إعلان يحتل كامل الصفحة الأولى لـ«لوس أنجليس تايمز»

تم الرضوخ للمسؤولين الماليين رغم معارضة مدير التحرير ونوابه

TT

كانت الصفحة الأولى لصحيفة «لوس أنجليس تايمز» يوم الجمعة الماضي تحمل إعلانا يشبه في تصميمه الصفحة الأولى للصحيفة تماما، في محاولة جديدة من الصحيفة لاختبار الحدود التي يمكن يذهب إليها الإعلان وإمكانية تجاوزه للحد الذي يفصل بينه وبين المحتوى الإخباري.

وذلك حيث كانت صورة ملونة كبيرة لجوني ديب في دور «ماد هاتر» من فيلم «أليس في بلاد العجائب» تشغل معظم الصفحة الأولى للصحيفة في غلاف إعلاني يسبق الصفحة الأولى العادية، وتم وضع الصورة التي تلتف حولها الأخبار والموضوعات الحقيقية تأتي أسفل ترويسة الصحيفة مباشرة.

وبالرغم من معارضة مدير التحرير بـ«التايمز»، روس ستانتون، وعدد من نوابه الشديدة لنشر ذلك الإعلان، فإنهم رضخوا في النهاية للتنفيذيين المسؤولين عن الجوانب المالية للصحيفة، وفقا لأشخاص على صلة وثيقة بذلك الجدل، ولكنهم طلبوا عدم ذكر أسمائهم لكي تتسنى لهم مناقشة تلك المناقشات الخاصة. ولم يقل ستانتون سوى: «كما يتضح لكم فإنه لم يكن قراري».

ومن جهته، قال جون كونروي المتحدث الرسمي باسم «التايمز»: «إن توسيع نطاق العمل هو ما كنا نسعى إليه». وأضاف أن إيدي هارتنستاين، الناشر والرئيس التنفيذي وغيره من التنفيذيين لم يعلقوا على الأمر.

وبالرغم من أن الإعلانات التي تغطي الصفحة الأولى بالكامل لإحدى المطبوعات، أو التي يتم تصميمها كي تبدو كجزء من مادتها، أو كلا الأمرين معا، ليست أمرا مستغربا بالنسبة للمجلات أو الصحف المصغرة (التابلويد)، فإن الصحف ذات القطع الكبير كانت تنأى بنفسها عن ذلك.

ولكن كونروي يقول إنه بغض النظر عن غرابة نشر الإعلانات بهذه الطريقة في الصحف، فإن ذلك التوجه يحاكي الممارسات الإلكترونية المعتادة من نشر إعلان على الصفحات الرئيسية للموقع أو هيمنة الإعلان على الصفحة الرئيسية بالكامل لعدة ثوان. ويضيف كونروي: «لقد أخذنا مفهوما كان يطبق على نحو اعتيادي في وسائل الإعلام الجديدة وأعدنا تطبيقه على الصحافة المطبوعة».

ومن جهة أخرى، كانت القيود التقليدية المتعلقة بنشر الإعلانات قد شهدت تراخيا ملحوظا في كافة مجالات تلك الصناعة في ظل معاناة الصحف المطبوعة من انخفاض عائدات الإعلانات. وخلال السنوات القليلة الماضية، كانت كل من «لوس أنجليس تايمز»، و«نيويورك تايمز»، و«وول ستريت جورنال» قد بدأت تنشر الإعلانات على الأجزاء السفلية من صفحاتها الأولى.

ولكن «لوس أنجليس تايمز» قد ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك بعدة خطوات. ففي أبريل (نيسان)، نشرت الصحيفة إعلانا بصفحتها الأولى عن المسلسل التلفزيوني «ساوثلاند»، كان يبدو كموضوع إخباري يوجه نقدا حادا للنقد الإعلامي وصحافيي الجريدة نفسها. وبعد ذلك بشهرين، كانت الصفحة الأولى للصحيفة تحمل بأكملها إعلانا يمكن طيه عن مسلسل «ترو بلود».

وبالرغم من ذلك فإن إعلان «أليس في بلاد العجائب» - الذي يمكن طيه أيضا - يمثل تطورا جديدا؛ حيث إنه سمح للمعلن باستغلال اسم «التايمز»، وهو ما جعل بعض الصحافيين بالصحيفة يجدون ذلك الإعلان أكثر إزعاجا من الإعلانات السابقة. ولكن بصفة عامة، فإن ذلك الإعلان لم يثر ضجة كبيرة في الوسط الإعلامي مثلما فعل إعلان «ساوثلاند»، ويقول بعض من التقينا معهم إن الصحيفة تتلقى بضع مئات من الألوف عن مثل ذلك الإعلان.

فيقول أحد الصحافيين الذين التقينا معهم - الذي أصر على غرار زملائه على عدم الكشف عن هويته - حتى يتمكن من الحديث بحرية حول الموضوع: «يشعر معظم الناس بالقلق إزاء تأثير ذلك على اسم الصحيفة، ولكن من جهة أخرى، فإن الصحيفة في أمس الحاجة إلى تلك الأموال».

ومن جهتها، تقول جينيفا أوفرهولسر، مدير كلية أننبرغ للاتصالات والصحافة بجامعة «ساوثرن كاليفورنيا» إن ذلك الإعلان الجديد لم يكن مزعجا مثل إعلان «ساوثلاند»، «نظرا لأنه من المستبعد أن يخلط القراء بينه وبينه المحتوي التحريري الحقيقي».

وتضيف: «ولكن خلط المحتوى التحريري بالإعلانات أمر مزعج، فهذه ليست المعايير الصحافية التي اعتدنا عليها، ولكن ذلك العامل لم يعد هو العامل الحاسم بعد الآن».

* خدمة «نيويورك تايمز»