سباق إعلامي لكشف سر غياب حاكم ولاية كارولينا الجنوبية

بينما كان يقضي بعض الوقت مع صديقته الأرجنتينية في بيونس آيرس

مارك سانفورد حاكم ولاية كارولينا الجنوبية («واشنطن بوست»)
TT

هناك أوقات تتزايد فيها لهفة الصحافيين للحصول على مقابلة ساخنة. هذا هو ما كشفت عنه رسائل البريد الإلكتروني التي تلقاها مكتب مارك سانفورد، حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، التي تم الكشف عنها مؤخرا، حيث عرضت فيها شخصيات إعلامية بارزة تعاطفها معه أو حتى دعمه مقابل منحهم مقابلة حصرية. تعود أحداث القصة إلى أواخر شهر يونيو (حزيران) عندما أثار حاكم كارولينا الجنوبية الغضب باختفائه بضعة أيام، ولم يعرف العالم حتى الآن علاقته بصديقته الأرجنتينية. كان من بين الرسائل التي وصلت إليهم ما كتبه صحافي «واشنطن بوست» في رسالته: «إذا كنتم ترغبون في الحديث عن هذا الأمر بصورة علنية فمرحبا بكم في راديو (واشنطن بوست)، فأنت تعلمون أنكم ستكونون موضع ترحيب هنا».

فيما كتب غريف جنكينز مراسل ومنتج قناة «فوكس نيوز»: «نظرا لمعرفتي بالحاكم على مدى سنوات عدة، بل وحتى عملي معه عندما كان يحل ضيفا على البرامج الإذاعية التي أقدمها، فإن تلك القصة والسعار الإعلامي المحيط بها أمر سخيف تماما».

حتى إن ستيفن كولبرت، ابن كاليفورنيا الجنوبية والكاتب الساخر الذي يعمل في قناة «كوميدي سنترال»، دخل النقاش مستهلا حديثة بمزحة حول إعلان نفسه حاكما للولاية لكنه أنهى حديثه بهجوم شرس عندما كتب: «كنت على وشك تنصيب نفسي حاكما للولاية قبيل 40 ثانية من علمي بعودة الحكم سانفورد اليوم». وأضاف: «إذا ما كان الحاكم يتطلع لمنبر إعلامي يفسر ما أعتقد أنها حادثة بسيطة لقيت اهتماما إعلاميا أكبر من حجمه، فسأكون سعيدا كي أتحدث معه. وأنا بالنيابة عن نفسي سواء أكان حديثي معه على الهاتف أو في كارولينا الجنوبية. أقول: أنا أؤيدك يا ستيفن».

وقد يكون من السهل السخرية من أولئك الذين رفضوا الصخب الإعلامي بشأن جولة سانفورد المزعومة في جبال الآباتشي على أنها نوع من الإثارة الإعلامية، فحتى مساعدو الحاكم الجمهوري لم يعرفوا في ذلك الوقت أنه كان في بيونس آيرس مع صديقته ماريا بيلين شابور. وكان الصحافيون كالعادة، يحاولون استقصاء الأمور، فكتب كريس سيليزيتش، الكاتب في «واشنطن بوست»، إلى جويل سواير، مدير اتصالات مكتب سانفورد يسأله: «هل كل شيء على ما يرام؟» فأجابه: «نعم لا توجد كثير من الأخبار المهمة». لكن الأمر لم يدم طويلا، فالرسائل التي حصلت عليها صحيفة ولاية كارولينا الجنوبية عبر حرية طلب المعلومات ألقت الضوء على الوسائل التي يستخدمها بعض الصحافيين لمداهنة مصادر معلوماتهم. لكن الجميع لا يحصلون على المعلومات بهذه الطريقة، ومن غير المعتاد إلى حد بعيد أن يعد الصحافيون ومؤلفو الكتب بجلسة استماع عادلة أو التعاطف مع كارثة ألمت بشخص ما تعرض لانتقادات لاذعة، لكن إزاحة الستار عن رسائل البريد الإلكتروني تكشف عن عملية يفضل من خلالها منتهجوها، دون شك، ممارستها في الخفاء.

فأشار جون سولومون، المحرر التنفيذي لصحيفة «واشنطن تايمز»، إلى أن رسالة البريد الإلكتروني التي بعث بها جوزيف ديودس الكاتب بالصحيفة ذاتها: «تحتوي على خيار غير صائب للكلمات»، لكن سولومون أضاف أن ديودس «محرر تسويقي» لا يتبع غرفة الأخبار ويصر على أنه حاول تذكير سانفورد بأنه كان مثارا للشائعات قبل أسبوع. وأضاف سولومون أن «التايمز» غطت فضيحة سانفورد بقوة، وكانت أولى المؤسسات الصحافية التي تنشر خبر علاقته العاطفية السابقة خلال رحلة الكونغرس إلى تشيلي.

وأرسل جاك تابر، مراسل قناة «إيه بي سي» في البيت الأبيض رسالة بريد إلكتروني إلى مكتب سانفورد تحت عنوان: «تغطية (إن بي سي) كانت ضعيفة» وأرفق النص الذي قال فيه المراسل مايك فيكويرا إن «الحاكم الذي يحظى بسمعة الذئب الوحيد، اتضح أنه كان في نزهة طويلة».

وكتب تابر إلى سواير قائلا: «أعتقد أن برنامج (توداي شو) كان مهينا إلى حد ما» كما نقل نص ما قاله مراسل قناة «إن بي سي» الإخبارية ديفيد غريغوري على موقع «تويتر» فقال: «يجب أن تقلق إذا قالت زوجتك إنها لا تعلم مكانك، لكنها غير مهتمة».

وكتب تابر في رده: «باسترجاع الأحداث الماضية، أجد أن الخبر الذي أشرت إليه لم يكن سيئا بما يكفي. ففي اللحظة التي كتبت فيها عن الخبر لم يكن من أحد يعلم بخبر علاقة سانفورد بعشيقته سواه وزوجته وعشيقته وصحيفة الولاية». وقال على موقع «تويتر» إنه «كان يحاول زرع الشكوك حول منافس بصورة غير نزيهة». وقال جيفري شنايدر، المتحدث باسم قناة «إيه بي سي»، إن تابر كان ينقل وجهة نظر بعض المنتجين في نيويورك ممن يعلم أنهم تربطهم علاقات قوية بحاكم الولاية. لذا اتصل تابر بجيم بيل، المنتج المنفذ لبرنامج «توداي» ليعتذر له، كما أرسل اعتذارا لغورغي الذي قال إنه قبل اعتذاره. أطلق بيل على تابر لقب «الفتى الشجاع» لكنه أضاف: «من المؤسف انتهاج بعض الصحافيين تلك السبل التي يكون السبيل الوحيد للظفر بمقابلة التخلي عن المنافسة، بدلا من محاولة الاستفادة من القدرات الخاصة، فالكل يعلم أن هناك منافسة حادة في الظفر بالمقابلات». كما كتب بريندن ميلر رئيس التحرير المشارك في صحيفة «وول ستريت جورنال» في صفحة الرأي على موقع الصحيفة على الإنترنت يسخر من تغطية صحيفته خلال غياب سانفورد، فقال في رسالته إلى سواير: «يجب فصل صحافي (وول سترتيت جورنال) على تغطيته تلك القصة السخيفة».

فقد ورد خبر الصحيفة كالتالي: «بعد إثارة لغز اختفائه أربعة أيام قال المتحدث باسم سانفورد إن الحاكم كان يتجول في جبال الآباتشي».

وقد رفضت قناة «فوكس وول ستريت جورنال» التعليق على ذلك. وفي رسالة بريد إلكتروني لاحقة أخبر جنكينز سواير أنه سيعمل على الأغلب على تغطية أحداث ساعة ذروة المشاهدة ـ أوريلي وهانيتي وغريتا وبيكام ـ لذا سيكون هناك احتمال لنقل مقتطفات مما قاله الحاكم لتفنيد تلك الأنباء. كما عرض مؤيدو الحزب الجمهوري خدماتهم أيضا، فكتب إريك إريكسون رئيس تحرير المدونة ذات النهج المحافظ «ريد ستيت» إلى سواير بعد نشر الخبر أن وسائل الإعلام ضخمت من واقعة الاختفاء: «إذا ما كان يرغب في الإدلاء بحديث خاص للمدونة للرد على الاتهامات فأنا سعيد بتقديم يد العون.. ومن الواضح أن هناك من هم يحاولون استغلال الفرصة، لكننا داعمون له». وبعد أن اعترف سانفورد بإقامة علاقة خارج إطار الزواج كتب إريكسون: «حسنا ما كتبته أمس كان خطأ لقد انتشرت كذبة سانفورد التي انتشرت بين مساعديه وبيننا جميعا».

•خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»