القطاع العقاري رافد إعلامي جديد للصحف السعودية حجّمته الأزمة العالمية

80 مليون ريال حجم إعلاناته السنوية.. انخفضت بنسبة 70% هذا العام

حضور مكثف للإعلام العقاري في المناسبات الاقتصادية بوجه عام والعقارية على وجه الخصوص (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

كشف خبراء عقاريون وآخرون إعلاميون، عن انخفاض حجم السوق الإعلانية العقارية في السعودية بنحو 70 في المائة، ليصل إلى 24 مليون ريال، بعد أن كان 80 مليون ريال نهاية العام الماضي، تنفقها شركات هذا القطاع سنويا.

ورجع الخبراء أسباب الانخفاض إلى تداعيات الأزمة العالمية، وبالتالي توقف العديد من المشروعات العقارية، إضافة إلى اتجاه الكثير من الشركات العقارية نحو ما يُعرف بشركات التسويق العقاري، التي تقدم خدمات الترويج طوال العام، وكذلك ظهور صحف إعلانية متخصصة بأسعار منافسة. ولمواجهة ذلك اتجهت معظم المؤسسات الإعلامية الورقية منها على وجه الخصوص إلى خفض أسعار إعلاناتها، والاتجاه نحو مجاراة تلك الصحف المتخصصة، بإصدار ملاحق إعلانية متخصصة، مثل «الوسيط» التي تصدر عن صحيفة «المدينة»، و«سوق عكاظ» التي تصدر عن صحيفة «عكاظ»، و«المبوبة» عن صحيفة «اليوم»، إضافة إلى «الوسيلة» عن شركة «تهامة»، وقناة «العقارية» الفضائية، التي توقف بثها بالتزامن مع الأزمة العالمية، وجميعها تقدم خدماتها الإعلانية للإفراد والشركات برسوم رمزية، وتوزع مجانا مع الصحف، وفي المواقع العامة، وتحظى بقبول وطلب كبير من القراء.

وهو الأمر الذي أكده علي الفيفي رئيس تحرير مجلة «أصول» العقارية المتخصصة في العقار، من أن الأزمة المالية أثرت في سوق الإعلان العقاري بنحو 70 في المائة، ولكن على الرغم من ذلك فإن السوق العقارية لما تحمله من رواج وطلب يفوق المعروض قادرة على العودة مجددا بعد انتهاء التداعيات وعودة الأمور إلى نصابها.

من جهته أكد محمد العمر اختصاصي الإعلان في صحيفة المدينة الانخفاض والتأثير في حجم المادة الإعلانية المنشورة هذا العام مقارنة بالسابق، وأشار إلى أنهم كصحيفة اضطروا لمواجهة ذلك إلى تقديم عروض إعلانية منافسة، من خلال تقديم خدمات مساندة مجانية وبأسعار رمزية للملاحق التحريرية، ونشر الإعلان في الصحف الإعلانية المساندة التابعة للصحيفة مثل «الوسيط».

وهنا يعلق علي العمري مدير إدارة الملاحق بصحيفة «عكاظ» بأن الانخفاض بدا واضحا مع تداعيات الأزمة العالمية، وتوقف الكثير من المشروعات العقارية الكبيرة، وقال: «سعينا كصحيفة إلى استخدام تقديم المواد التحريرية المتزامنة، لحث المعلن على الإعلان والقارئ على الاطلاع على الإعلان من خلال المادة التحريرية».

ولكن اختصاصي الإعلان في صحيفة «المدينة» عاد ليؤكد أن نسب الانخفاض تختلف من مدينة إلى أخرى، فالمدينتان المقدستان مكة المكرمة والمدينة المنورة، والمناطق ذات الطلب العقاري الكبير، لم تتأثر كثيرا، مشيرا إلى أن الانخفاض مرتبط بتوقف المشروعات العقارية الكبيرة، خصوصا ذات رؤوس الأموال الأجنبية، التي تأثرت دولها بالأزمة وأحجمت عن الإعلان.

وأبان عبد الله الأحمري نائب رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية أن شركات العقار تنفق سنويا نحو 80 مليون ريال على الإعلان، إلا أن هذا المبلغ انخفض إلى ما يزيد عن 70 في المائة العام الماضي، بسبب تداعيات الأزمة العالمية لتخفيض المصاريف.

وأضاف: «توجه العقاريين الصحف الإعلانية المساندة التي تقدم الإعلان بسعر منافس وتلقى رواجا أكبر، والتوجه إلى شركات التسويق العقاري التي تسوّق المنتج طوال العام بعكس الإعلان المرتبط بوقت معين».

ويرى بندر الحميدة عضو اللجنة العقارية ولجنة المقاولين في الغرفة التجارية بمكة المكرمة، أن الشركات العقارية أُجبرت على استحداث إدارات متخصصة للقيام بدور الترويج والإعلان العقاري كجزء من التسويق لخفض التكاليف، مؤكدا أن سوق الإعلان العقاري تتجاوز في الصحف الإعلانية البسيطة 40 مليون ريال، وتزيد عنها في الصحف والقنوات المتخصصة للوصول إلى شريحة أكبر من المستهلكين.

ويقول خالد المبيض من شركة «بصمة» للتسويق العقاري، إن لجوء الشركات العقارية إلى الإعلام العقاري والإعلان في الصحف يعود إلى الحاجة الملحّة لتقديم الخدمات العقارية وإيصالها إلى المستهلكين الصغار، مضيفا أن جدوى الإعلان تختلف بحسب الهدف، فشركات التطوير العقاري تهدف إلى الوصول إلى المستهلك النهائي، وهي الشريحة الأكبر، أما شركات التسويق فتسعى لإيصال الخدمات لرجال الأعمال والمستثمرين.

وألمح المبيض إلى تأثر سوق الإعلان العقاري بشكل كبير أواخر السنة الماضية، بسبب تداعيات الأزمة العالمية، خصوصا لدى شركات التطوير العقاري لغياب المنتج المسوَّق له، خصوصا في ظل تقلص عدد المشروعات، بعكس شركات التسويق العقاري، التي زادت من إعلاناتها المختصة بتقديم خدمات التثمين وغيرها من الخدمات العقارية.

وبحسب إحصائيات رسمية يعد السعوديون أقل سكان العالم امتلاكا للمساكن، حيث تحتاج السعودية إلى نحو 10 ملايين وحدة سكنية خلال العشر السنوات القادمة لسد هذه الحاجة، كما أشارت الإحصائية إلى أن السواد الأعظم من رجال الأعمال السعوديين يعملون في العقار. تلك الأرقام بحسب آراء الخبراء وجدت فيها شركات التطوير والاستثمار العقاري محفزا لنجاح صفقاتها، كما وجدت فيها المؤسسة الإعلامية حافزا للدخول إلى صناعة إعلامية جديدة مختصة بقطاع العقار، وتهتم بهذه السوق الكبيرة على مستوى الخليج العربي والشرق الأوسط، الذي يشهد طفرة عقارية كبيرة تفوق مثيلاتها في العالم، خصوصا في السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وبحسب علي الفيفي رئيس تحرير مجلة «أصول» العقارية فإن الإعلام العقاري وحتى ما قبل عام 2000 لم يكن موجودا، وكانت بدايته في نفس العام ضعيفة من خلال الإعلام الاقتصادي وبعض التقارير البسيطة، ومع توسع النشاط العقاري زادت حصته في الإعلام المقروء بتخصيص الصحف المحلية لصفحات تهتم بالشأن العقاري، إلى أن تطور الأمر وأصبح الآن صناعة متخصصة عبر صحف ومجلات عقارية وقنوات فضائية متخصصة.

وأضاف الفيفي: «بدأت تلك الوسائل الإعلامية في البحث واستقطاب المحررين ذوي الخبرة والقريبين من السوق العقارية، في ظل غياب المعلومة العقارية عن المستهلكين، وهو الأمر الذي أوجد سوقا إعلانية كبيرة للصحف، خصوصا في ظل الطلب الكبير على العقار وعدم مقدرة الشركات العقارية الكبيرة السعودية منها والأجنبية على الوصول إلى المشترين الصغار، الأمر الذي استطاع الإعلان وشركات الوساطة إيصاله، كما أن شركات الوساطة بدورها لم تجد خيرا من الإعلان العقاري سبيلا للوصل إلى أكبر شريحة من المستفيدين».

ويرى عقاريون في الإعلام العقاري مساحة لتسويق منتجاتهم للوصول إلى المستهلكين، كما أبان بندر الحميدة بقوله: «تتيح قنوات الاتصال الإعلامية للعقارين التسويق لمنتجاتهم والوصول للمستهلكين وتطوير المنتج العقاري نفسه لنحو 10 آلاف شركة عاملة في هذا القطاع».

ويقول خالد المبيض من شركة «بصمة» للتسويق العقاري عن الإعلام العقاري المرئي والمقروء ولجوء شركات التسويق لها، إنها تفتقر إلى المصداقية ولا تغطي الشريحة الأكبر من السوق، بعكس الملاحق اليومية في الصحف ذات الرواج الأكبر».