رئيس جمعية الناشرين الصحافيين في الباسفيك: زمن الصناعة الصحافية المتكاملة حلَّ

دعا مؤسسات الصحافة لمواجهة التحديات بالاستثمار في التكنولوجيا الرقمية

مارك هولاندس في مشاركة ألقاها خلال منتدى «الأبحاث والتسويق» الذي انعقد بالرياض في يناير الماضي (تصوير: أحمد يسري)
TT

طالب خبير إعلام استرالي ورئيس إحدى أكبر المنظمات الصحافية في العالم بأهمية تصعيد العمل المهني في الصحافة والوصول بها إلى صناعة متكاملة، إذا ما أرادت أن تواجه تحديات العالم الجديد، ولا سيما ما يخص التقدمات التقنية المتسارعة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» مارك هولاندس الرئيس التنفيذي لجمعية الناشرين الصحافيين في منطقة الباسفيك، إن التطورات التكنولوجية القائمة حاليا ستشكل تحديا خطيرا مع بروز شرائح القارئ الإلكتروني وتنامي حجم وسائل توصيل الخبر ونشر التقارير متزامنة مع نمو الأعمال والاقتصاد وارتفاع أهميتها بالنسبة إلى الأفراد.

يؤكد هولاندس أن المسار العالمي في متابعة الصحافة لا يزال متماسكا وسط نشوء وسائل جديدة تسعى لتحويل مسار المقروئية إليها، مشددا على أن تكامل الصناعة الصحافية سيكون الحل الأقوى في مواجهة تلك التحديات عبر استخدامات التكنولوجيا بأشكالها المتعددة، إضافة إلى خلق آلية تعامل محترفة مع القارئ والمعلن وتحويل كل قطاعات الصحيفة إلى علامة تجارية راسخة.

وأبان هولاندس الذي التقته «الشرق الأوسط» في العاصمة السعودية الرياض أن التوجهات الجديدة للصحافة في العالم باتت تتركز حاليا في تنظيم الثقافة والسلوك لدى كوادرها وعملياتها عبر إعادة هيكلة الأعمال وسط التركيز على محتوى ونوعية الصحافة، متحرية تحركات سلوك القارئ واستعمال التقنيات الجديدة، في الوقت الذي تحافظ فيه على المعلن باعتباره المصدر الأكثر قوة للموارد المالية.

ووفقا لهولاندس فإن منطقة المحيط الهادئ «الباسفيك» تحوي حاليا على 1200 مطبوعة صحافية و800 موقع إلكتروني للأخبار والتقارير، بينما توضح دراسات الجمعية عن متوسط عام لنشاطات تلك المطبوعات في صناعة السياسة، والضغط على الحكومات، ومتابعة صناعة الاتصالات، إضافة إلى المشاركة في المؤتمرات والندوات والتعليم.

ويضيف هولاندس أن الاتجاهات السائدة في صناعة الصحافة تتبنى تنمية مجال الأعمال التجارية، بل إن هناك توجها نحو إغلاق الفروع ومسارات الإنفاق والتخفيضات الطبيعية والاستعانة بمصادر خارجية وإلغاء حواجز الفروع الكبيرة والاكتفاء بفرعية التحرير التي تستفيد من الكادر الواحد في شغل أكثر من مهمة تجمع بين الإدارة والتحرير.

وقال هولاندس إن التحديات التي تواجه الإعلام المقروء ستضطر المؤسسات الإعلام في العالم إلى توحيد أصول الطباعة والتوزيع مع التوجه نحو الاستثمار في التكنولوجيات الجديدة، مطالبا بإعادة النظر في آليات جديدة للعوائد التجارية المتوازية مع تقديم الخدمات.

وشدد الرئيس التنفيذي لجمعية الناشرين الصحافيين في الباسفيك التي تضم دولا متقدمة كأستراليا ونيوزيلندا، وبعض بلدان جنوب شرقي آسيا وآلاف الجزر، على أهمية الاستثمار في التكنولوجيات الرقمية لا سيما ما يخص الإنترنت والمحمول والسعي وراء استخدام وتنويع الاستراتيجيات المتزامنة مع نوعية التحديات.

وأضاف هولاندس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن التطورات التي لا بد أن تسعى لها المؤسسات الصحافية، بينها ما يتعلق نوعية المحتوى المقدم أو ما يطلق عليه «نوعية الصحافة» والسعي وراء تبني ولاء للاسم التجاري المتمثل في «اسم الصحيفة» والسعي وراء بناء صناعة متكاملة تبدأ من البحث عن الخبر، مرورا بالإخراج والتصميم والإعلان والصحيفة والإنترنت ووسائل التكنولوجيا الحديثة والتسويق والتسعير والطباعة والإنتاج، ووصولا إلى القارئ باعتباره المستهلك الأخير.

ولم يخف الرئيس التنفيذي لجمعية الناشرين الصحافيين في منطقة الباسفيك وجود عمليات حشد التمويل والاستعانة بالمنظمات التي أنشئت لتمويل الصحافة من خلال التبرعات والاعتماد على العمل الخيري والرعاية، والتركيز على قصص السلع الأساسية حتى الآن في الصحافة العالمية على الرغم من التطورات الحالية.

وأفصح هولاندس أن استطلاعات الجمعية كشفت أن نسبة مقروئية الصحف الوطنية ونشرات المترو الصحافية تتجاوز أكثر من ضعف الإنترنت في الاستخدام خلال السنوات الثلاث الماضية، مفيدا أن مبيعات الصحف الأميركية والبريطانية قد انخفضت بما يزيد على 3 أضعاف معدل المطبوعات الأسترالية خلال الـ5 سنوات الماضية في ظل تأثر النمو العالمي إلى حد بعيد بالأسواق النامية مثل الصين والهند.

ويؤكد هولاندس في هذا الصدد، على ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة بكل أشكالها، ومن بينها مواقع المحادثات الاجتماعية كمثال، لا بد أن تعمد إليه الصحف وكذلك اختيار الرعايات والوكلاء الأذكياء إضافة إلى تطبيقات الجوال على «آي فون».

ودعا هولاندس مؤسسات الصحافة العالمية، بما فيها الصحف في المنطقة العربية إلى تعزيز ثقافة العمل وخلق مرونة ووضع حلول للتحولات وزيادة مساحة التمكين وكذلك خلق تكامل الصناعة الصحافية عبر العلامة التجارية والمنتجات والمنصات، وسط سياسة إنفاق ذكية وابتكار استراتيجيات للفوز بحصة من سوق الأعمال.

وكان مارك هولاندس انضم إلى الجمعية بعد أن لعب أدوارا حيوية في مجالات إعلامية تضمنت العمل كمدير للمبيعات في شركة «داو جونز» لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ ومدير المبيعات ونائب الرئيس الإقليمي لبحوث التنمية في شركة «أبحاث تكنولوجيا المعلومات – غارتنر».

كما عمل كبيرا للتحرير والطباعة لفترات ممتدة بتعيينات مختلفة في «شركة الأخبار المتحدة»، ويعتبر أحد أبرز الخبراء في مجال الصناعة الإعلامية والتحرير المطورة في أستراليا ومنطقة المحيط الهادئ.

ومعروف عن هولاندس دعواته المستمرة إلى تكوين الدوائر الأساسية لنشر الصحف، والإنتاج والتسويق والتحرير بشكل تكاملي، وسط تركيزه على مواجهة التحديات بإقحام التكنولوجيا وعمليات الطباعة الرقمية، مع ضمان توزيع الصحف والإعلانات وزيادة الإيرادات.

وتأسست جمعية الناشرين الصحافيين في منطقة الباسفيك في عام 1969 باعتبارها منظمة الصناعة التي تمثل الصحف في أستراليا ونيوزيلندا ومعظم الصحف الصادرة باللغة الإنجليزية في جنوب شرقي آسيا وجنوب المحيط الهادئ، بينما تسعى إلى التوعية بصناعة إعلامية صحافية بأفضل الممارسات.