«كي إن إن».. قناة إخبارية كردية متخصصة

استطاعت لفت الأنظار خلال 40 يوما وبصدد التوسع بشكل أكبر

جانب من صالة التحرير (تصوير: كامران نجم)
TT

خلال السنوات العشر الماضية شهدت الساحة الإعلامية الكردية وخصوصا المرئية منها، بروز نحو 15 قناة فضائية كردية غالبيتها تنطق، باسم أحزاب وجهات سياسية كردية في إقليم كردستان العراق وكردستان إيران وتركيا، باستثناء الفضائية الكردية التي أطلقتها أنقرة قبل أكثر من شهرين لمواجهة مد الفضائية الناطقة باسم حزب العمال الكردستاني المناهض والتي تبث من أوروبا.

وتتسم كل هذه الفضائيات التي تبث بعضها برامج محددة باللغات الانجليزية والتركية والعربية والفارسية إضافة إلى لهجات كردية محلية، بكونها قنوات منوعة تجمع بين السياسة والترفيه، وتفتقر غالبيتها إلى خطاب سياسي او فكري واضحين، وهنا تبرز القناة الإخبارية الكردية التي أطلقتها مؤخرا مؤسسة «وشه – الكلمة» الإعلامية التي يرأسها السياسي الكردي المعروف نوشيروان مصطفى أمين، الرجل الثاني سابقا في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس جلال طالباني، فهي قناة اخبارية صرفة تبث فقط باللغة الكردية وتعنى بشؤون السياسة والبرامج الوثائقية والسياسية على غرار القنوات العربية والعالمية الإخبارية المعروفة، ومقرها مدينة السليمانية التي باتت تحتضن خمس قنوات فضائية كردية مختلفة.

ورغم أن القناة ما برحت في طور البث التجريبي لبرامجها فإنها تمكنت وخلال أربعين يوما فقط من لفت الأنظار إليها.

ولكن ما الجديد الذي أضافته قناة شبكة الأخبار الكردية المعروفة اختصارا بـ«KNN» إلى بيدر الإعلام الكردي المرئي؟ وما هو خطابها السياسي أو الفكري؟ وما طبيعة مصادر تمويلها المادي وآفاق تطورها؟ وهل ان هذه المنظومة الإعلامية المتشعبة التي تتبناها مؤسسة وشه هي بمثابة تمهيد للسبيل أمام انبثاق حزب جديد بزعامة نوشيروان مصطفى؟؟ هذا ما سعت إلى معرفته «الشرق الأوسط» من خلال زيارتها للمؤسسة ومقر قناة «KNN» الفضائية.

بابكر دريي عضو مجلس إدارة المؤسسة أكد أن القناة هي جزء مكمل للبنية الإعلامية للمؤسسة على اعتبار ان الفضائيات تستأثر باهتمامات ومتابعة قطاع واسع من المشاهدين في كل العالم وهي بليغة في نقل الرسالة إلى الجميع، وفي ضوء تلك الأهمية فان تأسيس مثل هذه القناة الإخبارية كان أمرا ضروريا بالنسبة لتطوير مؤسسة وشه وتحقيق أهدافها، المتمثلة في خلق وإشاعة الشفافية في العمل بإقليم كردستان، وتحقيق وتكريس العدالة الاجتماعية وتوزيع المسؤوليات الإدارية بأسلوب حضاري شفاف وبناء على استحقاقات معينة، إلى جانب الطموحات الديمقراطية التي يسعى إلى تحقيقها دعاة الديمقراطية في ارجاء العالم.

وما يميز هذه القناة عن غيرها من الفضائيات الكردية هو انها قناة اخبارية غير منوعة، غايتها إيصال اكبر قدر من المعلومات الصحيحة والدقيقة إلى المشاهد الكردي أينما كان.

واضاف دريي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ان الفضائية تبث فقط باللغة الكردية وان ادارة المؤسسة لم تقرر بعد بث البرامج باللغات الاخرى ولكنها قطعا ستبحث الامر في المستقبل المنظور.

وفيما يخص الفضائيات الكردية التي تعج بها الساحة الاعلامية الكردية يقول دريي «تلك القنوات كما هو معروف عنها هي قنوات حزبية تجمع بين البرامج السياسية والترفيهية إلى جانب الترويج لصالح التوجهات السياسية للأحزاب التي تمولها ماديا، خلافا لتوجهات وخطاب فضائية «KNN» التي لا تجسد ولا تعبر عن اي توجهات حزبية او سياسية.

وبخصوص التمويل المالي للقناة المذكورة يقول دريي «مصدرنا المالي يتمثل في المبالغ المالية التي حصلنا عليها في المرحلة الأولى من بناء مؤسسة وشه الإعلامية، إضافة إلى المعونات المالية التي نتلقاها من بعض الأثرياء المتعاونين مع المؤسسة، ولا شك في اننا نسعى إلى تشريع قانون في برلمان كردستان يضمن الدعم المالي للمؤسسات الإعلامية التي نجحت في الاعتماد على إمكاناتها الذاتية لفترة من الزمن على غرار الوضع في أوروبا اي ان تكون ثروة الشعب تحت تصرف الشعب نفسه وليس الاحزاب».

ولم ينف دريي وجود نوايا سياسية خلف إطلاق هذه القناة وقال «ان خطابنا السياسي جلي وواضح في برامجنا اليومية ولا نخفي ذلك ابدا ولكن مؤسسة وشه ستبقى كما هي مؤسسة إعلامية متكاملة ومستقلة عن أي أفكار او تكتل سياسي او حزبي».

وعن آفاق المنافسة مع الفضائيات الكردية الاخرى التي تحظى بدعم مالي هائل من الاحزاب الحاكمة في الاقليم وامكانية التفوق عليها قال دريي «الامر بالنسبة لنا يتلخص في كونه صراعا سياسيا حضاريا مشروعا ينبغي علينا خوضه ولا يهمنا في ذلك مدى التفوق او التراجع الذي قد يحصل».

اما المهندس «كورده حسن جلال» مدير الفضائية التي يتألف طاقمها من 70 موظفا، فقد اكد ان فترة البث التجريبي لبرامج القناة قد تستمر لشهر آخر على ابعد تقدير، وان إدارة القناة في نيتها توسيع نطاق بثها من خلال أقمار اصطناعية مثل العربسات والنايل سات في المستقبل القريب لتمكين اكبر عدد من المواطنين الكرد من مشاهدة برامج القناة التي تبث حاليا على القمر الاوروبي «هوت بيرد» فقط.

وتابع جلال قائلا «ان معظم المواد التي تبثها القناة حاليا عبارة عن تغطية تفصيلية للأخبار والأحداث في كردستان والعالم، إلى جانب بعض البرامج الوثائقية سواء المأخوذة من القنوات الاخرى او المنتجة محليا» .

وأضاف أن القناة تعتزم نشر شبكة من المراسلين الأكفاء في عدد من دول العالم العربية والاجنبية ولكن في المرحلة الثالثة من برنامج القناة، اضافة إلى توسيع آفاق التعاون بين المحطة ومثيلاتها في العالم من حيث تبادل الأخبار والبرامج الخاصة.

وفيما يتعلق بمناشئ الأجهزة المستخدمة في القناة اكد المهندس حسن انها ذات مناشئ مختلفة وقد تولت شركة إماراتية استيرادها ونصبها وفقا لعقد مع مؤسسة وشه، اما من حيث مستواها التقني فإنها واحدة من اكثر الفضائيات تطورا في العراق قاطبة ولكن على نطاق مصغر.

أما وشيار عبد الله رئيس قسم الأخبار في القناة فقد أوضح أن النظام المتبع في تحرير الأخبار هو نظام (I. NEWS) وان المحررين الذين يبلغ عددهم 12 محررا يتولون صياغة الاخبار باللهجتين السورانية والكرمانجية لتبث في وقت واحد، مما يسهل على المشاهد الكردي متابعة الأخبار باللهجة التي يرتئيها، مشيرا إلى ان التركيز يجري حاليا على الاخبار الداخلية في الاقليم والاخبار التي تخص كردستان في جميع أجزائها إضافة إلى الأحداث الهامة في العالم.

معظم المراقبين والمحللين المهتمين بأنشطة مؤسسة وشه الإعلامية التي باتت منظومة إعلامية سياسية شبه متكاملة يرون فيها نواة حقيقية لكيان أو ربما حزب سياسي سينبثق على المدى القريب بزعامة نوشيروان مصطفى السياسي العصامي الذي يحظى بتأييد واسع ومطلق من قبل المثقفين ودعاة العدالة الاجتماعية والديمقراطية في كردستان، سيما أن البوادر الأولية المتسربة تشير إلى أن مصطفى سيخوض الانتخابات المقرر إجراؤها في الإقليم منتصف العام الحالي.