الصحافة المطبوعة بكامل حيويتها في الإعلانات التلفزيونية

تعتمد عليها الحملات الانتخابية والإعلانات التجارية

TT

ربما يجد كل القلقين بشأن تناقص معدلات توزيع الصحف وتضاؤل نفوذ الصحافة المطبوعة العزاء عند مشاهدة التلفزيون في فيرجينيا هذه الأيام. فما زال بعض الناس يعتقدون أن المواطنين ما زالوا مهتمين بما تنشره الصحف، وهؤلاء هم الذين يكتبون ويعدون الإعلانات التلفزيونية للمرشحين السياسيين.

وتعود استراتيجية استخدام الأقوال المقتبسة من الصحف في الإعلانات السياسية إلى عصور كثيرة ماضية. ومن المستحيل أن تفتح التلفزيون في فيرجينيا هذا العام دون أن تسمع «تقول الـ(تايمز)» أو «تؤكد الـ(واشنطن بوست)».

وعلى الأقل اعتمدت الحملات الانتخابية لثلاثة من المرشحين الجمهوريين بينهم روبرت ماكدونيل على الأقوال المقتبسة من واحدة أو أكثر من صحف الولاية. وحتى المرشح الديمقراطي كريغ دييدس قد فعل الشيء نفسه. وتستهدف تلك الأقوال المقتبسة من الصحف إضفاء المصداقية والموضوعية على رسالة المرشح، وذلك بغض النظر عن أن الكثير من تلك الاقتباسات تم استقطاعها من مقالات الرأي التي لا تستهدف أن تكون موضوعية بالدرجة الأولى.. أو أنه في أغلب الأحيان يتم تجاهل المعلومات المهمة وتجتزأ الاقتباسات من سياقها، كي تعني شيئا لم تكن تستهدفه في الأساس. فمثلا وفي الإعلانات التي تبث على الهواء حاليا نسمع أن الـ«واشنطن بوست»: «ليست على علم بأي تشريع جديد يستهدف منع الأزواج من استخدام وسائل تحديد النسل» يؤيده ماكدونيل. ولكننا نسمع كذلك إن «الواشنطن بوست» أكدت «أن ماكدونيل قد صوت على منع تحديد النسل».

هل يمكن أن تكون كلا المعلومتين صحيحة؟ بشكل من الأشكال. نعم. فكلا الاقتباسين مأخوذ من صحيفة الـ«واشنطن بوست»، وكلاهما يستهدف نقل المعلومات نفسها التي ترصد آراء ماكدونيل المتعلقة بتحديد النسل.

وكان الاقتباس الذي استخدم في حالة ماكدونيل مأخوذا من مقال تفاعلي على شبكة الإنترنت لتفنيد الحقائق المتعلقة بجدال المرشحين أمام غرفة التجارة بـ«فيرفاكس كاونتي» خلال الشهر الماضي. بينما كان الاقتباس الذي استخدمه دييدس في حملته الانتخابية مأخوذا من مقال نشر في الصحيفة يستهدف فحص مصداقية إعلانات دييدس التلفزيونية. ويمكن تلخيص جوهر الحملتين في ظل مخاطر إنتاج المزيد من الاقتباسات للأغراض الإعلانية.

صوت ماكدونيل على حظر استخدام حبوب منع الحمل (التي يتم تعاطيها في الصباح التالي للممارسة الجنسية) في الحرم الجامعي، وعلى إزالة المعلومات المتعلقة بتحديد النسل من المنشورات التي يتسلمها الأشخاص الراغبون في الزواج عند التسجيل للحصول على تصريح الزواج، كما أنه يعارض التشريع الذي يطالب شركات التأمين بالتكفل بوسائل منع الحمل. وعلى أي حال، فقد قال ماكدونيل إنه لا يعارض تحديد النسل بالنسبة للمتزوجين، كما لم توافق الجمعية العامة أبدا على التشريع الذي يحظر على الأزواج استخدامه.

وبالتالي، استطاعت الحملتان الانتخابيتان أن تجد عبارات في المقالين تخدم أهدافهما، وتمكنت كلتا الحملتين من استغلال الـ«واشنطن بوست» لتعزيز آرائها.

ومما يثير السخرية، أن القوة نفسها التي يعتقد أنها السبب الرئيسي في انخفاض توزيع الصحافة المطبوعة ـ شبكة الإنترنت ـ قد تحولت حاليا إلى وسيلة لتعزيز انتشارها، وذلك من خلال استغلال الحملات الانتخابية للأقوال المقتبسة من الصحافة المطبوعة. ففي عصر الإنترنت، بدأ الصحافيون وكاتبو المقال في إنتاج عدد كلمات أكبر من الكلمات يوميا. بالإضافة إلى أنه أصبح بإمكان الحملات أن تستغل ذلك العدد الكبير من المقالات المنشورة في الصحف، والعدد الكبير من المدونات، والتعليقات المنشورة على موقع «تويتر» بعد تنقيتها لكي تتلاءم مع ما تريده.

وكان دائما كبار المسؤولين عن الحملات يتوسلون إلى الصحافيين كي يتوخوا الحذر قبل نشر أي موضوعات على شبكة الإنترنت، وأن يتذكروا دائما أن لهذه الكلمات أثرا يوازي المقالات التي تتم كتابتها بحذر أكبر بغرض النشر في الصحف.

ومن القوى الأخرى التي أدت إلى انتشار الأقوال المقتبسة من الصحف خلال العام الحالي ـ خاصة الكلمات التي يتم اقتباسها من صحيفة محددة يتم توزيعها بين ضفتي نهر الراباهانوك ونهر البوتوماك ـ كان التأثير الذي حصلت عليه الـ«واشنطن بوست» خلال الانتخابات التمهيدية في الربيع الماضي.

ففي ظل ما اعتبر تأييدا من هيئة تحرير الـ«واشنطن بوست» لدييدس والذي ربما مثل مفتاحا لانتصاره على مواطنه الديمقراطي برايان موران وتيري ماك أوليفي، لم يكن مفاجئا أن يسعى كلا المرشحين للحصول على ذلك النفوذ خلال الجولة الثانية.

وفي الأسابيع القادمة سوف تبدأ الهيئات التحريرية عبر الولاية الانحياز إلى أحد الجوانب في السباق الانتخابي. وسوف يقدم هؤلاء المادة الأساسية التي تحتاج إليها الحملات الانتخابية.

وفي الوقت الراهن، نقدم لك نصيحة متواضعة: لا تعتمد على الحملات الانتخابية كي تكتشف ما كتبته الصحف حول تلك الحملة. بل تفقد المصدر الأصلي، واشتر نسخة من تلك الصحيفة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»