بعد عقود من البحث والتنقيب حول كنيسة الساينتولوجي، اعتاد الصحافيون بصحيفة «سانت بيترسبرغ تايمز» على الانتقادات الدائمة التي يوجهها لهم زعماء الكنيسة. ولكنهم انزعجوا للغاية، عندما تقاضى ثلاثة من الصحافيين المخضرمين - أحد الفائزين بجائزة بوليتزر، ومنتج سابق ببرنامج «60 دقيقة» والمدير التنفيذي السابق لمنظمة «إنفيستيجيت ريبورترز آند إديتورز» - أموالا من الكنيسة لقاء تحقيق يجرونه حول نهج الصحيفة.
وعلى الرغم من أن هؤلاء الصحافيين قد تعهدوا بتقديم تقرير مستقل، فقد رفضت صحيفة «بترسبرغ تايمز» أن تتعاون معهم، قائلة: إن عملهم سوف يستغل في إطار الحملة المستمرة التي تشنها الكنيسة على صحيفة «فلوريدا».
ومن جهته، يقول نيل براون المدير التنفيذي للصحيفة: «لا أستطيع أن آخذ ذلك الطلب على محمل الجد نظرا لأن تلك الدراسة - بصراحة - تمولها كنيسة الساينتولوجي». وأضاف: «لقد اندهشت للغاية وشعرت بالحزن من أن يعتقد صحافيون ذوي خبرة طويلة في صحافة التحقيقات أنه من اللائق أن يطلبوا مني أو من مؤسستنا الصحافية أن تتحدث حول تلك التقارير. أولا لأننا ما زلنا ننشر تغطيتنا الصحافية حول الكنيسة. وثانيا، لأنهم يتقاضون أجرا عن ذلك الدور الذي يقومون به من المؤسسة التي تتمحور حولها تقاريرنا». ومن جهة أخرى، يقول ستيف وينبرغ، الرئيس التنفيذي السابق لمنظمة «إنفيستيجيت ريبورتز آند إيدتورز» الذي كان يدرس أيضا بكلية الصحافة بجامعة ميسوري لمدة تضاهي ربع قرن إنه تلقى 5000 دولار كي يحرر الدراسة، مؤكدا أنه «كان حريصا على أن يكون مقالا صحافيا نقديا جيدا، مثل تلك المقالات التي كتبتها عدد لا يحصى من المرات... وبالنسبة لي، فإن الأمر يماثل تحرير موضوع نقدي سوف تنشره مجلة (كولومبيا جورناليزم ريفيو)».
وأكد وينبرغ أن الاتفاق مع الكنيسة يلزم الكنيسة بنشر الدراسة كاملة إذا ما قررت نشرها، ويمنح الكنيسة الحق في ألا تفعل أي شيء بتلك الدراسة وأن تكتفي بوضعها في الدرج؛ مما يعني أن زعماء الكنيسة لديهم مخرج إذا لم تعجبهم نتائج تلك الدراسة.
ويقر وينبرغ: إن ذلك «الموقف غير المعتاد» جعله يتوقف قائلا: «مما لا شك فيه أن ذلك شيء لا يمكن لأي صحافي القيام به. فقد كان دوري محدودا للغاية وأنا أحتاج بلا شك إلى ذلك المال هذه الأيام».
ومن جهة أخرى، يقول المتحدث الرسمي باسم الكنيسة تومي دافيس: إنه تلقى مؤخرا دراسة تتكون من نحو 20 صفحة، مؤكدا أن تلك الدراسة لن تنشر بالضرورة. وأضاف أن الكنيسة قررت إجراء تلك الدراسة «لأننا أردنا تقييما للموقف من الخارج». وأطلق دايفيس - الذي لم يكن بالطبع ليفصح عن المبالغ التي تقاضاها الصحافيون - على التقرير، تعبير التقرير بالغ الأهمية للموضوعات الصحافية التي تنشرها «التايمز» حول الكنيسة.
وعندما سئل حول ما طرحه براون من أنه من المستبعد أن تتسم تلك الدراسة بالموضوعية، أجاب دايفيس: «من السهل على (سانت بترسبرغ) أن تقول ذلك ولكن، دعك من هذا. فذلك أمر طبيعي، ويحدث طوال الوقت». وشبه ما حدث بتعيين «سي بي إس» للجنة من الخارج للتحقيق في موضوع دان راثر عام 2004 حول جورج بوش والحرس الوطني الذي تخلت عنه الشبكة بعد ذلك؛ فقد كان ذلك التقرير نقدا ذاتيا ولكنه نشر علانية.
جدير بالذكر، أن الصحافيين الذين تم الاستعانة بهم لإجراء الدراسة هم راسل كاروللو الذي فاز في عام 1998 بجائزة البوليتزر عن سلسلة من المقالات حول التقصير في الممارسات الطبية في الجيش الأميركي، التي نشرت في صحيفة «دايتون» اليومية بأوهايو، والصحافي كريستوفر سيتشني، الصحافي التلفزيوني السابق الفائز بجائزة إيمي الذي كان يعمل بالموقع الإلكتروني لبوسطن غلوب.
وبسؤالهما عن قرار قبولهما لتلك المهمة، قرر الصحافيان أن يجيبا في تصريح مشترك يوم الأحد. قائلين: «لقد كنا مترددين. ولذلك أصررنا على أن نتقاضى أجورنا بالكامل قبل أن نبدأ العمل، بالإضافة إلى إصرارنا على الاستقلال التحريري الكامل وأن ينضم إلينا صحافي بمثل سمعة ستيف وينبرغ. وفي النهاية من حق كل هيئة أن تحصل على معاملة عادلة من الصحافة».
وبشأن تقاضيهم أجرا من الكنيسة قالا: «لقد كنا موضوعيين في إجرائنا لتلك الدراسة، كما كنا في متابعتنا لأي موضوعات أخرى أجريناها لأي مؤسسة صحافية أخرى خلال الخمس والعشرين عاما الماضية».
يذكر أنه مرت ثلاثة عقود على فوز «التايمز» بجائزة البوليتزر عن التقارير التي أعدتها حول الكنيسة التي تقع على مقربة من كليوار. وفي الفصل الأخير من فصول هذه المعركة الطويلة، نشرت الصحيفة مزاعم جديدة خلال الصيف الماضي باستخدام الحوارات المسجلة مع بعض كبار المسؤولين السابقين بكنيسة الساينتولوجي. ذكرت الصحيفة فيها على لسان بعض هؤلاء المسؤولين السابقين اتهامات لزعيم الكنيسة دايفيد ميسكافيج بأنه «يهاجم مساعديه باستمرار»، مؤكدين أنه «صفع ذات مرة أحد المديرين»، ومقرين بأنهم شاركوا كذلك في بعض ممارسات العنف. وأكدت الصحيفة أن الكنيسة لاحقت بعض أعضائها السابقين وعرضتهم «لشهور من التحقيقات، والإهانات، والأعمال اليدوية الشاقة». ومن جهة أخرى، يقول دايفيس: إن الصحيفة «تعتمد على مصادر لم تستبعد فقط على يد الشخص الذي كانوا يهاجمونه بل على أشخاص أقروا بأنهم مارسوا الأفعال نفسها التي يتهمون الآخرين بها؛ فقد استُبعد هؤلاء الأشخاص نظرا لارتكابهم أعمالا محظورة. وأخبر كل من دايفيس ومحامي الكنيسة الصحيفة بأن بعض العاملين بالكنيسة تعرضوا للضرب، ولكنهما أكدا أن ميسكافيج لم يكن مشاركا في أي أعمال عنف.
وقد ذكرت «التايمز» مقتطفات من تصريحات دايفيس يتهم فيها الصحيفة بـ «الانحياز الواضح» ضد «أسرع الديانات نموا على وجه البسيطة».
وخلال 25 ساعة من المناقشات مع الصحافيين ب«التايمز»، قال دايفيس: إن المسؤولين بالكنيسة عرضوا على الصحيفة فرصة إجراء حوار نادر وحصري مع ميسكافيج - الذي كانت آخر مرة تحدث فيها إلى الصحيفة عام 1998 - ولكن الصحيفة نشرت سلسلة المقالات في 21 يونيو (حزيران) أي قبل أسبوعين من الحوار المقترح إجراؤه في 6 يوليو (تموز). وكان ميسكافيج في ذلك الوقت مشغولا بإعداد حدث دولي سنوي وحضور مراسم افتتاح الكنيسة في دالاس، وناشفيل، والسويد، وفقا لما قاله دايفيس الذي أضاف: «أعتقد أنهم تعاملوا مع الأمر على نحو غير مسؤول».
وبدوره، قال براون: إن «التايمز» كانت قد طلبت أن تتحدث مع ميسكافيج في 13 مايو (أيار)، ولكن الكنيسة أرسلت محامييها كي يتحدثوا إلى المسؤولين السابقين بالكنيسة الذين تحدثوا إلى الصحيفة. فيقول براون: «لقد كانوا بالفعل يواجهون بعض مصادرنا. وبالتالي فقد شعرنا بأننا منحناهم مدة طويلة».
وكانت مجلة «فريدوم» التابعة للكنيسة تهاجم باستمرار صحيفة «التايمز» وغيرها من المؤسسات التابعة للشركة الأم للصحيفة بدعوى أنهم «يروجون للفوضى». وذكرت «فريدوم» أن أحد أطباء القلب حصل على تعويض قدره عشرة ملايين دولار بعد فوزه بالدعوى التي أقامها ضد الصحيفة خلال العام الماضي لأنها نشرت تقارير عن نقله من منصبه بالمستشفى، ولكن الصحيفة تستأنف في الوقت الراهن. وحول إذا ما كان سينشر التقرير الذي يعده الصحافيون أم لا، قال دايفيس: إن الكنيسة تعتزم فحص وسائل إعلام الخصم - وهو ما لا يعد مستغربا لبراون الذي يقول: «لقد أحصيت نحو ستة أو سبعة صحافيين يتلقون أجورا من الكنيسة لمتابعة صحيفة سانت بترسبرغ». مضيفا «رغم أنني ليس لدي سوى صحافيين اثنين لمتابعة نشاط كنيسة الساينتولوجي».
ومن جهة أخرى، تعاقدت صحيفة «هارفارد كريمسون» الطلابية مع صحيفة «ييل دايلي نيوز»، و«ستانفورد دايلي» بالإضافة إلى الصحف الطلابية بجورج تاون وجورج واشنطن، وجامعات تاوسون.
وذلك ضمن 55 صحيفة طلابية سوف تشارك في نشر محتواها في قسم جديد مخصص للجامعات بصحيفة «هافينغتون بوست» التي تأمل أن تجد لنفسها مكانا بين الصحف الطلابية التي يبلغ عددها 19 مليون صحيفة على مستوى الأمة.
وسوف يشتمل ذلك القسم الطلابي الخاص بالصحيفة الذي سيصدر يوم الاثنين على مجموعة من المدونات التي تجمع بين كتابات أساتذة الجامعات حول القضايا المهمة وأعمدة طلاب جامعة كورنيل حول قضايا الحب والمواعدة. فمن جهته، يقول جوزيه أنتونيو فارغاس الذي يدير القسم التكنولوجي بصحيفة هافبوست: «على الرغم من أن لذلك التوجه أهمية بالغة فإنه يحمل الكثير من المتعة في الوقت نفسه؛ حيث إنني أريد أن أخلق مركزا افتراضيا للحياة الجامعية في أميركا».
ويضيف فارغاس، 29 عاما، الصحافي السابق بـ«الواشنطن بوست» الذي تشاركه صخب عمله الطالبة ليه فينغان الذي يقول: إن لديها مصداقية عالية في الحرم الجامعي لأنها في الثالثة والعشرين من عمرها وتدير بالفعل صحيفة طلابية بجامعة تكساس بأوستن. وبالإضافة إلى خطط تكوين مجموعة على «فيس بوك» لمحرري الجامعات، اختار فارغاس تسعا من الطلاب والخريجين للكتابة أو لصناعة مقاطع فيديو حول تأثير الحصول على قروض كبرى. (حيث تقول إحدى الطالبات بجامعة تولين إنها تشعر بـ«بالامتهان» لأنها تدين بنحو 100 ألف دولار). ونشر الموقع أيضا بعض المقتطفات من مدونة أرن دانكان، وزير التعليم وبيفرلي تاتوم رئيسة جامعة سبلمان، أقدم الجامعات المخصصة للسيدات السود. وفي الوقت نفسه، يقول فارغاس: «بالطبع سنشاهد عروضا سخيفة حول الغراميات بالجامعات».
ولكن لبعض المحررين، تبدو صحيفة هافينغتون بوست كوليدج خيارا طبيعيا. فيقول بول نيدهان المحرر بصحيفة ييل دايلي نيوز: «هناك قصص جيدة في الصحف الطلابية - وبالطبع في صحفنا - تحظى بإعجاب قطاع واسع من الجماهير». وأضاف: «وهذا طريق آخر يمكننا عبره أن نتواصل مع الناس الذين لا يميلون للذهاب إلى موقعنا الإلكتروني».
ولكن هناك من رفض دعوة فارغاس. فمن جهته، يقول أندرو دان، المحرر بصحيفة دايلي تار هيل بكارولينا الشمالية: إنه يشعر بالقلق لأن «موقع هافينغتون بوست يميل لليسار وبالتالي فهو قلق تجاه نوع الرسالة التي يقدمها ذلك الموقع». بالإضافة إلى «أننا لا نريد ظهور روابط هافينغتون بوست في نتائج البحث على شبكة الإنترنت بدلا من روابطنا».
ويتمنى فارغاس أن تنضم إليه في النهاية المزيد من الصحف. فيقول: «ليس في ذلك تقليل من شأن جمهورنا، ولكن ذلك الموقع يستهدف الشباب الجامعي ويكتبه ويوجهه شباب جامعيون أيضا».
ومن جهة أخرى، روج المناهضون لأوباما صورة يظهر فيها وهو يجلس مادا ساقيه على الطاولة بالمكتب بالبيضاوي، مكتوب أسفلها: «اخفض ساقيك عن الطاولة». فيقول جوناثان شايت في «نيو ريبابليك»: بالطبع كان ذلك انتقادا لاذعا. ولكن لماذا يجب أن يقترن بالاتهامات بالعنصرية. آه، بالطبع، من المحتمل أن يكون تمرير عدد من الناس لتلك الرسالة الإلكترونية قد خلق ازدواجا في المعايير المتعلقة بالعنصرية. ولكن أليس من المرجح أن يكون قد خلق ازدواجا في المعايير المتعلقة بالشراكة؟ حيث إن العداء العرقي ليس التفسير الوحيد للهجمات اليمينية على الرئيس الديمقراطي، فأنا أستطيع أن أتخيل انتشار الرسائل الإلكترونية الغاضبة نفسها إذا ما كان بيل كلينتون هو الرئيس.
وبصفة عامة، يبدو لي أن اليسار واليمين على حد سواء يتعاملون مع الاتهامات بالعنصرية ومناهضة السامية بطرق متشابهة إلى حد كبير؛ حيث يتهم اليمين الآخرين - بلامبالاة - بمناهضة السامية في المناقشات المتعلقة بالشرق الأوسط، ولكنه في الوقت نفسه يثور لاتهامه بالعنصرية نظرا لأنها المزاعم التي يستند عليها اليسار الراغب في إرهاب منتقدي أوباما. وبالمثل، يتهم اليسار ببساطة الآخرين بالعنصرية ولكنه يثور للاتهامات المتعلقة بمناهضة السامية باعتبارها المزاعم الكاذبة التي يستغلها اليمين الذين يسعى لإرهاب منتقدي إسرائيل. وإذا ما تحرينا الصدق لدقيقة، فأعتقد أن الخطاب العام سوف يتحسن إذا ما أحجم عدد أكبر من الناس عن تخمين الدوافع الخفية لخصومهم».
ومن جهة أخرى، يحاول اليمين أن يجد ثغرات في حجة الليبراليين بأن واشنطن قد أصيبت بالشلل نظرا لمسألة الأغلبية المعطلة وغيرها من عمليات الإعاقة المنهجية. ولكن ذلك ليس صحيح، وفقا لريتشي لوري المحررة في «ناشيونال ريفيو»: «الأمر ليس له علاقة بأنه لم يعد من الممكن عمل شيء في واشنطن، بل له علاقة بأن أوباما لن يقبل بما يمكن عمله. فقد أدار ظهره لما أثبت التاريخ أنه أفضل نموذج للسلوك الليبرالي فيما يتعلق بالرعاية الصحية: من خلال اتخاذ خطوات بطيئة نحو توسيع دور الحكومة.
إننا نسمع أن إنجاز أي شيء داخل مجلس الشيوخ أصبح يقتضي الحصول على 60 صوتا. ولكن أوباما - رغم أنه كان لديه 60 صوتا بالفعل قبل سكوت براون - لم يستطع الحصول على إجماع داخل حزبه نفسه.
وهو لم يكن ليستطيع تدجين اليسار نافد الصبر لأنه جزء منه. فبعدما فاز ليندون جونسون في انتخابات 1964 قال لمساعديه: إنه فاز بنحو 16 مليون صوت وأنه سوف يخسر ما يوازي مليون صوت شهريا، وبالتالي عليه أن يتخذ إجراءات سريعة. وقد قام أوباما بإجراء العملية الحسابية نفسها، ولكن في إطار أجندة لا تحظى بشعبية. فإذا كان الناس قد اقتنعوا بجدارتها، لكان أوباما قد تمكن من أن يجعل الجمهوريين يدفعون ثمن عرقلتهم له».
إلى ذلك، ألقت كاثا بوليت باللوم على ممارسات الكونغرس في صحيفة «ذا نيشن» ولكنها لم تستثن الرئيس أوباما من اللوم: «ما زلت سعيدة لأنني ساندت أوباما بدلا من هيلاري كلينتون. فإذا ما فازت هيلاري بالانتخابات، لتحول كل يوم من أيامنا إلى مهرجان لكراهية النساء. فقد كنا سنسمع باستمرار أحاديث عن صوتها، وضحكتها، وتجاعيدها، وزواجها، بالإضافة إلى الحديث عن تحجر قلب تلك المرأة الشريرة لقيامها بدور كان الرجال يقومون به منذ العصر الحجري...
بل إنني لست حتى متأكدة من قدر اللوم الذي يمكن الإلقاء به على عاتق أوباما. فقد كان لدينا كثير من الأدلة التي تثبت محدودية سلطته على الأقطاب الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، التي هي محدودة للقدر الذي جعله يلجأ إلى رشوة بين نيلسون، وماري لاندرو بزيادة تمويل دوائرهم الانتخابية حتى يحصل على أصواتهم في اقتراع قانون الرعاية الصحية الذي سوف يحصل على الملايين من دوائرهم الانتخابية. ولكن دعونا نتجنب المبالغات.
فمع كل شيء فما زال هو الرئيس. وبالتالي فمن حقه أن يقدم مقترحات وأن يدافع عن أجندته، وأن يطالب بعمل أشياء. فهو يستطيع أن يطلب أكثر مما يدرك جيدا أنه سيحصل عليه، وبإمكانه محاولة تغيير الحدود. فهو ليس مضطرا لأن يقوم بعمل الجمهوريين نيابة عنهم؛ من خلال طلب خطة إنقاذ أقل من الضروري، ومن خلال تأجيل معظم خطة الرعاية الصحية حتى 2014 للحفاظ على خفض التكلفة، ومن خلال الثناء على المصرفيين فاحشي الثراء باعتبارهم (رجال أعمال فطنين) في دولة يبلغ معدل البطالة الرسمي فيها 9.7%. فيبدو الأمر وكأن مجموعة الديمقراطيين (بلو دوغز) قد تسللت إلى عقله وبدلا من أن يفكر في كيف يمكنه دفع الاحتمالات إلى مداها، فإنه يفكر فيما يمكنه عمله لاسترضاء خصومه».
لماذا تضاءلت سمعة وسائل الإعلام هذه الأيام؟ يقول دايفيس بروكس: «لقد اتضح أن لدينا وفرة من الرفاق. كلما تزايد اعتماد نجاح مؤسساتنا على الاستعانة بالأفراد الناجحين بدلا من الأثرياء، تضاءل نجاحها.. فقبل خمسين عاما، كان العالم المالي يهيمن عليه النبلاء وذوو النفوذ الذين يشربون الكحوليات على الغداء ويقضون مساءهم في لعب الغولف. أما الآن فإن الشركات المالية أصبحت تستعين بالنخبة الطلابية بإيفي ليغ. فعام 2007، ذهب 47% من خريجي هارفارد إلى العمل بالقطاعات المالية أو الاستشارات. ومع ذلك، فهل يمكننا أن نقول إن أداء تلك البنوك أصبح أفضل من أدائها قبل نصف قرن؟
وكانت الحكومة قبل ذلك تعج بالموالين للحزب، أما اليوم فإنها تعج بأشخاص من المدارس السياسية العامة. فهل أصبحت الحكومة أفضل مما كانت من قبل؟
وكانت الصحافة هي المكان المخصص لرجال الطبقة العاملة الذين يقدمون قصة صحافية جديدة ثم يذهبون لتناول المشروبات الكحولية. ولكنها أصبحت الآن مكانا للمحللين واسعي الثقافة الذين يقدمون قصصهم الصحافية ويتناولون المياه المعدنية. فهل تحسنت سمعة وسائل الإعلام أكثر من ذي قبل؟
يحمل السؤال في طياته الإجابة». ولكن المعلقة جينيفر روبن تطرح سؤالا مختلفا، حيث تنظر إلى عمود بروكس من زاوية مختلفة:
«لقد انتخبنا رئيسا هو بلا شك عضو في النخبة المتعلمة بأميركا. ولسنا نلقي بالا إلى أنه لم يكن من أسرة ثرية. وأنه قضى وقته بمؤسسات إيفي ليغ يكتب طلبات الالتحاق (تقرير كلية الحقوق بهارفارد) وكان يتبنى التوجهات النخبوية، وينتسب إلى اليسار الأكاديمي في أميركا.
ولكن ما علاقة ذلك كله بكونه رئيسا؟ لقد اتضح أنه ليس لمعظم ذلك أهمية. ولكن عددا من أفراد النخبة الآخرين - على سبيل المثال، كتاب الأعمدة في (نيويورك تايمز) - كانوا يحتفون به. فقد خلطوا بين المهارة الأدبية والحذق السياسي ويخلطون بين البراعة في الفلسفة وإدراك المصالح العامة والحكمة والاعتدال».
ولكن ذلك خطؤك وحدك أيتها النخبة (على خلاف هؤلاء الذين يكتبون تعليقات غير نخبوية).
* هوارد كرتز يعمل في شبكة «سي إن إن» ويقدم برنامجا إعلاميا أسبوعيا بعنوان «مصادر موثوق بها».