صراعات القمة تطيح بالمدير التنفيذي لـ«واشنطن تايمز»

الغموض يحيط بمستقبل الصحيفة بعد أسبوعين عاصفين من الاستقالات والإقالات

جون سولومون («نيويورك تايمز»)
TT

عندما انتقل جون سولومون من «الواشنطن بوست» العام الماضي لمنصب المدير التنفيذي لصحيفة «الواشنطن تايمز»، كان ينظر إليه باعتباره الأمل في دفع الصحيفة الخاسرة ـ التي تمتلكها «نيوز وورلد كوميونيكيشين» وهي إحدى المؤسسات التابعة لكنيسة «يونيفيكيشن» التي يمتلكها سان ميونغ مون ـ إلى العالم الرقمي.

ولكن سولومون استقال في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ليصبح مصير الصحيفة غامضا. فبدلا من النهضة التي كان يفترض أن تشهدها الصحيفة على يد سولومون وفريق عمله، شهدت أسبوعين عاصفين من الاستقالات والإقالات والشكاوى المتعلقة بالتمييز من مدير الصحيفة السابق الذي قال إنه أجبر على حضور مراسم الكنيسة. وقد تركت تلك الأحداث المراقبين الإعلاميين والعاملين بالصحيفة وهم يتساءلون حول إذا ما كانت الصحيفة ستتمكن من البقاء. فيقول أحد الموظفين بغرفة الأخبار والذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته نظرا لطبيعة الموضوع الحساسة: «من الواضح أنهم لن يستطيعوا الحفاظ على الصحيفة في ظل تلك الظروف، وهم يحاولون حاليا اكتشاف نوع المنتج الذي يمكن تقديمه ويكون مربحا ومنافسا مع ما يقدمه الآخرون».

يذكر أن صحيفة «الواشنطن تايمز» قد تمكنت منذ تأسيسها عام 1982 من ألا تسمح لكنيسة «يونيفيكيشن» بالتأثير على الجانب التحريري بها، ولم يبلغ أي من الموظفين العاملين بالصحيفة قبل ذلك عن محاولات للتدخل في الجانب التحريري من قبل مالكي الصحيفة. ومن خلال توجهها المحافظ، أصبحت الصحيفة كذلك من أبرز أماكن تدريب الصحافيين المحافظين الناشئين كما أصبحت ضرورية بالنسبة للعديد من القراء المحافظين.

وهناك مجموعة من المحافظين البارزين مثل توني بلانكلي وفرانك غافني ولاري كادلو وميجور غاريت وجون بودورتيز وتوني سنو يقرأون تلك الصحيفة. فيقول بلانكلي: «هناك شيئان أعتقد أنهما مؤثران؛ الجانب التحريري، وصفحات الرأي. كما تعالج الصحيفة الأخبار بطريقة مختلفة خاصة الصفحات المحلية وصفحات التقارير حيث إنها تضع في اعتبارها أن المحافظين يمثلون 60 في المائة من البلاد».

من جهته، يقول لي إدواردز المفكر المحافظ البارز بمؤسسة «هيريتيدج» إن الصحيفة لها تأثير مهم على حركة المحافظين في البلاد كما أنها تمثل محطة مهمة لتدريب الصحافيين وتعتبر منافسة لصحيفة «الواشنطن بوست» الليبرالية، بالإضافة إلى أنها تمثل فرصة لعرض وجهة نظر المحافظين على صفحاتها. فيقول إدواردز: «لقد خرّجت هذه الصحيفة عددا كبيرا من الصحافيين الشباب والكتاب الصحافيين الذين يعملون حاليا في الصحف الأخرى».

وللوهلة الأولى، لا تبدو صحيفة «الواشنطن تايمز» مختلفة عن مثيلاتها من الصحف ذات القطع المتوسط، حيث إنها صحيفة متنوعة بها قسم رئيسي يغطي الأخبار المحلية، وقسم رياضي وقسم يغطي الأخبار المالية وأخبار الموضة والسياسة وصفحة مخصصة لعرض رؤية تحريرية محافظة للأخبار، كما أن اسم مون لا يظهر بأي مكان في الصحيفة. فيقول إدواردز: «كانت هناك فترة يقول فيها الناس: إذن هذه هي صحيفة مون وهؤلاء هم مجموعة من المجانين بالإضافة إلى رجل كوري يأتي لكي يخبرنا ما الذي يجب علينا قراءته. ولكن أهم ما يميزها هو ذلك القدر من استقلال المادة التحريرية».

ويبدو أن المشكلات التي تعاني منها الصحيفة ناتجة عن صراع داخلي بين أفراد عائلة مون. فعلى الرغم من أن «الواشنطن تايمز» لا توزع سوى نحو 67 ألف نسخة، فإن عدد زائري موقعها الإلكتروني تجاوز المليونين في الشهر، وذلك وفقا لنيلسين أونلاين كما بدأت الصحيفة كمشروع تابع لمؤسسة مون (90 عاما) تقريبا، الذي تخلى عن إدارة إمبراطوريته بأسرها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتركها تحت إدارة ابنته وثلاثة من أولاده الذكور وقد بدأوا يتصارعون معا. وأصبح أصغر أولاده (هيونغ جين مون) هو القائد الديني للكنيسة بينما أصبح أكبر أولاده (هيون جين مون) المعروف باسم بريستون رئيسا للشركة الأم لـ«الواشنطن تايمز». ويقول بعض المقربين من الصحيفة إنه نظرا للصراع العائلي، توقفت الأموال التي كانت تتدفق على الصحيفة منذ نشأتها.

ويقول جون وارد الذي ترك الصحيفة في نفس وقت الأزمة لكي ينضم لصحيفة «ديلي كولر» (صحيفة إلكترونية يمينية جديدة أنشأها تاكر كارلسون): «أعتقد أن الأمر يرجع إلى الصراع العائلي بين بريستون وأبيه وإخوته، كما أن بريستون ليس قادرا على الحصول على المال اللازم لتمويل الصحيفة سواء من عائلته أو من الأعمال الأخرى التابعة للأسرة».

ويتفق مع ذلك الرأي أحد العاملين بالصحيفة والذي كان قد تحدث مع بعض أعضاء الكنيسة قائلا: «لم يعد بريستون قادرا على الحصول على المال من عائلته وبالتالي فليس أمامه سوى عمل تخفيضات حادة للنفقات وبسرعة».

من جهة أخرى، لم يرد المتحدث الرسمي باسم صحيفة «الواشنطن بوست» أو ممثل كنيسة «يونيفيكيشن» على اتصالاتنا المتكررة للتعليق. لقد كانت دائمة، «الواشنطن تايمز» مجرد مشروع فارغ للأب (مون) الذي كان مستعدا على الدوام لخسارة المال بها. ولكن هناك توقعات بأن بريستون مون ربما لا يكون مستعدا بنفس القدر للاستمرار في خسارة المال كما كان أبوه يفعل. فيقول ديفيد بروملي أستاذ الدراسات الدينية والاجتماعية بجامعة فيرجينيا كومنولث والذي أجرى عدة دراسات على كنيسة «يونيفيكيشن» منذ السبعينات: «لا يمكن الجزم بما إذا كان ذلك ضروريا فحتى أستاذ اقتصاد بجامعة هارفارد لا يمكنه الجزم بذلك».

يذكر أنه في 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، تمت إقالة ثلاثة من كبار التنفيذيين بـ«الواشنطن تايمز» (كيث كوبررايدر المدير المالي، ودونغ مون جو رئيس الصحيفة، وتوماس ماكدفيت الرئيس التنفيذي والناشر بالصحيفة) كما أصبح جوناثان سلفن نائب الرئيس التنفيذي للصحيفة هو القائم بأعمال الرئيس والناشر. وخلال الأسبوع الحالي، أعلنت الصحيفة رسميا عن استقالة سولومون الذي كان قد قدم استقالته خلال الأسبوع الماضي.

ووفقا لبعض المصادر في الصحيفة، كان التنفيذيون بالصحيفة بالإضافة لسولومون ـ الذي كان قد منح ثلاث سنوات لتطوير الصحيفة ـ يبحثون عن مصادر أخرى للتمويل، وهو ما يمكن أن يكون قد مثل أحد عوامل فصلهم. فيقول أحد العاملين بصحيفة «الواشنطن تايمز» والذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته: «هل كانوا يبحثون عن مصادر للتمويل؟ نعم. وكان لديهم بالفعل خطط لمبادرات أخرى وكانوا سيحصلون على تلك الأموال».

ولكن وفقا لمصادر بغرفة الأخبار ولمدونة «توكينغ بوينتس ميمو» التي كانت تغطي الأحداث المتعلقة بالصحيفة بانتظام فإن صراع عائلة مون لعب دورا في ذلك، بالإضافة إلى أن بريستون فصل التنفيذيين الثلاثة عندما رفضوا الاصطفاف معه ضد أبيه. وما زالت أسباب رحيل سولومون غير واضحة كما أنه لم يجب على المكالمات التي كانت ترغب في الحصول على تعليقه. ولكن أصدقاءه يقولون إنهم كانوا يتوقعون حدوث أزمة قبل مدة من أسبوع الاستقالات. فيقول لاني ديفيس المستشار القانوني للرئيس بل كلينتون والذي تحدث مع سولومون بعد استقالته: «لقد قال إنها مسألة مبدأ. وقال إن الأمر لا يتعلق بمساومات حول الوعد الذي قدمه فيما يتعلق بالأخبار والجانب التحريري».

جدير بالذكر أن ديفيس (كان سولومون قد تعاقد معه على كتابة عمود أسبوعي في الصحيفة) قد استقال كذلك واعتذر عن كتابة العمود وكتب في رسالة إلكترونية أرسلها إلى محرري الصحيفة: «في ضوء استقالة جون سولومون، لم أعد مستريحا لكتابة عمود في الواشنطن بوست». وعلى الرغم من أن العاملين بصحيفة «الواشنطن بوست» يقولون إن الشائعات حول نهاية الصحيفة أمر مبالغ فيه، فإنهم ليسوا متفائلين، كما أن حالة التخبط التي أعقبت ذلك التغير؛ حيث أصبحوا يعرفون تطورات الموقف بصحيفتهم من المدونات؛ قد أصابتهم بالإحباط. من جهة أخرى، يقول جون ماكسلن، أحد مقدمي البرنامج الإذاعي الحواري الذي يعتمد على مادة الصحيفة، إن العديد من الصحف علمت باستقالة سولومون من إحدى المدونات. مضيفا: «لقد أزعجني ذلك كما أزعج الجميع، فذلك غير مقبول».

* خدمة «نيويورك تايمز»