سوزان شيرا: في عالم المراسل الخارجي انتهى زمان رفاهية فارق التوقيت

مسؤولة الشؤون الخارجية في «نيويورك تايمز» قالت لـ «الشرق الأوسط» إن مهارات المراسل الخارجي هي القدرة على الكتابة السريعة.. والدقة

سوزان شيرا محاطة بمجموعة من المراسلين الخارجيين («نيويورك تايمز»)
TT

لا يزال العمل كمراسل صحافي للشؤون الخارجية يمثل أهمية للصحف، أيا كانت، والصحافيين، حيث يمثل العمل الخارجي للصحافي فرصة لتوسيع الأفق، والتعلم، والخبرة، وكذلك المتعة. وبالنسبة للصحف، فإن القصص التي ينقلها المراسلون الخارجيون تمثل إضافة مهمة لعمق الصحيفة، من حيث تقديم قصص خارجية تهم القراء، وكذلك صناع القرار في الدولة التي تصدر فيها الصحيفة، مما يساعدهم على فهم العالم من حولهم، وتأثير ما يدور فيه على حياتهم.

لكن الصعوبات التي تواجه الصحافة، والمراسلين الخارجيين، كبيرة، وكثيرة ومنها الموارد المالية، والتثبت من دقة المعلومات، والمقدرة على العمل في مناطق غير مناسبة، وعامل اللغة. كل تلك النقاط، وأكثر، يبرزها التقرير التالي من خلال حديث مسؤولة الشؤون الخارجية في صحيفة «نيويورك تايمز» سوزان شيرا عن مهمة المراسل الصحافي الخارجي.

الاعتماد على الجمهور في العمل الصحافي

* فبقدر ما ترى سوزان شيرا أن التكنولوجيا عامل مساند للعمل الصحافي التقليدي، فإنها تبدي قلقا من عملية التثبت من صحة ودقة المعلومات، ودوافع من يزودون الصحيفة بها. تقول سوزان إنه وعلى رغم من أن موقع «توتير» والمدونات والجمهور، والأدوات الأخرى التي توفرها شبكة الإنترنت يمثلون مصادر مهمة للمعلومات، فإنهم يشكلون تحديا كبيرا كذلك.

مشددة على ضرورة اتباع والتزام الأصول والمعايير الصحافية للتأكد من مصداقية المعلومات المتبعة. مشيرة إلى أن الصحافيين المحترفين يخضعون للتدريب أحيانا في المدارس المتخصصة، وأحيانا من خلال العمل نفسه، وهو ما يساعدهم علي اتخاذ القرارات التي تتعلق بمصداقية المعلومات، وهو ليس بالأمر الهين، فتلك القرارات تكون أكثر تعقيدا، مما يدركه القراء أو المدونون أو مستخدمو موقع «تويتر».

وترى سوزان أن هناك أمورا لا بد من مراعاتها في الاعتماد على التكنولوجيا مثل كيفية التحقق من مصداقية المعلومة التي يخبرك بها المصدر؟ وما دوافع الناس الذين يزودونك بالقصص والمعلومات؟ ومتى تشعر بالرضا كمسؤول صحافي من أن لديك معلومات مؤكدة من مصدر مستقل أو حقائق ترقى إلى مستوى الدقة؟

مضيفة أنه «على الرغم من أننا في «نيويورك تايمز» قد نتعثر أو نرتكب أخطاء، فإن أي شخص تم تعيينه كمراسل بالخارج أثبت أنه مستوعب لتلك المعايير الصحافية وقادر علي الالتزام بها». وأضافت أن الجمهور أو المدونين، أو حتى في بعض الحالات مستخدمي موقع «تويتر»، يوفرون مصدرا مهما للمعلومات الخام للصحافيين المحترفين. ولكن قبل نشر المعلومات التي يزودوننا بها يجب فرزها والتحقق من مصداقيتها. وتضرب مثالا على ذلك بمناطق الصراع التي تغطيها الصحيفة، مثل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي أو الحرب بين روسيا وجورجيا.

وعلى الرغم من أن سوزان تقول إن «(نيويورك تايمز) قد استفادت في تغطية أحداث مومباي من «تويتر» كما استعانت بشهود عيان من موقع الحدث من أجل تزويد الصحيفة بالصور أو مقاطع الفيديو التي بحوزتهم، ووضعها على موقع الصحيفة على شبكة الإنترنت، على غرار العديد من المواقع الأخرى المنافسة مثل موقع (بي بي سي نيوز)، فإن هناك أسئلة ملحة في التعامل مع التكنولوجيا مثل: كيف نعرف أن الشخص الذي أرسل لنا معلومات من هناك ينقل بدقة ما رآه أو رأته، أو كيف نعرف ما إذا كانت المعلومات بها تحيز أو ملفقة لتتناسب مع رؤية أيديولوجية معينة؟» وتقول سوزان: «كصحافيين، نستطيع أن نقيم المعلومات التي نستقيها من شهود عيان نلتقي بهم ونحاورهم شخصيا وأن نقارن ذلك بالمصادر الأخرى للمعلومات. لكننا ما زلنا نتعلم كيف نستطيع عمل ذلك في عالم شبكة الإنترنت الذي يقتضي سرعة بالغة». إلا أنها تقر بأهمية الوسائل الجديدة التي تخول الصحافة والصحافيين الحصول على المعلومات والأدوات الجديدة التي تمكنهم من توسيع، وتعميق تغطية الأحداث بمعونة الناس كمصادر إخبارية.

وتشير سوزان إلى أن «نيويورك تايمز» تشجع قراءها للتعليق على الأخبار المنشورة في موقع الصحيفة، مضيفة أن بعض تلك التعليقات قد يوحي بموضوعات جديدة، أو ربما تصحح حقائق، أو معلومات نشرت على عجل، مما قد يساعد على تصحيح معلومة قبل طباعة القصة في النسخة الورقية.

مستقبل المراسل المسؤول عن الشؤون الخارجية

* على الرغم من تقلص فرص عمل مراسل الشؤون الخارجية بالصحافة في الآونة الأخيرة، حيث إن معظم الصحف الإقليمية وشبكات التلفزة وعددا من الصحف القومية قد قللت أو حدت من تغطيتها للأحداث الخارجية، فإن سوزان شيرا تعتقد أن وظيفة المراسل الخارجي لا يمكن الاستغناء عنها، بل هي أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.

حيث تشير سوزان إلى أن الإنترنت قد مكن المؤسسات الصحافية، أينما كان موقعها، من أن تصل إلى قاعدة جماهيرية واسعة لم تصل إليها من قبل، حيث تقول إنه بات لدى الصحف الآن جمهور عالمي بحق.

مضيفة أن الإنترنت وفر مقدرة استثنائية علي اكتساب المعرفة المتعلقة بجميع أنحاء العالم من خلال تصفح مواقع على الإنترنت أو مواقع خاصة بمؤسسات إخبارية أجنبية، مما يعزز القدرة على الوصول إلى وثائق ولقطات مصورة، وكذلك التواصل مباشرة مع القراء، سواء بالإنجليزية أو بلغتهم الأصلية.

لكن عندما يبرز سؤال منطقي وهو: من يتحمل تكلفة مراسل الشؤون الخارجية في الوقت الذي تعاني فيه صناعة الأخبار من مشكلات هيكلية في ظل الأزمة المالية المستمرة، وكيف يستطيع الصحافيون الشباب الانخراط في هذا العمل الصحافي المهم؟

تقول سوزان إن هناك عدة مسارات يمكن أن يتبعها الصحافيون الشبان مثل العمل في وكالة إخبارية مثل الـ«أسوشييتد برس، و«بلومبرغ»، و«رويترز»، وغيرها، حيث ما زالت تلك المؤسسات تحتفظ بطاقم عمل قوي وكبير في الشؤون الخارجية.

مضيفة أن ذلك يتطلب دائما اكتساب مهارة يتطلبها العمل في الخدمات الإخبارية؛ ويتقنها العاملون بها، ويطالبون بها، وهي أكثر أهمية الآن من أي وقت سابق، حيث توفر جميع المؤسسات الإخبارية الآن تحديثا للأخبار الخارجية طوال الأربع والعشرين ساعة، مشيرة إلى أن تلك المهارات هي القدرة على الكتابة بسرعة، وبدقة، مع التحديث الدائم لما يكتب من أخبار. مضيفة، مع شيء من الاعتراف، بأن شبكة الإنترنت سوف توفر مزيدا من الفرص، ولكن لم يكتشف بعد النموذج المثالي لتصل كل المشروعات الإخبارية إلى الاكتفاء الذاتي. التغطية الدولية.. الرؤية والتخطيط

* تميز صحيفة الـ«نيويورك» في التغطية الدولية له أسباب عدة، أهمها وضوح الرؤية والتخطيط، وهو ما تشرحه سوزان شيرا بالقول إن أحد أكبر المتع والمسؤوليات، كونك مسؤول الشؤون الخارجية في صحيفة ما، هو أن ترى ذلك التخصص يحتل، ويشكل، مكانة رئيسية لهوية الصحيفة، مضيفة أن الهدف هو تغطية القصص التي يجب أن تغطى من ناحية، وكذلك تغطية قصص يعمد الغير إلى إغفالها، أو غض النظر عنها.

وتشرح سوزان أهمية تغطية الأخبار الدولية بالنسبة لصحيفتها بأن هناك قصصا ربما تناقش التحديات الكبرى للإدارة الأميركية، وللسياسة الخارجية لأميركا، مثل، العراق، وأفغانستان، وباكستان، والشرق الأوسط بما يشمل إيران، وهناك القوى الاقتصادية متسارعة النمو التي يمكن أن تغير التوازن الجيوسياسي مثل الصين والهند.

بل إن سوزان شيرا تصف طبيعة عملها من ناحية الشؤون الخارجية بأنها من أجل تقديم ما يمكن أن يساعد القادة على تغيير وجهات نظرهم. وتشير سوزان إلى أن عمل المراسل الخارجي لا يخلو من مخاطر، حيث تذكر بتغطية حروب عالم ما بعد 11 سبتمبر (أيلول)، حيث خاطر المراسلون بحياتهم لتوفير تغطية صحافية جريئة، وتتميز بالعمق والإنسانية. مثل تغطية أحداث بغداد، على الرغم من خطورة الوضع هناك، حيث قام المراسلون بإعداد أخبار وقصص جادة، وإجراء مقابلات من أجل تقديم تحليل دقيق وقصص إنسانية مؤثرة.

وأضافت أن الأمر نفسه كان في أفغانستان وباكستان، وعلى الرغم من تدهور الوضع الأمني هناك بسرعة، فإن «نيويورك تايمز»، وعلى خلاف كثير من المؤسسات الصحافية الأخرى، بقيت علي الأرض لتقديم تغطية صحافية حصرية وقوية. وكذلك في إسرائيل، وغزة والضفة الغربية. مضيفة أنه «كلما سمح لنا بالدخول لإيران، توغلنا إلى العمق لتقديم ذلك المجتمع الغني بتاريخه، وكبريائه والأحزان على السواء». وعن خارطة مراسليهم الخارجيين، تقول سوزان إن لدى الصحيفة في الصين ست مراسلين، وسيكون هناك ثلاثة مراسلين قريبا في الهند، حيث تركز الصحيفة على تتبع المجالات كافة في تلك المجتمعات، من الاقتصاد والسياسة إلى الثقافة، مضيفة أن مهمة مراسليها في الصين باتت تشمل النظر بعمق في التحديات التي تواجهها الأقليات العرقية التي تعاني من الزيادة المتسارعة في العدد مقابل التدهور البيئي والأمن الغذائي وفضائح التحقق من معايير الجودة. أما عن مهمة عمل مراسليها في الهند، فتقول سوزان إنها شملت أيضا البحث في أسباب استمرار انتشار سوء التغذية على الرغم من النمو الاقتصادي.

وتقول سوزان إن هناك مجالا آخر، تمت تغطيته من باب الإيمان بأهمية أن نؤدي دورنا كشهود على ما يحدث على الرغم من أن العواقب الجيوسياسية لتلك الأحداث لم تكن ذات أهمية كبرى، ومن الأمثلة على ذلك أزمة زيمبابوي وقضية إقليم دارفور.

وتشير سوزان إلى أنه وبالتعاون مع صحيفة الـ«هيرالد تريبيون» الدولية تمكن مراسلو «نيويورك تايمز» من التسلل لتسجيل مدى لا مبالاة الزعماء في بورما على الرغم من عدد القتلى الذين سقطوا بفعل الإعصار «نرجيس» الذي ضرب البلاد.

وتقول سوزان باعتزاز إن «تغطية مثل تلك الأخبار هي السبب الجوهري الذي دفع كثيرا منا كي يصبح صحافيا ومراسلا للشؤون الخارجية في المقام الأول». إلا أنها تقول إن «الجزء الأكثر تحديا في التعامل مع الموضوعات المتعلقة بتغطية الشؤون الخارجية هو أن نتأكد من أن الموضوع الذي نتعقبه هو من القصص الأقل وضوحا، حيث لم تحظ بالتغطية التي تستحقها»، مضيفة أن «الصحيفة تبحث عن طرق جديدة لكي تلقي الضوء على المشكلات الأزلية مثل الفقر، والجوع، والتوترات العرقية، والإيدز، أو لكي نبرز الصراعات التي تصنف على أنها صراعات صغيرة، ولكن لها آثارا سلبية شديدة، مثل الكونغو، والمذابح التي قامت بها حركة المتمردين، أو تعرض الحركة المعروفة بحركة (أوغادين) الانفصالية في إثيوبيا للقمع من قبل الحكومة».

وتشير سوزان إلى أنه في بعض الأحيان يستطيع المراسلون وضع أياديهم على قصة تتراكم تفاصيلها عبر الوقت، وتضرب مثلا بقولها: «لو لم يكن هناك شخص مهتم مثل كريس شيفير بمتابعة أوضاع القوقاز، في الوقت الذي لم يكن موضوع القوقاز مهما على خارطة الأخبار، لما كنا مستعدين لفهم جذور الحرب التي اندلعت الصيف الماضي بين جورجيا وروسيا».

وتقول سوزان شيرا إن الصحيفة لا تضع قيودا على الأخبار المهمة، ولا يجب فعل ذلك، بل إن الصحيفة تناشد مراسليها أن يتذكروا رصد بنية الحياة العادية الثرية والتوجهات الاجتماعية الجديدة فيها، مضيفة أنه في بداية استلامها منصبها لاحظت تحقيقين صحافيين منفصلين من منطقتين مختلفتين من العالم حول المذابح التاريخية البشعة التي يفوق عدد القتلى فيها العدد المعتاد في الحروب المعاصرة. وتقول إنه «على الرغم من المخاطرة باتهامي بالسطحية، فإني فقد طلبت أن أحصل على كل القصص المتعلقة بالمراهقة، والجنس، والبرامج التلفزيونية، وحتى الكتب الكوميدية الساخرة». مضيفة: «لم أكن أمزح في هذا الشأن، فأنا أعتقد أن القصص التي يمكن أن نطلق عليها قصصا مرتبطة بعلم الإنسان هي جزء من المنطقة التي يجب علينا تغطيتها وتعكس تفاصيلها»، معتقدة أن الدور الأكثر أهمية الذي يمكن أن يلعبه مراسل الشؤون الخارجية هو إلقاء الضوء علي قصص النجاح في الدول الأخرى، أو السياسات، التي تقدم على الأقل مقاربة بديلة.

وتقر سوزان إنه بات هناك إدراك بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بالذي سيحدث عندما يتجاهل الإعلام الأميركي أجزاء من العالم تبدو لنا غامضة. معترفة بأنها كانت تشعر دائما بالحاجة إلى فهم كيف يتحدث العالم الإسلامي إلى نفسه، مثلا، بينما الإعلام الأميركي لا يستمع لما يدور في العالم الإسلامي ولا يركز على قلبه الديموغرافي والشباب، مضيفة أن النتيجة تكون دراسة ذاك الجيل الإسلامي، وهي دراسة أجريت خلال عام كامل لكل حركات الصحوة الإسلامية التي تجتاح الشباب المسلم التي استطاعت أن تصل مباشرة إلى مشاعرهم وحياتهم.

إلا أن سوزان تشير إلى أمر مهم في عمل المراسل الخارجي وهو أنه لا توجد منطقة ليس بها قصص صحافية مثيرة، مع إقرارها بأن هناك كثيرا مما يستحق الإنجاز، حيث تقول إن هناك دولا ومناطق تستحق المتابعة مثل روسيا، ودول آسيا، وكذلك أوروبا التي تقع في قلب الأزمة الاقتصادية العالمية. مضيفة أن ما تطمح إليه هو تغطية أكثر في آسيا الوسطي، خاصة بعد أن تمت الاستعانة بالمراسلين هناك، حيث تم إرسالهم إلى مناطق الحرب مثل العراق وأفغانستان وباكستان.

ولا تنفي سوزان أن الظروف الاقتصادية قد اضطرت صحيفتها إلى إغلاق بعض مكاتبها في كندا مثلا، والكاريبي. إلا أن سوزان تقول إن سر حبها لهذه المهنة هو الشعور بالسعادة الذي يتولد لديها وهي تقرأ قصصا يرسلها المراسلون من الميدان، خاصة تلك التي تبعث الأمل في القارئ، سواء عن دولة أو ثقافة ما.

سفر مسؤول الشؤون الخارجية

* تقول سوزان شيرا إن أفضل جزء في عملها هو الجولات التي تقوم بها، حيث يكون عليها مغادرة المكتب، وطاولة الاجتماعات المتعبة، حيث تقوم بزيارة دول تعاملت معها من قبل ولكن من منطلق نخبوي بينما الآن تقوم بمقارنة رؤيتها لتلك الدول بالواقع.

وتشرح ذلك بالقول إنها تحاول القيام برحلتين سنويتين، نظرا لظروف الوقت والميزانية، حيث تقضي في تلك الرحلات وقتا غير رسمي مع المراسلين، ومقابلة عدد كبير من الناس، حيث تعود بفهم أكثر عمقا واستيعابا للمنطقة والقضايا التي تتم تغطيتها صحافيا.

وعن الدول التي زارتها مسؤولة الشؤون الخارجية في صحيفة «نيويورك تايمز» تقول سوزان، رسميا، وبخلاف رحلاتها الشخصية: «سافرت إلى العراق، وإيران، والصين، وروسيا، وتركيا، وجنوب أفريقيا، والسودان، وألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، وكوبا، والمكسيك، ولبنان، وسورية، وإسرائيل، وهونغ كونغ واليابان.

مشيرة إلى أنها تنتظر دورها مع مسؤولين آخرين من أجل السفر إلى أفغانستان وباكستان، والهند ومعظم أميركا اللاتينية. عمل مراسل الشؤون الخارجية

* تقول سوزان شيرا إنه «من أجل تحقيق توازن بين الحاجة إلى تغطية مزيد من المناطق الدولية برؤية أعمق وأكثر تحليلية، مع سرعة أكثر وقدرة على الحركة والوصول إلى الأخبار، بات لدينا عدة فترات عمل في المكتب المسؤول عن المراسلين الخارجيين»، وذلك منذ أن تسلمت عملها في الصحيفة.

حيث تقول سوزان إن التركيز بات على عمل أسرع وأكثر عمقا، فمنذ انهيار الاتحاد السوفياتي كان يوجد تركيز أكبر على تقديم اتجاهات جديدة للصحافة الخارجية، اقتصادية وسياسية.

مضيفة أن الصحيفة ترغب في تغطية الأخبار الملحة، والبدء في مشروعات للتعامل بعمق مع الأخبار التي قد تتطلب أشهرا من التغطية المستمرة، حيث يوسع كثير من هذه المشروعات المفهوم التقليدي لصحافة الشؤون الخارجية. إلا أن سوزان تشعر بالاعتزاز بأن صحيفتها قادرة في الوقت نفسه على التعامل مع الأحداث العاجلة وتقديم تقارير مكتوبة بعمق أو خلفيات بحثية تلقي الضوء على الأحداث التي تبرز بشكل عاجل، من خلال التعاون مع أقسام أخرى.

وتقر سوزان أن الإنترنت قد غير تغطية الشؤون الخارجية صحافيا، حيث دفع إلى العمل بسرعة، وذلك على عكس ما اعتاد عليه مراسلو الصحيفة في الخارج لفترة طويلة من إرسال الأخبار مرة واحدة في اليوم، حيث كان بإمكان المراسل الخارجي أن يختفي لعدة أيام في إحدى الغابات أو الصحارى من دون أن يمكن الوصول إليه ليأتي بقصة، لكن لو فعل ذلك اليوم فلن يجد من يهتم بقصته في الصحفية، والسبب أن عامل السرعة قد غير قواعد عمل المراسل الخارجي.

بينما اليوم، وفي ظل التكنولوجيا، تقول سوزان شيرا إنها على اتصال دائم على مدار اليوم مع جميع مراسليها، بخلاف ما كان يحدث سابقا، حين كان يمضي وقت من الزمان من دون أن يتحدث المراسل مع مسؤوله. مشيرة إلى أن الوضع قد تغير، حيث إن الصحيفة تحدث موقعها على الإنترنت على مدار الساعة، وتهدف إلى بث أخبار عاجلة بأسرع وقت ممكن، ووفق تطور الأحداث.

وأضافت أن ذلك يعنى أنه لم يعد لدى المراسلين رفاهية فارق التوقيت، حيث عليهم إرسال ما وصل إليهم من معلومات بأسرع وقت ممكن، مع إضافة ما يستجد مع الوقت. وتقول سوزان بشكل واضح، وبثقة: «نتوقع الكثير من مراسلينا». وتشرح ذلك بالقول إن اليوم الحافل بالأخبار يعنى أن كثيرا منهم سيستيقظ قرب الفجر، بحسب التوقيت المحلي بالنسبة لمناطق وجودهم، ليرسلوا أول نسخة من الخبر لنشره على الإنترنت، ويستمرون في تحديث ذلك الخبر طوال اليوم، وبعد قرابة 18 ساعة يكون عليهم إرسال نسخة من الخبر نفس، ولكن أكثر عمقا وتحليلا لنشره في الطبعة الأولى من النسخة الورقية».

وتقول سوزان إنه لتخفيف العبء عن المراسلين، وللإصرار على الحفاظ على تنافسية «نيويورك تايمز» على الإنترنت، فإن القسم الخاص بالشؤون الخارجية قد عمد إلى تكوين فريق عمل من شخصين؛ مراسل ومحرر، في كل من هونغ كونغ، وباريس، ونيويورك، حيث يستطيع المراسل الخارجي الآن استدعاء أحد فرق العمل تلك لتتعاون معه، ويتمكن من إرسال الأخبار بسرعة ودقة ونشرها علي شبكة الإنترنت.

وتضيف أنه في بعض الأحيان يكتب المراسلون نسخة مبدئية، ثم يقوم الفريق المساعد بإضافة المزيد من المعلومات، وأحيانا يقوم فريق العمل بإعادة صياغة الخبر، حيث يقوم في تلك الحالات المراسل بإرسال موجز عما يحدث إلى المحرر الذي يقوم بدوره بالصياغة والنشر إلى أن يتمكن المراسل من إرسال نسخة مكتملة للخبر. وتؤكد سوزان أن صحيفتها لا تزال ملتزمة بتوفير مكاتب متطورة لصحافيي الشؤون الخارجية.

الاستعداد للعمل بالخارج

* من أجل ضمان عمل صحافي مميز للمراسل الخارجي فلا بد من توافر تدريب ومؤهلات عدة لدى المراسلين، عن ذلك تقول سوزان شيرا إن أفضل تدريب، وفرز، لمراسلي الشؤون الخارجية هو أن يكون لديهم سجلا حافلا من العمل الصحافي المتنوع.

والأكثر أهمية، أنه يجب أن نتحقق من أن مراسل الشؤون الخارجية يعي جيدا معايير صحيفتنا المتعلقة بالدقة والالتزام بالقواعد، حيث إنهم سيعملون بالخارج في أماكن بعيدة، وبلغات وثقافات مختلفة، ولا نستطيع أن نتحقق من أعمالهم مثل ما نتحقق من عمل صحافي يتم إنجازه في مقرنا الرئيسي في نيويورك، مثلا.

مضيفة أنه يجب أن يكون مراسل الشؤون الخارجية قادرا على وضعك داخل الحدث، فلا بد أن يكتب برغبة وحرص، وأن يروي كل التفاصيل حول الحرب، الموت، الجوع، والبذخ.. الخ.

إلا أن سوزان تشير إلى أن الجزء الأصعب أحيانا في كتابة قصة محددة يكمن في تحديد الموقع الصحيح لتتبع القصة ومعرفة خباياها، مضيفة أن هذه المهنة تتطلب عدة مهارات، منها القدرة على الإقناع، وعلى تحمل الظروف اللوجستية الصعبة.

وتشير سوزان إلى أن مراسل الشؤون الخارجية الناجح يعرف كيف يرتب قائمة أولوياته الصحافية التي تمكنه من انتقاء القصص، والموضوعات، التي تسلط الضوء بشكل فعال على منطقة ما، ويكشف أبعادها بدلا من أن يتأثر المراسل بالأحداث نفسها.

مضيفة أنه من أجل ذلك، فإن الصحيفة تبحث عن أسلوب كتابة يتميز بالرقي، والوضوح، والتشويق، والقدرة على معالجة نطاق واسع من الموضوعات بدقة وحساسية.

وبالنسبة للمبتدئين الذين يعملون كصحافيين مستقلين (صحافي متعاون)، فتقول سوزان إنه يجب أن تكون لديهم مهارة تقييم أهمية الخبر، لأنهم لا يستطيعون انتظار المسؤولين في الصحيفة لإرشادهم إلى ما هو أكثر أهمية.

وتقول سوزان إنه من الناحية النظرية، فإن مراسل الشؤون الخارجية تكون لديه الخبرة في تغطية السياسة والاقتصاد، ونفضل بشكل عام أن يكون المراسل قادرا على التحدث بلغة المنطقة التي يغطي أخبارها، وأن تكون لديه خلفية عنها، سواء لأنه كان يعيش فيها أو لأنه درس تلك المنطقة.

إلا أن مسؤولة الشؤون الخارجية تشير إلى أن الصحيفة تقوم بتوفير تدريب لغوي للمراسلين لمدة عام بالنسبة لبعض اللغات الصعبة مثل الصينية، والروسية، والعربية، واليابانية، خاصة للذين يتحدثون تلك اللغات ولكنها ليست لغتهم الأم.

مضيفة أن الصحيفة تتوقع أن يصل مستوى إجادة مراسليها للغة في فرنسا وأميركا اللاتينية إلى أعلى مستوى لأن كثيرا من هؤلاء المراسلين يتحدثون فعليا الفرنسية أو الإسبانية.

مشيرة إلى أن الصحيفة لا تتطلب إجادة اللغة في الدول الأخرى التي تغطي أخبارها، على الرغم من قناعتها بأن اللغة أداة تعطي المراسل ميزة مهمة. ومع ذلك، تقول سوزان: «إننا نؤمن بأن المراسل القوي يؤدي مهمته ببراعة من دون امتلاكه للغة».

لكنها لا تغمط حق الجنود المجهولين في الصحيفة، بحسب قولها، الذين يساعدون على تحقيق ذلك، مثل مساعدي المكتب، والمترجمين والمصححين. مؤكدة أن الاستفادة القصوى من مهارات هؤلاء الجنود المجهولين هي إحدى الدلائل الأخرى على قوة مراسل الشؤون الخارجية.