تغطية «جي 20».. امتحان في الاقتصاد وإدارة الوقت

قمة تضمنت رئيسا برتبة نجوم هوليوود و«لقطات صحافية» بالجملة في انتظار من يلتقطتها

رئيس الوزراء البريطاني خلال المؤتمر الذي عقد في لندن الاسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

رغم أنها كانت قمة غلب عليها الطابع الاقتصادي (الجاف بطبعه) والتغير المناخي (الثقيل بدوره)، فإن الملل لم يعرف طريقه إلى أحداث قمة الجي 20 التي عقدت في لندن الأسبوع الماضي. فبين رئيس حظي بمعاملة نجوم السينما (والحديث هنا عن الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتأكيد)، ورئيس لعب دور «الشرير» في القمة (الرئيس نيكولا ساركوزي الذي هدد بمغادرة القمة إن لم تعجبه مقرراتها).. لم يكن هذا حدثا عاديا بأي شكل من الأشكال. وفي جو مليء بالإثارة والترقب لما قد يحدث في قمة تجمع أكبر اقتصادات العالم وأهم زعمائها تحت سقف واحد، انتظر العديد من الصحافيين والإعلاميين الذين وصل عددهم إلى 2500 من كل أرجاء المعمورة سنحت لهم الفرصة للوصول إلى المنطقة الحمراء التي حولتها شرطة لندن ذاك اليوم إلى ترسانة مسلحة يلتفها ضباط الشرطة ومدرعات مصفحة في شوارع غرب العاصمة البريطانية، بينما تتجول زوارق الشرطة في مياه نهر التيمز، مما جعل مسافة أكثر من 3 أميال بعيدا عن مركز أكسيل للمؤتمرات الذي يحتضن قمة العشرين منطقة ليس من السهل العبور خلالها، خاصة أن الصحافيين المشاركين لم يكن لديهم أي وسيلة تنقل غير الحافلات المخصصة للتنقل بين أول نقطة يمكن التحرك منها والمركز. وكان الأمر الأكثر إثارة خلال لحظات إلقاء براون للجلسة الافتتاحية للقمة، وكانت آخر لقطة للكاميرا قبل إخلاء القاعة من المصورين تركز على وجه ساركوزي وإبراز ملامح وجهه القاسية التي قد تقضي على القمة بسهولة بالغة، تقتل آمال براون الباحث عن شعبية وحل لأزمة ذات أعماق متشعبة. وظهر ذاك الأمر كلما دخل أحد المسؤولين إلى قاعة الصحافيين للإدلاء بالتصريحات، بدأت باللورد بيتر مانديلسون وزير الأعمال البريطاني والتفاف الصحافيين حوله، بعد إدلائه بالتصريحات للمحطات الإخبارية على منصة خاصة، ثم اليستاير دارلينغ وزير الخزانة البريطاني الذي دخل للقاعة في نفس اللحظة.

وكان الأمر غريبا إلى حد كبير، فعندما تتوفر الفرصة للقاء أحد هذه الأشخاص البارزة، دائما ما يكون بمفرده، ولكن هذه المرة كانت وفرة غزيرة من المصادر الحساسة تدعم مثل هذا الحدث الضخم، وكانت النصيحة الإعلامية التي أعطيتها لنفسي هي على طريقة أفلام رعاة البقر.. أي «اضرب أولا، وقيّم لاحقا»، فكنت أتوجه نحو المصدر مهما علا شأنه لأحاول الحصول على مقابلة، وقد تتفاجأ كم أن الشخصيات الكبرى متعاونة في بعض الأحيان. ثم توالت المؤتمرات الصحافية واحدا تلو الآخر، من وزراء بريطانيين، إلى رؤساء بنوك دولية، ومؤسسات تمويلية ضخمة. واختلفت الموازين بعض الشيء في حجم استيعاب الصالات التي تحدث فيها زعماء بعض الدول المشاركة. فكان أوباما وبراون في قاعة استوعب ما يزيد على 800 شخص في الوقت الذي اكتفى نيكولا ساركوزي، وبرلسكوني بصالات استوعبت ما لا يزيد على 200 شخص. الأمر الذي قد يبدو بديهيا هو القول إن الحالة الأمنية متشددة حتى داخل قاعات مركز الأكسيل، فيما كان يجب الانتظار في طوابير طويلة خارج كل مؤتمر صحافي يبغى الصحافيون والإعلاميون حضوره. ومع كل هذا الازدحام، يبقى على الإعلامي تحديات أخرى، مثل فهم كافة المصطلحات الاقتصادية التي تردد، وهو ما يستدعي أن تكون على اتصال مستمر بخبراء ومتخصصين لشرح ما يجري لدى الضرورة. الأمر الآخر هو فن إدارة الوقت خصوصا في مثل هذا التشديد الأمني، سيما أن معرض اكسيل الذي اختير لإقامة الحدث التاريخي لضخامة حجمه، والمملوك جزئيا لشركة أدنوك الإماراتية يقع في مكان بعيد بشرق لندن، الأمر الذي يستدعى احتساب وقت إضافي للمواصلات، وتوقيت إرسال المواد، خصوصا عندما يكون عليك العودة لوسط لندن لحضور مؤتمر أو فعالية أخرى، علما أنه بموازاة القمة نفسها، شكلت «اللقطات الصحافية» مادة دسمة للإعلاميين، فبين انحناءة الاحترام التي أداها باراك أوباما أمام العاهل السعودي، وملابس زوجة الرئيس الاميركي ميشيل أوباما واحتضانها للملكة إليزابيث، و«صراخ» رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني في حضرة صاحبة الجلالة... لقد كانت الـ«جي 20» فعلا «قمة» في كل شيء.