«واشنطن بوست» تثير جدالا حول الاتصال بالصحافيين

بسبب أزمة صناعة الصحف شرع ناشرون في استضافة لقاءات لاجتذاب مصادر جديدة للدخل

TT

وجدت صحيفة «واشنطن بوست» نفسها محصورة في جدال اشتعل يوم الخميس الماضي عندما كشفت «بوليتيكو»، صحيفة تعنى بالأخبار السياسية، أن الصحيفة عمدت إلى الترويج لعقد لقاءات خاصة، حيث يمكن لممثلي جماعات الضغط الالتقاء بمسؤولي إدارة الرئيس باراك أوباما وصحافيين ومراسلين من الصحيفة مقابل مبالغ تتراوح بين 25000 و250000 دولار. وأشارت «بوليتيكو» إلى أن قسم التسويق داخل «واشنطن بوست» بعث نشرة إعلانية إلى جماعات الضغط للترويج لسلة من حفلات العشاء في منزل ناشرة الصحيفة، كاثرين وايماوث، بهدف عقد مناقشات داخل مكان «يبعث على الشعور بالارتياح» ويخلو من «الطابع الصدامي». وقد أثارت هذه الأنباء على الفور رد فعل غاضبا من قبل رئيس التحرير التنفيذي ماركوس بروتشلي، الذي أصدر مذكرة أعلن خلالها أن أعضاء صالة التحرير لن يشاركوا في هذا الحدث. وفي وقت لاحق من اليوم، ألغت «واشنطن بوست» خططها لتنظيم حفلات العشاء. في مذكرة منفصلة موجهة إلى العاملين، بحسب «الأسوشييتد برس»، فقد اعتذرت ناشرة الصحيفة للقراء يوم الأحد عن اجتماعات العشاء مع مسؤولي الحكومة والصحافيين، وقالت كاثرين وايماوث في خطاب ظهر على صفحات الجريدة يوم الأحد «أريد أن أعتذر عن التوجه الجديد الذي ذهب بنا بعيدا عن مسارنا وعن أي سبب يدعوكم إلى الشك في استقلالنا وسلامة عملنا». وقالت وايماوث إنه لم تتم الموافقة على النشرة من قبلها أو من قبل محرري الصحيفة، وأن هذه النشرة لم تصف الخطة بدقة فيما يتعلق بالتجمعات الصغيرة. وقال إن «النشرة الإعلانية التي أعدها قسم التسويق، لم تخضع للتفحص قط من جانبي أو من جانب صالة التحرير»، ولو حدث ذلك لكان «قضي عليها في التو» لما تحويه بنودها من انتهاك للمعايير الصحافية لـ«واشنطن بوست». وأضافت وايماوث في المذكرة أن «رعاية أحداث ما، مثل الإعلان في الصحيفة، يجب أن تكون بعيدة تماما عن، ولا يمكنها السيطرة على، محتوى الصحيفة أو الاتصال بالصحافيين لدينا». من ناحيتها، شددت كريس كوراتي، المتحدثة الرسمية باسم الصحيفة، مجددا على تأكيد وايماوث، قائلة إن «الناشرة لم تطلع على النشرة الإعلانية ولا أي من المسؤولين التنفيذيين قبل توزيعها». واستطردت كوراتي أن «المواد التسويقية يستوجب مرورها عبر عملية ملائمة للحصول على الموافقة، وذلك لم يحدث مع هذه المادة». وقد أعلنت النشرة عن «صالون واشنطن بوست» لتحسين الرعاية الصحية في منزل وايماوث يوم 21 يوليو (تموز). وكان من المفترض أن يضم التجمع 20 ضيفا أو أقل، بمن فيهم مسؤولون في إدارة أوباما وأعضاء في الكونغرس وقادة أعمال وأعضاء في جماعات الضغط. وحسبما ورد في النشرة، فإن كل صالون من الصالونات التي يبلغ عددها 11 صالونا سوف يكون له راع أو راعيان يدفعان 25000 دولار لرعاية الحدث ودعوة الضيوف. وجاء في النشرة أنه قد تم تقديم فرصة للمساهمين ليتم «بناء علاقات مهمة مع تنفيذيي أخبار «واشنطن بوست» في أجواء محايدة وغير رسمية». وقد وصفت صالون الرعاية الصحية بأنه «محادثة غير رسمية».

يذكر أنه في ظل الأزمة التي عصفت بصناعة الصحف جراء تراجع عائدات الإعلانات، شرع الكثير من الناشرين في استضافة المزيد من المؤتمرات واللقاءات سعيا وراء اجتذاب مصادر جديدة للدخل. وجرت العادة على أن يتحمل الرعاة تأمين هذه اللقاءات، في الوقت الذي يضطلع فيه الصحافيون بدور مهم في المناقشات. إلا أنه بوجه عام ترفض المنظمات الإخبارية المشاركة منح الحضور معاملة تمييزية أو قدرة إضافية للاتصال بالصحافيين، باعتبار أن مثل هذه اللقاءات تشكل صورة أخرى للمحتوى، وأن أيا من هذه الترتيبات ترقى لمستوى بيع التغطية الصحافية. وجاء في خطاب وايماوث أن الصحيفة كانت تخطط لحفلات عشاء ولكن هذه الحفلات كانت تتضمن «معايير صارمة» لا تسمح للرعاة بالتحكم في المحتوى أو أن تكون لهم علاقة خاصة مع الصحافيين. ولم يكن من المخطط منع المراسلين من توجيه الأسئلة، حسبما أفادت. وجاء في خطابها «إذا كان سيتم رعاية هذه الأحداث من قبل شركات أخرى، فإن كل شيء سوف يكون رسميا».

ويقول منتقدو هذا البرنامج إن وعد الصحيفة بالاقتصار على العاملين في واشنطن يتناقض مع مهمة الصحيفة تجاه قرائها. وقد أفاد المحرر التنفيذي ماركوس بروتشلي بأن حفلات العشاء الصغيرة كانت خطأ، وقال «أعتقد أن هناك نقاشا شرعيا الآن حول ما إذا كان علينا أن نفعل ذلك أم لا. وقد كنا نعتقد أن هناك طريقة لعمل ذلك تتماشى مع قيمنا الصحافية، ولكن في ضوء ما حدث، فإنه من الواضح أن ذلك كان خطأ».

وقالت وايماوث في مقال مرفق مع البوست إنه تم التخطيط على عجل لعشاء يوم 21 يوليو (تموز)، وأن أحد موظفي التسويق قد أرسل النشرة دون الحصول على الموافقة. وقالت هي وبروتشلي في المقال إن الصحيفة كانت تناقش عملا جديدا يتضمن حفلات للعشاء وجلسات للتدريب ومؤتمرات.