مساع لإصدار قانون في الكونغرس ضد الفضائيات العربية

خبير: يستهدف أقمارا وتلفزيونات فضائية وأي دولة فيها محطات أو مكاتب تابعة لها

مشروع لإصدار قانون في الكونغرس الأميركي يجرم الفضائيات العربية المروجة للعنف («نيويورك تايمز»)
TT

في الأسبوع الماضي، في مؤتمر في واشنطن، انتقد خبراء ومسؤولون أميركيون وعرب مشروع قانون في الكونغرس لوضع أقمار فضائية عربية في قائمة الإرهاب بتهمة التحريض على العنف. وقالوا إن مشروع القانون يهدد حرية التعبير في الولايات المتحدة، ويحرم الشعب الأميركي آراء خارجية، بالإضافة إلى أنه يهدف إلى وقف نشاطات أقمار فضائية وقنوات تلفزيونية فضائية في الشرق الأوسط. ويضيف هذا المؤتمر المزيد من الآراء إلى النقاش حول الفضائيات العربية وحرية الإعلام. وقال رمزي كلارك وزير العدل السابق، في المؤتمر الذي عُقد في نادي الصحافة الوطني في واشنطن، الذي نظمه مركز الأبحاث الأميركية والعربية: «خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت الحكومة الأميركية إجراءات لمنع المواطنين الأميركيين من معلومات عن الشعوب العربية، والدين الإسلامي، والعقائد، والآراء، والحكومات، والثقافات. أسوأ من ذلك، تريد الحكومة الأميركية استبدال الأكاذيب بالحقائق، حسب ما تسميه الحرب ضد الإرهاب».

وقال مايكل برينار (خبير في مركز «ترانس أتلانتيك ريليشن» وأستاذ في جامعة بتسبيرغ): «لا يستهدف القرار أقمارا وتلفزيونات فضائية فقط، ولكن أيضا أي دولة فيها محطات أو مكاتب تابعة لهذه. يشكل هذا استهدافا من جانب واحد، من جانب الحكومة الأميركية، لأن هذه مؤسسات تتمركز في دول عربية وإسلامية، صار واضحا أن مشروع القرار يستثني مؤسسات دون مؤسسات لخدمة أهداف سياسية معينة». وتحدث في المؤتمر حسين حسونة، سفير جامعة الدول العربية في واشنطن، وأشار إلى فقرات في مشروع القرار عن «التحريض على العنف ضد مواطنين أميركيين». وقال إن هذه فقرة فضفاضة، ويمكن أن تشمل مجرد نقد السياسة الأميركية أو أي سياسة أخرى. وقال منذر سليمان مدير مركز الأبحاث الأميركية والعربية، إن مشروع القرار رقم 2278 يؤثر تأثيرا مباشرا على القمرين الفضائيين «عرب سات» و«نايل سات»، وأن الأول تملكه جامعة الدول العربية، وتملك الثاني الحكومة المصرية. ويخاطب الاثنان قرابة 350 مليون عربي. ويحملان أكثر من 400 قناة تعمل في 19 دولة عربية. وقال إن اللوبي الأميركي الموالي لإسرائيل «لا تهمه فقرة منع ما يسمى التحريض على العنف ضد مواطنين أميركيين، لأن هذا اللوبي لا يهتم بالجانب القانوني بقدر ما يهتم بإثارة الخوف».

وأشار إلى أن مركز الحقوق الدستورية في نيويورك ومحامين آخرين قالوا إن مشروع القانون، إذا صار قانونا، سيثير غموضا بسبب صعوبة محاكمة أي شخص بتهمة «التحريض على العنف».

وقال: «يرى العالم العربي مشروع القانون، الذي سريعا سيكون قانونا، هجوما أميركيا وإسرائيليا مشتركا ضد أكثر من 400 قناة في الدول العربية. وهجوما على 19 دولة عربية. وخرقا للمادة 19 من حقوق الإنسان العالمية».

في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وضع مجلس الشيوخ مشروع القرار 2278 تحت عنوان «التحريض على العنف ضد الأميركيين في الشرق الأوسط». ورغم أن مشروع القانون بدأ بعبارة «تعتبر حرية التعبير وحرية الصحافة أساس المجتمعات الحرة والمتطورة في كل العالم»، قال: «لسنوات، ومرارا وتكرارا، أذاعت، أو نشرت، محطات إعلامية معينة في الشرق الأوسط، ولها صلات بمنظمات إرهابية، تحريضات على العنف ضد الولايات المتحدة وضد الأميركيين».

ويطلب القرار الأتي: صأولا: «يوضع في قائمة الإرهاب كل من يوفر فضائيات تتعاقد، وهي تعلم وتريد، مع جهات وُضعت في قائمة الإرهاب، بهدف إذاعة قنواتها. ويوضع اعتبار لتنفيذ إجراءات عقابية أخرى ضد كل من يوفر فضائيات تنقل تلفزيون الأقصى، وتلفزيون المنار، وتلفزيون الرافدين، وأي محطة يملكها أو يديرها إرهابيون».

ثانيا: «عند تقديم مساعدات أو تحديد نوع العلاقات من كل الدول، يوضع في الاعتبار مدى تأييد هذه الدول للتحريض على العنف ضد المواطنين الأميركيين».

ثالثا: «تدعى كل الحكومات والمستثمرين الذين يملكون أسهما في شركات فضائيات، أو شركات تؤثر على قرارات عن فضائيات، لمعارضة نقل فضائيات تلفزيون الأقصى، وتلفزيون المنار، وتلفزيون الرافدين، وأي محطة يملكها أو يديرها إرهابيون، أو تدعو مستمعيها لارتكاب أعمال إرهابية أو أعمال عنف ضد الولايات المتحدة ومواطنيها».

رابعا: «وضع قوائم بالدول التي فيها قنوات أو محطات تشترك في التحريض على العنف ضد الأميركيين. ووضع قوائم بشركات الفضائيات التي تنقل هذه القنوات».

خامسا: «تشمل عبارة (التحريض على العنف) كل شخص يدعو إلى، أو يشجع، أو يحرش، أو يدافع عن، أو يضغط، أو يهدد آخرين ليقوموا بأعمال عنف ضد أي شخص، أو مؤسسة، أو جهاز، أو مسؤول يعمل مع، أو له صلة، بحكومة الولايات المتحدة».

ليس مشروع القانون 2278 هو أول واحد من نوعه يناقشه، أو يجيزه الكونغرس، فمنذ أكثر من خمس سنوات، بدأ الكونغرس في إصدار قوانين (وافق عليها الرئيس بوش)، أو مشروعات قوانين (لم يوافق عليها، واعتُبرت وجهة نظر) عن الفضائيات العربية. وكانت البداية تلفزيون «المنار» التابع لحزب الله في لبنان، كما أن أحدثها كان قناة «الأقصى» التي فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليها الأسبوع الماضي.

في سنة 2004، وضعت وزارة الخارجية تلفزيون «المنار» في قائمة الإرهاب. وفي سنة 2006، أعلنت وزارة الخزانة فرض مقاطعة عليه، وقالت إن حزب الله «تموله إيران، ويدير شبكة إرهابية». أيضا، وضعت الوزارة في نفس القائمة إذاعة «النور» وشركة «ميديا غروب» اللبنانية التي تدير الإذاعة والتلفزيون. ومنذ سنة 2007، بدأت صحف أميركية تنشر أخبارا بأن القمر الفضائي «عربسات» يوزع قنوات «إرهابية» عن أو من العراق، وبخاصة تلفزيون «الزوراء» الذي قيل إنه تابع للحزب الإسلامي العراقي. واتهم بأنه يحرض على الهجوم على القوات الأميركية في العراق.

في تلك السنة، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن القناة كانت تستعمل القمر الفضائي «نايل سات»، ثم انتقلت إلى «عربسات». ونقلت وكالة «يونايتد برس إنترناشيونال» على لسان عسكري أميركي قوله: «نحن قلقون جدا لأن هذه القنوات تفتخر بقتل الأميركيين... لا بد من وضع نهاية لهذا الوضع. ما كان يجب أن يحدث ذلك منذ البداية، خصوصا عن طريق قمر فضائي تملكه دولة تقول إنها صديقة للولايات المتحدة».

وفي سنة 2008، حسب تقرير أصدره في السنة الماضية مركز الأبحاث التابع لمكتبة الكونغرس، طلب أعضاء الكونغرس من السعودية ومصر وقف إرسال تلفزيون «المنار» على أساس أن الدولتين «هما المسهمان الرئيسان في (عربسات) و(نايل سات)».

وقال التقرير إن الخارجية الأميركية، مرات كثيرة، طلبت من الحكومة اللبنانية إغلاق تلفزيون «المنار». وأشار التقرير إلى معارضة أميركية ضد مشروع القانون رقم 2278، وقال: «يمكن أن يكون (المشروع) سبب تدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة في جانب ومصر والسعودية في الجانب الآخر. والشروط التي وردت في مشروع القانون يمكن أن تهدد المساعدات الأميركية إلى مصر».

وأضاف التقرير: «حتى إذا وُقف الإرسال الفضائي لتلفزيون (المنار)، سيكون متوفرا في لبنان. لكن، سيكون الضغط على حكومة لبنان لوقفه تشددا من جانب الحكومة الأميركية، وسيقود إلى تدهور في علاقات البلدين، وبخاصة بالنسبة إلى استقرار لبنان».