اجتماعات هيئة التحرير.. مواعيدها وأهميتها

لتحديد الأخبار الأجدر بالنشر

صالة اجتماعات هيئة التحرير في «نيويورك تايمز»
TT

بحلول الساعة الرابعة مساء يوم الثلاثاء 30 يونيو (حزيران) كان العالم قد شهد عددا من الأحداث كان أهمها: مسيرات حاشدة في بغداد احتفالا بانسحاب القوات الأميركية. وفوز آل فرانكين بانتخابات مجلس الشيوخ المتنازع عليها في مينيسوتا. ومظاهرات في هندوراس تندد بالرئيس المعزول، إضافة إلى استمرار مهزلة العمل الحكومي في ألبانيا.

في غضون ذلك كان يجري اجتماع في أحد مكاتب صحيفة «نيويورك تايمز» شارك فيه 18 محررا التفوا حول طاولة لمناقشة الأخبار التي ستنشر في اليوم التالي. التف حول الطاولة المستديرة والأنيقة أحد عشر رجلا وسبع نساء لتقرير أهم الأخبار في العالم.

كان من الواضح أن المقال الذي نشر حول فوضى الرعاية الصحية هو ما أسهم في فوز آل بمقعد ولاية مينيسوتا، وبرغم دور المحكمة العليا في حسم السباق نحو الفوز بالمقعد فإن البحث الطبي حول أمراض القلب كان الأبرز في حسمها.

سأل مساعد مدير التحرير محرر القسم العلمي: «ماذا تقول حيال ذلك الخبر؟» سادت هناك فترة تردد وتفكير قال بعدها: «حسنا، أعتقد أن علي القول إن هذه القصة تقتضي النزول في الصفحة الأولى».

من المتعارف عليه أنه في الرابعة من عصر كل يوم يجتمع مديرو تحرير الصحيفة الأوسع انتشارا في الولايات المتحدة في غرفة الاجتماعات بالدور الثالث بالصحيفة لتقرير الأخبار التي تستدعي النشر، حيث يستغرق هذا الاجتماع الغريب إلى حد بعيد نحو 30 دقيقة من المناقشات الجادة، في وقت بات فيه نجم الصحافة الورقية على وشك الأفول، أو كذلك ما يميل منتقدو الصحيفة إلى التفكير فيه. ففي الآونة الأخيرة أوفدت «ذا ديلي شو» مراسلا إلى «التايمز» عاد بكشف مذهل، وهو أن الصفحة الأولى من أخبار الجمعة كانت جميعها مليئة بأخبار الخميس. ضحك البعض على الخبر، لكنهم نسوا النقطة الأهم (ناهيك عن ذكر الموقع على الإنترنت)، وهي أن السؤال الأهم في عالم الصحافة لا يتعلق بأخبار اليوم أو أمس، أو حتى الثقافة المقروءة أو المطبوعة، بل إنه أعمق من ذلك بكثير، فمع توسع منتديات المدونات الخاصة كالطرق السريعة في أتلانتا، هل سيستمر القراء في الإقبال على قراءة الصحافة المكتوبة؟ أم سيجوبون الإنترنت بمفردهم بحثا عنها؟

إنه تساؤل يظل دون إجابة ـ على الأقل إلى الآن ـ لكنه يشكل جوهر التساؤلات المطروحة داخل غرفة اجتماعات الصفحة الأولى في الصحيفة.

وفي داخل «التايمز» يسود اعتقاد قائم بأن التحرير في «التايمز» ليس نوعا من الاستبداد، بل ربما أشبه ما يكون بالرعاية، ولك الحق في اختيار الاستعارة التي تشاء مثل: استخراج القمح من التبن أو تبيّن الصوت في الضوضاء، أو تنقية الذهب من الخبث. ودون عملية الانتقاء سيهيم الفرد بحثا عن الأخبار على شبكة الإنترنت، التي هي بحجم العالم ذاته.

وقال تشارلز سترام، مدير التحرير المشارك الذي يرأس الاجتماع اليومي: «يجب عليك أن تستعرض موقفك مرتين في اليوم».

إنها عملية سهلة وثابتة على الدوام، حيث يدعو سترام رؤساء الأقسام لكي يعرض كل منهم القصة الإخبارية الموجودة لديه. فمن الرياضة قد يكون هناك خبر مثل سباق الدراجات «تور دي فرانس»، ومن واشنطن، التي تنضم إلى غرفة الاجتماعات عبر الهاتف، قد يعرض مقال حول قانون المناخ الذي لم يقر بعد.

وعندما تطرح كل الموضوعات على الطاولة يعلن بيل كيلر المحرر التنفيذي قائمة الموضوعات اليومية بعد مشاورات مع مساعديه، وفي نهاية الاجتماع بدت موضوعات الرعاية الصحية وسكوتس ومينيسوتا والمناخ والعراق والصين تسيطر على أخبار الميزانية.

ويقول سترام: «سيظل هذا الاجتماع يقرر على الدوام ما نحس بأنه أكثر الأخبار أهمية للنشر، على الأقل حتى وقت متأخر من الليل ما لم تكن هناك نية للتغيير».

* خدمة «نيويورك تايمز»