خلفيات اعتقال الصحافية روكسانا صابري.. كتاب قيد التأليف

مراسلون بلا حدود: 90% من قضايا الصحافيين في إيران تبنى على تهمة «التجسس»

روكسانا صابري
TT

منذ سنوات ظلت هناك عادة تهمة جاهزة توجهها السلطات الإيرانية لأي أميركي من أصل إيراني يعتقل هناك، وهي تهمة «التجسس لصالح الشيطان الأكبر» الوضع أصبح مختلفاً بالنسبة للصحافية الأميركية من أصول إيرانية روكسانا صابري (31 سنة) والتي ظلت معتقلة منذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، حيث لوحظ أن طهران أسقطت مسألة «الشيطان الأكبر» وأصبحت التهمة فقط «التجسس لصالح الولايات المتحدة».

على الرغم من ذلك يخشى مؤيدون للحوار وتحسين العلاقات الأميركية الإيرانية داخل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن تؤدي محاكمة روكسانا صابري إلى نكسة لمساعي تحسين العلاقات بين واشنطن وطهران خاصة أن الأمور لا تزال في بداياتها. ولوحظ أن ثلاث صحف أميركية إضافة إلى «ناشونال ببليك راديو» شبه الحكومي استعملت التعبير نفسه لوصف تداعيات محاكمة صابري خلف أبواب موصدة، حيث قالت إن المحاكمة وصدور حكم بالإدانة سيؤدي إلى «غضب شديد» في واشنطن، وهو ما يشير إلى أن الوصف كتب من محبرة واحدة، أي أنه لمصدر رسمي داخل الإدارة الأميركية. وقالت واشنطن رسمياً إن التهمة الموجهة للصحافية بالتجسس لا أساس لها خاصة أن صابري، اعتقلت في البداية على أساس أنها ظلت تعمل من دون بطاقة اعتماد صحافية. ثم قرر قاضي التحقيق أن الأمر لا يتعلق ببطاقة اعتماد، بل بالتجسس لصالح الولايات المتحدة. وقالت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية إن واشنطن «منشغلة للغاية بتهمة التجسس الموجة للصحافية الأميركية»، في حين دعا المتحدث الصحافي باسم الخارجية روبرت وود للإفراج عن صابري وقال «نحن مهتمون كثيرا بوضعيتها».

من جهتها قالت متحدثة باسم «مراسلون بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط» إنها ترى أن الواقع هو أنه لا يوجد دليل على الاتهامات الموجهة لصابري، مضيفة أن «90% من قضايا الصحافيين في إيران تبنى على تهمة التجسس، وهي تهمة شائعة ضد الصحافيين المستقلين هناك».

وأضافت المتحدثة: «تستخدم إيران مثل هذه الاستراتيجيات مع الأشخاص الذين يحملون جنسيات مزدوجة من أجل وضع ضغوط على البلدان التي يأتون منها، ويتحولون في نهاية الأمر إلى أوراق مقايضة تستخدمها إيران والدول الأخرى». والانطباع السائد أن روكسانا صابري دخلت إيران حديثاً، لكنها في الواقع ظلت تقيم هناك منذ ست سنوات، وكانت تعمل مع عدة صحف وإذاعات أميركية، كصحافية متعاونة، ومن بين هذه المؤسسات « ناشونال ببليك راديو» وكذلك « بي بي سي»، وهنا تشير المتحدثة باسم «مراسلون بلا حدود» إلى أن التقارير التي أنتجتها صابري لهاتين الجهتين لم تكشف أي معلومات سرية أو في غاية الأهمية. وكان والد صابري قال لإذاعة «ناشونال ببليك راديو» إنه يعتقد أن سبب اعتقال ابنته مرده عزمها إصدار كتاب عن إيران، وكانت تنوي أيضا العودة هذه السنة إلى مدينتها فارغو في ولاية داكوتا الشمالية لكتابة الكتاب. وقال والدها إنها أبلغته خلال محادثة هاتفية وقبل أن ينتقل هو شخصياً إلى إيران، إن السبب الأساسي لاعتقالها هو أنها لم تكن لديها بطاقة اعتماد صحافية، إضافة إلى أنها اشترت زجاجة نبيذ من السوق السوداء. وسافر والداها إلى إيران والتقيا ابنتهما في السجن، لكن طلب منهما عدم الحديث مع الصحافة.

من جهتها تقول الصحافية الأميركية جانيفي وليامس والتي سبق لها أن زارت إيران وكتبت عدة تقارير من هناك وتعد متخصصة في الشؤون الإيرانية «أظن أن مشكلة صابري هو الكتاب الذي ستصدره عن إيران» وأضافت وليامس تقول لـ «الشرق الأوسط»: «الإيرانيون لديهم حساسية شديدة تجاه الكتب التي يكتبها مراسلون كانوا داخل البلاد، وتعتقد أن أي معلومات تنشر في هذه الكتب هي عبارة عن معلومات سرية تضع صاحبها تحت طائلة القانون» وقال وليامس أيضا «ربما سيطلبون منها عدم كتابة الكتاب، وربما يطلبون منها تسليمهم وثائق يعتقدون أنها ستستعملها في الكتاب، وربما يريدون ضمانات أن الكتاب لن يصدر أصلا». وأوضحت وليامس «ليس صدفة أن تأتي الاتهامات ضد صابري في وقت بدأت فيها إدارة أوباما مبادرات تجاه إيران، هناك جناح متشدد في طهران سيبذل جهداً كبيراً لإحباط تحسن في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة».

أما المتحدث باسم وزارة العدل علي رضا جامشيدي فقال «ستصدر المحكمة حكمها خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع». وسخر جامشيدي من «مزاعم» واشنطن بأن صابري بريئة ويجب إطلاق سراحها، وقال «عندما تتحدث حكومة (الأميركية) عن موقفها دون أن تطلع على لائحة الاتهام فإن الأمر يثير الضحك» مشيراً إلى أن القانون الإيراني ينص على معاقبة الجواسيس بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات.