مجلس الشيوخ الأميركي يدرس قانون «درع المراسل» الجديد

الصحافيون سيضطرون للكشف عن مصادرهم في بعض القضايا الخاصة

فاليري بليم المحللة في وكالة المخابرات المركزية الاميركية تؤدي القسم قبل الادلاء بشهادتها امام هيئة الرقابة والاصلاح في الكونغرس (أ ب)
TT

تدرس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي هذا الأسبوع، النسخة الجديدة من قانون «درع المراسل».

وقد حظي التشريع ـ الذي دعمه الحزبان الجمهوري والديمقراطي، والذي يعطي الحرية للمراسلين بإخفاء أسماء مصادرهم السرية التي تقدم معلومات مقابل وعود بالسرية ـ على دعم كبير على مدار الأعوام الماضية من الشركات الإعلامية، حيث مارست ضغوطا على النواب لتمرير القانون. وكان ذلك بمثابة رد فعل لتلك الشركات على زيادة عدد مذكرات الاستدعاء للصحافيين من قبل إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ومن بينها القضية الشهيرة التي لقيت حيزا إعلاميا كبيرا إثر الكشف عن هوية فاليري بلمر ويلسون ضابط (سي.آي.إيه) المتخفي، بالإضافة إلى مذكرة الاستدعاء التي صدرت في فبراير (شباط) 2008، بحق أحد مراسلي «نيويورك تايمز»، لإجباره على الكشف عن مصادر تحدث معها لكتاب صدر عام 2006، يتناول وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية (سي.آي.إيه). وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في وقتها أن المذكرة أرسلت إلى شركة المحاماة التي تمثل الصحافي جيمس رايسن، لتأمره بالمثول أمام المحكمة الفيدرالية العليا في الكساندريا بولاية فرجينيا في السابع من فبراير (شباط) 2008، بهدف الحصول على مصدر المعلومات لفصل معين من كتاب «حالة حرب». وعلى الرغم من موافقة مجلس النواب على قانون مشابه في 31 مارس (آذار) عام 2007، فإن تشريع «الدرع» واجه بعض المشكلات في مجلس الشيوخ نتيجة لمعارضة النواب الجمهوريين، إضافة إلى الرئيس السابق جورج دبليو بوش ووزارة العدل.

وكان الرئيس باراك أوباما قد أشار خلال حملته الانتخابية إلى تفضيله لهذا القانون، وقال إريك هولدر المدعي العام الأميركي خلال جلسة التصديق على توليه المنصب: «إن القانون الذي تم وضعه بعناية شديدة ملائم جدا»، غير أن وزارة العدل لم تحدد موقفها تجاه التشريع الذي أقره مجلس النواب أو المسودات التي يدرسها مجلس الشيوخ. وعلى الرغم من السهولة التي مرر بها القانون في مجلس النواب عبر التصويت، فإن خمسة من أعضاء اللجنة القضائية من الجمهوريين تساءلوا في انتقادهم للإجراء عن كم الضغوط التي مارستها الشركات الإعلامية لتمرير القانون.

وكتب السيناتور لامار سميث العضو الجمهوري عن ولاية تكساس وأحد أبرز أعضاء الأقلية وإف جيمس سينسنبيرنر عن ولاية ويسكنسون وداريل إيسا عن ولاية كاليفورنيا وستيفن كنج عن ولاية أيوا وجريج هاربر عن ولاية مسيسيبي: «كثيرا ما نسمع من وسائل الإعلام عن أخطار ممارسة الضغط، وكيف أن الكونغرس أسير للمصالح الخاصة، لكن المنابر الإعلامية تضغط على أعضاء مجلس النواب، بصورة تخدم مصالحها، لدعم قانون «الدرع» أو مواجهة عواقب الرفض. وربما يكون من غير الأخلاقي إجراء مكالمات هاتفية وكتابة المقالات الافتتاحية لدعم القانون عندما تكون الدوافع مصلحة شخصية».

وقال الجمهوريون الخمسة: «لا توجد وسيلة لقياس أو تحديد قيمة إسهامات الصحافي».

واستأجرت وسائل الإعلام والاتحادات جماعات ضغط لدعم قانون مجلس النواب بحسب التقارير الواردة عن كابيتول هول: فقد استأجرت صحيفة «الواشنطن بوست» «بودستا غروب»، والتي أعلنت في الربع الأول من عام 2009 عن تلقيها 10000 دولار للضغط من أجل القانون. كما دفع اتحاد الصحف الوطنية 50000 دولار في الربع الأول من عام 2009 لـ «هيزر بوديستا آند أسوسيشيتس» وأنفقت الجمعية الأميركية لمحرري الصحف أقل من 5000 دولار على الضغط خلال تلك الفترة. وكانت غالبية الشركات الرئيسة العاملة في مجال التلفزيون أو الطباعة مثل «نيوز كورب» و«جنرال إلكتريك» و«تيم وارنر» قد أعلنت عن إنفاق ملايين في مجال الضغط، لكن كم الأموال التي أنفقت على قانون الدرع وحده لا يمكن تحديدها.

وبموجب تشريع مجلس الشيوخ لن يضطر الصحافي إلى الكشف عن مصادره السرية أو المعلومات التي حصل عليها بموجب وعد بالسرية، عدا في الأحوال التي تتعلق بالتحقيقات الجنائية أو الدعاوى القضائية أو القضايا المدنية التي تكون فيها هوية المصدر أو المعلومات التي تم الحصول عليها بموجب وعد بالسرية ضرورية لتسوية الأمر. وفي كلتا الحالتين ستضطر الحكومة أو المتقاضون في القضايا المدنية إلى استخدام كل الوسائل المتاحة قبل التحول إلى المصادر السرية. وفي محاولة لمواجهة الاعتراضات بأن حماية المراسلين يمكن أن تؤثر على حالات جنائية محددة، أضاف قانون مجلس الشيوخ المراجع استثناء المعلومات التي أتت من سلوك جنائي أو من مشاهدة عمل جنائي.

ولن تشمل إجراءات مجلسي النواب والشيوخ، الأشخاص الذين يعملون كوكلاء لقوى أجنبية أو مرتبطين بمنظمات إرهابية موضوعة على لائحة الحكومة. كما أنه يستثني أيضا الأفراد الذين يقدمون المساعدة لتلك المجموعات.

وفي حال تعلق القضية بمعلومات سرية فإن حماية المصدر تلزم الحكومة عرض المواد السرية كاملة. ويحدد القاضي بعد جلسة استماع ثبوتية ما إذا كان ذلك الكشف عن هذه المعلومات يمكن أن يسبب ضررا للأمن القومي يفوق فوائد المصلحة العامة لدى الكشف عنها.

وقال السيناتور تشارلز سكومر العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا: «تلك التسوية توفق بين حاجة الأميركيين إلى الأمن وحقهم في أن يكونوا دولة حرة تمتلك صحافة حرة».

فيما قال السيناتور آرلن سبكتر العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا: «لقد اقتربنا من تمرير هذه المسودة كما يجب أن تساعدنا تلك التعديلات في النهاية على اجتياز خط النهاية في الكونغرس».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»