غياب واضح لكاتبات برامج السهرة على شاشات التلفزيون الأميركي

رغم هيمنتهن على فترات البث الصباحية وذروة المشاهدة

الهيمنة النسائية على برامج الفترة الصباحية لم تشفع لهن بالحضور بكثرة في برامج المساء («نيويورك تايمز»)
TT

تهمين السيدات لا الرجال اليوم على التلفزيون بصور عدة، فأعداد مشاهدات التلفزيون تفوق مثيلاتها من الرجال، كما لاقت المنتجات والكاتبات التلفزيونيات نجاحا كبيرا في برامج فترة ذروة المشاهدة أو البرامج التي تبث خلال الفترة الصباحية، إلى جانب شغل النساء لاثنين من بين كل ثلاثة مقاعد معلقي شبكات الأخبار. بيد أن هناك الاستثناء الأبرز في ذلك ندرة السيدات في غرف كتابة برامج فترة السهرة (البرامج الذي تذاع في الفترة من الحادية عشرة مساء وحتى الثانية صباحا) على الرغم من تشكيل النساء القاسم الأكبر بين المشاهدين في هذا التوقيت. إذ لا توجد كاتبة في برنامج «جاي لينو شو» الجديد أو برنامج «ديفيد ليترمان» أو برنامج «ذا تونايت شو وذ كونان أوبراين». وقد عاد النقاش بشأن عدم وجود النساء في هذه البرامج إلى الواجهة مرة أخرى مع اعتراف ديفيد ليترمان بإقامة علاقات عاطفية مع العاملات ضمن الفريق المعاون له. وفي مقال لموقع «فانيتي فير»، وصفت نيل سكوفل، الكاتبة السابقة لليترمان تجربتها في العمل معه أواخر الثمانينات، مشيرة إلى أنها كانت «بيئة عمل يصعب التأقلم معها» كان من أهم سماتها علاقات ليترمان العاطفية مع العاملات ضمن الفريق المعاون له.

وقالت في رسالة بريد إلكتروني: «إن الكتابة لبرامج فترة السهرة تعد بداية متميز للعمل في التلفزيون وإذا ما حرمت النساء فإنها بذلك تخفض من فرصهم في مواصلة مشوارهم في الكوميديا». وقد استشهد محامي دفاع المتهم بابتزاز ليترمان بمقالها. وكان ليترمان قد ظهر خلال أواخر الثمانينات وحقق نجاحا كبيرا هيمن به على برامج السهرة. وبرغم وصول نسبة مشاهدي ليترمان من السيدات إلى 55 في المائة و53 في المائة للينو و51 في المائة لأوبراين، تظل غرفة الكتابة لهؤلاء النجوم أكثر هيمنة من الرجال.

وقال ستيف بودو الكاتب الرئيس لبرنامج «ذا ديلي شو» إن سيطرة الكتاب من الرجال على البرامج الليلية لم تتأثر كثيرا في السنوات الأخيرة على الرغم من استئجار برنامجه لكاتبتين في الآونة الأخيرة. وقال عن الجهود الخاصة التي قام بها البرنامج لإدخال العنصر النسائي إليه: «النساء لديهن وجهة نظر مختلفة نود أن نعرضها في البرنامج». وقالت هالي هوغلاند، أحد الكتاب الجدد في برنامج «ديلي شو»: «عندما تكتب لبرنامج فترة السهرة فإنك بذلك تكتب من منظور شخص واحد هو مقدم البرنامج». فيما قالت أليسون سوليفان التي عملت من قبل ككاتبة في برنامج «ذا ديلي شو» ثم انتقلت إلى فريق كونان أوبراين، إنها لم تجد مشكلة في الكتابة للرجال، ولا تعتقد أن قضية رهافة المشاعر خطأ، فمقدمو البرامج والعاملون في البرنامج الذين عملت معهم متشابهون.

ومن المثير للدهشة أن فكرة برنامج «ذا ديلي شو» كانت لسيدتين هما ليز وينستيد ومادلين سميثبيرغ عام 1996 لمحطة كوميدي سنترال عام 1996. كما كانت ميريل ماركوي أكثر الكاتبات شهرة في البرامج الليلة، والتي كانت صديقة لليترمان لفترة طويلة والتي كانت أيضا أسهمت بشكل كبير في نجاحه في برامج فترة السهرة في الثمانينات.

وتعترف هؤلاء النساء بأن توظيف النساء ككاتبات في هذه البرامج كان تحديا هائلا. فقالت وينستيد في مقابلة معها عبر الهاتف: «إنه قانون المعدلات، فالرجال يشكلون غالبية العاملين في البرامج الفكاهية». وعندما سعت مع سميثبيرغ إلى الحصول على كاتبات من أجل البرنامج لم توظف سوى ثلاث أو أربع سيدات من بين 100.

وتذكر ماروكي حجم الضغوط التي مرت خلالها لاستئجار كتاب من أجل برنامج ليترمان. وقالت في مقابلة عبر البريد الإلكتروني: «لم تكن لدي الحرية للقيام بإدخال سيدات إلى فريق الكتابة في البرنامج»، حيث واجهت صعوبة شديدة في استئجار سيدات. وكتبت مضيفة: «إن التوقعات السيئة لا تساعد في هذه المواقف. في ذلك الوقت لم يخطر ببالي أنه سيكون هناك نمط معين لجميع الرجال لأنني لم أكن واحدة منهم. وبدلا من ذلك ركزت على ضرورة أن تسير الأمور بشكل طيب حتى يشعر ديف بارتياح. لكن ذلك لم يحدث على الإطلاق». وقالت ماركوي إنها اعتقدت أن ما أسمته «تحولا غريبا نحو نجومية الرجال في مجال الدعابة في التسعينات ربما يكون قد أسهم في إحجام النساء عن محاولة الدخول إلى عالم برامج السهرة. وربما تتمكن شعبية هوارد ستيرن من القيام بأمر ما تجاه ذلك». مهما كانت الأسباب فمن الواضح أن برامج فترة السهرة باتت ذكورية خالصة. وقالت سميثبيرغ في رسالة إلكترونية: «كان يمكن أن أسير إلى مكتب ليز حيث يجتمع الكتاب لسماع أحدث النكات، وكان يمكن أن أمارس صلاحياتي كمنتج منفذ بأن أرسل نصف فريق العمل إلى منازلهم حتى يستحموا». كانت غرفة الكتاب دائما تشتهر بالسلوك الفج. ووصفت سيلفرمان «ذا ديلي شو» و«مستر أوبراين شو» كتجارب جيدة على الرغم من امتلاكهما لهذا السلوك. وقالت: «كانت هناك الكثير من النكات الجنسية. وقد كنت ألقيها في بعض الأحيان على الرغم من أن النكات الجنسية التي كنت ألقيها نادرا ما تكون جيدة.

وسخرت وينستيد من فكرة تأذي مشاعر الكاتبة القوية في غرفة الكتاب وقالت: «لا توجد لدي حساسية ضد نكات ذات طابع معين». وقد شهدت بعض برامج السهرة شغل النساء مناصب متقدمة، فكل من كيمل ولينو لديهما منتجات تنفيذيات ـ جيل ليدرمان في حالة كيمل وديبي فيكرز في برنامج لينو ـ أما ليترمان فلديه ثلاث منتجات هن جودي بيرنان وباربرا غاينز، وماريا بوب. وتقول سيلفرمان الكاتبة المشاركة والمنتجة المنفذة لبرنامج «ذا كولبر ريبورت» حتى توقف في أغسطس (آب). لكن سميثبيرغ دعت عمل النساء كمنتجين بأنه دفاع غير كاف وقالت: «إن مذيعي برامج فترة السهرة بحاجة إلى التواجد الأنثوي الذي يبخسونه حقه». وهناك سيدة واحدة تقدم برنامج في فترة السهرة تشيلسي هاندلر على قناة إي ولديها خمسة كتاب نساء من بين فريق عملها المؤلف من عشرة. وقد وجد كريغ فيرغسون في قناة «سي بي إس» سيدة نموذجية لحساسيته الكوميدية هي أخته. أما جيمي فالون على قناة «إن بي سي» فقد أستأجر ثلاث سيدات في فريقه الأساسي فيما لم يعد يملك «ذا كولبرت ريبورت» أي كاتبة.

هناك أيضا سيدة واحدة تكتب حاليا لجمي كيمل هي مولي نانسي الكاتبة المشاركة. وأشارت ماركوي التي تعد أفضل الكاتبات اللاتي عملن على الإطلاق في مجال البرامج الليلة إلى أنها لم تشعر بأي نوع من الامتعاض تجاهها في برنامج ليترمان شو. وقالت ماركوي: «ربما أكون قد تمكنت من إضافة نوع من التواصل بين المذيع والكتاب لم تحدث من قبل. وأتذكر بعض المرات التي كنت أتبعه فيها إلى الحمام لإعادة بروفة ما قبل العرض وخلال استحمامه والاستعداد. كنت أقف هناك واقرأ له قائمة النكات أو لإعادة كتابة الأفكار للأشياء للقيام بها في العرض». وأضافت معلقة على العناوين الأخيرة: «أعتقد أنه خلال السنوات القادمة ستكون هناك مجموعة من النساء الأخريات اللاتي يواصلن العمل للحصول على هذا النوع من الوصول إليه. لكن مما قرأته لا يبدو أن واجباتهم ستشمل قراءة النكات التي أعيدت كتابتها».

* خدمة «نيويورك تايمز»