لاعبون جدد في ساحة الإعلام يغيّرون وجه صناعة النشر

الصحف التي عارضت دمج الجهاز التحريري للمطبوعة مع الموقع تراجعت وغيرت استراتيجيتها

أمور عدة طرأت على الخارطة الإعلامية غيرت من وجه صناعة النشر (إ.ب.أ)
TT

60 صحيفة محلية أغلقت في بريطانيا وحدها خلال الاثني عشر شهرا الماضية. ويخطئ من يعتقد أن هذا نتيجة مباشرة فقط للأزمة الاقتصادية العالمية، وإن كانت الأزمة سرعت من تفاقم الوضع. إذ تواجه صناعة الإعلام في العالم تحديات جديدة ومتغيرات عدة ساعدت في تغيير واقع هذه الصناعة، وخلال السنوات المقبلة ستتشكل ملامح جديدة لصناعة النشر بوسائط مختلفة وفكر جديد.

وتتمثل أبرز مشكلات الإعلام في تركيبته البنيوية، إذ تغيرت عادات القراءة وتعددت مصادر المعلومة، مما يجعل كل المؤسسات الإعلامية مطالبة بأن تتغير وبسرعة أو أنها سوف تجد نفسها خارج الساحة تماما. والأزمة تواجه صناعة الإعلام عموما، فالصحف والمجلات هي الأكثر تأثرا حاليا ولكن التلفزيون أيضا بدأ يواجه نفس المشكلات وسيلقى نفس المصير. محمد فهد الحارثي رئيس تحرير مجلة «سيدتي» شارك ضمن فريق من الإعلاميين في زيارة نظمتها منظمة «وان»، شملت «الديلي تلغراف» و«الغارديان» و«التايمز» و«الفاينشال تايمز» و«بي بي سي»، وكذلك صحف إقليمية «نونيتغهام ايفنينغ بوست»و«برمنغهام ميل» و«لانكشير ايفنينغ بوست» و«مانشيستر ايفنينغ نيوز»، في لندن وبرمنغهام ومانشيستر البريطانية. واستهدفت الزيارة التعرف على الطرق الحديثة للصحف البريطانية الدولية والإقليمية في كيفية مواجهة التغييرات الجديدة في صناعة الإعلام، والخطوات التي قامت بها للتحول من الصحافة التقليدية إلى الملتيميديا، وهذا ملخص نتائج الزيارة.

* صحيفة «الديلي تلغراف»:

* تمثل صحيفة «الديلي تلغراف» أفضل مثال للتحول من الصحافة التقليدية إلى الملتيميديا. وقد أصبحت مزارا لكثير من المؤسسات الصحافية في العالم للاستفادة من تجربتها. وهو المشروع الذي بدأ في عام 2006 واستكملته العام المنصرم. وتزامن ذلك مع انتقال مكاتبها إلى مقرها الجديد في منطقة فيكتوريا في قلب لندن. قررت الصحيفة اعتبار العمل لدى الاسم التجاري، وبالتالي فإن الفريق التحريري يعمل على الوسائل الإعلامية سواء المطبوع أو التكروني ويعد الفيديو والأوديو. وبدأت عملية التغيير بطرح الفكرة وفتح الحوار مع جميع مستويات الموظفين. وكان في البداية هناك تخوف عند التحول. بل وكان هناك معارضة عند البعض، وكانت استقالة باتينس ويتكروفت رئيس تحرير «الصنداي تلغراف» دليلا واضحا على صعوبة التغيير في البداية.

ويمثل التحول الأساسي في إعطاء أهمية إضافية للموقع الإلكتروني حتى إنهم أطلقوا مقولة «الموقع أولا» وأصبح موقع الصحيفة من أكثر المواقع زيارة على مستوى بريطانيا. ويبلغ عدد الصحافيين في الصحيفة نحو خمسمائة صحافي. ويبدأ إرسال الصفحات من الساعة السادسة وآخر صفحة يتم إرسالها الساعة التاسعة والنصف مساء. واستخدمت الصحيفة نظام إيسنيك، وهو الأسلوب الذي اعتبرته الصحيفة مناسبا لحلول النشر ولعملية التكامل في التحرير والإنتاج.

استطاعت الصحيفة من خلال موقعها تقوية علاقتها مع القراء وذلك من خلال إنشاء المجموعات والبلوغرز المرتبطين بالصحيفة. فمثلا «ماي تلغراف» يبلغ عدد أعضائها ثلاثين ألفا، وهي تربط بينهم بالاهتمامات المشتركة والمواضيع الإنسانية. فيما يبلغ عدد التعليقات على المواضيع في الموقع أكثر من ألفي مشاركة في اليوم الواحد.

وتعتقد الصحيفة أن النجاح الأساسي يكمن في أن تجعل الناس يشاركون في الحدث بأن تفسح لهم المجال وأن يشارك الصحافيون في الموقع بأسمائهم الحقيقية حتى يصبح الحوار أكثر ثراء وجدية.

وبدأت عمليه التحول بمجموعة صغيرة كتجربة. في حين تلقى الجميع تدريبا على التقنيات الحديثة في الإعلام في دورات استمرت أسبوعا واحدا فقط.

ومن الملاحظات التي تكشف عن التوجه الجديد في الصحافة تخصص «التلغراف» قسما من ثلاثة أشخاص اسمه المعمل ويركز فيه هؤلاء على ابتكار وسائل جديدة لاستغلال التكنولوجيات الجديدة سواء في الجوال أو «غوغل» لتسويق المحتوى الخاص بالصحيفة.

* صحيفة «الغارديان»:

* تختلف صحيفة «الغارديان» عن بقية الصحف البريطانية بأنها تمول من منظمة «سكوت تروست» وبالتالي لا تشكل الربحية لها مصدر قلق شديد كبقية الصحف، بل ما يهمها أن تحافظ على استقلاليتها الصحافية، ولذلك تشتهر «الغارديان» بالقضايا المهمة التي تطرحها وتصل إلى المحكمة جراءها. وهي قوية في مواقفها، وكانت آخر قضية أثارت جدلا كبيرا في المجتمع البريطاني مقتل أحد الأشخاص نتيجة دفعه من قِبل رجال الشرطة البريطانية في المظاهرات التي اجتاحت لندن في أثناء قمة العشرين.

وكانت «الغارديان» مترددة في عملية التكامل إذ كانت تفصل بين الجهاز التحريري للصحافية والموقع الإلكتروني. ولكنها انتقلت إلى عملية التكامل في وسيلة لتقليص التكلفة. ورغم وجود 3 رؤساء تحرير لـ«الغارديان» و«الأوبزرفر» (الصحيفة اليومية الثانية التي تصدر من نفس المؤسسة) و«الغارديان إن ليمتد» (الموقع) فإن الجهاز التحريري يتكامل في صناعة المادة التحريرية. وهذا توجه موجود في بعض المؤسسات العالمية، فمثلا «ألكس سبرينغر» في ألمانيا أدمجت الأجهزة التحريرية لثلاث مطبوعات في فريق تحريري واحد.

ويبدو أن التزامن بين عملية التغيير إلى الملتيميديا يتوافق في بعض المؤسسات الصحافية في بريطانيا مع عملية انتقال المبنى، إذ انتقلت «الغارديان» كغريمتها «التلغراف» إلى مبنى جديد، بحيث تستوعب التصاميم المتغيرات الجديدة. وتقول كريس إليوت مدير التحرير في «الغارديان» إن نجاح موقع «الغارديان» كان نتيجة لأن الفريق التحريري بكامله أصبح يعمل لصالح الموقع. وحتى في الأخبار الخاصة فإن الموقع له الأولوية في النشر. وهذه مسألة لم تكن سهلة التقبل في البداية ولكن التفاعل مع الجمهور من خلال الموقع شجع الكثير على الاهتمام بهذا الجانب. ويتميز العمل بالديناميكية في صالة التحرير، فهناك استوديو مصغر، بحيث إذا حدث هناك موضوع يتم التعليق عليه ويتم الحوار مع أحد الصحافيين ويبث على موقع الصحيفة على «Web Tv»، والخبر ذاته يُعرض على موقع الصحيفة بإشارات تربط إلى نقطة معينة ذُكرت في «Web Tv» وبصياغة أخرى لنفس الخبر في الإذاعة وقد يشير إلى تعليقات معينة ذُكرت في الموقع، وقد يعمل فيديو قصير للقطات معينة إذا كان الخبر يستحق، ويرسل إلى مشتركي الجوال، فيما ينشر الخبر بعد ذلك موسعا في الصحيفة في اليوم التالي مع إشارات أو تعليقات من الموقع. وهذه يعمل عليها فريق واحد ولكن القدرة والمهارة المهنية تسهل هذه العملية بشكل كبير.

* صحيفة «الفايننشال تايمز»:

* استطاعت الصحيفة الاقتصادية ذات السمعة المحترمة أن تستفيد من الإعلام الجديد إذ أنها من المواقع الصحافية النادرة التي تستحصل رسوما على موادها التحريرية، فهي تعطي في الأسبوع خمسة مواضيع مجانية ولكن بعد ذلك إذا طلب المستخدم مواضيع أخرى فعليه أن يدفع مقابلا، كما أنها حققت إنجازا مهما هو أن لديها مائة ألف مشترك على نسختها الإلكترونية. وهي تعتبر حالة غير عادية. ويعود ذلك إلى طبيعة المحتوى الذي يصعب توفره في مصادر أخرى، ولذلك ليس بغريب أن صحيفة «وول ستريت جورنال» في الولايات المتحدة تستحصل رسوما على خدمات المحتوى في موقعها.

ويبلغ عدد صحافيي «الفايننشال تايمز» خمسمائة صحافي، وهم الذين تلقوا تدريبا في الملتيميديا. وتلتزم «الفايننشال تايمز» معايير مهنية شديدة في مجال النشر، فمثلا لكي يتم النشر على موقع الصحيفة لا بد أن تمر على ثلاثة أشخاص لكي تأخذ طريقها للنشر.

ويوضح رئيس التحرير التنفيذي هوف كارني أن علمية الإدماج بين الجهاز التحريري في الصحيفة والموقع كان نتيجة لتوجه الشركة لتقليص التكلفة. ويقول إن عملية الإدماج خفضت نحو عشرة في المائة من عدد الصحافيين، وأكثر من عشرين في المائة من موظفي الإنتاج. ورغم عملية الإدماج فإن هناك بعض العناصر المخصصة للمطبوعة، فهناك 56 موظفا متخصصا للموقع وكذلك 130 للصحيفة، فيما البقية يعملون على مختلف الوسائل.

وتركز «الفايننشال تايمز» على المحتوى والتخصص داخل التخصص، فمثلا هناك صحافي متخصص في الصناعات البتروكيماوية وآخر في صناعة السيارات مما يجعل الصحافي هناك ملما بمجال التخصص إلى درجة عالية من المهنية والاحتراف.

* صحيفة «التايمز»:

تحقيق الأرباح في الصحافة البريطانية أمر لا يتحقق لكل الصحف، بل إن كثيرا منها يعاني خسائر. وصحيفة «التايمز» لأول مرة في 2007 تحقق أرباحا وإن كانت بسيطة. وهي تتحول الآن إلى الإدماج في عمليات التحرير، ليس فقط بين الصحيفة والموقع الإلكتروني، بل حتى مع بقية المطبوعات الشقيقة في «نيوز كوربوريشن».

ويبلغ عدد صحافيي التايمز 411 صحافيا. واستطاعت أن تنفذ سياسية الإدماج في العمليات التحريرية والإنتاجية بين المطبوعة والموقع ولكنها خصصت 30 شخصا للموقع فقط. واستطاعت أن تستفيد من خدمات الفيديو المرافقة للمواضيع الصحافية بشكل جيد. وهي تضع يوميا في الموقع نحو عشرة مقاطع فيديو مرفقة مع القصص الصحافية. كما أنها تستخدم مقاطع فيديو من «سكاي» و«رويترز». ويقول رئيس تحرير الملتيميديا في الصحيفة جون جيلي إن استخدام الفيديو مع القصة الصحافية يسهم في زيادة عدد زوار هذه القصة، ويقترح أن تكون في إطار واحد. ويضيف أن الربط بين التحليل والفيديو يضفي مصداقية على القصة، ويشجع القراء على المشاركة سواء بلقطاتهم أو تعليقاتهم. وفيما يعمل الجهاز التحريري على مختلف الوسائل فإن هناك مسؤولا عن الموقع وآخر عن الصحيفة. ويُفترض أن يكون التفاهم بينهم على مستوى عال. وتهتم الصحف الرئيسة في بريطانيا بعملية التوزيع، ليس فقط لجذب المعلن بل لأن ثلثي الدخل يأتي من المبيعات بينما الثلث يأتي من الإعلان، ويختلف هذا في الصحف الإقليمية إذ أن الثلث تقريبا من المبيعات والثلثين من الإعلان.

* تلفزيون «البي بي سي»:

* لا يمكن لأي زائر للمؤسسات الإعلامية في بريطانيا أن تكتمل زيارته دون زيارة درة الإعلام البريطاني «بي بي سي»، وهي التي تعيش في مواردها على رسوم مباشرة على المقيمين في بريطانيا ولها استقلاليه عالية، ولا تقبل إعلانات تجارية ولها مجلس أمناء مستقل.

وتقول ماري هوكادي مديرة الأخبار في المحطة أن المجموعة قررت التحول إلى الملتيميديا بسببين: الأول توفير التكلفة، والثاني تغير طبيعة تناول الناس للأخبار. فعملت ثلاثة أقسام: قسم الأخبار وقسم التلفزيون وقسم الموقع. واستفادت «بي بي سي» من كونها محطة تلفزيونية في الموقع بحيث أن القصص الصحافية ترافقها مقاطع فيديو. وتعتبر مواقع «البي بي سي» من أشهر المواقع وأكثرها زيارة في بريطانيا وعلى مستوى العالم. ويبلغ عدد القصص الجديدة التي تنشر في الموقع يوميا نحو 700 قصة صحافية. ويتفاعل الجهاز التحريري مع الموقع بحيث يتاح لمحرري الأخبار معرفة عدد الزوار لكل قصة موجودة على الموقع في نفس اللحظة، فإذا كان عدد كبير يتوجه إلى قصة معينه فتتغير أولويات النشرة الإخبارية التلفزيونية بحيث تكون هذه القصة هي في مقدمة النشرة.

وتبتكر «بي بي سي» أسلوبا ربما وُصف بالهجومي في التوسع، فهي تستثمر بقوة في الإعلام الجديد وخططت لطرح مواقع متخصصة للمناطق في منافسة للصحف الإقليمية، كما أنها تنشئ مواقع معينه لمناسبات متخصصة، وتنجح فيها، فمثلا في حالة سباق «الفورمولا1» فهي تنشئ موقع يرتبط بالموقع الرئيسي ويكون تفاعليا متخصصا لهذه المناسبة، واستفتاءات، ويقدم تفاصيل متعمقة على كل ما يختص بهذا المجال. ونفس الشيء ينطبق في حالة الانتخابات البرلمانية أو المباريات الكبيرة، وهذا جزء من المرونة التي تحاول أن تنتهجها المحطة التي اتُّهمت بأنها عملاق ضخم ثقيل الحركة.

* «نوتينغهام إيفنينغ بوست»:

* تمثل صحيفة «نوتينغهام ايفنينغ بوست» تجربة مميزة للصحافة الإقليمية ونجاحها في الوصول إلى أكبر عدد في المنطقة المستهدفة من خلال وسائط مختلفة. وهي نشيطة جدا في الصحافة الإلكترونية إذ لديها نحو 150 موقعا يتم تحديدها حسب اهتمامات الجمهور.

ويقول نائب رئيس التحرير مارتين دن، إن التغير تم من خلال خمسة محاور: 1- صالة التحرير المدمجة.

2- كل صحافي في المؤسسة تم تدريبه لكي يعمل على الصحيفة الورقية وعلى الموقع الإلكتروني. 3- تغيير كامل للثقافة السائدة. 4- لا يوحد وظيفة للموقع فقط. 5- عملية التغيير مرتبطة بجدول زمني.

ويضيف دن أن عملية التغيير استغرقت نحو 18 شهرا وحاليا كل الجهاز التحريري يعمل على مختلف الوسائل كما أن الصحافيين أصبحوا قادرين على تصوير الفيديو والبعض منهم يستطيع أن يعمل مونتاجا ويرسله إلى الموقع.

وتم تدريب جميع المصورين على تسجيل الفيديو، وكانت المشكلة في البداية هي الصوت، ولكن التدريب حل هذه المشكلة وتطور مستوى التسجيل من ناحية الصورة والصوت. مع العلم أنه على الموقع الإلكتروني عادة لا يُشترط أن يكون مستوى الفيديو عاليا بل مقبولا، والأهم المحتوى الموجود فيه.

وانطلاقا من فكرة أن الفريق يعمل على مختلف الوسائط الإعلامية فمركبو الصفحات يعملون مونتاجا للفيديو، وهذا يزيد من الإنتاجية لفريق العمل.

وتنجح الصحف الإقليمية أكثر في خلق حوار أكبر مع الجمهور في الإقليم لأن القضايا التي تطرح فيه هي القضايا المرتبطة بالناس واهتماماتهم. وهذا يتضح في الموقع الإلكتروني إذ أصبح يعكس اهتمامات الناس وآراءهم. وتستفيد الصحيفة من هذا الحوار من خلال نقل بعضه أو الاستفادة من الأفكار المطروحة أو تبنّي قضايا طرحها الناس من خلال المنتديات المرتبطة بالصحيفة. وتتعامل الصحيفة بتوادّ مع الموقع الإلكتروني لديها، وفي الأخبار العاجلة ينشر الخبر أولا على الموقع الإلكتروني، وقد يكون فقرة واحدة فقط، وبهذا تسجل السبق الصحافي لها، ومن ثم تتم متابعة التطورات على مدار الساعة على الموقع، مما يعطي فرصة للصحيفة في اليوم الثاني أن تتعمق في الخبر وتحصل على معلومات من خلال مشاركة الناس في التعليقات أو إسهامهم من خلال الصور أو لقطات الفيديو على الموقع.

وتتبع الصحف الإقليمية سياسية واقعية في التعامل مع طموحاتها، ويقول مدير الأخبار في الصحيفة ستيفن فليتشر: «إننا لا نرغب في إنتاج برامج تلفزيونية أو المنافسة مع (البي بي سي)، نحن نركز على سوقنا المستهدفة وننتج أفلام الفيديو للموقع لكي يصبح الموقع أكثر جاذبية، وأيضا يرفع مستوى المصداقية».

والقاسم المشترك بين كثير من الصحف البريطانية هو عنصر بسيط ولكنه مهم، وهو جهاز جوال «نوكيا 95»، إذ أن معظم الصحافيين لديهم هذا الجهاز. ويقول فليتشر إن أفضل القصص الصحافية عُملت من خلال هذا الجهاز.

* صحيفة «برمنغهام ميل»:

* هذه الصحيفة جزء من مجموعة «ترينتي ميرور ريغنالز» وتتميز بتجربة مثيرة في عملية إدماج العمليات التحريرية، ليس فقط بين الصحيفة والموقع بل حتى بين مطبوعاتها الصحافية الرئيسة الثلاث. واستطاعت عمليات الإدماج أن تخفض عدد الموظفين من ثلاثمائة إلى مائيتين وستين صحافيا.

ويوضح مدير التحرير نيل بينسن أنهم وجدوا أن الأخبار التي يعمل عليها الفريق التحريري للمطبوعات تهدر كثير من الطاقات والإمكانات. فالحادث الذي يغطيه عادة ثلاثة أشخاص ومصور بحكم أنها مطبوعات مختلفة أصبح يكتفي بشخص أو شخصين. وعند تحرير الخبر يتحدد مكانه في الصحيفة حسب نوعية الموضوع وكيفية طريق المعالجة، فكل واحدة منها لها أسلوب يحرص عليه مدير التحرير وتُعتبر مهمته الأساسية، وجميعهم مرجعيتهم إلى شخص واحد. وفي حالة حدوث تباين في الآراء يتم الحوار بين مديري التحرير ويحسمون الموضوع. يساعدهم في ذلك تصميم صالة التحرير التي تتمحور حول دائرة بيضاوية في الوسط يجلس إليها مديرو التحرير والمسؤول عن الموقع ورئيس قسم التصوير.

وبنفس الفلسفة في الإدماج بين الصحيفة والموقع استطاعت الصحيفة أن تجعل موقعها مساحة للحوار في القضايا المحلية في برمنغهام، وبالنسبة إليهم ليست المنافسة من صحف في نفس الإقليم لأن الصحف الإقليمية في بريطانيا تعتمد في الغالب على صحيفة رئيسية صباحية للمنطقة، ولكن المنافسة من التلفزيون والمواقع الإلكترونية الأخرى. وهناك تهديد من المنافسة من «البي بي سي» في حالة أنشأت مواقع على الإنترنت للمناطق مما أثار جدلا كبيرا في بريطانيا باعتبار أن المنافسة لن تكون عادلة.

وعملت برمنغهام على إنشاء استوديو مصغر داخل الصحيفة، ويقول حيل فينتر مدير إنتاج الفيديو إن إمكانات بسيطة تعمل فرق كبير، فالمحررون يستخدمون أجهزة جوال وكاميرات بسيطة، ويتم عمل الإنتاج في الاستوديو، وتكون النتيجة ممتازة. ويركز على مسألة التدريب إذ يعتبرها مربط الفرس في نجاح الفريق التحريري. ويضيف أن المحررين الآن هم الذين يصورون ويمنتجون الفيديو الذي يرافق قصصهم الصحافية. وتستخدم الصحافية نظام «تيرا» كحل لنظام التكامل في النشر والإنترنت. وتهتم الصحافية بعملية البرمجة المسبقة إذ أن المواضع الرئيسة في الصحف الثلاث يتم التخطيط لها في الاجتماع السابق لصدورها بأسبوع.

ويرى رئيس التحرير أن في الدخل من الإعلام الجديد نموا واضحا، إذ أنه يمثل 20 في المائة حاليا، وهو يرى أنها نسبة ممتازة، خصوصا أن معدلات النمو فيها جيدة وفرص التوسع ما زالت كبيرة. وتتجه معظم الصحف إلى إنشاء استوديو مصغر داخل صالة التحرير ويحقق فائدة كبيرة رغم أن التكلفة تعتبر زهيدة إذ تكلفة الاستوديو في صحيفة «نونيتغهام» لا تتجاوز 17 ألف جنية إسترليني.

وتهتم الصحيفة بالاستفادة من المواقع الاجتماعية في الترويج لأخبار، فالعناوين الرئيسية تنقل عبر «فيسبوك» و«تويتر» و«لينكد». كما أنها تطرح قضاياها التي تطرحها في الصحف على هذه المواقع لإثارة النقاش حولها، ويشجعون الجميع للمشاركة في الحوار. كما أن الصحافيين لديها يشاركون في النقاش بأسمائهم الصريحة.

* «لانكشير ايفنينغ بوست»:

* تجربة صحيفة «لانكشير» مختلفة في جانب أساسي، وهو أنها عملت مشروع الانتقال إلى الملتيميديا بالتعاون مع جامعة سنترال لانكشير، والتزمت الصحيفة بتدريب الفريق لدى الجامعة، كما أن الأكاديميين في الجامعة تعاونوا مع الصحيفة وقدموا مثالا جيدا في التعاون بين الجامعات والمؤسسات الصحافية. ويقول مايك هيل نائب رئيس التحرير إن تجربة التعاون كانت مفيدة للجانبين، خصوصا أن القسم في هذه الجامعة يركز على الملتيميديا، وبالتالي كان مناسبا للصحافيين أن يتدربوا على التقنيات الحديثة في الميديا مع الجامعة.

ويركز التدريب الصحافي على عدة محاور رئيسية، وهي الكتابة للإنترنت وإدارة المحتوى واستخدام محركات البحث ومهارات الفيديو والأوديو. ويوضح مارتين هامر مدير تحرير الديجيتال أن الملتميديا تناسب السوق المحلية، ويوضح أهمية استخدام «تويتر» كمصدر للأخبار، واستخدام «كفرت لايف» لنقل الفيديو وبثه.

وبعد استخدام الصحيفة التقنيات الحديثة وتفاعل الفريق التحريري مع التوجه الجديد نشط موقع الصحيفة وارتفع عدد الزائرين من نحو أربعمائة ألف في ديسمبر (كانون الأول) 2005 إلى أربعة ملايين ونصف المليون في ديسمبر (كانون الأول) 2008.

وتحقق الصحيفة مداخيل متنامية من خلال موقعها، خصوصا من الرعاة للمواقع المتفرعة من الصحافية، فمثلا موقع للسيارات، وهناك موقع آخر للمعلومات الصحية وثالث عن إدارة الأموال وكلها مرتبطة بالاسم المعروف للصحيفة، وفي نفس الوقت مرتبطة بواقع السوق المحلية المستهدفة.