وصفات لاقتصاد سيئ من مجلات الطعام الفاخرة

بعد أن كانت تكتب عن المطاعم والوجبات الفاخرة والرحلات البعيدة

TT

بعد تغطية أنواع الطعام الموجودة التي تضمنت الأطعمة الأنيقة والفواكه الغريبة مثل اليوزو (من أنواع اليوسفي) والمطاعم التي تجفف وتجمد كل شيء من اللحوم إلى الحلوى، تكتب مجلات الأطعمة الراقية عن موضوع آخر غير متوقع: تناول الأطعمة زهيدة الثمن في المنزل.

وانعكاسا للوضع الاقتصادي السيئ، أضافت مجلة «غورميت»، التي كانت تكتب في الغالب عن المطاعم الفاخرة والرحلات البعيدة، موضوعا يتعلق بما يمكن فعله ببقايا الطعام، ووضعت ساندوتش هامبرغر على غلافها في شهر مارس (آذار).

ويعلن غلاف مجلة «بون أبيتي» لعدد شهر أبريل (نيسان) عن حفلة بيتزا «ذات تكلفة منخفضة ومذاق رائع».

وتقول روث ريتشا، رئيسة تحرير «غورميت»: «توجد فرصة غير معقولة، حيث يريد الناس تعلم الطهو مجددا، ويحتاجون إلى النصيحة بشأن المكونات الأقل تكلفة، ونحن نحاول أن نقدم ذلك لهم».

ويبدو أن الاتجاه الذي يعتني بالميزانية يجد صدى لدى القراء. وعلى الرغم من الحالة الاقتصادية، فإن مجلات الأطعمة تظل رائجة، حيث حققت معظمها أرباحا أو هبوطا طفيفا في تقرير لمكتب محاسبة مبيعات الصحف، الذي قارن بين الأشهر الستة الأخيرة في عام 2008، بالفترة ذاتها في العام السابق.

وبينما تحاول المجلات الأنيقة البقاء في عام 2009 المضطرب، لم تعد تذكر الكمأ، وأصبحت تهتم بعيش الغراب.

وتقول دانا كوين، رئيس تحرير مجلة «فود أند واين» التي تصدرها دار «أميركان إكسبرس للنشر»: «يوجد بعض الأشياء التي نشعر بأنها يجب أن تتغير. لا نريد على سبيل المثال أن نقدم وصفات تحتوي على كميات كبيرة من كبد الإوز وشرائح من الكمأ».

وتغير مجلة «بون أبيتي» أيضا من مزيجها. تقول بربارا فيرتشايلد، رئيس تحرير المجلة، عبر البريد الإليكتروني: «إننا نشجع قراءنا على إشباع رغباتهم؛ فليتناولوا الكافيار، ولكن ليجربوا كافيار السالمون ذا ألوان الطيف من كارولينا؛ وبدلا من قطعة اللحم البقري الطرية، لنجرب شواء قطعة أخرى من اللحم البقري».

وأضافت مجلة «غورميت» باباً تحت اسم الطاهي الذكي، الذي «يتميز بعقلية اقتصادية، حيث يمكنك أن تحصل على طبق وتعمل عليه على مدار يومين، وتستخدم بقايا الطعام بفاعلية»، على حد قول ناشرة المجلة نانسي بيرغير كاردون.

ولكن يبدو أن هذه التغييرات لم تحقق الكثير مع المعلنين. وتصارع مجلات الأطعمة الكلاسيكية القديمة انخفاضا كبيرا في الصفحات الإعلانية.

وقد خسرت مجلة «غورميت»، أقدم مجلات الصناعة، حوالي ربع صفحاتها الإعلانية في عام 2008، بينما انخفضت صفحات «كوكينغ لايت» الإعلانية بنسبة 21 في المائة، وانخفضت صفحات «بون أبيتي» بنسبة 17 في المائة، و«فود أند واين» 8 في المائة، وفقا لأرقام نشرة صناعة وسائل الإعلام الإخبارية.

ووفقا لهذه النشرة أيضا، شهدت الأعداد الثلاثة الأولى في عام 2009 انخفاضا أسوأ في عدد الصفحات الإعلانية. وانخفض عدد هذه الصفحات في «غورميت» بنسبة 42 في المائة مقارنة بالعام الماضي، و«كوكينغ لايت» 18 في المائة، و«بون أبيتي» 26 في المائة، و«فود أند واين» 30 في المائة. وتمتلك دار نشر «كوندي ناست» كلا من «غورميت» و«بون أبيتي»، مما دفع ببعض مشتريي وسائل الإعلام إلى التساؤل عما إذا كانت الشركة، في عصر ربما ينصرف فيه القراء عن مجلات الأطعمة الفاخرة، ستدمج إحدى المجلتين في الأخرى.

وصرح تشارلز تاونسيند، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لكوندي ناست، أن هذا الأمر ليس محل اعتبار.

وصرح تاونسند، على لسان متحدثة باسمه قائلا: «إن غورميت وبون أبيتي مجلتان مختلفتان تماما، في وجهات النظر التحريرية وفي قرائهما. وكلتاهما يتمتع بنسب مبيعات قوية، وأنا راض تماما عن المجلتين كمشروعين».

وتعاني مجلات الأطعمة من تراجع في إنفاق شركات السيارات والتصميم الداخلي والسفر. وبينما انخفضت الإعلانات عن الأطعمة، أعلنت بعض سلاسل محلات البقالة مثل «كيلوغ» و«هيرشي» أنها سترفع من حجم إعلاناتها في العام الحالي. واشترك في «غورميت» أخيرا عدد من المعلنين الجدد في السوق الكبيرة مثل حبوب «بوست سيلكتس» ومرق «سوانسون».

ولكن تقول ريتشل إن أسلوبها الجديد لم يكن المقصود من ورائه جلب المعلنين. وتقول: «نحن نقدم المادة التحريرية من أجل القراء، وليس المعلنين».

ونشرت «غورميت» لأول مرة عام 1941، حيث زاد الاهتمام الأميركي بأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وأصاب حدس مؤسسها إيرل ماك أوسلاند في أن الاهتمام بالطهو الأوروبي قادم. وبدأت «بون أبيتي» في الصدور عام 1956، حيث تقدم وصفات سهلة في المتناول من أجل الطهاة في المنازل. وقد اشترتها شركة «كوندي ناست» عام 1993، ولكنها تطورت كثيرا.

وحققت مجلة «كوكينغ لايت» رواجا، حيث حول المتبعون لبرنامج التدريبات الرياضية على موسيقى الجاز في الثمانينات اهتمامهم إلى الأطعمة الصحية. وبينما كان المترفون يبحثون عن ملح البحر من «بريتاني» ويضعون مواقد من شركة «فايكنغ رانج» في مطابخهم في التسعينات، عكست مجلات جديدة تلك الاهتمامات، ومن بينها «فاين كوكينغ»، و«كوكس إلستريت»، و«سافيور».

وفي الفترة الأخيرة، بينما تختار الشبكات التلفزيونية نجوما في الطهو، وأصبحت السهولة هي محور اهتمام العالم المتعجل، نشأ اتجاه جديد في مجلات الأطعمة. قدمت شركة «مارثا ستيورات ليفينغ أومنيميديا» «طعام كل يوم» عام 2003. وفي عام 2005، بدأت رابطة «ريدرز دايجست» «كل يوم مع راشيل راي»، وبدأت شركة «هوفمان ميديا» في نشر مجلة «الطهو مع باولا دين».

وسريعا ما وصلت جميع هذه الإصدارات إلى تحقيق مبيعات كبيرة. وتصل مبيعات «كل يوم مع راشيل راي» إلى 1.78 مليون، مرتفعة بنسبة 7.1 في المائة عن العام الماضي، وفقا لمكتب المحاسبة. وتصل مبيعات «الطهو مع باولا دين» إلى 804,000، أما مبيعات «طعام كل يوم» فتبلغ 992,000، بارتفاع بنسبة 7.8 في المائة.

وتشتهر هذه المجلات التي تحمل أسماء المشاهير لدى المعلنين أيضا. وتجذب مجموعة مكونة من برنامج تلفزيوني وكتاب طهو وموقع إليكتروني، بالإضافة إلى منتجات تحمل أسماءهم مثل «المقلاة»، اهتماما أكبر بكثير من المجلة وحدها.

وأصبحت السوق مكتظة بالمجلات المعرضة للخطر التي تنافس الموجة الثانية، ثم الهوس بالمشاهير.

ويقول جاك هانران، ناشر الرسالة الإخبارية للصناعة ومدير المطبوعات السابق في وكالة «أو إم دي»: «ربما تتمتع المجلة الحديثة نسبيا ببعض المميزات عن بعض الكتب الأقدم منها. وأعتقد أنه إذا لم تبحث هذه المجلات عن طرق أخرى لجني الأرباح بالإضافة إلى أرباح النسخ المطبوعة، فلن يستمر الكثير منها».

وتوافق كارولين دوبي، مديرة المطبوعات في شركة «إنشياتيف»، التي تشتري مساحات إعلانية لصالح شركات مثل «ميللركورز» و«دكتور بيبر»، على أنه «ربما يكون هناك الكثير من المجلات في هذا التخصص». وتقول إن بعض المتنافسين الجدد بارعون في أسلوبهم، مضيفة: «وأعتقد أن مفتاح هذا يأتي بالفعل عن طريق إطلاق اسم مجلتك على مجالات متعددة»، مثل «راشيل راي» و«باولا دين».

وقد ارتفعت نسبة الصفحات الإعلانية في مجلة «الطهو مع باولا دين» بنسبة 18 في المائة في عام 2008، وفقا لمكتب معلومات الناشرين. وارتفع عدد الصفحات الإعلانية في «كل يوم مع راشيل راي» بنسبة 3 في المائة.

وتقدم مؤسسة هيرست، بعد ملاحظة هذا الاتجاه، مجلة أطعمة تركز كلية على نجوم شبكات الأطعمة.

يقول مايكل كلينتون، رئيس قسم التسويق ومدير النشر لمجلات «هيرست»: «دائما ما يتبع الناس الطهاة بشكل أو بآخر، ولكني أعتقد أن ظهور هذا الأمر على شاشات التلفزيون أصاب وترا حساسا». وتقدم «هيرست» عددين تجريبيين من «مجلة شبكة الأطعمة» لدى الباعة، وستبدأ في نشرها بانتظام هذا الصيف، مع تخطيط وصول المبيعات إلى 600.000 نسخة بحلول الخريف.

وتحتل أشهر مجلتين في هذا المجال أدنى مرتبة. وتبلغ مبيعات «تيست أوف هوم»، التي تحتوي على وصفات طهو يقدمها القراء وتنشرها جمعية «ريدر دايجست»، 3.2 مليون نسخة. أما الثانية، «فود آند فاميلي» فتبيع 7 ملايين نسخة. من الذي توصل إلى وصفة نجاح مثل تلك المجلة الرائجة؟ وعلى الرغم من أن قسم في شركة «ميرديث» الإعلامية ينتج المجلة، فإنها تأسست وتحصل على المال من شركة «كرافت فودز»، صانعة «تشيز ويز» و«أوسكار ماير».

* خدمة «نيويورك تايمز»