عودة تلفزيون «إم تي في» تذكر اللبنانيين بعهد الوصاية السورية

باشرت البث أول من أمس بعد إقفال قسري استمر 7 سنوات

TT

عادت محطة «أم تي في» اللبنانية إلى البث بعد إقفال قسري في الرابع من سبتمبر (أيلول) 2002، وذلك استناداً إلى قرار قضائي له خلفية سياسية تتعلق بالسلطة القائمة آنذاك والمرتبطة بالنظام السوري ووصايته على لبنان. وبعد تأخير أسبوع عن الموعد المعلن في 31 مارس (آذار) الماضي لأسباب تقنية، عادت المحطة إلى جمهور حرص على انتظارها ومتابعتها، وذلك بعد برمجتها على الصحون اللاقطة الخاصة أو عبر الاتصالات المكثفة بأصحاب «الديشات» في مناطقهم لبرمجة القناة ضمن باقة المحطات التي يقدمونها حتى تصل إلى الناس. افتتحت «إم تي في» بثها باستعادة زمن القمع وإصرارها على مواجهته وعرضت تقارير عن التطورات السياسية للمرحلة السوداء التي رافقت الإقفال، ثم أعلنت أنها «صوت حر في خدمة الحرية». وأبرزت المحطات والمواقف الجريئة التي استوجبت قرار إعدامها منعا لمواصلة مسيرة رفض الوصاية. وأعادت إلى ذاكرة المشاهدين عهد الضرب بأعقاب البنادق لفض المظاهرات الطلابية المنادية بعودة المبعدين والمنفيين والمعتقلين. استرجع المشاهدون أرشيف المواقف للقادة الذين اغتيلوا في المرحلة السابقة. فسمعوا سمير قصير يسأل عن صلاحية الوجود السوري الموقت، وجبران تويني يسأل عن انتقاص السيادة اللبنانية، وسمير فرنجية يطالب بإطلاق جميع المعتقلين في 8/8/ 2002 فورا، ووليد جنبلاط يسأل عن سبب استمرار الوصاية ويدعو إلى المصالحة في الجبل وعاصم قانصوه يطالب بمحاكمته، ونسيب لحود يؤكد معركة الكرامة والاستقلال، وجورج حاوي يؤكد استمرار الوفاق الذي أرست أسسه هذه المعركة.

عادوا إلى زمن كان ميشال عون لا يجد إلا شاشة «إم تي في» منبرا، والبطريرك مار نصر الله صفير يحرك الشارع لنصرة الجنرال وعودته، ويبشر بأن المعركة الوطنية وحدت صفوف كل قوى المعارضة.

وكان إقفال المحطة قد فتح قضية حريات لم تطوها محاولات السلطة آنذاك تجاهل الدعاوى التي تقدم بها محاموها لإعادة فتحها. وفي أكثر من مناسبة عاد شعارها إلى اللافتات والملصقات في شوارع بيروت، مرفقاً بعبارة «معنا بيرجع للحرية معنى».

يذكر أن «إم. تي. في» أقفلت بقرار قضائي صادقت عليه محكمة استئناف المطبوعات بعد اقتحام قوات الأمن مكاتب المحطة في منطقة الأشرفية (شرق بيروت) تنفيذاً لقرار قضائي صادر عن محكمة المطبوعات. والتهمة التي وجهت إلى المحطة آنذاك كانت مخالفتها قانوناً يحظر بث الدعاية الانتخابية. وتجدر الإشارة إلى أن من أسباب إقفال المحطة المشكلة التي رافقت فوز غبريال على ميرنا المر ابنة أخيه ميشال، الذي عُرف بتأييده للرئيس إميل لحود واختلافه الحاد مع أخيه. وتلى الإقفال إلغاء لنيابة غبريال المر الذي نال آنذاك أكثرية أصوات قاربت الخمسين ألفا، ليعلن فوز غسان مخيبر الذي نال فقط حوالي 1400 صوت، ولم تنفع حملة المعارضة الواسعة إعلاميا وسياسياً لإلغاء القرار، إذ التفت عليها آنذاك قوى الموالاة، رغم اعتراض وزير الإعلام في حينه غازي العريضي الذي لم يكن قد تبلغ قرار إقفال «إم. تي. في» قبل تنفيذه، ما دفعه إلى الاستنكار، مشيراً إلى «أن القرار المطلوب آنذاك كان إقفال المحطة من دون توفر أي حد أدنى من التنسيق بين المؤسسات، مع أن الأصول تقضي بتبليغ وزارة الإعلام بما يخص القطاع الإعلامي».

وكان رئيس مجلس إدارة «ام. تي. في» ومديرها العام غبريال المر، قد أعلن بعد عامين على إقفالها «أنه لا يأمل بإعادة افتتاحها بعد التمديد لرئيس الجمهورية الحالي إميل لحود». واعتبر أن «المحطة أقفلت قسراً وحقداً وكيدياً من دون أي شرعة قانونية. وليس بموجب قرار قضائي وإنما بفعل تدخل السلطات والأجهزة والنيابة العامة في عمل القضاء». سياسة المحطة كما أعلن عنها لدى عودتها «تحمل لواء السياسة اللبنانية الصرفة. ولا يمولها حزب أو طائفة أو أي طرف سياسي». وأشار المسؤولون الذين تعاقبوا على الكلام في مهرجان الافتتاح الأثيري إلى أن «إم تي في» واجهت في وقت لم تكن أي وسيلة إعلامية تتجرأ على الحديث عن الخروج السوري أو حتى الإشارة إليه، وخاضت صراعاً طويلاً. ووعدوا ببث رسالة إعلامية وطنية بعيدة عن اللغة الطائفية والتحريضية كما تفعل بعض المؤسسات الإعلامية. الملاحظة الأبرز التي ترافقت مع اليوم الأول من البث كانت وفرة الإعلانات التجارية، إضافة إلى إعلان توجيهي لأحد المصارف ينتقد الطائفية في لبنان. كذلك كان لافتاً عودة وجوه عريقة في المحطة، إضافة إلى إعلاميين يخوضون تجاربهم الأولى وينتظرون أن ينالوا فرصتهم من خلال الروح الشبابية التي تطغى على إدارة المحطة.