مع تغير الأذواق السياسية.. مالك جديد لمجلة «ذي ويكلي ستاندرد»

بدأت قبل غزو العراق بـ6 أعوام العمل على تبرير الإطاحة بصدام حسين

TT

قبل غزو العراق بستة أعوام وقبل تنصيب جورج دبليو بوش رئيسا للولايات المتحدة، بدأت مجلة «ذي ويكلي ستاندرد» المحافظة، التي كان يملكها في ذلك الوقت روبرت موردوخ، العمل على تبرير السعي للإطاحة بصدام حسين من سدة الحكم في العراق من خلال مقال كان يحمل عنوان «يجب أن يذهب صدام». وفي ذروة تأثيرها خلال إدارة بوش، كانت المجلة تتمتع بعلاقة وطيدة مع البيت الأبيض، لا سيما داخل مكتب نائب الرئيس ديك تشيني الذي اعتاد أن يرسل لطلب 30 نسخة منها كل يوم أحد. ومنذ رئاسة رونالد ريغان، الذي كان مشتركا وقارئا نهمًا لـ«ناشيونال ريفيو»، لم يكن لمجلة صغيرة مثل هذه أثر بهذه الطريقة على فكر من يصنعون السياسات. ويقول ديفيد فروم، الكاتب المحافظ وكاتب الخطابات السابق للرئيس بوش: «فيما يتعلق بالسياسات الخارجية، كان لـ«ذي ويكلي ستاندرد» أثر كبير داخل إدارة بوش، فقد كانت بين المدافعين الأكثر إخلاصا عن الخطوط العريضة لسياسة بوش».

ولكن، في الوقت الحالي تحتل المجلة موقعا مختلفا نوعا ما لا يزال يتشكل داخل الساحة السياسية، حتى لو كانت هويتها لا تزال مرتبطة برئيس سابق غير محبوب، وحربه التي لا تحظى بشعبية والتي دخلت عامها السابع. وفي يونيو (حزيران)، سلم الملياردير المحافظ موردوخ المجلة إلى شخص آخر هو السيد فيليب أنسكوتز مقابل نحو مليون دولار، حسب ما قاله مسؤول تنفيذي قريب من السيد موردوخ شريطة عدم ذكر اسمه بسبب الرغبة في الحافظ على بنود الصفقة سرية. ويأتي المالك الجديد في وقت لا يشهد فيه الفكر المحافظ، لا سيما الصورة التي تبنتها مجلة «ذي ويكلي ستاندرد» والتي تعتمد على استخدام القوة الأميركية من أجل نشر الحرية في الخارج، رواجا كبيرا. ويرتبط أنسكوتز، الذي كسب المليارات من العمل في قطاعات البترول والعقارات وطرق السكك الحديدية والاتصالات قبل التحول إلى الإعلام، بدرجة كبيرة بالاتجاه المحافظ المسيحي وهو اتجاه ليس مرتبطا بالمجلة.

ويقول أعضاء في فريق العمل إن أنسكوتز، الذي قام بزيارة مكاتب المجلة في واشنطن مرة واحدة منذ شرائها لم يجتمع بفريق العمل كله. وقد طلب من المحررين الاثنين الكبار في المجلة وهما ويليام كريستول، الذي كان حتى العام الماضي كاتب عمود في صحيفة «نيويورك تايمز» وفريد بارنز، ألا يغيرا من الطبيعة الآيديولوجية للمجلة. ورفض أنسكوتز، كما هي عادته، إجراء مقابلة معه. وقال المتحدث باسمه جيم موناغان: «نحترم المجلة كثيرا، وكذا نقدر قيادة كريستول وبارنز، ونتطلع إلى زيادة التوزيع والإعلانات ووجودنا على الشبكة الإلكترونية». (ويكتسب الوجود على الشبكة الإلكترونية أهمية خاصة، حيث إنه على عكس «ناشيونال ريفيو» لدى «ذي ويكلي ستاندرد» اهتمام أقل بالشبكة الإلكترونية». ومنذ أن أسستها مؤسسة «نيوز كوربوريشن» الضخمة التي يسيطر عليها السيد موردوخ في 1995، لم تحقق المجلة أرباحا. ولا يعد ذلك أمرا مفاجئا حيث إن هذه المطبوعات السياسية لا تعمل في العادة من أجل الحصول على أرباح ولكن للترويج لأفكار وشعارات.

وحققت «ناشيونال ريفيو» المحافظة التي أسسها وليام بوكلي إبان إدارة أيزنهاور أرباحا خلال عام واحد هو عام 1994. وأسست «ذي نيشين» الليبرالية بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر على اغتيال أبراهام لينكولن. وحققت أرباحها الأولى عام 2003. ويقول تيري إيستلاند، ناشر «ذي ويكلي ستاندرد»: «تميل المجلات السياسية الصغيرة إلى أن تكون على هذا النهج، ولهذا أحيي أي شخص يرغب في دعم مجلة سياسية أو ثقافية».

ويقول موناغان إنه في ظل ملكية أنسكوتز ربما تكون للأرباح أهمية أكبر. وأضاف: «لا نشتري أصولا ونستهدف ألا تدر أرباحا».

وربما يكون على القدر نفسه من الأهمية لمعرفة أهداف السيد أنسكوتز النظر فيما دفع السيد موردوخ كي يبيع المجلة. ويقول إريك ألترمان، وهو كاتب عمود في «ذي نيشن» ومؤلف كتب مؤخرا: «لماذا نحن ليبراليون: دليل لاستعادة مثل أميركا الأكثر أهمية، فكرة أنه لم يعد يهتم بالسياسة المحافظة تبدو غريبة وغير مقنعة».

وقد ثبت أن اتجاه السيد موردوخ السياسي أكثر مرونة مما يتحدث عنه منتقدوه، فقد كان براغماتيا في ربط نفسه وشركته بالسلطة أكثر من الآيديولوجية. وقد دعم توني بلير في بريطانيا، وفي عام 2006 أيدت «نيويورك بوست» التابعة له هيلاري رودهام كلينتون لعضوية مجلس الشيوخ. كما استضاف موردوخ حملة لجمع التبرعات لصالح هيلاري كلينتون. وبعد انتخاب باراك أوباما بفترة قصيرة أخذت «ذي بوست» تتملقه على صفحاتها. ويقول السيد ألترمان إنه يشك في أن «ذي ويكلي ستاندرد» سوف تبقى «عدائية تجاه أوباما وأنها سوف تجعل الناس داخل الإدارة غضبى».

ويقول المسؤول في «نيوز كوربوريشن» القريب من السيد موردوخ إن عملية بيع «ذي ويكلي ستاندرد» إلى السيد أنسكوتز عبارة عن تسليم المطبوعة إلى «شخص أكثر حماسا تجاه الإبقاء على هذا الصوت».

وقد كانت العراق قضية أساسية في المجلة، وفي الفترة الأخيرة ارتبطت المجلة باختيار حاكمة ألاسكا سارة بالين كمرشحة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري. وفي 2007، قابل السيد كريستول والسيد بارنز بالين في رحلة إلى ألاسكا رعتها المجلة. وبعد ذلك تحدثا باستحسان عن ترشيحها. وتتناول المجلة جميع الموضوعات بدرجة من السخرية، وتجذب طريقة سردها، لا سيما تلك التي يستخدمها الكاتب مات لاباش القراء بغض النظر عن الاهتمامات السياسية. ويقول إيستلاند: «هناك مساحة للمرح والسخرية». ولكن أصبح ترشيح بالين ومؤهلاتها لهذا المنصب الكبير نقطة انطلاق لاتجاهين متضادين للمنحى المحافظ. وكان السيد فروم، وهو كاتب عمود سابق في «ناشيونال ريفيو» دشن خلال العام الحالي موقعه الشخصي، من هؤلاء الذين انتقدوا اختيار بالين. وعليه، ما هو موقع «ذي ويكلي ستاندرد» في الخطاب المحافظ خلال عصر أوباما؟

يقول السيد فروم: «لا يوجد خطاب محافظ في الواقع حاليا، ولا يريد المحافظون أن يقوموا بتحليل شديد للأسباب التي جعلتهم يخسرون في 2008. لن يكون لدينا خطاب جاد حتى نعترف أن المواطن الأميركي العادي كان أقل ثراء بعد سنوات بوش الثمانية».

ولكن، البقاء في المعارضة يمكن أن يعود بالنفع. ويقول السيد إيستلاند: «في بعض الأحيان يكون الرئيس أو الإدارة التابعان لاتجاه معين سبب نشاط كتّاب من الاتجاه الآخر، وربما يكون ذلك دافعا لهم».

*خدمة «نيويورك تايمز»