«ديموتكس».. عيون الشارع

المصدر الأساسي للصور القادمة من إيران في الصحف العالمية

موقع «ديموتكس» الالكتروني
TT

ليس من السهل وصف ما هو «ديموتكس». وربما يكون الأمر سهلا للغاية. على الموقع الإلكتروني الرسمي، يؤكد القائمون عليه: «ديموتكس» هو كلكم جميعا»، أي إن «ديموتكس» هو عيون الشارع. ووفقا لمصطلحات الصحافة التقليدية، «ديموتكس» وكالة أو موزع للصور والفيديو من جميع أنحاء العالم. ولكن، تفضل هذه المؤسسة أن تصف ذاتها بأنها «منبر توزيع لصحافيي الشوارع» الذين يريدون أن يمارسوا «صحافة المواطنين»، وذلك غالبا في الدول التي لا يوجد لدى المجموعات الإعلامية الكبرى مراسلون بها.

وبمعنى آخر، يوجد في تلك المؤسسة 5600 عضو أو 11200 عين في 120 دولة وهم مستعدون في كل يوم لالتقاط أفضل صورة أو فيديو حصري. والعملية سهلة: حيث يرسل المصورون الهواة أو المصورون المحترفون أو المواطنون العاديون بصورهم عبر الإنترنت إلى موقع «ديموتكس» من أجل نشرها في وسائل الإعلام الوطنية والدولية. وتبيعها «ديموتكس»، في محاولة للحصول على أعلى سعر، وهي تمنح ترخيصا بنشر الصور قدر الإمكان. ويحصل المصور على 50 في المائة من الثمن، الذي قد يتراوح ما بين 250 و1000 جنيه إسترليني للصورة الواحدة، بالإضافة إلى الشعور بالفخر لرؤية الصور التي التقطها على الصفحة الأولى في التايمز على سبيل المثال. وإذا كانت الصورة حصرية، فهم يحذرون: «لا توجد حدود للسعر».

وكانت أفضل صورة مبيعات في «ديموتكس» مأخوذة من إيران (بمبلغ 1000 جنيه إسترليني). وقد أصبحت المظاهرات الإيرانية مجالا ناجحا على ذلك الموقع، حيث ساعد كثيرا في تقديمها رسميا إلى وسائل الإعلام الغربية. وعلى سبيل المثال، في الأسبوع الماضي، كان «ديموتكس» أول موقع إلكتروني يعرض صور أشخاص ألقي عليهم غاز مسيل للدموع. وأوضح متحدث باسم الشركة لـ«الشرق الأوسط»: «اتصلت بنا الوكالات التقليدية لتطلبها». وفي الفترة الحالية، أصبح موقع «ديموتكس» المصدر الأساسي للصور القادمة من إيران في الصحف العالمية، مثل «نيويورك تايمز» و«إل باييس» و«التليغراف».

وقد بدأت هذه الخدمة في العمل رسميا في يناير (كانون الثاني) العام الحالي من خلال ما يزيد على 10 موظفين. «لقد كانت تلك اللحظة التي أطلقنا فيها موقعنا، قبل أن يكون لدينا موقع فعلي». وتبلغ ميزانية العام الحالي 50000 جنيه إسترليني، جزء منها استخدم كبداية للمشروع. والأرباح؟ سينظرون في ذلك الأمر في نهاية العام. ولكنهم حاليا يريدون أن يتوخوا الحذر في التفاصيل المالية. لقد كانت البداية بسيطة على أية حال: مكتب وموقع إليكتروني وفكرة كبيرة. وفي الحقيقة، يمثل هذا المكتب الموجود في لندن أكبر نفقات الشركة. وقد جمعت شركة «ديموتكس» بين خلفية توري مونتي الصحافية وخلفية جوناثان تيبر الإدارية من أجل خلق التوازن الذي جعل المشروع ممكنا. والمفارقة أن أزمة الائتمان جعلت الفرصة مناسبة تماما لافتتاح الشركة. وقال المتحدث باسم الشركة: «في حالة الركود، يلجأ العديد من وسائل الإعلام إلى تخفيض أعداد العاملين وتقليل أعداد المراسلين الأجانب. ولكن، يوجد الكثير من الأخبار في العالم التي لا يمكن نقلها بسبب عدم وجود منبر لنقلها».

وفي الشهور الأخيرة، أصبح هذا النوع من الخدمة مصدرا أساسيا للمعلومات بالنسبة لوسائل الإعلام التقليدية في بعض الدول أو في بعض المواقف التي لا يمكن للصحافيين العمل فيها بضمانات، على سبيل المثال في إيران أو أفغانستان أو العراق. وكانت تلك هي استراتيجية «ديموتكس» منذ البداية. ولكن في حالة الطوارئ، يمكن أن يلتقط أي مواطن أو شاهد أو ضحية صورا أفضل من المصورين المحترفين الذين يجب عليهم الانتقال إلى هناك، مما يستغرق وقتا. وتمنحهم هذه السرعة ميزة يتفوقون بها على الإعلام التقليدي. وإضافة إلى ذلك، في بعض الأحيان تكون صورهم شهادة فريدة على حدث لهم، وبها معالجة محترفة وأمان. وتجعل هاتان القيمتان «ديموتكس» من أكثر مصادر المعلومات واقعية. وهذا الوضع واضح في «ديموتكس». وقال المتحدث باسم الشركة مرارا وتكرارا: «نحن على أرض الواقع». هذا هو شعار الشركة ولكنه أيضا فلسفتها. وأضاف «المواد التي تحقق نجاحا أكبر هي الأخبار المختلفة، والموضوعات المختلفة. فتغطي الكثير من وسائل الإعلام مؤتمرا صحافيا لباراك أوباما، ولكننا نهتم بالأخبار المختلفة. نحن على أرض الواقع، ويمكننا أن ننقل تلك الأخبار».

ومن أجل تحقيق هذا الغرض، لا تركز «ديموتكس» على مجال خاص بها. وهذا الموقع مفتوح أمام كل خبر أو صورة مثيرة للاهتمام. ولكن على الرغم من الأحداث المهمة في إيران أو لبنان مثلا، إلا أنه يمكن القول إن الموقع له تأثير قوي في باكستان وأوروبا والولايات المتحدة. وفي هذه المناطق في العالم، يوجد المزيد من الأعضاء في «ديموتكس» وهو يحصل منهم على الكثير من الصور. ويقول المتحدث باسم الموقع «إن دولا مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وباكستان والهند ونيبال متصلة جيدا بالموقع».

ويكمن سبب آخر في نجاح هذه الخدمة في أن الأعضاء يظلون مجهولين إذا أرادوا. وتعي خدمة «ديموتكس» المخاطر التي تواجه أعضاءها في بعض الدول وتطلب منهم فقط تفاصيل حسابهم في المصارف لإيداع مقابل الصور التي يلتقطونها. وبالإضافة إلى ذلك، يملك صاحب تلك الصور أو الفيديو حقوق نشر أعماله حيث يمكنه أن يمحو الصور في أي وقت. ويشجع هذا المستوى من الأمان على المزيد من العمل مع «ديموتكس».

وكتبت الشركة على موقعها الإليكتروني «نحن نؤمن بحكمة الجماهير» و«نحن مكبرات صوت للرجال والنساء في الشارع». وقد أنشئ الموقع الإليكتروني بناء على قاعدتين: حرية التعبير وحرية المعرفة. أما حرية التعبير عن الرأي فتعني أن الموقع لا يراجع الملاحظات أو الصور التي يحصل عليها. ويتولى مسؤولو التحرير الإقليميون الأربعة مسؤولية الحصول على أفضل توزيع وضمان حقوق الأعضاء وجودة الصورة. ويعتمد التأثير على الصورة. أما حرية المعرفة فهي روح الخدمة.

ولا تحتاج خدمة «ديموتكس» إلى تسويق ذاتها. ويستخدم الموقع خدمات أخرى على الإنترنت، مثل «فيس بوك» أو «تويتر»، من أجل الوصول إلى آلاف الأشخاص حول العالم. ويقول المتحدث «بمجرد تبادل الأحاديث، يشاهد الأشخاص الصور ويرسلون صورهم أيضا». وفي الوقت الحالي، تبيع الشركة الصور إلى وسائل إعلام مهمة مثل وكالة الأنباء الفرنسية (أ.ف.ب)، و«رويترز» والوكالة الأوروبية للصور الصحافية (إ.ب.أ) و«نيويورك تايمز» و«الديلي تليغراف» و«التايمز» في لندن. وقد أصبحت مصدرا آمنا بالتأكيد. وفي شهر مارس (آذار) الماضي، أرادت صحيفة «الغارديان» أن تعترف بأعمال «ديموتكس» من خلال منحها إحدى جوائز غارديان ميديا لعام 2009، ولكن يعد هذا التقدير خطوة أولى. وختم المتحدث حديثه «نحن نزيد من أعداد الأعضاء». ومن تأثير الخدمة أيضا.

* صحافية من «الموندو» الإسبانية متعاونة مع «الشرق الأوسط»