أميركا: تراجع في إعلانات الصحف ومشروع لجني الأرباح من الإنترنت

البحث عن حلول للتعامل مع الأزمة الحالية

TT

عانت الإعلانات في الصحف، التي تشهد أسوأ تراجع لها منذ فترة الكساد الكبير، من التراجع الأشد لها منذ فترة طويلة خلال الربع الأول من عام 2009، حيث تراجعت الإعلانات بنسبة 30 في المائة بالنسبة لبعض الصحف، حسب ما يشير إليه تنفيذيون ومحللون في قطاع الصحف. ومن المقرر أن يبدأ الناشرون في تسجيل نتائج الربع الأول خلال الأسبوع الجاري، ولكن يشير متابعو القطاع ومَنْ لديهم فكرة عن بيانات عام 2009 إلى أنه من الواضح أن أكثر التوقعات تشاؤما لم تكن كافية. ويتوقع هؤلاء تراجعا أكبر يأتي على هوامش الربحية في الكثير من الصحف، التي تمكنت من البقاء، على الرغم من المشاكل التي ظهرت على مدى العامين الماضيين. وقد يدفع هذا الوضع الناشرين الذين لديهم مشاكل بالفعل إلى الإفلاس، وربما إلى إغلاق دور وشركات النشر. وتعد شركة «غانيت»، التي تملك السلسلة الأضخم، والتي تحقق أكبر أرباح في البلاد، من مؤسسات النشر القليلة التي تدلي بتصريحات عامة. وفي مؤتمر مع محللين، عقد الشهر الماضي، أشار غارسيا مارتور، نائب الرئيس التنفيذي في الشركة والمسؤول المالي الرئيسي، إلى أنه حتى الآن تراجعت عوائد الإعلانات في الصحف خلال عام 2009 بنسبة 30 في المائة، وبلغت أكثر من ذلك في صحيفتها الرئيسية «يو إس إيه توداي». وفي تقرير نشر مؤخرا، توقعت شركة «زينيث أوبتيميديا» أن الإنفاق على الإعلانات خلال العام الحالي في كافة الوسائل الإعلامية الأميركية سوف يهبط بمقدار 8.7 في المائة. ودفعت الأزمة المتنامية الكثير من الصحف، ومنها صحيفتا «نيويورك تايمز»، و«هيرست»، إلى البدء في إعداد خطط لتوفير موارد أخرى للعوائد، مثل تحصيل رسوم من القراء على الشبكة الإليكترونية، وهي فكرة كان يرفضها معظم العاملين في القطاع حتى فترة قريبة، ولكن لم يتضح ما إذا كانوا سوف يضعون هذه الخطط محل التنفيذ، ومتى سيكون ذلك. وتعتمد الصحف على الإعلانات في النسبة الأكبر من عوائدها، وعلى مدى العقد الماضي كان الكثير من الإعلانات يذهب إلى شبكة الإنترنت، حيث إن الإعلان على الشبكة العنكبوتية أرخص، وهناك قدر أكبر من المنافسة. ولكن حتى 2006، حافظت الصحف على مواقفها، على الرغم من الصعوبات التي تواجهها. وفي عام 2007، تراجعت عوائد الإعلانات لصالح الصحف ومواقعها الإليكترونية بنسبة 7.9 في المائة، حسب ما تظهر الأرقام الموجودة لدى رابطة الصحف الأميركية. وكان هذا هو أول تراجع كبير خلال عام لم يشهد ركودا، وكان ذلك مفاجئا لمعظم المحللين والتنفيذيين. وفي عام 2008، أظهر التباطؤ، الذي شهده الاقتصاد في مجمله، الاتجاه الذي تشهده الصحف، وتراجعت عوائد الإعلانات بنسبة 16.6 في المائة، وكان ذلك من جديد أكبر كثيرا مما تنبأ به الناشرون والمحللون. وانفجرت فقاعة العقارات، وتعثرت الشركات المالية وتهاوت، وتوطدت أركان الركود، وارتفعت معدلات البطالة. واختفت تقريبا بعض الإعلانات الكبرى، مثل إعلانات العقارات. وقامت كل صحيفة كبرى بتخفيضات كبرى في الميزانيات خلال العام الماضي، وتضمن ذلك تسريح عاملين، وتقليل عدد وحجم الصحف التي تطبع. وفي ديسمبر (كانون الأول)، قدمت شركة «تريبيون»، التي تنشر «لوس أنجليس تايمز»، و«شيكاغو تريبيون»، وغيرها من الصحف الكبرى، طلبا لإشهار إفلاسها. ومنذ هذا الحين، قدمت الكثير من الصحف الأخرى أيضا طلبات لإشهار إفلاسها، أو أوقفت نشرها. ولكن على خط آخر، يؤسس تنفيذيون إعلاميون نظاما أوتوماتيكيا يتيح للصحف والمجلات الحصول على رسوم مقابل تصفحها على الإنترنت، ويتضمن ذلك نظام اشتراك يتيح الإطلاع على العديد من المنشورات، حسب ما قاله التنفيذيون يوم الثلاثاء. وتهدف شركتهم «جورنالزم أون لاين» إلى توفير أدوات جاهزة لتحصيل رسوم عن طريق الإنترنت. والمؤسسون والمستثمرون في هذا النظام هم ستيفين بريل، مبتكر «كورت تي في»، ومجلة «أميركا لوير»؛ وغوردون كروفيتز، وهو الناشر السابق لـ «وول ستريت جورنال»، وهي من الصحف القليلة التي تتحصل على رسوم مقابل تصفحها على الإنترنت؛ وليو هيندري، الذي يترأس شركات اتصالات، مثل «تيلي كوميونيكيشنز إنك»، و«غلوبال كرسوينغ»، و«شبكة يس». ولم يشترك حتى الآن أي ناشر في هذا النظام، ولكن الكثير من ناشري الصحف والمجلات الكبرى في محادثات مع «جورنالزم أون لاين» حول كيفية عمل هذا النظام. ووفق النظام، حسب ما تتصوره الشركة، فإنه عند مرحلة معينة سوف يُطلب من القارئ الدفع مقابل الاستمرار في قراءة المجلة أو الصحيفة. وسيعمل نظام «جورنالزم أون لاين» على موقع الدورية. ولكن، سيكون على القارئ الذي يريد الاشتراك في العديد من المواقع الذهاب مباشرة إلى الموقع التابع للشركة الجديدة. ويقول كروفيتز، الذي لديه خبرة في هذا المجال، إن بناء نظام لطلب الدفع وتسديد المدفوعات على الإنترنت «معقد وذو كلفة كبيرة». وأضاف أن الناشرين سوف يجرون بعض المحاولات وسيقعون في الكثير من الأخطاء قبل الاستقرار على المواد التي سوف يحصلون على رسوم مقابل الاطلاع عليها «وسوف نجمع أفضل الممارسات والبيانات لمساعدتهم على اتخاذ هذه القرارات».

وسيكون كل ناشر حرا في تحديد سياساته الخاصة، مثل تحديد المواد التي سوف تكون مجانية، وتلك التي لن تكون كذلك، وتحديد الأسعار، والاختيار بن نظام الدفع مقابل النقر، أو تقديم اشتراكات يومية، أو أسبوعية، أو شهرية.

* خدمة «نيويورك تايمز»