«تويتر» و«فيس بوك» و«آي باد» و«آي فون» في خدمة الكوارث الطبيعية

لا داعي للانتظار لمعرفة ما حدث.. ضحاياها يزودونك بالنص والصورة

صورة مرسلة من أحد المواقع التي تضررت بسبب الزلازل في المكسيك إلى «تويتر» (أ.ب)
TT

خلال اليومين الماضيين حصلت كارثتان طبيعيتان، الأولى كانت الهزة الأرضية في شمال غربي الصين، والتي وصل عدد ضحاياها إلى 1144 قتيلا، حسب ما أعلنت عنه أمس الجمعة وكالة أنباء الصين الجديدة. أما الكارثة الثانية فهي نفث الرماد البركاني الذي شكل سحابة ضخمة عطلت حركة الطيران عبر أوروبا. وقال أحد الخبراء إن ثورة البركان الذي يبعد نحو 120 كيلومترا جنوب شرقي العاصمة ريكيافيك قد تخف في الأيام القادمة، لكن مسؤولا حكوميا قال إن الرماد سيواصل انتشاره في سماء أوروبا.

بالنسبة للحادثة الثانية فقد تكون واضحة للعيان، خصوصا في أوروبا، من خلال مشاهدة السحب المثقلة بالمواد السامة والرماد.

لكن على الشعوب الأخرى التي لن يسمح لها برؤية ما أحدثه بركان أيسلندا بالعين المجردة أن تعتمد على التقارير الإخبارية ليعرف أهلها مدى الخطورة التي قد تواجهها في حالة القيام بالسفر إلى المناطق التي تغطيها السحب البركانية. ومن هنا قد يأخذ الناس احتياطاتهم ويمتنعون عن السفر. إلا أن وسائل الاتصالات الحديثة قد تساعد أفرادا من عامة الناس على التقاط الصور وإرسال التقارير، التي قد تفتقد إلى المهنية المطلوبة، عبر «تويتر» و«فيس بوك» وغيرهما، لنقل صورة حية عما حدث في هاتين المنطقتين.

لقد وفرت التكنولوجيا الحديثة القدرة على إيصال المعلومات وأخبار الكوارث والاضطرابات السياسية إلى أي بقعة في العالم من خلال أجهزة لم تكن متاحة سابقا. التليفونات الجوالة أصبحت تحتوي على كاميرات عالية الدقة، وكذلك الحال بالنسبة لأجهزة «آي بود» و«آي باد» و«آي فون» وغيرها التي تحتوي أيضا على كاميرات فيديو يمكنها أن ترسل عبر البريد الإلكتروني نصوصا وصورا من أمكنة وقوع تلك الحوادث.

وبهذا تصل المعلومات بعد ثوان معدودة إلى أي مكان في العالم، وبعد ذلك يمكن تداولها عبر وسائل الإعلام التقليدية التي قد تنتبه إلى الحدث وتقوم بدورها بعد ذلك من خلال مراسيلها بمتابعة وتطوير القصص.

قبل عدة أشهر قام بعض ركاب طائرة، تمكن قائدها من إنزالها بسلام في نهر هادسون بالقرب من نيويورك، بالتقاط الصور بأنفسهم للحادث وإرسالها من خلال أجهزتهم المحمولة من تليفونات و«لاب توب» وغيرها إلى الوسائل الإعلامية المختلفة ولأصدقائهم، وجلب انتباه العالم إلى هذه الحادثة التي تناقلت صورها بعد ذلك التلفزيونات، ونشرتها في اليوم التالي الصحف المطبوعة.

وبهذا فقد اعتمدت وسائل الإعلام التقليدية على القارئ والمتفرج العادي في تقاريرها. وبهذا فقد انقلبت الأمور رأسا على عقب، وبدلا من تزويد الناس بالمعلومات أصبح هؤلاء يزودون هذه الوسائل بالمعلومات والصور. إذ لم يكن ممكنا التقاط صور حية وسريعة للطائرة والركاب وقت نزولها على سطح الماء، وهذا كان أحيانا يضيع الفرصة على هذا النوع من التوثيق السريع.

في الأحداث الأخيرة التي تلت الانتخابات الإيرانية، وبسبب الرقابة التي فرضتها السلطات الإيرانية على وسائل الإعلام، لعبت التكنولوجيا الحديثة دورا أساسيا في نقل الصور وتفاصيل الأحداث وقت حدوثها، واعتمدت أساسا على المتظاهرين في تزويدها بالمعلومات والصور. إلا أن بعض وسائل الإعلام كانت تحذر أحيانا من أنها لم تتمكن من التأكد من صحة المعلومات المتاحة.

الصحافي البولندي الشهير الراحل ريتشارد كابوتشينسكي، الذي غطى في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، الكثير من البؤر الملتهبة حول العالم في أميركا اللاتينية وأفريقيا، كان يبعث بتقاريره إلى لندن من خلال التلكس، ومن هناك كانت ترسل هذه التقارير إلى وارسو. لكن كان عليه أن ينتظر أياما لوصول إحدى المدن الأفريقية بعد أن يكون قد أمضى أياما مع المسلحين في الأدغال.

لكنه سلط مؤخرا على عمله الضوء من خلال كتاب يتناول تقاريره التي اشتهر من خلالها بأنه واحد من أهم كتاب السفر في القرن العشرين. الكتاب الجديد الذي يتناول سيرته الذاتية يقول إن ريتشارد كابوتشينسكي اختلق الكثير من قصصه والشخصيات التي تناولها في تقاريره.