مجلة «هارفارد ريفيو» تجدد هويتها بعد 90 عاما من صدورها

رئيس تحرير: أعتقد أننا امتهنا ذكاء قارئنا بافتراض أن كل شيء يجب أن يكون جادا

TT

مثل الجامعة التي تصدر عنها، حافظت مجلة «هارفارد بيزنس ريفيو» على كل التقاليد الأصيلة. فقد حافظت المجلة على مدى تاريخها الذي قارب التسعين عاما على نشر المقالات الطويلة التي قدمت إطارات عمل لإدارة وفهم الأعمال. وكمطبوعة أكاديمية كانت المجلة تنشر عناوين محتوياتها على الغلاف. لكن عام 1990 شهد للمرة الأولى ظهور صورة على غلافها. والآن أصبحت أكثر حيوية بداية من عدد يناير (كانون الثاني) - فبراير (شباط) 2009.

ونتيجة للتجديدات التي أجريت على شكل المجلة اختفت قائمة الموضوعات من الغلاف، وبدلا منها عرضت صورة لعمل فني استخدمت فيه الكراسي، كما أعيد تصميم الشعار. وبالداخل قطعت الأعمدة الجانبية والرسوم البيانية المقالات، وأضيف إليها بعض كتاب الرأي والمواضيع البسيطة. أما الركائز الرئيسية في المجلة مثل مقالات الأساتذة وقضية الدراسة فظلت ثابتة ولكن بأسلوب أكثر تحديثا، فقضية الدراسة على سبيل المثال تشتمل على آراء القراء على الإنترنت.

وقال آدي إغناتيوس، الذي أصبح رئيس تحرير «هارفارد بيزنس ريفيو غروب» مطلع هذا العام «كانت المجلة في الماضي مجرد مقالات متتالية كل منها يشغل 10 صفحات. وأعتقد أننا امتهنا ذكاء قارئنا بافتراض أن كل شيء يجب أن يكون جادا وكل شيء يجب أن يكون ذا صيغة طويلة». قدم إغناتيوس من مجلة «تايم»، حيث شغل منصب نائب المدير الإداري، حيث نقل بعضا من أسلوب وثقافة «تايم» إلى «هارفارد بيزنس ريفيو».. «الأمر الأول في ذلك أن نجعل من المجلة أكثر حداثة».

عندما تأسست «ريفيو» في عام 1922 اضطلعت بنشر أبحاث جامعة هارفارد للعامة، وقد توسع مجال المجلة على مدى السنوات التالية، لكن المقالات تميل لأن تكون أكثر علمية بدلا من أخبار. فقال إغناتيوس «في يناير 2009 على سبيل المثال، كتبت (هارفارد بيزنس ريفيو) شيئا يمكن أن يشير بالكاد، وبصورة غير مباشرة، إلى الأزمة المالية العالمية، فقد كان هناك مبدأ في السابق يفرض ضرورة عدم تناول المجلة للأحداث الجارية».

وقد غير إغناتيوس جدول النشر حتى تتمكن المجلة من الإغلاق قبل ثلاثة أسابيع من الطبع. وأضاف أن المقالات الحالية تعكس الأحداث الجارية، فعلى سبيل المثال ضم عدد (يناير - فبراير) مقالا لأستاذ بارز يشير فيه إلى انتهاء رأسمالية حامل السهم.

ويضيف الجزء الثاني حروفا كبيرة مطبوعة باللون الأحمر، وأبعدت قائمة الموضوعات عن الغلاف (وقد أزالها إغناتيوس بالفعل هذا العام) وقال عن ذلك: «المشكلة أن الأفراد كانوا ينظرون إلى قائمة الموضوعات يفحصونها، ثم يقولون كلا أنا أرغب في شرائها».

كما أضاف إغناتيوس كتاب أعمدة، مثل أستاذ الاستراتيجية سي كي براهالاد والاقتصادي دان أيرلي، وصفحة من خارج عالم الأعمال تحت اسم «صناعة الحياة» (كانت كوندوليزا رايس أول موضوعاتها)، وأخرى بعنوان «دافع عن بحثك» يجيب فيها الأكاديميون عن الأسئلة المطروحة بشأن دراساتهم. كما أعاد ترتيب عدد قليل المقالات في الإصدارات حول قضايا مثل إعادة الاختراع والاستراتيجية خلال الانتعاشة الضعيفة.

لكن أيا من تلك التطويرات التي أدخلت على المجلة لا تأتي كأحد التغيرات الثورية بالنسبة للمجلات الأخرى في العالم، فيعترف إغناتيوس بأن هذه التغيرات تأتي متأخرة نسبيا في طريقة إصدار المجلات التي تحمل مثل هذه الموضوعات. لكن برغم ذلك فإنه يعتبر التغيير الجديد إعادة تنظيم للمجلة الرصينة.

وحذر أندري سيغل، نائب الرئيس التنفيذي ومدير وكالة «تارغت كاست تي سي إم» الإعلامية، من أن ذلك يعد مجازفة بالنسبة للمجلة. وقال: «إنهم بحاجة لأن يكونوا حذرين جدا بشأن الحفاظ على المحتوى والقيمة اللذين تحتويهما المجلة، سواء من الناحية الشكلية أو التحريرية، لأن هذا ما يدفع الناس المال مقابله».

أما كونستانزا تيديسكو، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «ساب» التي تعمل في مجال الإعلان والعلامات تجارية العالمية، فقد أبدت سعادتها بالشكل الجديد الذي بدت به المجلة.

لم تغير المجلة من سعرها، كما أنها لا تنوي تغيير ذلك، حيث تعتبر من أغلى المجلات الأميركية، فثمن النسخة الواحدة يبلغ 9 دولارات، في مقابل مجلة «فورشن» التي يبلغ سعر النسخة الواحدة منها 0.83 دولار، بحسب مكتب متابعة الدوريات. ومع ثوبها الجديد ستخفض المجلة إصدارتها إلى 10 إصدارات في العام مع إصدارين مزدوجين من 12 إصدارا.

ويشير جوشوا ماتشت، ناشر المجموعة، إلى امتلاك مجلة «ريفيو» نموذجا مختلفا تماما عن مجلة «فورشن» على الرغم من اعتمادها على الاشتراكات أكثر منها على الإعلان. فثلاثة أرباع عائدات الشرطة تأتي من المستهلكين ـ عبر شراء الكتب والمجلات أو النسخ الإلكترونية أو المجلات. على الإنترنت، حيث يتحمل الناشر كلفة المحتوى، كانت المجلة مصممة على مطالبة قرائها بدفع ثمن الكثير من المقالات، ولا توفر سوى بعض المقالات المجانية على الإنترنت.

ويشير ماتشت إلى أنه ليس قلقا بشأن الاعتراضات المعتادة بشان التكلفة، ومن ذلك فإنها ستمنع الناشرين الآخرين من التربح على حساب مقالات شهيرة لأنهم سيتسترون وراء ستار الدفع. ويقول إن هناك نوعا من المغالطة بشأن ذلك، ففي أحيان كثيرة يروج لشيء ما ويزور موقعهم عدد ضخم أكثر من المعتاد بالنسبة لهم، لكنهم لم يتوقعوا ذلك ولم يبيعوا الإعلان. علاوة على ذلك إذا بدا أن مقالا يحظى بشعبية فيمكن للمجلة سحبه من وراء ستار الدفع والسماح للمزيد من المستهلكين بقراءته ومن ثم وضع المزيد من الإعلانات عليه.

أحد الهواجس الأخرى هو أن الناشرين على شبكة الإنترنت سيكونون أقل جاذبية للمعلنين إذ ما طالبوا المستهلكين، لأن ذلك غالبا ما يتسبب في تراجع الدخول إلى المواقع بصورة كبيرة. لكن ماتشت قال إن بعض المعلنين يرغبون في هذا العدد القليل من الجمهور. وقال إن «هناك فكرة تزداد انتشارا بأن ذلك يمثل جمهورا ملتزما عندما يدفعون». وبحلول منتصف 2010 سيتمكن قراء المجلة من قراءة بعض المقالات، ثم سيطلب منهم التسجيل لقراءة عدد آخر، ثم سيطلب منهم بعد ذلك دفع رسوم مقابل القراءة.

وقال ماتشت «التسجيل أمر رئيسي، فبإمكاننا معرفة الشخص والمناطق التي يدخل عليها على الموقع، وبمرور الوقت يمكنك استهدافهم بأفضل محتوى وأفضل كتب يجب أن نقدمها».

يتوقع إغناتيوس أن تثير التغيرات الجديدة غضب بعض القراء، فالكثير من القراء المخلصين سيقولون «ماذا هذا الذي فعلتموه بالمجلة؟ وإذا ما كنت تعتقد أن مقالا ذا عشر صفحات يتراجع في زمن رأسمالية المستهلك فذلك أمر صحيح».

* خدمة «نيويورك تايمز»