خلافات داخل «فوكس» حول احتمال أن يصبح غلين بيك واجهة للشبكة

يتحدث البعض عن النبرة السلبية في برنامجه الذي يقدم في الخامسة مساء

غلين بيك.. هل سيصبح واجهة شبكة «فوكس» التلفزيونية
TT

خلال ما يزيد قليلا على العام، يبدو أن نجومية غلين بيك تفوق الباقين داخل «فوكس نيوز». وقد لا يكون ذلك شيئا جيدا بالنسبة إلى القناة الإخبارية الكابلية التي تحظى بتقييمات مرتفعة، كما يدرك الكثير من العاملين بها.

ومن خلال شهرته، التي عزز منها قصة غلاف بالـ«تايم»، وكتب حققت أكثر مبيعات، ودور قيادي بارز في تجمعات احتجاجية، وتصريحات مستمرة تسبب الخلاف، يحصل بيك على تقييمات مرتفعة. ولكن يوجد خلاف كبير داخل «فوكس» بين هؤلاء، الذين يتزعمهم الرئيس روغر أليز ويدعمون بيك، والكثير من الصحافيين الذين يشعرون بالقلق من احتمالية أن يصبح بيك واجهة للشبكة.

وبوصف الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه عنصري والتقدمية بأنها «سرطان»، تمكن بيك من تكوين صورة غير مألوفة حتى بالنسبة إلى الشبكة التي يمتلكها روبرت مردوخ. وقد عقّد ذلك جهود القناة من أجل للتعامل مع انتقادات البيت الأبيض لـ«فوكس» ووصفها إياها بأنها ليست مؤسسة إخبارية على الحقيقة. وأصبح بيك موضوعا دائما للحوار بين صحافيي «فوكس»، الذين يقول بعضهم إن بيك يستخدم لغة مثيرة محرفة تقوض من مصداقيتهم.

ومن حين إلى آخر يتحدث أليز مع بيك عن النبرة السلبية في برنامجه الذي يقدم في الخامسة مساء. وفي المقابل، يسعى بيك في بعض الأحيان إلى الاستئناس برأي أليز.

وعلى الرغم من صعود بيك، لا يزال بيل أوريلي وسين هانيتي اسمين بارزين داخل «فوكس»، ولا يزال برنامج «أوريلي فاكتور» صاحب التقييمات الأعلى حيث يجذب 3.7 مليون مشاهد. وقد ضم أوريلي بيك وقدّمه ضيفا أسبوعيا. وعلى الرغم من المعارضة القوية من جانب إدارة «فوكس»، انضم أوريلي إلى بيك في ما يطلق عليه «بولد آند فريش تور» (على اسم كتاب لأوريلي)، ليتحدث إلى الجماهير من لوس أنجليس إلى تامبا.

ويوجد الكثير من الثناء في العلن، وعلى الرغم من أن بيك رفض إجراء مقابلة معه، يقول كريس بالف رئيس شركة بيك «ميركوري راديو آرتس» إن «غلين وروغر بينهما علاقة رائعة، ويعد ذلك السبب الذي يقف وراء ذهابه إلى (فوكس)، حيث كان ذلك بسبب روغر». ويضيف: «لا ريب في أن روغر يعطي غلين نصائح بخصوص أشياء كثيرة يعتقد أن غلين يمكن أن يقوم بها بصورة أفضل أو على نحو مختلف».

وردّت «فوكس» بالترتيب لمقابلة مع بيل شين، النائب الأول للرئيس. ويقول شين إنه في الخريف الماضي كُلّف نائب رئيس «بالمساعدة على متابعة ذلك البرنامج» ومراجعة محتواه سلفا، وكانت هذه وظيفة تستغرق دوام عمل كاملا. ويضيف شين: «نرى أن غلين عنصر هام، ونريد أن نساعده بأكثر من ذلك».

ويرفض شين فكرة أن ظهور بيك يمكن أن يصبح عائقا بالنسبة إلى «فوكس»، على الرغم من إشارته إلى «كره» اليسار للمضيف: «لا أعتبر أن ذلك يمثل مشكلة... غلين بيك محبوب ومثير للجدل؟ حسنا، الجميع تقريبا هنا محبوبون ومثيرون للجدل نوعا ما خلال الأعوام الـ13 الماضية». ويضيف شين أنه بالنسبة إلى صحافيي القناة، «يجعل ذلك في بعض الأحيان عملهم أصعب قليلا».

ويصف المحلل التلفزيون أندرو تيندال بيك بأنه «ناشط» و«كوميدي»، خلق أسلوبه المثير «مفترقات طرق حقيقية أمام (فوكس نيوز)». ويقول: «حاليا، هم على خط قد يبعده عن صورتهم كمؤسسة إخبارية. هل يريدون أن يكونوا مكان الأفكار الشعبوية المحافظة على التلفزيون، أم يريدون أن يكونوا مؤسسة إخبارية؟ كان أداء أليز جيدا في كلا الاتجاهين».

ويعزز من التوترات الداخلية نظرتان لنجاح بيك، ويعتقد البعض داخل «فوكس» أنه شخصية مستقلة تروج لنفسها، فيما يرى آخرون داخل معسكره أنه شخص يحب الأداء الجماعي ويتحدث بحماس عن زملائه الجدد. ورفض بعض الصحافيين وعاملون آخرون متضايقون من لغة بيك ذكر أسمائهم لأن انتقادهم موجه إلى شخص داخل نفس الجهة التي يعملون لديها.

وقبل تدشين برنامجه في «فوكس» خلال يناير (كانون الأول) 2009، كان لدى بيك برنامج إذاعي رائج وموقع إلكتروني، بالإضافة إلى مجلة (تسمى «فيوجين»)، وحظي بتاريخ مشرّف في مجال تأليف الكتب. وقد أعطت هذه الأنشطة له قاعدة خارجية يعتقد فريقه أنها لا تحظى بموافقة بعض المسؤولين التنفيذيين داخل «فوكس».

ولا شك في أن «فوكس» غيرت من حياته المهنية. وعندما كان لدى بيك برنامج على «هيدلاين نيوز» التابع لـ«سي إن إن»، كان متوسط عدد المشاهدين يبلغ 367 ألفا في عام 2008، وذلك حسب ما تفيد به أرقام «نيلسن». ويجذب برنامجه في «فوكس» 2.8 مليون مشاهد حتى الآن خلال العام الحالي، وهو أكثر قليلا من برنامج هانيتي.

ويقول بالف من «ميركوري»: «ما يقوم به غلين لا يمكن توقعه إلى حد بعيد، أن يعطي للناس شيئا يكتبونه ويتحدثون عنه، ويرسلوا حوله رسائل عبر المدونات وعبر موقع (تويتر)».

ويقول البعض داخل «فوكس» إن كثيرا من الفضل في ظهور بيك الجديد يعود إلى أليز وطاقمه، عن طريق إعطائه منصة تناسب جمهور محافظ وإعطائه الحرية ليقول ما يريد. ولكن، يصحب هذه الحرية جدل مستمر.

وقد انضمّ أكثر من 200 شركة إلى مقاطعة لبرنامج بيك، وجعل من الصعب على «فوكس» بيع الإعلانات. وجرى بيع الوقت في المقابل إلى شركات أصغر تعرض منتجات مثل «كاوبيكتات» و«كارونيت» و«1 - 800 - بيت ميدز» و«غولدلين إنترناشيونال». وتركت مجموعة من أصحاب الإعلانات، مثل «آبل» «فوكس» كلية. ويقول مسؤولون تنفيذيون في الشبكة إنهم يعتقدون أنه كان يمكنهم الحصول على تقييمات أعلى إذا كان المضيف أكثر قبولا لدى أصحاب الإعلانات.

وكان بيك، الذي يسافر مع حارس شخصي ولديه وكيل إعلامي هو ماتثيو هيلتزيك، على خلاف مع «فوكس» بسبب الفرص الإعلامية. وفي الخريف الماضي، أراد بيك قبول دعوة من برنامج جاي لينو في وقت الذروة ولكن عارضت إدارة «فوكس» ذلك. واستمر بيك في الضغط، وحصل في النهاية على إذن بالظهور على البرنامج في ديسمبر (كانون الأول). ويقول متحدث باسم «فوكس نيوز» إن الشبكة أرادت من بيك أن ينتظر حتى يتلاشى صدى اتهامه لأوباما بالعنصرية. وكان جناح المسؤولين التنفيذيين مشتعلا الأسبوع الماضي عندما قضى بيك دقيقتين من وقت على الهواء يروّج لبرنامجه داخل «نوكيا ثييتر» ببرودواي يوم الثلاثاء.

ويشير عاملون في «فوكس» إلى أن المنتج المخضرم غريشام ستريغل ترك الشبكة بعد صدام مع بيك، ويقولون إن المضيف أحاط نفسه بأتباع له من «ميركوري»، البعض منهم لا يزال يحصل على راتب من الشركة (ولم يردّ ستريغل على طلب للتعليق على ذلك). ويقول بعض الصحافيين إنه عندما تقوم «فوكس» بتغطية خبر عاجل خلال ساعة بيك، يأتيهم الكثير من الرسائل الغاضبة عبر البريد الإلكتروني من المشاهدين.

وتشتعل الخلافات أيضا بين الشخصيات العنيدة على الكابل والصحافيين من حين لآخر داخل «إم إس إن بي سي». ولكن تسبب بيك في حالة من الضيق داخل «فوكس» لدرجة أن بعض من الصحافيين هناك أعربوا عن سعادتهم لفشل مقابلة الأسبوع الماضي مع العضو السابق في الكونغرس إريك ماسا، قال عنها بيك نفسه إنها كانت مضيعة للوقت. وسواء أحببته أم كرهته، فإن بيك إنسان موهوب ويتصرف غالبا كمذيع مرح، ولديه أسلوب مثير من دون خجل. ولكن تسبب ذلك أيضا في ظهور شكاوى. ويقول بعض العاملين في «فوكس» إنهم شاهدوا برامج معادة على شاشات داخلية توقف خلالها بيك في نفس اللحظات مثلما قام بعد ذلك خلال البرنامج. وعندما سُئل عن ذلك، قال بالف بحدة: «رد فعل غلين يكون بنفس الطريقة على القضايا سواء كان يعلم أن الناس يشاهدونه أم لا، ويشعر بالفخر لإظهار عواطفه على عكس النقاد ذوي الوجهين الجبناء».

واستثار بيك انتقادا من جانب بعض القيادات المسيحية الأسبوع الماضي عندما حث أبناء الأبرشية على ترك الكنائس والترويج لـ«العدالة الاجتماعية» و«العدالة الاقتصادية»، وقالوا إن هذه هي «عبارات» الشيوعية والنازية.

كما أثار الجدل بين صفوف المحافظين. وفي خطاب الشهر الماضي داخل مؤتمر العمل السياسي المحافظ، انتقد بيك الحزب الجمهوري حيث وصفه بأنه «أدمن الحديث هم النفقات والحكومة الكبيرة التي تعوزها الكفاءة». ويجعله ذلك مختلفا جدا عن هانيتي، الذي يدافع عن الحزب وسيعلن عن حملة لجمع التبرعات خلال الشهر الحالي.

وانتقد راش ليمبا ومارك ليفين، اللذان يستضيفان برامج إذاعية ولهما صداقة مع هانيتي، تصريحات بيك خلال مؤتمر العمل السياسي المحافظ. وطالب ليفين بيك بـ«وقف بث الفرقة بيننا» والتوقف عن التصرف كمهرج. وتساءل ليمبا «لماذا يجب انتقاد الأشخاص الوحيدين الذين يمكنهم وقف أوباما ووصفهم بأنهم سيئون؟».

وخلال مقابلة أخيرة على الإنترنت، سألت كاتي كوريك من «سي بي إس» بيك عن منتقدين يقولون إنه «يلجأ إلى لغة مثيرة تفتقر إلى النزاهة مفعمة بالكراهية وجديرة بالازدراء». وكان رد بيك: «هل كانوا يقولون ذلك عندما كنت أقول نفس الأشياء عن جورج دبليو بوش؟ هل ذلك جديد؟» (كان بيك ينتقد بوش، ولكنه لم يستخدم اللغة الشديدة التي يستخدمها ضد أوباما).

وعندما سُئل عما إذا كان يشعر بالأسف لقوله إن الرئيس لديه «كراهية عميقة للبيض وثقافة البيض» قال: «آسف على الطريقة التي تم بها صياغة العبارة». ولكنه لم يردّ عندما قرأت كوريك سؤال لأحد مستخدمي موقع «تويتر» حول ما يعنيه بـ«ثقافة البيض».

وثمة شيء واحد بعيدا عن الخلاف: يقدم بيك مقدمة قوية لبرامج الشبكة المسائية. ويقول تيندال، المحلل في هذا القطاع: «لا يمكن إهمال أهمية بيك في بداية برامج (فوكس)، فالحصول على جمهور بهذا الحجم في الخامسة مساء لا مثيل له».

ولكن، هذه الزيادة كانت لها كلفة، على الأقل لهؤلاء داخل «فوكس» الذين يعتقدون أن بيك أصبح شخصية تعرف بطبيعة الشبكة. ويعد غلين بيك ظاهرة إعلامية في شبكة ناجحة بصورة مميزة، ولكن بعيدا عن الكاميرات تشوب العلاقة بينهما بعض المشكلات.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»