قيادات أمنية وإعلاميون يضعون قواعد عمل لتنظيم العلاقة في مناطق التوتر والأزمات

لأول مرة في الأردن على طاولة واحدة مناقشة «قواعد التغطية الإعلامية المستقلة»

TT

كانت العلاقة بين الإعلام والأمن في مناطق الأزمات والتوتر، مدار البحث في اجتماع ضم قيادات أمنية أردنية ومسؤولين حكوميين مع نخبة من الإعلاميين في حلقة نقاش متخصصة، نظمها مركز حماية وحرية الصحفيين في فندق الماريوت البحر الميت.

وخرج المشاركون بمبادئ تتضمن القواعد المنظمة للعلاقة بين الطرفين، وأسس التعامل بين الإعلاميين والأجهزة الأمنية خلال تغطية الأحداث الساخنة، مثل المظاهرات والمسيرات والكوارث والجرائم الخطرة.

وشدد المشاركون على حق الإعلام في ممارسة دوره ومهامه بشكل مستقل، مؤكدين احترامهم وتقديرهم لدور الأجهزة الأمنية في بسط سلطة القانون والنظام العام، وأكدوا أيضا أنهم سيعملون بشكل مشترك من أجل إعداد دليل عملي للتغطية الإعلامية المستقلة في مناطق التوتر والأزمات وإيجاد آليات تنسيق تضمن سلامة تطبيق قواعد العلاقة بين الطرفين.

وأشار إعلان المبادئ إلى أنه وبعد مناقشات مطولة استعرضت قواعد التغطية الإعلامية المستقلة في مناطق الأزمات، فإن المشاركين يشيرون إلى الملاحظات التالية: أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم تفهم الطرفين لدور كل منهما والمسؤوليات التي تترتب على ذلك، وعدم وجود مواثيق دولية ومعاهدات للتغطية الإعلامية المستقلة في مناطق التوتر والأزمات، والتجاوزات والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون من قبل بعض رجال الأمن خلال تغطيتهم الإعلامية ليست منهجا بل ممارسات فردية، وأن التعامل معها يكون بإدانتها بشكل واضح والمساءلة الشفافة لمن يرتكبها، وعدم التزام بعض الصحفيين بمدونات السلوك المهني خلال تغطيتهم الإعلامية أحد أسباب التصادم والاشتباك مع الأجهزة الأمنية. ضعف التنسيق والتواصل بين الإعلاميين والأجهزة الأمنية، قد يكون عاملا في حدوث سوء الفهم والتجاذبات. الحاجة الملحة لتطوير وعي رجال الأمن بمدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التي اعتمدت من الأمم المتحدة، وكذلك قوانين حق الوصول للمعلومات.

وشدد المشاركون على أنه وانطلاقا من الرغبة الصادقة بتجاوز كل الأخطاء والسعي إلى تطوير علاقة إيجابية بين الإعلاميين ورجال الأمن، فإنهم يتوافقون على التوصيات التالية:

وضع دليل سلوك وقواعد عمل للعلاقة بين أجهزة الأمن والإعلاميين، وأن يمكن رجال الأمن الإعلاميين والصحفيين من الوصول بيسر إلى أماكن التوتر بهدف القيام بواجبهم المهني لتغطيتها، وتوفير أماكن مناسبة للإعلاميين خلال الأزمات، وتقديم التسهيلات اللازمة لهم وتزويدهم بالمعلومات التي يحتاجونها وتمكينهم من الحصول على المعلومات من مصادرها، وحمايتهم من الأذى الشخصي، وعدم التضييق عليهم أو التعرض لهم، وعدم التدخل في عملهم المهني خلال أو بعد تغطيتهم للأحداث، وعدم مصادرة معدات الإعلاميين.

وفي المقابل على الإعلاميين التعريف بهويتهم لدى الأجهزة الأمنية، وارتداء ما يشير إلى هويتهم الإعلامية ويميزهم عن الجمهور، والالتزام بالدور المهني في تغطية الأحداث وعدم المشاركة في الأحداث، والابتعاد عن مناطق الخطر وتجنب مناطق الصدام بين الجمهور ورجال الأمن قدر الإمكان، وكلما كان ذلك ممكنا، وعدم إعاقة عمل رجال الأمن واحترام دورهم، وعدم العبث بالأدلة في مواقع الأحداث والجرائم.

كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة متابعة، تضم ممثلين عن أجهزة الأمن والإعلاميين لوضع الدليل المفصل لقواعد العلاقة.

وكان رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور، أكد في بداية الحلقة أن اللقاء لا يهدف إلى التلاوم، بل المكاشفة والصراحة من أجل معرفة الدروس المستفادة وتجنب الأخطاء وعدم تكرارها سواء كانت من الصحفيين أو رجال الأمن، إضافة إلى توفير بيئة إيجابية للإعلاميين لتغطية صحفية مستقلة.

وشدد على أن الإعلام والأمن يلتقيان في قاسم وهدف مشترك هو مصلحة الجمهور، إلا أن الاختلاف قد يكمن في أن كلا ينظر لهذه المصلحة من زاوية مختلفة تستند إلى طبيعة الدور الذي يؤديه.

وقدم كل من ياسر أبو هلالة مدير مكتب قناة «الجزيرة» في عمان، وسعد السيلاوي المدير الإقليمي لقناة «العربية» الفضائية، والصحفي ثامر الصمادي من جريدة «السبيل»، شهاداتهم حول ما تعرضوا له أثناء قيامهم بمهامهم الميدانية في التغطيات الصحفية من قبل رجال الأمن العام، وفي المقابل عرض العقيد فيصل الزعبي من قوات الدرك عرضا حول العلاقة التي تحكم جهاز الدرك مع وسائل الإعلام.

وفي الجلسة التي خصصت لطرح احتياجات الإعلاميين ورجال الأمن انقسم المشاركون إلى خمس مجموعات عمل، تشكلت كل مجموعة من عشرة مشاركين تضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية الثلاثة وعددا من الإعلاميين لمناقشة ما يريده الإعلاميون، وفي المقابل ماذا يريد رجال الأمن للخروج بجملة من الحلول المتوافق عليها لتحقيق التوازن في العلاقة.

وأكد منصور في ختام الحلقة، أن هذا الحوار يمثل نقطة بداية لحوارات قادمة لتعميق جسور الثقة والبناء على التوافقات التي طرحت وعلى إعلان المبادئ للعمل، حيث سيتم تشكيل لجان عمل تعمل على وضع دليل عملي لقواعد العلاقة ومناقشة آليات تعميمه على رجال الأمن والإعلام والعمل على ضمان الالتزام به.