ماذا يقرأ سياسيو لبنان؟

حسن نصر الله يتابع «واشنطن بوست» .. ووضع البلاد يحتم على كافة المسؤولين متابعة الأخبار باستمرار

رئيس مجلس النواب نبيه بري يتصفح جريدة مع وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير (أ.ف.ب)
TT

استند الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في إطلالته التلفزيونية الأخيرة إلى تحليل لصحيفة «واشنطن بوست» يتعلق بنتائج حرب يوليو (تموز) 2006 وتداعياتها على إسرائيل، ليشير إلى أهمية المتابعة الدقيقة لكل ما يصدر عن الإعلام وعدم إهمال أي وسيلة إعلامية محلية أو إقليمية أو عالمية، موالية كانت أو معارضة. ولعل تسارع الأحداث الساخنة في لبنان منذ ما يقارب الأربعة أعوام جعل المتابعة واجبا يوميا، ذلك أن غالبية المسؤولين اللبنانيين يعيشون هاجس الإعلام الذي قد يشكل مرآتهم أو يصبح سيفا مصلتا على مسيرتهم السياسية. وهذا التناقض ليس الوحيد في علاقة السياسيين بالإعلام، فهم صانعو الحدث ونجومه وهم أهم القراء والمتلقين والباحثين عن المصادر وما يخفى وراءها من خلفيات سياسية. المسؤول الإعلامي لـ«حزب الله» إبراهيم الموسوي رفض التحدث إلى «الشرق الأوسط» عن طريقة رصد الأخبار التي يجب إطلاع حسن نصر الله عليها، وقال إن هذا القرار اتخذ استنكارا لما وصفه بالحملة التي تشنها «الشرق الأوسط» بعد اكتشاف خلية للحزب في مصر». هذا فيما يحرص رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة يوميا على متابعة الأخبار الإذاعية في الصباح الباكر والنشرات المتلفزة في المساء، كذلك يتصفح الجرائد ويحدد الأخبار التي تهمه، ليطلب إما مزيدا من المعلومات بشأنها، أو تحضير ردود عليها وتضمينها المعلومات الدقيقة المدعومة بالأرقام. ولا يختلف عمل المكتب الإعلامي للسنيورة عن غيره من دون إغفال الجهد الشخصي الذي يقوم به بنفسه. ويقول المسؤول الإعلامي لرئاسة الوزراء الدكتور عارف العبد «إن السنيورة، إضافة إلى حرصه على الاطلاع على الصحف كما هي العادة لدى باقي السياسيين، قد يطلب تسجيل بعض البرامج له، إذا لم يتمكن من متابعتها مباشرة». ويضيف: «مهمة الفريق الإعلامي هي نقل كل خبر مهم إلى السنيورة، بغض النظر عن إيجابيته أو سلبيته، إضافة إلى المقالات المهمة التي تعنى بالأوضاع المحلية والعربية والعالمية».

المسؤول الإعلامي لرئاسة مجلس النواب علي حمدان، يصف الرئيس نبيه بري بـ«القارئ من الطراز الأول، إلى درجة أننا نجد أنفسنا في سباق يومي معه لتلقف كل الأخبار ومحاولة الإحاطة بها بشكل كامل قبل أن يأتي هو ويسألنا عن خبر كان قد فاتنا. وهو يخصص الفترة الصباحية للاطلاع على كل الصحف، وفي المساء يتابع ما أمكن من البرامج التلفزيونية». ويضيف: «يتولى فريق عمل كامل رصد وسائل الإعلام على اختلافها وتلخيص مادتها لتقديمها إلى الرئيس بري. وهناك غرفة مخصصة يرصد فيها 20 محطة تلفزيونية على مدار الساعة، ويتم تسجيل برامجها. كذلك نهتم بالتحاليل الإخبارية والمقالات التي تنشر في الصحف المحلية والعربية والأجنبية، وهنا تختلف درجة الاهتمام بين كبريات الصحف والعادية منها، ولكننا نلحق الخبر أينما كان». .

أما رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط فيعرف بعدم تآلفه مع محطات التلفزة والاستعاضة عنها بقراءة الصحف والكتب. ويقول المستشار الإعلامي لجنبلاط رامي الريّس «إن مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي تقوم بمتابعة دقيقة لكل وسائل الإعلام، ورصد كل ما ينشر على صفحاتها ويبث على شاشاتها من أخبار ومعلومات، ثم تعمل على تلخيصها، ليتم في ما بعد مناقشتها مع جنبلاط أو مع المسؤولين المعنيين في الحزب». ويشير الريّس إلى أن جنبلاط يفضل قراءة الكتب المتنوعة والكثيرة التي يشتريها والاطلاع على ما يصدر من أبحاث جديدة عبر شبكة الإنترنت، ويعتمد في بعض الأحيان على ما يصدر عن محطة الـBBC، ويحرص في أحيان كثيرة على قراءة بعض الصحف بنفسه ويركز بشكل خاص على المحلية منها، إضافة إلى العربية مثل جريدتي «الشرق الأوسط» و«الحياة» إضافة إلى الصحف الأجنبية، وأهمها، «واشنطن بوست» و«وول ستريت» و«لو موند» الفرنسية. وفي ما يتعلق برصد الصحف المعارضة لسياسة الحزب وكيفية التعامل مع الأخبار غير الصحيحة، يضيف الريّس: «مهمتنا متابعة كل ما يصدر من هنا وهناك، لكن ينصب اهتمامنا أكثر في مرحلة الأوضاع الحرجة، كمرحلة الانتخابات النيابية التي نمر بها اليوم، على بعض وسائل إعلام الخصوم التي تشن حملات ضدنا. لكننا في الحزب لا ننجر إلى سجالات مع أي طرف آخر». من السياسة إلى أخبار المجتمع، تجتمع أحدث المستجدات لتصل إلى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع. في هذا الإطار، تقول المسؤولة الإعلامية في القوات اللبنانية أنطوانيت جعجع: «كل صباح يتلقى رئيس الهيئة التنفيذية تقريرا مفصلا عن أبرز المواقف السياسية والمقالات المهمة التي تصدر في الصحف، وذلك بعد أن يطلع بنفسه على معظم الصحف الصادرة في لبنان. وأبرز ما نركز عليه من أخبار ومعلومات هي تلك المتعلقة بأهم الأحداث الآنية. وقد نضطر في بعض الأحيان إلى إمرار «ورقة طارئة» إلى جعجع ومقاطعته لإعلامه بأي خبر عاجل، وتبقى مهمة التحليل له. أما الأخبار الخاصة الأخرى فيحصل عليها جعجع من مصادر عدة، عبر النواب أو المقربين منه والمتخصصين».

ترفض جعجع الإفصاح أو تسمية أهم الصحف التي يحرص جعجع على الاطلاع عليها، تقول: «نحرص على قراءة كل الصحف، وإن كانت الأولوية تبقى لصحف المعارضة ومواقعها الإخبارية ومقدمات أخبار محطاتها التلفزيونية التي تشن حربا إعلامية ضدنا بعيدا عن الموضوعية. ومن ثم ننتقل إلى المقالات والآراء الخاصة المميزة». وفي حين تؤكد جعجع أهمية الاطلاع على كل الصحف العربية والدولية، كذلك يشمل الرصد أخبار المجتمع التي يستقصيها المكتب الإعلامي في عطلة نهاية الأسبوع من المجلات الاجتماعية من دون إغفال الكاريكاتور، وحتى النكات المتداولة عن السياسيين». في الجهة المقابلة، يخصص رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، ساعة صباحية من السابعة إلى الثامنة ليستمع إلى نشرة أخبار الإذاعة الخاصة بتياره «صوت الغد»، وذلك بموازاة تصفحه الجرائد اليومية المحلية والعربية والموقع الإلكتروني الخاص بالتيار. ويقول المسؤول الإعلامي في التيار ناصيف القزي: «عون مسكون بالرغبة في الاطلاع، ولا يتّكل فقط على ما يقوم به المكتب الإعلامي الخاص به، بل يحاول قدر الإمكان الاطلاع بنفسه على كل الصحف من دون استثناء، وما تنشره من أخبار شاملة، محلية وعربية وعالمية من السياسة إلى الاقتصاد والاجتماع وتطور العلوم». وفي ما يتعلق بالأخبار التي تنشرها بعض الوسائل الإعلامية ويضعها التيار في خانة الافتراءات أو غير الصحيحة، يقول قزي: «من المؤكد أن مصدر الخبر يلعب دورا مهما في الحكم على صحته. لكننا بشكل عام لا نرد مباشرة، بل نترقب تطور مسار هذا الخبر ونرد في بيان مركزي وبصفة شخصية عند الضرورة، وقد يتولى عون هذه المهمة في إطلالته الأسبوعية».