الحاجة إلى التجديد وتوسيع الآفاق تغير وجوه الإعلام المرئي الأميركي

برامج صباح الأحد تدخل مرحلة جديدة مع انتقال أمانبور إليها

ديان ساوير (يمين) مقدمة البرنامج الإخباري «صباح الخير أميركا» اثناء استقبالها روبين روبرتس قبل انتقالها لتقديم الأخبار الرئيسية «وورلد نيوز» على تلفزيون اي بي سي (أ ب)
TT

شهدت الساحة الأميركية الإعلامية تغييرات كبيرة خلال الأشهر الماضية، أبرزها الإعلان عن انتقال الإعلامية الشهيرة، كريستيان أمانبور، إلى قناة «آي بي سي نيوز»، وإنهاء 27 سنة من العمل في قناة «سي إن إن». وبينما اشتهرت أمانبور بعملها في تغطية الأحداث الخارجية، سيركز برنامجها الجديد في قناة «آي بي سي نيوز» على التطورات الداخلية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى طابع خارجي. فأمانبور ستدخل ساحة إعلامية جديدة، مع أحد برامج الأخبار الصباحية يوم الأحد، وهي برامج تختص باستعراض الأحداث السياسية في واشنطن خلال الأسبوع وابرز التطورات السياسية في البلاد.

والتحاق أمانبور، التي تنهي عملها في «سي إن إن» هذا الشهر وتنتقل إلى «آي بي سي»، لبرنامج «ذيس ويك» (هذا الأسبوع)، بالشخصيات الأميركية التي تقدم برامج صباح الأحد الإخبارية يدخل أول امرأة في هذه البرامج، بالإضافة إلى جلب شخصية إعلامية خلفيتها تتركز في الأخبار الخارجية بدلا من الأخبار الداخلية. وشرح رئيس «آي بي سي نيوز»، ديفيد ويستن، أن «مع كريستيان لدينا الفرصة لتزويد مشاهدينا بشيء مختلف صباح الأحد. سنواصل تزويد أفضل المقابلات والتحليل حول السياسة الداخلية، ولكن الآن سنضيف إلى ذلك وجهة نظر دولية».

واعتبر البروفيسور مارك فيلدستاين، الذي يدرس الإعلام والعلاقات العامة في جامعة جورج واشنطن، أن «تعيين أمانبور مثيرا للجدل، لاختلافها عن القالب المعتاد لمقدمي برامج صباح الأحد، من كونها امرأة إلى اختصاصها الأخبار الخارجية، بالإضافة إلى خلفيتها الأجنبية»، في إشارة إلى أصل أمانبور الإيراني. والخصال التي تجعل أمانبور من الأسباب التي تدفع نحو التغيير في وجوه الشخصيات التلفزيونية الإخبارية، ضمن مساعي التجديد ومعالجة الأرقام المنخفضة بين مشاهدي البرامج الإخبارية في الولايات المتحدة.

ومنذ خمسينات القرن الماضي، تولى أبرز الرجال الإعلاميين منصب تقديم برامج صباح الأحد الإخبارية، التي أصبحت الأكثر تأثيرا في رسم الأجندة السياسية الأميركية وتحديدها، مع تطور الأخبار التلفزيونية. وبدأت برامج صباح الأحد كتقليد أميركي، مع منافسة شديدة بين قناتي «سي بي إس» و«إن بي سي»، اللتين بدأ تقديم برنامجيهما صباح الأحد «واجه الأمة» (فيس ذا نيشن) و«التق الصحافة» (ميت ذا بريس). وانضمت كل من «سي إن إن» و«فوكس نيوز» و«آي بي سي»، خلال العقود الماضية، إلى القنوات الأميركية التي تقدم البرامج الصباحية كل يوم أحد.

واليوم، يعتبر مقدم برنامج «فيس ذا نيشن» (واجه الأمة) لدى قناة «سي بي إس»، بوب شيفر، أقدم مقدمي برامج صباح يوم الأحد، منذ تسلمه هذا المنصب عام 1991. أما كريس والس، مقدم برنامج «فوكس نيوز صنداي»، منذ انطلاق البرنامج عام 1996، فهو من أبرز الوجوه المعروفة على قناة «فوكس نيوز»، بعد أن كان مع قناة «آي بي سي» 15 عاما.

ويسعي المسؤولون في «آي بي سي» إلى معالجة مشكلة تراجع عدد المشاهدين لبرنامج «ذيس ويك»، منذ ترك جورج ستيفانابوليس البرنامج للالتحاق ببرنامج القناة الصباحي «صباح الخير يا أميركا». بعد أن كان «ذيس ويك» ثاني أكثر برنامج يستقطب المشاهدين مع 3.08 مليون متفرج في سبتمبر (أيلول) الماضي، انخفض هذا العدد إلى 2.43 في مارس (آذار) الماضي، ليحل المرتبة الثالثة. وفي مارس الماضي، ما زلت قناة «إن بي سي» متقدمة في الحصول على أكبر عدد من المشاهدين صباح الأحد، مع 3.39 مليون مشاهد، مقارنة بـ3.29 مليون في سبتمبر الماضي، ومع تقدم «سي بي إس» لـ3.06 مليون، بعد أن كان لديها 2.7 مليون مشاهد فقط في سبتمبر الماضي. وتبقى قناة «فوكس نيوز» متأخرة، مع 1.2 مليون مشاهد لبرنامج «فوكس نيوز صنداي».

ومن اللافت أن خبر استقطاب «آي بي سي» لأمانبور يأتي في وقت أعلنت القناة عن عزمها فصل 400 موظف من قسم الأخبار لديها، وهو ما يمثل 25 في المائة من العاملين في القسم الإخباري. واعتبر فيلدستاين، الذي كان هو مراسلا لقنوات أميركية عدة، منها «سي إن إن» و«آي بي سي» و«إن بي سي»، أن ذلك ينصب في سعي القناة، كغيرها من القنوات الإخبارية، إلى «استقطاب الشخصيات الكبيرة لتقديم البرامج، وتقليص عدد العاملين في القسم الإخباري، وهو أمر نراه في غرف الأخبار في أرجاء الولايات المتحدة كافة».

وأضاف: «هناك تغييرات اقتصادية هائلة في الإعلام الإخباري، وقرار قناة (سي بي إس) غلق مكتبيها في موسكو وتل أبيب دليل على ذلك». وأوضح أن ذلك يأتي في وقت «تصاعد نظام النجومية في القنوات الإخبارية، والاعتماد على الشخصيات المشهورة، ولكن هذا أمر ليس بالضرورة فيه مصلحة قطاع الأخبار والإعلام».

ويذكر تقدم قناة «سي إن إن» الإخبارية، مع الكثير من التغييرات على الساحة الإعلامية التلفزيونية الأميركية مع بداية تسعينات القرن الماضي. ففي عام 1991، أحدثت كبرى القنوات تغييرات في الوجوه والشخصيات التي تقود برامج الأخبار لصباح يوم الأحد، حيث التحق كل من شيفر وروسيرت بالبرامج الرئيسية صباح يوم الأحد.

وربما التغيير الأكثر تأثيرا على ساحة برامج الأخبار صباح كل يوم أحد كان بدء الصحافي الأميركي - الهندي، فريد زكريا، تقديم برنامج «جي بي إس» كل يوم أحد على قناة «سي إن إن» المحلية والدولية، حيث مزج بين الأخبار الدولية والمحلية الأميركية. وانطلق برنامج «جي بي إس» في ديسمبر (كانون الأول) 2008 ضمن جهود مديري «سي إن إن» لرسم موقع بارز للقناة صباح الأحد، ولكن ما زال يعتبر برنامج أخبار خارجية، ولا يعد من بين برامج صباح الأحد البارزة التي يرصدها الساسة والإعلاميون في واشنطن.

وأوضح فيلدستاين أن «هناك زيادة كبيرة في الاهتمام بالشؤون الدولية في الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وبشكل مطرد مع انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتصاعد الحرب في أفغانستان». وأضاف: «هذا تغيير ملحوظ في الساحة الإعلامية بعد عزلة تسعينات القرن الماضي».

وقالت أمانبور في بيان بعد الإعلان عن تركها «سي إن إن»، بأن الالتحاق بـ«آي بي سي نيوز» وبرنامج «ذيس ويك» «شرف كبير ونادر، وأتطلع إلى مناقشة القضايا الداخلية والدولية».

واعتبر فيلدستاين أن تعيين أمانبور محاولة من «آي بي سي نيوز» لـ«تغيير أصول اللعبة» فيما يخص برامج صباح الأحد، التي عادة ما تستضيف كبار الشخصيات الأميركية من الرئيس الأميركي، إلى كبار مستشاريه والقادة العسكريين. وتعتبر برامج صباح الأحد الآن مثل مقالات الرأي في كبرى الصحف المكتوبة سابقا، إذ تحدد سياسة الأسبوع المقبل في الولايات المتحدة، إذ يصبح مقدم البرنامج مثل كاتب مقال الرأي الذي يطرح الأجندة السياسية ويجادلها.

ومن جهة أخرى، لفت فيلدستاين إلى أن «هناك أسبابا شخصية لأي صحافي، وأنا منهم، تدفعهم إلى تغيير عملهم من التغطية الخارجية للعمل الداخلي»، موضحا: «الكثير من الصحافيين يضحون بحياتهم الشخصية لفترة من أجل السفر، ومتابعة الأخبار، ولكن بعد فترة يقررون، رجالا ونساء، أنهم يفضلون البقاء في مدينتهم ومع عائلاتهم». وهناك أن جيل جديد من الصحافيين يدخلون غرف الأخبار الأميركية، من بين أبرزها ابن أشهر الشخصيات الأميركية الإعلامية، تيم روسرت، الذي قدم «التقِ الصحافة» حتى وفاته عام 2008. وانضم لوك روسرت إلى قناة «إن بي سي» ليغطي أخبار الكونغرس الأميركي العام الماضي، وهناك تطلعات ليصبح اسما معروفا في الإعلام كوالده، وربما أحد مقدمي برامج صباح الأحد مستقبلا.

* لعبة المقاعد في الإعلام الأميركي

* شهدت الساحة الإعلامية الأميركية تغييرات خلال الأشهر الماضية، مع انتقال وجوه معروفة إلى برامج أو قنوات أو صحف متنافسة. في ما يلي أبرز التنقلات خلال الأشهر الماضية:

- ديان سوير: مراسلة «آي بي سي» الشهيرة، انتقلت في ديسمبر 2009 إلى «أخبار العالم مع ديان سوير» الإخباري الليلي، بعد «صباح الخير يا أميركا» لسنوات طويلة، وتمزج بين الأخبار المحلية والدولية.

- جورج ستيفانابوليس: مراسل «آي بي سي» السياسي الرئيسي، انتقل إلى برنامج «صباح الخير يا أميركا» الصباحي اليومي في ديسمبر 2009، بعد «هذا الأسبوع» (ذيس ويك) صباح كل يوم أحد لسنوات طويلة.

- كريستيان أمانبور: مراسلة «سي إن إن» الدولية، تنتقل إلى «آي بي سي» لتحل محل ستيفانابوليس، ابتداء من سبتمبر المقبل بعد ترك «سي إن إن» هذا الشهر.

- ديفيد غريغوري: مراسل «إن بي سي» السياسي، أصبح المقدم الرئيسي لبرنامج «التق الصحافة» (ميت ذا بريس)، صباح كل يوم أحد في ديسمبر 2008. جاء تعيين غيريغوري بعد وفاة مقدم البرنامج الشهير تيم روسرت، الذي كان مقدما للبرنامج بين عامي 1991 و2008.

- أنتوني شديد: مراسل «نيويورك تايمز» في بغداد الآن، اشتهر لتغطيته الإخبارية الخارجية لصحيفة «واشنطن بوست» بين عامي 2003 و2009، قبل الانتقال إلى الصحيفة المنافسة.