام 1986، فترك كامل مروة لبنان مجددا إلى لندن، حيث أعاد إصدار صحيفة «الحياة» منها بالتعاون مع الأمير خالد بن سلطان، ثم تخلى عن هذا المشروع في عام 1990 ليذهب إلى واشنطن مشاركا في إعداد دراسات سياسية تعنى بالشرق الأوسط، ثم يعود إلى بيروت في عام 1993 ليعيد إصدار صحيفته الإنجليزية.

* قراء الدايلي ستار... بالأرقام

* وفقا لإحصاءات أوردتها الصحيفة، يبلغ عدد قراء الصحيفة على الانترنت نحو 500 ألف قارئ، 90 في المائة منهم خريجون جامعيون، و85 في المائة من طلاب الدراسات العليا، و35 في المائة من حملة الدكتوراه.

ويبلغ عدد القراء الأميركيين من أصل عربي نحو 35 في المائة من قراء الصحيفة، فيما يبلغ هناك 60 في المائة من القراء من الفئة العمرية بين 25 إلى 54 عاما.