مدير التواصل المؤسساتي بـ «هيل آند نولتن»: قطاع العلاقات العامة لم يطور سمعته

يتوقع نموا في الإعلام المتخصص في منطقة الشرق الأوسط.. خاصة عبر مواقع الإنترنت

جيم دونالدسون («الشرق الأوسط»)
TT

تتمتع وكالة «هيل آند نولتن» Hill and Knowlton بسمعة عالمية في مجال العلاقات العامة، وهي تعمل على توسيع نشاطاتها في منطقة الشرق الأوسط، مستندة إلى نظرة متفائلة تجاه تطور هذا الجزء من العالم. هذا على الأقل ما يؤمن به جيم دونالدسون، رجل العلاقات العامة المخضرم الذي أدار عمليات الوكالة في المنطقة بين عامي 1999 و2004، ويعمل حاليا مديرا لقسم التواصل المؤسساتي في الوكالة بمقرها اللندني مع التركيز على الأسواق الناشئة. «الشرق الأوسط» التقت دونالدسون في مكتبه بلندن، وسألته عن تجربته في المنطقة، وموضوع آخر مرتبط بوكالته، وهو تنفيذها لحملة Free Kuwait في مطلع التسعينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة، وهي الحملة التي أثارت جدلا كبيرا، لكونها نجحت في تحريك الرأي العام الأميركي من جهة، وكونها استخدمت معلومات وشهود زائفين من جهة أخرى، وفيما يلي نص الحوار: > كيف تفسر عدم تطور قطاع العلاقات العامة إلى الشكل المرجو في العالم العربي، وهو منطقة تولي اهتماما كبيرا للسمعة؟

ـ أولا، أعتقد أن القطاع تطور بسرعة كبيرة نسبيا، انظر فقط إلى تطور عمليات «هيل آند نولتن» في المنطقة، لدينا اليوم أكثر من 120 شخصا في الشرق الأوسط ومكاتب في غالبية الدول العربية، وهذا نتيجة نمو أعمالنا، وبالمناسبة فهناك من يعتبر أنه بالنسبة لنا في «هيل آند نولتن» فإن هذه المنطقة كانت الأكثر نموا خلال السنوات العشر الماضية. > لكن جزءا كبيرا من العلاقات العامة يتعلق كذلك بالحاجة إليه، وليس فقط بالترويج للمنتجات الاستهلاكية، فلماذا إذا، لم يتطور القطاع بشكل أسرع في منطقتنا التي تعاني مع الأسف، من عدد كبير من الأزمات؟

ـ حسنا، هنا تأتي تكملة الذي كنت أريد قوله، فإذا كان النمو بداية متعلق بالتطور الاقتصادي بشكل عام. فنتيجة لذلك كان تطور عدة منظمات وشركات كبرى بشكل مختلف تماما عما كانتا عليه في السابق، مما ترتب عليه تطور احتياجاتها التواصلية كذلك. الثاني يخص الشؤون العامة والحكومات، جزء من المسألة كان متعلقا بالتطور السياسي في المنطقة، وبالمناسبة، أعتقد أن الإعلام السعودي يلعب دورا كبيرا في تغير الشكل الذي كان قائما، حيث لم تكن المنطقة تتمتع بحوارات عامة حول القضايا الكبرى، وهذا الأمر بدأ يتغير أخيرا، الأمر الذي ترتب عليه أن الدوائر العمومية بات عليها أن تفسر ماذا تفعل ولماذا، وبالمناسبة، قد ازداد عملنا مؤخرا مع الوزارات والدوائر الحكومية في هذا السياق. > بحكم تطور المنطقة اقتصاديا، هذا الأمر يعني بطبيعة الحال أن الناس ستزداد اهتماماتهم، الأمر الذي يتطلب بديهيا كذلك تخصصات مختلفة في العلاقات العامة، وفي رأي ربما تكون العلاقات العامة المتخصصة في القطاع المالي أساسية في المرحلة المقبلة، فهل توافقني الرأي؟ ـ أعتقد أنه ستكون هناك فجوة قصيرة الأمد فيما يخص العلاقات العامة لقطاع البنوك، متعلقة بالأزمة المالية العالمية، وهي مسألة عالمية بالمناسبة وليست محلية. ولكن على المدى الطويل، أعتقد أنه سيكون هناك نمو في مجال الخدمات المالية، الذي يشكل مجالات مختلفة في التمويل الشخصي. لكن من جهة ثانية هناك العلاقات العامة المالية بشكل عام، هناك نمو في الطلب على التواصل بخصوص المعلومات المالية، خاصة مع طرح مزيد من الشركات في الأسواق المالية، خاصة في ظل ما يحدث في البحرين ودبي، فيما يخص تحويلهما إلى مراكز مالية للمنطقة. اعتقد أن هناك مجالات أخرى مثل التواصل في مجال العناية الصحية والدوائر الحكومية كذلك، وهناك أيضا طبعا قطاع العقار، ولكنه أيضا سيعاني من فجوة مؤقتة كذلك مجددا بسبب الأزمة المالية. > لكن من أين تأتون بـ«خبراء» علاقات عامة في كل هذه التخصصات، دعني أقول لك إن هناك مشكلة في الإعلام العربي في قلة الصحافيين المتخصصين، فكيف تتعاملون مع هذه القضية؟ ـ في نظري إن لندن هي عاصمة العلاقات العامة الأولى في العالم، وتأتي من بعدها نيويورك، وربما هونغ كونغ بعد ذلك، وفي هذه الأماكن تجد متخصصين في مجال معين، بمعنى آخر إنك قد تجد زميلا لي هنا في مكتب لندن متخصص في العلاقات العامة للبنوك، وهو لا يعمل على أي شيء آخر.

وفي رأيي أن هذا التوجه سيحدث في الشرق الأوسط، ولكن في بادئ الأمر سيكون على العاملين في المجال ارتداء أكثر من قبعة في آن واحد. وأود القول إن أكبر مجالات العلاقات العامة، كان ولا يزال، تقنية المعلومات، وفي المنطقة كان هناك إعلام متخصص وعلاقات عامة متخصصة في هذا المجال طوال السنوات العشر الماضية، وهذا بلا شك عنصر دعم لنا، لأن وجود عمل لنا يتطلب وجود الإعلام. وهنا أود القول إنني أتوقع نموا في الإعلام المتخصص في العالم العربي، وتحديدا عبر الإنترنت. > معظم وكالات العلاقات العامة تعتمد على توظيف صحافيين سابقين، هل توافق على المفهوم السائد بأن أفضل من يعمل في العلاقات العامة هم الصحافيين؟ وكيف يكون هذا صحيحا في ظل غياب عدد كاف من الصحافيين المتخصصين في منطقتنا؟ ـ حسنا، دعني أجيب كالتالي: هل هناك حاجة لزيادة مستوى الحنكة بين الصحافيين في المنطقة؟ الإجابة هي نعم.. لكن هل هناك صحافيون أفذاذ يؤدون واجبهم بشكل ممتاز؟ الإجابة هي نعم يوجد، وقد رأيت مجتمع الصحافيين ينمو بشكل لافت خلال السنوات الماضية، لكني أيضا رأيت شركات نشر تتعجل في إصدار مطبوعة في مجال معين، فقط من أجل كونه مجالا جذابا للمعلنين، وهذا يحدث في كثير من مناطق العالم بالمناسبة. أما من أين نوظف نحن موظفينا، فالإجابة هي أن الأمر خليط، فأنا مثلا لم أعمل سابقا كصحافي، بينما لدينا آخرون عملوا سابقا في الصحافة.

والواقع أنه لا يمكنك بناء وكالة علاقات عامة بالاعتماد فقط على الصحافيين السابقين، لأن العملاء يريدون أكثر من مجرد خدمة «العلاقات الإعلامية» هذه الأيام.. إلا أن ذلك لا يعني أن الصحافيين لا يشكلون مصدرا أساسيا للكفاءات التي نوظفها، وبالمناسبة فالأمر يسري في الاتجاه المعاكس كذلك، فكثيرون من العلاقات يتركون عملهم ليصبحوا صحافيين كذلك. > بالمناسبة، دعني أخبرك عن أول مرة سمعت فيها عن «هيل آند نولتن»، لقد كنت أقرأ عن حرب الخليج الأولى، وما شد انتباهي هو أنكم كنتم وراء حملة Free Kuwait الشهيرة في أميركا، والتي ثبت فيما بعد أنها تضمنت تقديم معلومات وشهود مزورين، فما تعليقك على ذلك، خاصة أنني قرأت أن وكالتكم اعتذرت عما بدر منها في ذلك المشروع؟

ـ أول شيء يمكن قوله عن هذا الموضوع هو أنه تمت الكتابة عنه بشكل كبير، خاصة على الإنترنت، وهناك تضخيم كبير لما جرى في كثير من الأحيان.

بالمناسبة، كل ذلك حصل قبل انضمامي للشركة، ولكني حين انضممت سألتهم عن هذا الموضوع، وما قيل لي: إنه بينما كان هناك جدل كبير، فقد تم التحقيق في الموضوع من قبل أكثر من جهة حكومية في أميركا، وكانت النتيجة أن «هيل آند نولتن» تمت تبرئتها من أي تورط في أي عمل خسيس بالنسبة لهذا المشروع. أما إذا كان السؤال إذا ما كنا نقر بعملنا في حملة Free Kuwait فالإجابة هي نعم.. وهل نحن فخورون بما أنجزناه؟ نعم نحن كذلك. > لكن نظام صدام كان فظيعا للغاية في نظر الكثيرين أصلا، وغزوه للكويت كان مسألة واضحة لم تكن بحاجة لأي «تبهير» إضافي، ألا تعتقد أن مثل هذه التصرفات هي التي تسيء لسمعة قطاع العلاقات العامة؟ ـ اعتقد أنه من المنصف أن نقول إن أداء قطاع العلاقات العامة بشكل عام كان فقيرا في تطوير السمعة الخاصة به. وبإمكانك الذهاب إلى الإنترنت والبحث عن أي من شركات العلاقات العامة الكبرى، وستجد جدلا متعلقا بمشروع ما عملت عليه، وادعاءات أن الشركة تعمل مباشرة مع الـ«سي آي إيه» وما إلى ذلك.

وخبرتي في هذا المجال تقول إن هناك كثيرين يعتقدون أن قطاعنا قاتم أكثر مما هو عليه في الواقع، فالأمر ببساطة أنا أقوم بعمل تجاري لعميل يدفع لي أجر مقابل هذا العمل، مثلي مثل أي شخص آخر. لكن هناك آخرين يعملون لصالح سياسيين أو حتى مجرمين، وبسبب كذبة أو عمل غير سليم يقومون به يتهم كل القطاع بأنه شرير. > لكن ألا يستطيع رجل العلاقات العامة الذي يعمل لصالح شركات التبغ، أو لوبي «البنادق» في أميركا مثلا، أن يقول بدوره أن عمله هو مجرد «عمل تجاري» كذلك؟ ماذا عن نتيجة عمله؟ ـ نحن لدينا أخلاقيات لن نتجاوزها. أعتقد أن كثيرا من الناس يفترضون وجود نظريات مؤامرة خلف الكواليس، وأن رجال العلاقات العامة متورطون بها. بالمناسبة، رقم رئيس جهاز المخابرات البريطاني (أم.أي.5) ليس بحوزتي! دفتر تلفوناتي يتضمن أرقام عملائي وصحافيين وأناس عاديين أحتاجهم لأداء عملي.