«غوغل» و«واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» تستحدث أدوات إخبارية جديدة

خطوة أولى نحو تغيير أسلوب استهلاك الأنباء على شبكة الإنترنت

TT

اجمع السحر الهندسي المميز لـ«غوغل» مع المكانة العريقة لكل من «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز»، مع مزجها جميعا في إطار اجتماعات سرية، فماذا تكون المحصلة؟

النتيجة النهائية هي أداة جديدة على شبكة الإنترنت. ورغم أن هذه الأداة لن تشكل ثورة كبرى في عالم الصحافة، فإن الأطراف المساهمة في هذه الشراكة بين شركة البرمجيات العملاقة، ومقرها كاليفورنيا، والصحيفتين الرائدتين على المستوى الوطني، تنظر إليها باعتبارها خطوة أولى نحو تغيير أسلوب استهلاك الأنباء على شبكة الإنترنت.

تحمل الأداة الجديدة اسم «ليفنغ ستوري بيدج»، ويروج لها المسؤولون التنفيذيون في «غوغل» باعتبارها الإسهام الذي يقدمونه في صناعة الصحف المتداعية. وتقوم على فكرة تبسيط الأمور أمام القراء من خلال جمع مقالات تعكس تطور موضوع ساخن ـ مثل فضيحة تايغر وودز الأخيرة ـ ووضعها في صفحة واحدة على شبكة الإنترنت، مع تسليط الضوء تلقائيا على التحديثات على رأس الصفحة.

في هذا الصدد، قال جوش كوهين، مدير شؤون المنتجات لدى «غوغل نيوز»: «يمثل الكثير مما تراه على شبكة الإنترنت اليوم انعكاسا لما تتناوله الصحف. ولم يستغل أحد ما تعرضه الشبكة من مميزات تتيح سرد الأنباء على نحو مختلف». من خلال جمع المقالات على الرابط التالي: (http://livingstories.googlelabs.com)، يوما بعد آخر تحت عنوان على شبكة الإنترنت، يصبح في إمكان «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» تعزيز ترتيبهما على محرك البحث «غوغل»، والذي سيدفع صفحات الصحيفتين نحو مقدمة قائمة الصفحات المسجلة لديه عندما يبحث الزوار عن الموضوع محط الاهتمام. في أعقاب إطلاق الأداة الجديدة، الثلاثاء، ستبقى صفحات الأنباء لدى «غوغل لابس» خلال فترة تجريبية تمتد لشهرين أو ثلاثة، ثم سيجري نقلها إلى موقعي الصحيفتين على شبكة الإنترنت إذا ما سارت الأمور على ما يرام.

في هذا الصدد، أعلنت «غوغل» في رسالة نشرتها أنه «على مدار الشهور القادمة، سنعمل على تنقيح باب (ليفنغ ستوري) بناء على المدخلات التي تمدونا بها». حال نجاح الأداة الجديدة، تنوي «غوغل» عرضه على أي صحيفة أو مجلة أو موقع على شبكة الإنترنت تبدي اهتمامها باستغلاله، من دون تكلفة.

في الوقت الحاضر، أطلقت «واشنطن بوست» ثلاث صفحات على هذا المنهاج تعنى بإصلاح الرعاية الصحية ومدارس العاصمة ونادي «واشنطن ريدسكينز» لكرة القدم. على الجانب الآخر، أطلقت «نيويورك تايمز» خمس صفحات مخصصة لتناول أفغانستان والتعويض التنفيذي وارتفاع درجات حرارة الأرض ووباء إنفلونزا الخنازير والرعاية الصحية.

من جهته، قال آر بي برينر، نائب محرر «شعبة الأنباء العالمية» الجديدة داخل «واشنطن بوست»، والذي يتولى الإشراف على النسخ المطبوعة والإلكترونية من هذا الباب، إن توجه «التسوق لدى محطة واحدة» من الممكن أن يوفر على القراء السعي وراء الحصول على مقالات سابقة تتناول موضوعا ما. وأضاف «تكمن الفكرة في أن المستخدمين، الذين يشكلون مستهلكي الأنباء، مهتمون بالاطلاع على الأنباء في صور مختلفة، ومن المهم بالنسبة للمنظمات الإعلامية اقتحام حقل التجريب.. التساؤل الأكبر متى ينبغي خوض تجارب جديدة وما المميزات وراء ذلك؟».

جدير بالذكر أن الاجتماعات السرية التي بدأت بين الأطراف المعنية الربيع الماضي خرجت من رحم محادثات جرت بين إريك شميدت، الرئيس التنفيذي لـ«غوغل»، ودونالد غراهام، الرئيس التنفيذي لشركة «واشنطن بوست كو». وفي وقت لاحق، شرعت «غوغل» في مناقشات منفصلة مع مسؤولين رفيعي المستوى لدى «نيويورك تايمز».

تأتي هذه المبادرة في وقت يلقي فيه بعض المسؤولين التنفيذيين في الحقل الإعلامي، بقيادة روبرت مردوخ، باللوم على «غوغل» لاستيلائه على المحتويات الخاصة بمؤسساتهم الإعلامية من دون دفع مقابل، بينما تناضل الصحف لجني عائدات كافية لتغطية نفقاتها. الملاحظ أن جيلا من متصفحي شبكة الإنترنت باتوا معتادين على البحث عن موضوعات فردية، بدلا من زيارة مواقع مؤسسات إعلامية كبرى.

من جهته، أكد شميدت في مقال نشره في باب الرأي بصحيفة «وول ستريت جورنال»، أن «غوغل تشكل مصدرا هائلا للترويج. إننا نبعث لجهات النشر على شبكة الإنترنت بمليار نقرة شهريا من (غوغل نيوز) وأكثر من 3 مليارات زيارة إضافية من خدماتنا الأخرى، مثل (ويب سرتش) و(آي غوغل). كما أن الادعاء بأننا نجني أرباحا طائلة على حساب الصحف يعد تشويها للحقائق».

بالنسبة لشركة ابتكرت «غوغل مابس» و«جي ميل»، تفتقر صفحات «ليفنغ ستوري» إلى عناصر الملتيميدميديا المعتادة، لكن من الممكن إضافتها لاحقا. يذكر أن صفحات الموضوعات، التي تجمع عمل المنفذ الإعلامي حول قضية بعينها، توجد بالفعل على موقع «نيويورك تايمز» على الشبكة ومواقع أخرى مثل «هفنغتون بوست». وبمقدور قراء كل صفحة النقر على قائمة بالموضوعات، مثل «نتائج الاختبارات» أو «قضايا العمل» أو «الانقسامات العنصرية» على صفحة مدارس العاصمة الخاصة بـ«واشنطن بوست». وتتضمن الخيارات الأخرى «مناسبات» و«مقالات» و«صور» و«مقاطع مصورة» و«غرافيك» و«آراء». على رأس الصفحة يظهر خط زمني للتطورات شديدة الأهمية. وتحصل القضايا التي يعتبرها المحررون أكثر أهمية على مساحة أكبر، وربما صورة. وباستطاعة القراء اختيار عرض قائمة الموضوعات مع ترتيبها بدءا بالأقدم أو الأحدث. وعندما يعاودون زيارة صفحة ما، يسلط الضوء على المواد الجديدة التي أضيفت منذ زيارتهم الأخيرة. ويؤدي النقر على كلمات معينة في مقال ما إلى ظهور مربعات صغيرة تضم صورة أو معلومات موجزة.

من بين المميزات وراء وجود مجموعة قطع إخبارية على صفحة واحدة إمكانية إزالة الكثير من الفقرات التي تتناول خلفية المواد المعروضة، وهي أمر ضروري في صحيفة يومية لجهل المحررين بمن قرأ الموضوعات السابقة. لكن محرري «واشنطن بوست» يساورهم القلق إزاء إمكانية التهام هذه العملية الكثير من وقت الصحافيين القيم، إلا إذا جرى إضفاء طابع تقني تلقائي على هذه العملية.

خلال عمليات التحضير للأداة الجديدة، قضى ستة من مسؤولي «غوغل» ثلاثة أيام داخل صالة التحرير في «واشنطن بوست» في مايو (أيار)، حيث عملوا على متابعة عمل المحررين والمراسلين بكاميرات تصوير. في هذا الصدد، قال برينر: «ثقافة (غوغل) ثقافة مهندسين. نحن ننتمي إلى عالمين مختلفين».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»