إيمانويل.. واجهة البيت الأبيض

يجيد فن التعامل مع مراسلي الصحف والقنوات التلفزيونية

TT

بالنسبة لتشاك تود، كان تلقي اتصالات من رام إيمانويل أمرا أساسيا في تغطية أخبار البيت الأبيض. ولكن كان الأمر يعتمد على ما يعرفه مراسل «إن بي سي» بقدر اعتماده على ما يستطيع المراسل أن يجعل كبير مساعدي الرئيس يفصح عنه. وبالنسبة لديفيد بروكس كاتب عمود «نيويورك تايمز»، يتعلق الأمر بدعوة إيمانويل له لتبادل الحديث في البيت الأبيض، والتي قد تشهد مرور الرئيس أوباما عليهما. وبالنسبة لمراسل «واشنطن بوست» مايكل شير، تأتي التغطية من خلال ثلاث مكالمات في سيارته في غضون دقائق وهو يحاول إسكات أطفاله في طريقه إلى مطعم في فيرجينيا. ويقول مذيع الـ«سي إن إن» بول بيغالا، الذي عمل مع إيمانويل في البيت الأبيض في عهد الرئيس كلينتون: «يمكن أن يستغرق الحوار مع رام 30 ثانية. فهو يتصل، ويطلق تصريحات كالقنابل، ويقول ما يريد ثم ينهي المكالمة».

ربما لا يوجد كبير موظفين في البيت الأبيض في العصر الحديث قد عمل مع وسائل الإعلام بصورة مشاكسة ومستمرة مثل إيمانويل. وبناء على علاقاته طويلة الأمد مع الصحافيين، يدلي إيمانويل بتصريحات مسجلة، ويقدم تفسيرا لخلفية الأحداث، ونوعا من أحاديث النميمة التي تدور في العاصمة والتي تيسر من العلاقات. ويسعى عضو الكونغرس السابق عن شيكاغو أيضا إلى التزامه بطريقة التغطية وينشر أساليب الإدارة الممكنة. وإيمانويل فعال بصورة فظة. يقول تود: «إنها ليست علاقة تافهة. فهو دائما ما يحاول استخلاص معلومات بالقدر ذاته الذي يقدم به معلومات».

ويقول ديفيد أكسلرود، كبير مستشاري أوباما الذي يتعجب من زميله الذي يجري العديد من الاتصالات ويتناول غداءه في وقت واحد: «إنه يفكر وكأنه صحافي».

كان جيمس بيكر، رئيس موظفي الرئيس بوش الأب، بارعا أيضا في التعامل مع مصادره الإعلامية، ولكن كان ذلك في الغالب من وراء الستار. وكان الكثير من المسؤولين السابقين في المنصب، أمثال آندي كارد ومارك ماكلارتي وجون سونونو، أقل اتصالا بالصحافيين.

ومن المعتاد أن تنقل الصحف الكبرى تصريحات على لسان إيمانويل، حتى في الأخبار الروتينية التي يعد فيها مجرد صوت آخر للإدارة. وفي يوم الجمعة، استعانت الـ«بوست» بملاحظات إيمانويل بشأن التقدم البطيء لبرنامج إصلاح الرعاية الصحية في الفقرتين 11 و12 من تقرير إخباري؛ وفي 7 يونيو (حزيران)، نقل على لسانه تصريح في الموضوع ذاته في الفقرتين 8 و9 في موضوع نشر بـ«التايمز».

إن الجاذبية واضحة: فهو شخص مليء بالحيوية يضيف توابل إلى معظم الأخبار. ويقول بعض الصحافيين، إن سهولة الوصول إلى إيمانويل تساعد على تلميع مكانته. وتعد زوجة إيمانويل وأبناؤه الثلاثة للانتقال من شيكاغو، وهو ما قد يحد من هجومه على مدار الساعة، على الأقل إلى حد ما. وبالإضافة إلى أكسلرود، الذي عمل صحافيا في «شيكاغو تريبيون»، أصبح إيمانويل صاحب أبرز صوت في الموضوعات الصحافية المطبوعة أكثر من المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، الذي يركز معظم طاقته على البيان الصحافي اليومي وتميل تصريحاته المسجلة إلى الحذر. ويرى مسؤولو البيت الأبيض أن إيمانويل مركز إعلامي مستقل، ولكنهم حريصون على تنسيق استراتيجية العمل معه.

ولا يبدو أي من ذلك جديرا بالملاحظة، فيما عدا حقيقة أن إيمانويل هو نقطة ارتكاز الجناح الغربي المليء بالنشاط، حيث يتحكم في الوصول إلى الرئيس، ويساعد على تشكيل الرسالة اليومية، ويضغط بانتظام على زملائه القدامى في الكونغرس. ولكنه يجد إلى حد ما وقتا ليبقى على اتصال دائم بمجموعة كبيرة من الصحافيين، عن طريق كل من الهاتف وعبر تناول العشاء في المطاعم بعيدا عن التسجيل. وقد استضاف إيمانويل أيضا اجتماعات غير مسجلة مع كتاب الأعمدة، ومذيعي برنامج يوم الأحد في مكتبه في البيت الأبيض، أو في رواقه الخارجي. ويقول هوارد فينمان كاتب العمود في «نيوزويك» إن إيمانويل «يستمتع بالدخول في منافسة مع الصحافة، وفكرة أنه يستوعب طقوسنا القبلية. ولا يوجد شخص سياسي في واشنطن أكثر من رام، لذا يمكنك أن تحصل على قراءة أسرع للموقف فقط من خلال تفقده. ولكن هل ستحصل على أسرار ما يحدث خلف الأبواب المغلقة؟ بالطبع لا. ولكنك لن تذهب إلى رام من أجل ذلك». وقد يعلق إيمانويل فقط بواسطة البريد الإلكتروني، أو بتعليق ممل على ذلك: «دائما ما أعتقد أنه من المهم البقاء على صلة قوية بالصحافيين». ويصف صحافيي واشنطن بـ«المتخصصين الذين يتولون بجدية مسؤولية الوصل بين الشعب الأميركي وحكومته».

وقد أصقل مهاراته الإعلامية الإدارية ككبير المستشارين في آخر بيت أبيض ديمقراطي. وكان إيمانويل يخاطب الغريزة التنافسية لدى الصحافيين، فسرب في إحدى المرات خبر سياسة الإيدز لـ«البوست» ليعاقب «التايمز» على الدخول في الموضوع، وفي مرة أخرى اتصل بمسؤولي إحدى الشبكات ليطيح بتقرير في «بوسطن غلوب». ولم يكن هناك خطاب أو مبادرة قليلة بالنسبة له لكي يقدمها إلى منفذ إخباري مقدما في مقابل لعبة أفضل.

وكان إيمانويل يرى الصحافيين دائرة انتخابية، مثل أعضاء الكونغرس يجب التعامل معهم بعناية. وكان يتصل بتيم روسرت أسبوعيا، إما ليشكو له من تغطية «إن بي سي» لأخبار بيل كلينتون أو ليقترح عليه موضوعات في برنامج «قابل الصحافة» (ميت ذا برس).

ويلقى النقاد المحافظون أيضا المعاملة ذاتها من رام. وبعد أن وصف مايكل كيلي، الذي كان وقتها رئيس تحرير «نيو ريبابليك»، كلينتون بـ«الكاذب المروع»، اصطحبه إيمانويل لتناول الغداء. وأطلق إيمانويل على ويليام سافير «العم بيل»، وتناول معه العشاء، على الرغم من أنه وصف هيلاري كلينتون بـ«الكاذبة بالفطرة». وأمام هذه الخلفية، ليس من المفاجئ تقرب إيمانويل من بروكس، المحافظ الذي كان في بعض الأحيان متعاطفا مع أوباما. وفي شهر مارس (آذار)، بعد أن كتب بروكس أن أوباما تحول إلى ليبرالي آخر مبذر، وجد إيمانويل يتحدث معه، واثنين آخرين من كبار المسؤولين والرئيس، ونتيجة لذلك كان عموده التالي يؤكد الثقة في البيت الأبيض الذي أوضح موقفه «المتطور والمبني على حقائق».

ويقول بروكس إنه تناول العشاء عدة مرات مع إيمانويل في الفترة التي كان فيها عضوا في الكونغرس، ويعتبره حاليا خبيرا في السياسات بالإضافة إلى أنه بارع في وضع التكتيكات السياسية. ويقول بروكس: «إنه على علاقة مريحة بالصحافيين. وهو يقدم معلومات حقيقية من دون أن يقول الكثير. وبعض الأشخاص يقدمون خلفية الأحداث فقط، ولكنه يقدم ما هو أبعد من ذلك». وفي شهر مايو (أيار)، دعي إيه جيه ديون إلى مكتب أكسلرود في مؤتمر لكتاب الأعمدة الليبراليين حول خطة أوباما لغلق معتقل غوانتانامو. وقابل بروكس مصادفة، وكان في اجتماع كتاب الأعمدة الذين ينتمون إلى يمين الوسط في مكتب إيمانويل، وهو ما وجده ديون «أمرا ذكيا للغاية». ومر الرئيس على كلا الاجتماعين.

ويقول ديون: «دائما ما يكون لرام العديد من الأخبار التي يريد نشرها. وتوجد صراحة في ترويجه للتصريحات. إنه يحاول أن يبيعك تصريحا، ولكنه صريح في فعله لذلك».

في عام 2006، عندما كان إيمانويل يساعد الديمقراطيين على الفوز بأغلبية العضوية في مجلس النواب، منح «شيكاغو تريبيون» فرصة حصرية للوصول إلى جلسات استراتيجية تحتوي على ما يسد الفراغ فقط، وحفلات جمع تبرعات خاصة. ويقول إيمانويل عن هذه التكتيكات: «كنت أستيقظ في بعض الأيام وأنا أكره ذاتي أيضا». وفي الفترة الحالية، يتحدث باستمرار مع زملاء كلينتون القدامي، أمثال جورج ستيفانوبولوس، كبير مراسلي «إيه بي سي»، والمراسلين الذين كانوا يغطون أخباره وهو في الكونغرس. ويقول بيغالا: «إننا نتبادل الحديث عن الكونغرس والحملة والاقتراحات. وربما يحاول أن يدفعني إلى شيء ما. ولكن بالفعل ليس من مهام عمله الحديث مع الصحافة، ولكنه لن يتوقف أبدا».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»