الإعلانات التجارية تتعقب مستخدمي الإنترنت لتخاطب احتياجاتهم

يمكن للمستهلكين تجنبها عبر محو سجلاتها من على أجهزتهم أو ضبط متصفحيهم على عدم قبولها

TT

على الرغم من جميع المخاوف والضجة حول الخصوصية على الإنترنت، دائما ما تعرف شركات التسويق وشركات البيانات المزيد عن حياة المستهلكين بعيدا عن الإنترنت، مثل دخولهم وسجلاتهم الائتمانية وملكية منازلهم، بل ونوع السيارة التي يقودونها وما إذا كانوا يملكون ترخيصا بالصيد. وفي الفترة الأخيرة، بدأت بعض من تلك الشركات توصيل تلك التلال من المعلومات إلى متصفحي بيانات المستهلكين.

وكانت النتيجة تعبيرا هائلا في الطريقة التي يواجه بها المستهلكون الشبكة. فأصبح المستخدمون يرون إعلانات مخصصة، بل ونسخا مختلفة من المواقع عن تلك التي يراها مستخدمون آخرون، ويتلقون عروض تخفيض مختلفة أثناء التسوق، كل ذلك بناء على المعلومات التي تم الحصول عليها وهم غير متصلين بالإنترنت. فيمكن أن تزور سيدتان في مكتبين متلاصقين موقع التجميل ذاته، ولكن ربما ترى إحداهما عطر ميسوني ثمنه 300 دولار، وترى الأخرى أحمر شفاه عليه خصم بسعر دولارين.

ولا تعد التكنولوجيا التي تحقق هذه الصلة جديدة، إنها عبارة عن شفرة صغيرة تسمى «كوكي» أو سجل المتصفح، والذي يوضع على القرص الصلب. ولكن الجديد هي المعلومات التي يحملها سجل المتصفح. وكل ذلك غير مرئي.

ويقول تيري باريت، رئيس المنتج في «أكيوم»، وهي إحدى الشركات التي تقدم هذه الصلات لشركات التسويق: «حاليا، أنت تتنقل عبر الإنترنت ومعك سجل متصفح يشير إلى أنك من ذلك النوع من المستهلكين: من حيث الفئة العمرية ومستوى الدخل، والحضري مقابل الريفي ووجود أطفال في المنزل».

وقالت شركات الإعلانات والتسويق إن ذلك التحديد مفيد، بعد استبعاد أعمال التخمين المتضمنة التي تدخل في البيانات التي تأتي عبر الاتصال بالإنترنت فقط، وعرض المنتجات للأشخاص الأكثر احتمالا أن يهتموا بها. وتستخدم بعض محلات البيع مثل «غاب» و«فيكتورياز سيكريت» ذلك الأسلوب. ولكن يقول أحد المدافعين عن حقوق المستهلك إن التعقب غير المرئي مثير للمشكلات. وعلى شبكة الإنترنت القديمة، لا يعرف أحد إن كان المستخدم كلبا. ولكن على الشبكة الجديدة، يعرفون أي نوع من الكلاب ولون سلسلته المفضلة وآخر مرة كان لديه براغيث.

ويقول مارك روتنبيرغ، المدير التنفيذي لمركز معلومات الخصوصية الإلكترونية، في رسالة عبر البريد الإليكتروني: «جعلت علاقة الصناعة بسجلات المتصفح الثابتة من المستحيل على المستخدمين الاتصال بالإنترنت من دون أن يتم تعقبهم وتسجيل بياناتهم». وعلى الرغم من أن الكونغرس يعقد جلسات استماع حول الخصوصية على الإنترنت في الفترة الأخيرة، فإن الجلسات تركز على الاستهداف السلوكي على الإنترنت. وذكرت الصناعة أنه لا توجد حاجة إلى تدخل حكومي، وهي الحجة التي تقبلها لجنة التجارة الفيدرالية حتى الآن.

ويمكن أن يتجنب المستهلكون التعقب عن طريق سجلات المتصفح بمحو تلك السجلات من على أجهزتهم أو ضبط متصفحيهم على عدم قبولها. ولكن يفعل ذلك القليلون، ويقول المدافعون عن الخصوصية إنه من السهل على الشركات إضافة سجلات المتصفح من دون ملاحظة المستخدمين.

ومنذ عقود، تجمع شركات بيانات مثل «إكسبيريان» و«أكسيوم» قدرا كبيرا من المعلومات عن كل أميركي، وتقدر «أكسيوم» أن لديها 1.500 ملف من البيانات عن كل أميركي، بناء على معلومات من بطاقات الضمان وسجلات الزواج والمواليد، واشتراكات المجلات والسجلات العامة، بل وسجلات الكلاب في نادي «كينيل» الأميركي.

وطلب باتريك ويليامز، ناشر مجلة التمويل الشخصي «وورث»، من «أكسيوم» أن تعثر على أسماء وعناوين 10.000 أميركي في كل 11 مدينة لديهم منزل يزيد ثمنه على مليون دولار، أي ما تصل إجمالي قيمته إلى ما يزيد على مليوني دولار، ويعيشون على بعد أميال من أثرياء آخرين، ومشتركين في مطبوعات اقتصادية.

وقال ويليامز، الذي أوضح أنه كان سعيدا جدا بقدر المعلومات التي أعطوها له: «إنها شركة أبحاث في البيانات نادرة الوجود، إنهم يعرفون الكثير للغاية».

وتحقق شركات مثل «أكسيوم»، ومنافستها «داتران ميديا»، الاتصال بين البيانات المتصلة عبر الإنترنت وغير المتصلة عندما يسجل الشخص اسمه على موقع أو يفتح رسالة إلكترونية قادمة من شركة تسويق.

وتحتوي سجلات متصفح «دارتان» من 50 إلى 100 معلومة. وتقول الشركتان إن البيانات الموجودة على سجل المتصفح مجهولة الاسم وعامة. ثم تبيع «داتران» و«أكسيوم» الإعلانات على مواقع مثل «NBC.com» و«فيس بوك» و«ياهو» إلى شركات تستخدم معلوماتهما. وبالنسبة لشركات التسويق، تعتبر كل تلك البيانات نعمة. وطلبت شركة «بيلتون نيو إنغلاند» للمساعدة السمعية، من «داتران» العثور على أشخاص على الإنترنت يبلغون 65 أو أكثر، ويملكون منزلا ويعولون أسرة ويجنون أكثر من 35.000 دولار سنويا، ويعيشون في نيو إنغلاند لتتمكن من عرض إعلاناتها عليهم. واختبرت «داتران» أيضا الإعلانات ذاتها مع مجموعة أكبر من المستخدمين.

وقال بيري إيبل، مدير «بيلتون» للتسويق وتنمية الأعمال: «المفاجئ أننا وجدنا أن معظم المستجيبين سيدات تتراوح أعمارهن ما بين 35 و40 عاما ولديهن في المنزل آباء كبار السن». وقال إنه غير من عملياته التسويقية غير المتصلة بالإنترنت لتشمل تلك المجموعة.

وباستخدام بيانات العالم الواقعي على الإنترنت، يمكن أن تضع الشركات رسائل أكثر تخصيصا، لتعرض المنتجات المختلفة على الأشخاص ذوي العادات الشرائية المختلفة، سواء في إعلاناتها أو رسائلها الإلكترونية أو صفحات مواقعها شبه المخصصة.

وتستخدم دار «رودال»، التي تنشر كتبا بالإضافة إلى مجلات مثل «مينز هيلث» و«بريفنشن»، بيانات «أكسيوم» للمساعدة على تحديد أي من الرسائل الترويجية الإلكترونية سترسل إلى مَن المستخدمين. وربما تصاحب العروض المقدمة للنساء رسالة إلكترونية تقدم اشتراكا في عيد الأب في مجلة «مينز هيلث»، وكتابا مجانيا عن كيفية فقدان الدهون حول البطن. وربما يحصل الرجال على عرض آخر، كتاب يناسب اهتماماتهم. وتستخدم بعض البيانات البعيدة عن الإنترنت بصورة أفضل، فعلى سبيل المثال بعرض خصم على متسوق مقتصد وعرض منتجات بسعرها الكامل على المتسوق العادي.

ويقول كريستوفر ماريوت، المدير الإداري الدولي لـ«أكسيوم ديجيتال»، وهو أحد أقسام «أكسيوم»: «ربما يحصل الأشخاص الذين يشترون بكثافة أقل ويحترسون فيما يتعلق بالأسعار على صفقة أفضل من الأشخاص الذين يشترون بصورة متكررة، والذين سيشترون المنتج على أية حال».

وبالطبع، لا يجد المتسوقون سببا للتفكير في أن الإعلانات التي تصلهم مخصصة بناء على قيمة منزلهم أو ملكتيهم لسيارة «فولفو».

تقول بيتسي كوغزويل (49 عاما)، الاختصاصية الاجتماعية في «فوليرتون» في كاليفورنيا، التي تشتري باستمرار عبر الإنترنت: «إنه مثل الأخ الكبير قليلا». ولكنها تقول إنها ليست مصدومة. «يجب أن يعرف الناس أنه في كل مرة تكتب فيها معلومات عن ذاتك سيجمعها شخص ما».

وتتجنب بعض الشركات على الإنترنت التوفيق ما بين بيانات المتصل بالإنترنت وبيانات عدم الاتصال. وعام 2000، تخلت «دوبل كليك» عن خطط للتوصيل بين البيانات بعد إثارة غصب عارم. وتجري شركة «غوغل»، التي اشترت «دوبل كليك» فيما بعد، دراسات توصل بين العالمين، ولكنها، كما ذكرت ساندرا هيكينين، المتحدثة باسم «غوغل»، لا تجمع في الوقت الحالي أو تقدم أية إعلانات تعتمد على مثل تلك المعلومات الشخصية من دون إذن المستخدم.

وبينما تتعامل «أكسيوم» و«داتران» وبعض من شركائهما مع أسلوب تعقب البيانات في سياسات الخصوصية لديها، فإن مثل تلك السياسات أصبحت بلا قيمة، كما يقول روتنبيرغ. وأضاف: «إن الشفافية الحقيقية تعني أن المستخدم يصل إلى المعلومة، وليس إلى سياسة تتعلق بالمعلومة».

ويقول بول شوارتز، أستاذ القانون وخبير الخصوصية في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في بيركيلي، إن المشاركة على غير دراسة عن المستهلكين تجعل التسويق عبر الاتصال بالإنترنت مختلف عنه من دون اتصال.وقال: «تدخل وسائل الإعلام التفاعلية إلى ذلك الشيء على طريقة أورويل، حيث يكون لديها سجل بأفكارنا وحتى صناعة القرار. لقد أصبحنا موظفي إدخال البيانات للصناعة».

*خدمة «نيويورك تايمز»