نسيم زهرة.. شهرتي جاءت من البرامج الحوارية.. والوصول إلى قلوب الناس ليس أمرا سهلا

المحللة للسياسة الخارجية والقضايا الأمنية على خطى شيري رحمن وزيرة الإعلام الباكستانية السابقة

نسيم زهرة (يسار) في برنامجها الحواري («الشرق الأوسط»)
TT

كانت نسيم زهرة، مذيعة بارزة وصاحبة برنامج حواري شهير، صحافية ذائعة الصيت قبل أن تنضم إلى سلك الإعلام. وكانت أعمدتها الصحافية وتحليلاتها الإخبارية التي تتناول قضايا تتعلق بالأمن والسياسة الخارجية تقرأ على نحو واسع في باكستان. وفي العامين الماضيين، وتحديدا منذ شرعت نسيم زهرة في استضافة برنامج حواري، نمت شعبيتها على نحو كبير. ومع ذلك، يمكن لشهرتها أن تحتل مرتبة ثانوية، إذا ما نظر إلى إنجازاتها في مجال تحليل القضايا والسياسات الخارجية والأمن الإقليمي. وتعتبر زهرة محللة السياسة الخارجية والقضايا الأمنية الأبرز على امتداد الأعوام العشرة الماضية، وذلك بعد اعتزال زميلتيها الأكثر بروزا في مهنة الصحافة: شيري رحمن (وزيرة الإعلام السابقة)، ومليحة لودهي (سفيرة باكستان السابقة لدى واشنطن) لدخول المعترك السياسي والعمل الحكومي. وظلت نسيم زهرة مخلصة لعملها الصحافي لفترة تزيد على العشرين عاما. وحاليا، تستضيف برنامجا حواريا شهيرا يدعى «قضايا سياسية»، كما تعمل مديرة قسم الأحداث الجارية في القناة التلفزيونية الخاصة الناطقة باللغة الأردية «دنيا». وتتضمن مسؤولياتها صياغة وتنفيذ خطط لتغطية الأحداث الجارية على القناة الإخبارية. وإلى جانب ذلك، ما زالت تكتب عمودها الأسبوعي للصحيفة المحلية الناطقة باللغة الإنجليزية. وتحدثت نسيم زهرة لـ«الشرق الأوسط» عن المرأة داخل وسائل الإعلام، بالإضافة إلى خبرتها كمذيعة، وجاء الحوار على النحو التالي:

* كيف تصفين خبرتك كمذيعة في التلفزيون داخل مجتمع مسلم؟ ـ مثل أي مذيع آخر، وبالنسبة لي، لم ألحظ أي اختلاف. فهو الشيء ذاته، شأنه شأن أي مذيع إخباري آخر في وسائل الإعلام داخل باكستان.

* لم تلحظي أي اختلاف لأنك كنت صحافية مشهورة حتى قبل انضمامك إلى مضمار الإعلام؟ ـ حسنا، علمتني خبرتي الصحافية إلى أنه إذا وجهت نفسك بحرفية، فبإمكانك الوصول إلى قلوب الناس وهو ليس بالأمر السهل، بالإضافة إلى الفوز بتقديرهم واحترامهم. ويعتمد ذلك بدرجة كبيرة على كيفية توجيهك لذاتك، وبناء عليه، لم أجابه أبدا أية متاعب.

* إذا، تقولين أنك لم تتعرضي إلى أي مشكلة في المجتمع الباكستاني لأنك صحافية، أو فيما بعد مذيعة؟

ـ كما تعلم، أنا كنت أعمل بالصحافة حتى قبل انضمامي إلى مضمار الإعلام، كما أنني أحظى فعليا بمستوى من التواصل مع الشخصيات داخل الساحة السياسية وفي دوائر صناعة السياسات. وبالتالي، كانت لدي ذات الخبرة التي استمرت لدي بعد الانضمام إلى الإعلام. وفي الحقيقة، ساعدني ذلك كثيرا.

* بالتأكيد لاحظت أنه داخل وسائل الإعلام المقروءة كان يوجد القليل من الشخصيات النسائية الناجحة في باكستان، أما الآن، فهناك المئات من الصحافيات المعروفات والناجحات، فما سبب هذا التحول الكبير؟ ـ أعتقد أن هذه المهنة قد تطورت في باكستان، وثمة توسع في وسائل الإعلام بالبلاد. ونظرا لهذا التوسع بالبلاد، طرأ أيضا توسع في مشاركة المرأة في العمل الصحافي. وبناء عليه، تشاهد عددا كبيرا من الصحافيات عبر وسائل الإعلام. كما التحقت المرأة بفروع كليات الإعلام، وإذا ما نظرت إلى الصحافيات بوسائل الإعلام، ستجد أن أكثر من 50 في المائة منهن حصلن على درجة عالية في الإعلام من الجامعات. ومن ثم، ساهم عاملان في هذه الزيادة في عدد الصحافيات داخل باكستان. أولهما: التوسع في وسائل الإعلام بالبلاد. وثانيهما: اكتساب عدد كبير من السيدات التدريب على ممارسة العمل الصحافي من الجامعات. وأخيرا، كانت الصحافيات اللاتي حققن نجاحا في الجيل السابق مصدر إلهام بالنسبة للكثير من الشابات، اللائي يشعرن بتشجيع كبير بأنهن يمكنهن أن يكن مثلهن.

* ما هي نسبة الرجال إلى النساء داخل وسائل الإعلام في باكستان؟ ـ لا أملك فعليا أي أرقام دقيقة، إلا أنهن موجودات في كل مجالات الإعلام، فهن إما صحافيات أو مذيعات. ومن الممكن أن يقع عددهن ما بين 15 ـ 20 في المائة من إجمالي القوة العاملة. إلا أنني لا أملك الرقم الدقيق لهذا.

* كيف تقارنين الصحافيات والمذيعات في مؤسستك وفي الإعلام بصورة عامة وبين نظرائهن من الرجال؟ ـ إنهن جيدات للغاية ومحترفات، كما أنهن يقمن بمهام صعبة للغاية لدى تغطيتهم للأحداث الإخبارية داخل وخارج البلاد.

* لا بد أنك تتذكرين الأيام التي لم يكن يعهد فيها للمرأة في الإعلام الباكستاني سوى بتغطية الأعمال غير السياسية، وتناول قضايا القسم الاجتماعي والثقافي فقط؟ ـ نعم، أتذكر عندما كانت المرأة تكلف فقط بتغطية القطاع الاجتماعي، ولم يكن متاحا لهن تغطية الأحداث السياسية. إلا أن هذا تغيّر الآن، وطرأ هذا التغيير لأسباب متنوعة. ويعود هذا في المقام الأول إلى أنك ترى الكثير من رؤساء التحرير في المهنة حاليا. وقد قدمن بدورهن شابات في مجال الصحافة. وتعمل الصحافيات جيدا بصورة استثنائية. وأنت ترى الكثير من الأمثلة التي بدأت فيها المرأة كمراسلة صغيرة في مجال الإعلام، ثم أصبحن خلاقات بعد ذلك البرامج الحوارية المحبوبة.

* هل أرسلت أي صحافية في مؤسستك لتغطية الصراع في سوات؟ ـ نعم، ذهبت صحافياتنا إلى سوات لتغطية الصراع، وقمن بتغطية جيدة للغاية عن الصراع. وقد ذهبت بنفسي إلى بونير وأجريت برنامجا من هناك على مدار ساعة كاملة. كما أنني أمضيت ساعات في ميدان القتال، وبقيت في ميدان إطلاق النار لساعات. ولا أعتقد أن هناك أي قضايا تتعلق بالنوع يمكنك على أساسها قول إنه ليس بمقدور المرأة القيام بهذا. منذ بضعة أيام، قالت لي صحافية إن رئيسها معارض لإرسالها إلى سوات. إلا أن هناك حالات قليلة للغاية من هذا القبيل. وقد أرسلت قناتنا مراسلتين إلى سوات لتغطية الحدث.

* هل تعتقدين أن المرأة في الإعلام الباكستاني ما زال أمامها الكثير لتحققه، أم أنها وصلت إلى أقصى ما يمكن تحقيقه؟ ـ نعم، أعتقد أنه مع حلول الأيام المقبلة سنرى سيدات يترأسن قناة إخبارية، وأن تصبح المرأة مديرة قطاع الأخبار في القنوات. الوضع يتطور، وستتحقق هذه الأشياء. إن المرأة في تقدم، كما أنهن يتحركن صوب الأمام. ولقد نجحن في الخروج من عنق الزجاجة، والمضي قدما. الأمر يتعلق من ناحية بالأداء، فإنهن يبلين البلاء الحسن، ويشقون طريقهن نحو الأمام. وقد يكون ثمة تردد من قبل مدير العمل إزاء تكليف النساء ببعض الأعمال التي لم يسبق لهن القيام بها، إلا أنهن وبمجرد أن تتاح لهن الفرصة، ستؤيدينها بنجاح.

* هل تعتقدين أن المرأة حققت ناجحا في مجال الإعلام شبيها بما حققه الرجال أم أنهن أكثر نجاحا؟ ـ يعود الحكم في هذا إلى المجتمع، إلا أن النساء متميزات في الصحافة مثل الرجال، ولتنظر إلى الإنجازات التي حققتها المرأة في الصحافة. ويتجلى هذا من ترأس رؤساء تحرير من السيدات لأبرز مجلتين بالبلاد منذ فترة طويلة، ألا وهما هيرالد الباكستانية، ونيوزلاين. ولتنظر إلى مليحة لودهي (رئيسة التحرير السابقة لدايلي ذا نيوز، والتي أصبحت سفيرة باكستان لدى واشنطن)، وكانت شيري رحمن (وزيرة الإعلام السابقة) محررة رائعة.

* أخبرينا عن برنامج الحوار التلفزيوني الخاص بك؟

ـ أتولى برنامجا حواريا تلفزيونيا يحمل اسم «قضايا سياسية»، ويتناول هذا البرنامج كل القضايا السياسية والاجتماعية في الشارع الباكستاني. وإذا كانت القضية الكبرى اليوم بالبلاد هي النزوح المحلي للسكان من سوات، فإنه يتعين علي أن أجري برنامجا عن النازحين المحليين. وإذا كانت القضية الكبرى اليوم بالبلاد تتعلق بالعملية العسكرية التي يشنها الجيش في سوات، فسأعمد إلى تغطية العملية العسكرية، فالقضية تتغير مع بزوغ شمس كل يوم. ويمكن أن تكون العلاقة مع الهند أيضا القضية التي يتناولها برنامجي. وأتجه أيضا إلى تغطية الوضع السياسي الداخلي، فقد قمنا بعمل حلقة عن المسيرة الاحتجاجية ضد الحكومة والتي أدت إلى إعادة تنصيب رئيس القاضي افتخار محمد تشودري. وعلاوة على هذا، فنقوم أيضا بتغطية الأخبار الاقتصادية. وأي شيء يمكن أن تكون له صلة بالسياسة يمكن أن يكون قضية يتناولها برنامجي.

* هل لك سلطة تحريرية على برنامجك الحواري، وأعني في هذا أنك تختارين القضية التي سيتناولها برنامجك؟

ـ نعم، لدي سلطة تحريرية على برنامجي، وأختار القضية بنفسي. وهذا الطبيعي مع كل المذيعين في قناتنا، فجميعهم يختارون قضايا برامجهم. والشيء الوحيد الذي نهتم بشأنه هو عدم التداخل.

* غالبا ما تسمعين من الطبقة السياسية أن الإعلام ليس ناضجا بالدرجة الكافية في باكستان، بل أعتقد أن بعض الصحافيين أيضا يقولون هذا؟

ـ على العكس أعتقد أن الإعلام في باكستان ناضج بالدرجة الكافية، فهو يوجه المجتمع. كما أنه يحظى بخطاب مطلع مسؤول مقارنة بالطبقة السياسية. وأعتقد أنه ناضج بالدرجة الكافية. إلا أن هناك وضعا متطورا، فأنت ترى الكثير من الظروف العاجلة المتعلقة بالإعلام، مثل أهم الأنباء وفي مثل هذه المواقف يمكنك أن تتجاوز بعض الحقائق. ومع ذلك، يطور الإعلام آلية ذاتية للتصحيح. ونعكف في الوقت الحالي على عمل قانون للأخلاقيات الخاصة بالإعلام. وثمة تفكير داخل وسائل الإعلام لبناء سلوك أكثر مسؤولية. ومثالا على ذلك دعني أوضح لك أن القنوات الإخبارية عقدت العزم على أنها لن تبث أي أخبار عن تهديد كاذب بقنبلة مثلا.