غوغل يعلن عن برنامج «النقرة الأولى مجانا»

ميردوخ يتهم محركات البحث الإلكترونية بسرقة الأخبار

TT

تصاعدت حدة الصراع بين إمبراطور وعرّاب الصحافة روبيرت ميردوخ رئيس ومدير مجموعة «نيوز كورب» وشركة «غوغل» على مدى الأيام القليلة الماضية، حيث اتهم ميردوخ محرك «غوغل» وباقي المؤسسات الإنترنتية المماثلة بسرقة الأخبار والاستفادة المالية على حساب الصحف والإسهام في تدني نسبة مبيعاتها، مشيرا إلى أنها من أسباب تدهور مستقبل الصحف حول العالم.

ويرى ميردوخ أنه من غير الممكن السماح لـ«غوغل» وغيرها بالاستفادة من مواد الصحف الإخبارية دون دفع فلس واحد للجهات التي قامت بتوريد الأخبار ونشرها. وقال ميردوخ خلال كلمة ألقاها في مؤتمر واشنطن حول مستقبل الصحف: «الوضع أشبه ببيع قصصنا بالجملة»، ولوصف الوضع بطريقة غير لائقة فإنه يمكن استخدام كلمة «سرقة».

وأضاف ميردوخ الذي يملك وينشر عددا كبيرا من الصحف العالمية من بينها «وول ستريت جورنال» و«نيويورك بوست» و«التايمز» البريطانية، أن سرقة المواد الإخبارية ونسبها إلى تلك المواقع الإلكترونية أدى إلى إقفال عدد من الصحف، كما أن الصحافة المكتوبة عانت وتعاني حاليا من تدني نسب أرباحها بسبب الفورة الإنترنتية، ولكن في نفس الوقت يرى ميردوخ أن الإنترنت أساهمت في نشر الصحف وإيصالها إلى شريحة ضخمة من القراء حول العالم.

في المقابل، أعلن محرك «غوغل» للبحث أنه سيصبح بإمكان ناشري الصحف تحديد عدد تقاريرها الإخبارية التي يمكن الاطلاع عليها مجانا عبره.

وسيتيح البرنامج الجديد الذي أطلق عليه اسم «النقرة الأولى مجانا»، للناشرين إمكانية منع تصحف غير المشتركين لمواقع الصحف الإلكترونية من الحصول على الأخبار كاملة.

وبهذا سيتم تحويل المتصفحين إلى صفحة الاشتراك بعد نقرهم على التقرير الخامس في الصحيفة الواحدة في غضون 24 ساعة، وهكذا سيكون بإمكان الزائر للموقع تصحف أربع صفحات فقط في اليوم في الصحيفة الواحدة.

وقال جوش كوهن كبير قسم إدارة المنتجات في غوغل: «إذا كنت من مستخدمي محرك (غوغل) للبحث، فسوف تلاحظ صفحة مخصصة للاشتراك بعد القيام بالنقرة الخامسة لتصفح الموضوع الخامس، فـ(غوغل) سوف يعطيك الفرصة لتصفح أول أربع صفحات مجانا، وإذا كنت تنوي قراءة المزيد من الموضوعات على موقع صحيفة معينة فيجدر بك حينها التوجه إلى صفحة الاشتراك لتسجيل بياناتك مع الصحيفة المعنية ودفع المال».

وأضاف كوهين أن «غوغل» سوف يقوم بتقديم ما يسمى بـ«مجانا»، وهذا يعني تقديم عنوان وأول فقرة من الموضوع من موقع الصحيفة التي تفرض عليك الاشتراك ودفع المال لتصفح موادها على الإنترنت. وسيتم وضع تلك الموضوعات تحت مظلة «اشتراك» لضمان استفادة الصحف المالية من خلال نشر موضوعاتها على الإنترنت. ويقول كوهين أيضا إن «غوغل» سوف يقوم بالتشاور مع الناشرين باستمرار لتحسين تلك الطرق والبرامج الجديدة، مشيرا إلى مهمة «غوغل» ودوره الفعال في نشر المواد والإسهام في إيجادها على الشبكة العنكبوتية، وأوضح كوهين أنه يتفهم قلق الصحف والناشرين، لكن يجب تقدير مهمة «غوغل» في نشر الأخبار والسرعة في توصيلها إلى القارئ.

وقد يكون لـ«غوغل» وغيره من محركات البحث الفضل في نشر المقالات والموضوعات على الإنترنت وعرضها بطريقة سريعة وسهلة للقارئ، إنما يرى أيضا بعض المحللين في هذا المجال أنه على مدى العقد الماضي استطاعت تلك المحركات مثل «غوغل» استقطاب الإعلانات والأرباح التي كان من شأنها أن تكون من نصيب المطبوعات (قبل عصر الإنترنت)، واليوم تعاني الصحف والمطبوعات بشكل عام من أزمة تدني نسبة الإعلانات فيها، وتشير الأرقام التي نشرتها «لوس أنجليس تايمز» إلى أن نسبة تدنيها سوف تصل إلى 45 في المائة في نهاية العام الحالي منذ عام 2006.

وعرض ميردوخ أيضا فكرة تأليف كونسورتيوم على عدد من الصحف الكبرى حول العالم مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«هيرست كورب» و«تريبيون» وناشري «لوس أنجليس تايمز»، بحيث تكون مهمة الكونسورتيوم فرْض مبلغ من المال لقاء الحصول على أي مادة إخبارية على الإنترنت وعلى الهواتف النقالة، وبهذا تستطيع الصحف سحب البساط من تحت أرجل «غوغل». بمعنى آخر، في حال تمت الموافقة على هذه الصيغة فلن يكون بإمكان «غوغل» التصرف في المواد الإخبارية، وتحويل زائريها إلى مواقع الصحف والجهات الناشرة للأخبار.

يشار إلى أن الحصول على الأخبار وتصفح الأخبار على الإنترنت مجانا بدأ منذ انطلاق عصر الإنترنت في منتصف التسعينيات، ويرى ميردوخ أنه حان الوقت لوضع حد للحصول على الأخبار مجانا، خصوصا وأن مستخدمي الإنترنت يستطيعون الحصول على أي معلومة من خلال محركات البحث السريعة للأخبار وعلى رأسها «غوغل».

ويرى ميردوخ أن حشد التأييد والإجماع على أن دفع المال مقابل محتوى مواقع الإنترنت هو الصواب، وأن ما تفعله بعض محركات البحث من الاستفادة من هذا المحتوى مجانا، خطأ.

وقال ميردوخ إنه لا يجوز أن تلوم الصحف التكنولوجيا، «إذا فشلنا، نفشل تماما مثلما يفشل مطعم يقوم بتحضير الأطباق ولا أحد يريد أن يأكلها».

وأضاف أن قراء شركته الصحافية أذكياء وأدركوا من البداية أنه يتعين عليهم الدفع مقابل الحصول على الأخبار، مشيرا إلى برنامجه المثير للجدل الذي ينوي من خلاله عرض صحفه على قراء الإنترنت مقابل دفع المال لا مجانا.

من جهتها بدأت «وول ستريت جورنال» فرض الاشتراك على المتصفحين على الإنترنت، وتملك حاليا مليون مشترك.

وأضاف ميردوخ أن هذا الأسلوب سوف ينتقل إلى باقي مطبوعات شركة «نيوز كورب» في بريطانيا وستطبق هذه الطريقة على «التايمز» في لندن.