«جنرال إلكتريك» تتوصل إلى صفقة تمهد الطريق لبيع «إن بي سي»

تشتري بموجبه حصة «فيفندي» البالغة 20% مقابل 5.8 مليار دولار

«جنرال إلكتريك» واتفاق غير نهائي مع «فيفندي» يمهد الطريق أمام بيع «إن بي سي يونيفرسال» («الشرق الأوسط»)
TT

توصلت «جنرال إلكتريك» إلى اتفاق غير نهائي مع عملاق الإعلام الفرنسي «فيفندي» يمهد الطريق أمام بيع «إن بي سي يونيفرسال»، ومعها شبكة «إن بي سي» الرائدة لـ«كومكاست» أكبر شركة أرضية في البلاد، وذلك حسب ما أفاد به يوم الاثنين الماضي أشخاص اطلعوا على الصفقة.

ووفقا للصفقة، سوف تشتري «جنرال إلكتريك» حصة «فيفندي» التي تبلغ 20 في المائة داخل «إن بي سي يونيفرسال» مقابل 5.8 مليار دولار، ليزيل ذلك إحدى العقوبات القليلة الباقية في خطتها لبيع سيطرتها على شركة الإعلام والتلفزيون إلى «كومكاست» في إطار اتفاق تبلغ قيمته 30 مليار دولار يعكس التغير في الإذاعة التلفزيونية. وعلى الرغم من أن الصفقة بين «جنرال إلكتريك» و«كومكاست» يمكن أن تواجه عقبة بخصوص السعر النهائي، فإن هناك احتمالية كبيرة لعقدها، حيث تريد «جنرال إلكتريك» بيع «إن بي سي» بسبب الخسائر المتزايدة التي تعاني منها، فيما تريد «كومكاست» شراءها للسيطرة على المزيد من الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تأتي من خلال نظامها الأرضي. وربما تفصلنا أيام عن اللمسات الأخيرة في الصفقة، وهناك خطة غير نهائية للإعلان عن صفقة نهائية يوم الخميس، حسب ما أفاد به هؤلاء الأشخاص، الذين تحدثوا شريطة عدم ذلك أسمائهم لأن المفاوضات لم تنته بعد. وعلى الرغم من أن الصفقة يمكن أن تتداعى، فإن قرار «جنرال إلكتريك» ببيع «إن بي سي يونيفرسال» يعكس التغيرات التي تضرب النشاط الإعلامي ولا سيما شبكات التلفزيون.

وكان مسؤولون تنفيذيون في «جنرال إلكتريك» قد أكدوا حتى وقت قريب جدا أنهم غير مهتمين ببيع «إن بي سي يونيفرسال» حتى في الوقت الذي كانوا يسعون فيه لجذب انتباه البعض مثل «تايم وارنر» و«كومكاست» عن طريق مغازلات سرية. وقد تسارعت وتيرة محاولاتهم بعد أن أظهرت التوقعات الداخلية إمكانية تعرض قسم القنوات التلفزيونية من «إن بي سي يونيفرسال» الذي كان أكثر ربحية من قبل إلى خسائر طائلة، الأمر الذي يعد تراجعا كبيرا بالنسبة للشبكة التي ربحت ما يقرب من 400 مليون دولار خلال السنوات الماضية، بحسب تصريح لأحد المديرين التنفيذيين حول القضية. كانت شبكة «إن بي سي» التي استضافت مسلسلات «سينفيلد» و«فريندز» و«إي آر» قد عانت بصورة خاصة من بعض الصعوبات في برامج ساعات الذروة خلال السنوات القليلة الماضية. وعلى الرغم من تواتر أخبار حول نية مجموعة «نيوز كوربورشن» التي يملكها روبرت مردوخ فإن «كومكاست» لا تزال الشركة الوحيدة التي قدمت عرضا جادا حتى الآن، مما يؤكد المستقبل الملتبس لوسائل الإعلام، نتيجة لجذب الإنترنت قسما كبيرا من المشاهدين وظهور بعض أنماط العمل الإعلامي التي وزعت المحتوى على الإنترنت. وعندما أقامت «فيفندي» مزادا عام 2003 لممتلكات لبيع «يونيفرسال» سارعت العديد من الشركات الإعلامية مثل «كومكاست» و«فياكوم» و«كابلفيشون» و«ليبرتي ميديا» وشركة «إم جي إم» إلى المشاركة. لكن هذه المرة لم يكن هناك سوى شركة «كومكاست» التي تطمح منذ فترة طويلة، في ظل قيادة مديرها التنفيذي بريان إل روبرتس، في أن تكون منتجا رئيسيا للحلقات التلفزيونية والأفلام. وكانت الشركة قد أخفقت عام 2004 في الفوز بعطاء شراء شركة «والت ديزني». ستسهم «كومكاست» من خلال الاتفاق المقترح بقنواتها التلفزيونية الرئيسية التي تضم «فيرساس» و«غولف» و«إنترتينمنت» ومبلغ متواضع يقدر بنحو 5 مليارات دولار في الشراكة الجديدة التي تمتلك بموجبها 51 في المائة، فيما تحتفظ «جنرال إلكتريك» بالحصة الباقية مع احتمالية خفض نصيبها على مدار الأعوام القادمة. ويماثل الاتفاق الحالي في حجمه ودمج المحتوى بالتوزيع، الاتفاق الذي حصلت بموجبه شركة «إيه أو إل» على شركة «تيم وارنر». وإذا كان ستيف كاس الرئيس السابق لمجموعة «إيه أو إل» الشخصية الأبرز في هذا الاندماج الفاشل فإن الاتفاق المقترح بين «إن بي سي» و«كومكاست» سيسير بشكل جيد تحت قيادة جاي لينو. وكان لينو قد عمل لفترة طويلة كمقدم لبرنامج السهرة «ذا تونايت شو» الذي يعد إحدى ركائز القناة إلى جانب البرامج الصباحية والإخبارية. وفي خطوة اعتبرت مجازفة نقل جيفري زوكر رئيس قناة «إن بي سي يونيفرسال» إلى قائمة برامج العاشرة مساء ليخلي الطريق أمام برنامج كونان أو براين الذي يذاع في الحادية عشرة والنصف. ويعيد تشكيل برامج الذروة. لكن حتى الآن لم تثبت الخطوة نجاحا كبيرا وتقدما قليلا على الأخبار المحلية ليزيد من المصاعب التي تواجهها شبكة «إن بي سي» في برامج ساعة الذروة. كما باتت الخطوة رمزا لنضال الشبكات التلفزيونية لإعادة تشكيل ذاتي في وقت تتراجع فيه عائدات الإعلانات المنافسة والكبيرة. ويرى جون مالوني رئيس مجموعة «ليبرتي ميديا» والمستثمر الكبير في مجال الإعلام في الاتفاق المقترح انتصارا لـ«كومكاست». وقال: «لا يمثل الأمر مجازفة كبيرة بالنسبة لكومكاست، فهناك فرصة للتيقن من قدرتهم على تحقيق تعاون دون المجازفة بكل ما يملكون». بيد أن عددا آخر من العاملين في مجال الإعلام نظروا إلى الاتفاق على أنه لا يشكل تعاونا كباقي عمليات الاندماج الإعلامية السابقة حيث ستكون شركة «كومكاست إن بي سي يونيفرسال» منفصلة عن أصول قنوات «كومكاست» الكابلية. وقال ليو هيندري المدير التنفيذي السابق لشبكة «تي سي آي» التي كانت أضخم شركة لقنوات الكابل بشأن الاتفاق: «جدار الصين الذي يبنونه هذا سيكون أكثر سُمكاً». ويشير كريغ موفت، المحلل في «ستانفورد برنستين»، إلى أن الاتفاق يمثل رهانا بالنسبة لـ«كومكاست» حول كيفية توسيع أعمالها، وإمكانية استخدام قوتها في الأفلام مع استوديوهات «يونيفرسال» وزيادة المعروض عبر تعديل نوافذ إطلاق الأفلام لجعلها متاحة لدى الطلب في نفس اليوم الذي تطلق فيه على اسطوانات دي في دي.

وكانت النقاشات الموسعة التي سبقت الاتفاق بين «جنرال إلكتريك» و«كومكاست» قد استمرت أسابيع، ولكن الاتفاق لا يمكن أن يكتمل حتى يتم إجراء مفاوضات منفصلة بين شركة «جنرال إلكتريك» وشركة «فيفندي» الفرنسية العملاقة، التي تملك 20 في المائة من «إن بي سي يونيفرسال» كبقايا للاتفاق الذي وقع عام 2003، الذي باعت فيه شركة «يونيفرسال ستوديوز» وشبكات الكابل «يو إس إيه» لشركة «جنرال إلكتريك». وضع الأساس للاتفاق المبدئي بين شركة «جنرال إلكتريك» وشركة «فيفندي» الأسبوع الماضي، عندما اجتمع الرئيس التنفيذي لشركة «جنرال إلكتريك» جيفري إيميلت، شخصيا مع نظيره في «فيفندي» جان برنار ليفي، في باريس حيث أشاروا إلى أن الأنباء عن اتفاق مبدئي مع «فيفندي» أعلن عنه للمرة الأولى مرة في صحيفة «وول ستريت جورنال».

إذا ما أقر المقترح، فإن تلك المعاهدة ستكون نهاية لأسابيع من المفاوضات الشاقة بين شركة «جنرال إلكتريك» و«فيفندي» للسيطرة على شبكة «إن بي سي يونيفرسال»، وهي معركة تتركز بشكل كبير على قيمة حصة الشركة الفرنسية البالغة 20 في المائة. ولكن «فيفندي» اتخذ موقفا حازما، بالاعتماد على خيار اللجوء إلى الاكتتاب العام لأسهمها بدلا من بيعها مرة أخرى إلى شركة «جنرال إلكتريك». كانت شركة «جنرال إلكتريك» قد دخلت إلى مجال العمل الإعلامي عام 1985، ليس اعتمادا على أي خبرة في البرامج التلفزيونية ولكن كنوع من التحوط المالي. وكان جون ولش الذي شغل بعد ذلك منصب الرئيس التنفيذي لشركة «جنرال الكتريك» قد أبدى خشية من التهديد الذي تتعرض له أعمال الشركة من المصنعين اليابانيين ذوي الكفاءة. وقال «كنت أبحث عن الأعمال التي من شأنها أن توفر لنا مكانا للاختباء». وأشار إلى أن الإعجاب بإذاعة راديو أميركا هو ما دفع إلى شراء «إن بي سي» و«التدفق النقدي القوي». اليوم، لكن الأمور تبدو مختلفة اليوم. وقال نيكولاس هيمان، المحلل في «ستيرني آجي آند ليتش» والمدير السابق في «جنرال إلكتريك»: «تخطى العمل الإعلامي قدرة شركة جنرال إلكتريك من حيث إدارته وإيجاد طريق لخلق قيمة مضافة في محتوى الأعمال في المستقبل، ومهارة البحث عن كل ما هو موجود في الخارج ومفتقد داخل جنرال إلكتريك». وأشار أحد المحللين إلى أن الاتفاق الجديد لن يساعد جنرال إلكتريك في خفض ديونها حيث تحاول الحفاظ على ذراع التمويل الضخم التابع لها والذي تضرر نتيجة للأزمة المالية العالمية. وقال البعض إن «جنرال إلكتريك» نوعت من مجال أعمالها في بعض الأوقات وهو ما يقوم به إيملت في الوقت الحالي. وقال نويل تيتشي بكلية إدارة الأعمال جامعة ميتشغن والرئيس الأسبق لكلية «جنرال إلكتريك» للإدارة في كرونتوفيلي بنيويورك: «إن بندول الساعة يشير إلى عودة الشركة إلى الأعمال الصناعية الأساسية».

* خدمة «نيويورك تايمز»