صحيفة «واشنطن بوست» تلغي مجلتها الأسبوعية لتحد من الخسائر المالية

بعد تراجع مبيعاتها من 150 ألف نسخة إلى 20 ألفا

تراجع مبيعات مجلة «واشنطن بوست» الأسبوعية يعجل بإلغائها بعد 25 عاما من الصدور («واشنطن بوست»)
TT

تعاني الصحافة المكتوبة في الولايات المتحدة من تراجع حاد في عدد قرائها مقابل ارتفاع عدد القراء على المواقع الالكترونية. وباتت كبرى المطبوعات، مثل صحيفتي «يو إس إيه توداي» و«نيويورك تايمز»، تعتمد على مواقعها الالكترونية للتواصل مع قرائها وحتى لجلب الإيرادات من خلال الإعلانات على تلك المواقع. ووصلت الحالة ببعض هذه الصحف إلى اتخاذ مطبوعات مرموقة، مثل صحيفة «كريستيان ساينس مونيتار»، قرار بإلغاء الطبعة الورقية أصلا والاعتماد كليا على الانترنت والطبعة الالكترونية للإبقاء على العمل.

وعلى الرغم من تلك التطورات التي تسارعت في السنوات العشر الأخيرة مع تطور الانترنت وانتشار استخدامه في الولايات المتحدة وحول العالم، ظلت الصحف التقليدية ملتزمة بالطبعة الورقية. إلا أن صحيفة «واشنطن بوست» العريقة فاجأت قراءها أمس بإعلانها وقف إصدار مجلتها الأسبوعية، التي تحمل «النسخة الوطنية الأسبوعية» بحلول نهاية العام الجاري. وعلى الرغم من أن «النسخة الوطنية الأسبوعية» ليست واسعة الانتشار إلا أنها كانت خلال الـ25 عاما الماضية مهمة لمن يحب صحيفة «واشنطن بوست» ولا يسكن في واشنطن، إذ توزع في كافة أرجاء الولايات المتحدة، وتحمل أفضل ما تم نشره في الصحيفة اليومية خلال أسبوع. وهذه المطبوعة تخصص صفحاتها بست فئات، وهي السياسة الداخلية الأميركية والأخبار الخارجية والاقتصاد والتطورات الاجتماعية بالإضافة إلى صفحات الرأي وصفحات خاصة بأفضل الكتب الصادرة في الولايات المتحدة وحول العالم. وكان الهدف من إطلاق المجلة قبل 25 عاما أن توصل للقارئ أفضل ما ينشر في أعداد الصحيفة اليومية وأبرز ما يحدث في واشنطن وحول العالم أينما كان. واختارت الصحيفة الإعلان عن هذا القرار من خلال المدونة الالكترونية لممثل الصحيفة الرسمية اندرو الكساندر، الذي يعتبر رقيبا على صحيفة «واشنطن بوست» ومستقلا عنها. واعتبر الكساندر أن المجلة الأسبوعية «ضحية الاقتصاد السيئ والتوزيع المتضائل»، إذ تعاني من فقر الإعلانات والمبيعات في وقت تزداد فيه المنافسة. وأفاد الكساندر في مدونته يوم الثلاثاء الماضي أن العدد الأسبوعي المباع من المجلة تراجع خلال عشر سنوات من 150 ألف نسخة إلى عشرين ألفا.

وقالت المسؤولة عن إصدار المجلة الأسبوعية شارون سكوت إن «عدد المشتركين في الأعداد الأسبوعية في طور الزوال»، وان الأرباح كانت مقبولة في السنتين الأخيرتين غير أن ذلك قد لا يستمر طويلا.

وحققت مجموعة «واشنطن بوست» أرباحا في الربع الثاني من هذه السنة بفضل عائدات قسمها المخصص للكتب التربوية، بيد أن الصحيفة نفسها تعاني من عجز مالي جراء انخفاض نسبة الإعلانات المرتبط بتراجع المبيع وتخلي القراء عن شراء الصحيفة وتوجههم إلى المواقع الالكترونية المجانية.

وامتنع الكساندر عن التعليق أكثر على هذا القرار وتبعاته على مجموعة «واشنطن بوست»، قائلا في رسالة الكترونية لـ«الشرق الأوسط» إنه يحرص على استقلاليته من الصحيفة. وأوضح الكساندر أن قراء الصحيفة يشملون «من كان يعيش في واشنطن وتركها ويحن إلى الصحيفة اليومية ويفضلون قراءة بعض مقالاتها على طبعة ورقية» بدلا من الاعتماد على الموقع الالكتروني.

وتباع المجلة التي من المتوقع وقف إصدارها نهاية هذا العام بتكلفة 1.95 دولار للعدد الواحد، وتضم 40 صفحة، غالبيتها خالية من الإعلانات. واعتبرت شركة «واشنطن بوست» أن عدم ملء الصفحات بالإعلانات يجعل المجلة أكثر شعبية بين القراء. كما أن المجلة من المطبوعات النادرة في الولايات المتحدة التي ليس لديها موقع الكتروني خاص بمضمونها، إذ غالبية المضمون على موقع صحيفة «واشنطن بوست» نفسها. ويعمل لدى المجلة 4 موظفين، اثنان منهم يعملان يوميا واثنان بشكل مؤقت. ولم توضح الصحيفة بعد إذا كان سيعرض على الأربعة عمل في صحيفة «واشنطن بوست» أم سيسرحون من العمل. وقال نائب رئيس شركة «واشنطن بوست» بوافيلي جونز جونير إن المجلة «مطبوعة جيدة ويجب أن تشعر الشركة وموظفوها بالفخر فيها»، لكنه أردف قائلا في المدونة الالكترونية لـ«واشنطن بوست» أن «الصحيفة، في هذه المرحلة، لا تستطيع تمويلها». يذكر أن نتائج الربع الثاني من هذا العام، التي أعلنتها صحيفة «واشنطن بوست» في 31 يوليو (تموز) الماضي، شملت دخلا إجماليا بقيمة 11.4 مليون دولار، مقارنة بخسارة إجمالية قيمتها 2.7 مليون دولار، للفترة المماثلة العام الماضي. وتعمل الصحيفة على خفض مصاريفها وتقليص نشاطاتها لمواكبة الأزمة الاقتصادية وتراجع الإيرادات من الإعلانات. وتعتبر خطوة غلق «النسخة الوطنية الأسبوعية» من بين الإجراءات التي تعتزم الشركة اتخاذها للتخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية خلال العام المقبل.

ومن الملفت أن قرار إلغاء مجلة «النسخة الوطنية الأسبوعية» لم يحصل على ردود فعل واسعة من القراء. وعلق 6 قراء فقط على هذا الخبر، كلهم متفقون بأن القرار غير مفاجئ إذ لا تحصل المجلة على إعلانات كثيرة وغير معروفة إجمالا في الأسواق الأميركية مقارنة بمجلات واسعة الانتشار مثل «نيوزويك» التي تنشرها شركة «واشنطن بوست». ومع ذلك، فإن القرار ينهي مرحلة من مراحل صحيفة «واشنطن بوست» وينذر بالمزيد من الضغوط على المطبوعات الورقية في عصر التقنية الالكترونية.