الـ «بلاكبيري».. الصديق وقت الضيق

الجوالات الحديثة تثبت يوميا أنها باتت أدوات أساسية لعمل الصحافيين

التواصل الفوري وسهولة الاتصال بالبريد الالكتروني من اهم ميزات اجهزة بلاكبيري («الشرق الأوسط»)
TT

قديما كانت للصحافي صورة نمطية شائعة، شخص فوضوي على الأرجح.. يحمل كراسا وقلما وفي كثير من الأحيان جهاز تسجيل.

لكن الغالبية قد تجد صعوبة في التعرف على الصحافيين اليوم، حيث لا يختلف الإعلاميون عن الكثيرين غيرهم العاملين في شتى القطاعات الأخرى في اعتمادهم على الأجهزة الحديثة.

ومن ضمن هذه الأجهزة، جوالات الـ«بلاكبيري»Blackberry، التي استطاعت خلال سنوات قليلة، عبر تقديم تكنولوجيا تجمع مزايا الهاتف الجوال وجهاز لاسلكي لاستقبال وإرسال البريد الإلكتروني، احتلال مكانة متقدمة على قائمة المقتنيات التي لا يمكن الاستغناء عنها لكثير من الموظفين والمسؤولين على حد سواء... ولعل أبرزهم الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما الذي تصدرت قصص تعلقه بـ«البلاكبيري» الخاص به عناوين الصحف والمدونات الإلكترونية لفترة طويلة. ويتذكر الكثيرون الذين غطوا اعتداءات لندن عام 2005 منظر مراسلي الصحف الأجنبية وهم يغطون الحدث من الموقع باستخدام الـ«بلاكبيري»، وفي نفس السنة تم تأكيد خبر وفاة البابا يوحنا بولس الثاني عبر رسالة إلكترونية من جهاز الـ«بلاكبيري» إلى وكالة «أسوشييتد برس».. ومع ازدياد شعبية الجهاز تلك السنة قال جيف رايت، كبير المهندسين التقنيين في برنامج «جي ام تي في» ـ أكثر البرامج الصباحية نجاحا في المملكة المتحدة ـ: «إنه في الماضي كانت الطريقة الوحيدة كي يعلم المراسل الميداني متى سيظهر على الهواء مباشرة الاتصال بمنتجي البرنامج، والمنتجون يكونون في غاية الانشغال عادة، لذلك فبعد الاتصال ربما تكون خطة البث قد تغيرت تماما». ويوضح رايت في شهادة له نشرها موقع «بلاكبيري» الإلكتروني أنه بفضل هذا الجهاز «أصبح بإمكان المراسل الحصول على نسخة من جدول البرنامج ومواعيد عرض الفقرات مسبقا»، وأيضا الحصول على التعديلات فور حصولها. أما اليوم فقد تحول الجهاز إلى أداة أساسية، خاصة مع تطوره وصدوره بأشكال وأحجام مختلفة، حتى بات مراسلون تلفزيونيون يقولون على الهواء مباشرة: «وردني هذا الخبر على جهاز الـ«بلاكبيري» قبل قليل»، كما فعلت مراسلة «سي إن إن» سوزان مالفيو خلال تغطيتها من البيت الأبيض العام الماضي، حيث نقلت معلومة عن «مصدر» أرسلت إليها على جهازها قبل دقائق من ظهورها على الهواء. طبعا جهاز البلاكبيري لم يعد فريدا في كونه يستقبل ويرسل رسائل البريد الإلكتروني، كما أن المزايا الأخرى التي تجعله محببا، مثل القدرة على تصفح الإنترنت ومواقع الأخبار (الأمر الذي يعد كذلك مفيدا للمدونين حيث يمكنهم الاتصال وتحديث مدوناتهم فورا)، والتواصل مع قائمة الأشخاص الموجودين في الدليل عبر الصوت أو البريد أو الرسائل القصيرة، باتت متوفرة في كثير من أجهزة الاتصالات الحديثة، وإن كان البلاكبيري يتميز بأنه يوفر لمستخدميه شبكة خاصة للاتصال عن طريق ما يعرف بالـ«آي.أم» (التواصل الفوري) بشكل يشبه برنامج «أم.أس.ان ماسنجر» الشهير، لكن فقط لأصحاب ومستخدمي أجهزة البلاكبيري (بمعنى أنك تبقى على اتصال مع كل شخصه تعرفه لديه جهاز من هذه الشركة، من دون أي تكلفة أو استخدام لخطوط مزودي خدمة الجوال). وهنا يطرح سؤال نفسه وهو: لماذا إذن هذا الإقبال على هذا النوع تحديدا من الأجهزة؟ يجيب ديفيد سميث، محرر الشؤون التقنية في صحيفة «ذي أوبزرفر» البريطانية، بالقول إن أجهزة البلاكبيري وقدرتها على التواصل تماثل في وضعها وضع أجهزة الـ«آي بود» iPod بالنسبة لمشغلات الموسيقى الرقمية، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «الآيبود قد لا يكون أفضل مشغل موسيقى رقمي، إلا أنه بلا شك المفضل لدى الناس... وكذلك الحال بالنسبة للبلاكبيري». أما الصحافي راوردي نيكول، الذي يعمل كذلك في «ذي أوبزرفر» فيقول إن الميزة الأساسية التي تجعله متعلقا بالبلاكبيري هي بلا شك «نظام استقبال وإرسال البريد الإلكتروني». إلا أن نيكول يعتبر أن للبلاكبيري خاصية سلبية، فكثرة الاعتماد عليه تسبب نوعا من «الإدمان» على قراءة الرسائل الإلكترونية وتفحص صندوق البريد، مضيفا: «القدرة على التواصل 24 ساعة يوميا هي «نعمة ونقمة» في الوقت نفسه، ذلك لأن الخط الفاصل بين الوقت الخاص ووقت العمل يصبح أرفع فأرفع». يضحك نيكول ويضيف قائلا: «أحيانا تردني رسالة إلكترونية فيما أنا جالس أمام جهاز الكومبيوتر في مكتبي، إلا أنني أرد عبر البلاكبيري على الرغم من ذلك... الأمر أسهل وحسب».

أما الجهة الأخرى التي باتت فيها الجوالات وأجهزة الاتصالات الحديثة تخدم الصحافيين، فهي أن غالبيتها بات مزودا بكاميرا... وفي كثير من الأحيان تكون كاميرات عالية الجودة ويمكن استخدامها للتصوير الفوتوغرافي من مكان الحدث إضافة إلى المراسلة المرئية، ويذكر في هذا السياق قيام هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) بتوزيع أجهزة جوال من الجيل الثالث على كثير من مراسليها الميدانيين منذ عام 2004 .

ديفيد سميث يعود ليعلق هنا على قضية أخرى، وهي تعلق الصحافيين أحيانا ببعض الأشياء التي يكتبون عنها. ويوضح قائلا: «بسبب نجاح البلاكبيري ستجد أن مزيدا من الصحافيين يكتبون عنه»، لكن سميث يضيف من جهة ثانية أن العشق الإعلامي الذي يلاقيه البلاكبيري يعود كذلك إلى استخدامه من قبل الصحافيين، وهو الحال نفسه الذي ينطبق على أجهزة «ماكينتوش» بالنسبة للعاملين في مجالي الإعلام والإبداع. وبالعودة إلى تصريحات الرئيس أوباما عن تفضيله لأجهزة البلاكبيري، يذكر أن جريدة «نيويورك تايمز» كتبت أن حديث الرئيس المنتخب حول تمسكه بالجهاز مع قناة «سي إن بي سي» يقدر بدعاية قيمتها 25 إلى 50 مليون دولار، وهو ما كان خبراء التسويق قد يدفعونه لـ«رئيس يحمل بلاكبيري» لو لم يكن يعمل في مجال الخدمة العامة.