التلفزيون الروسي يلتزم الحياد بعد هجمات مترو الأنفاق

توجه الناس في سعيهم للحصول على معلومات إلى محطات الإذاعة والإنترنت

تابع الروس آخر المعلومات الخاصة بهجمات مترو الأنفاق عبر محطات الإذاعة والإنترنت بعد التزام التلفزيون موقف الحياد («نيويورك تايمز»)
TT

في الوقت الذي تحول فيه سكان موسكو الغاضبون إلى قنوات التلفزيون الرئيسية للحصول على المعلومات خلال الساعات الأولى عقب الهجمات الانتحارية في العاصمة الشهر الماضي، اندهش الجميع عندما وجدوا أن هذه القنوات تعرض فقط القائمة العادية من برامج الطهي والمسلسلات البوليسية، إلى جانب فيلم التجسس أثناء الحقبة السوفياتية، والذي يسمى «الطريق».

لقد كانت أسوأ هجمات إرهابية ضربت العاصمة الروسية خلال أعوام، حيث أسفرت عن مصرع 39 شخصا وأغلقت قطاعا كبيرا من نظام مترو الأنفاق في المدينة والذي يخدم نحو 10 ملايين فرد بصورة يومية. لكن كما تبدو للعيان، كانت القنوات التلفزيونية الحكومية، والتي يحصل من خلالها معظم الروس على الأخبار، غير متجاوبة مع الحدث إلى حد كبير.

وأذاعت «القناة الأولى»، وهي واحدة من المحطات التلفزيونية الحكومية الرئيسية، تقريرا مقتضبا حول الهجمات في تمام الساعة 8:30 صباحا، أي بعد نصف ساعة من الهجوم الأول، لكنها لم تذكر أية معلومات عن هذه الهجمات مرة أخرى حتى وقت الظهيرة، لأنه «لم تكن هناك أية معلومات جديدة»، حسبما ذكرت لاريسا إل كريموفا، المتحدثة باسم القناة.

وقالت كريموفا إن التحديثات كانت غير ضرورية: «معظم الناس، غير الصحافيين، يغادرون منازلهم في الساعة التاسعة صباحا. وبعد ذلك، غالبية الناس الذين يشاهدون التلفزيون هم ربات البيوت».

وتوجه الناس، في سعيهم للحصول على معلومات، إلى محطات الإذاعة والإنترنت، والتي لا تخضع للرقابة إلى حد كبير.

وتسبب إخفاق القنوات التلفزيونية الحكومية في توفير معلومات مفيدة في الساعات التي أعقبت التفجيرات في غضب البعض. واتهم بعض الأشخاص الكريملين بتحويل القنوات إلى ما يشبه أبواقا رسمية تتردد في تغطية الأحداث، مثل حالات الطوارئ، وهو ما قد ينعكس بصورة سيئة على السلطات. وبصورة ساخرة، قالت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» يوم الثلاثاء: «انتظرت قنوات التلفزيون الفيدرالي الروسي بحكمة الأوامر العليا، حيث تعلمت بالفعل كيف تغطي حدثا بطريقة صحيحة».

وقالت الصحيفة إن القناة الوحيدة التي بدت وكأنها تقوم بوظيفة متخصصة في تغطية التفجيرات كانت «روسيا اليوم»، وهي قناة حكومية ناطقة باللغة الإنجليزية تقدم وجهات النظر الموالية للكريملين إلى بقية أنحاء العالم.

وأضافت الصحيفة: «يجب أن تراقب هذه القناة المعايير العالمية للصحافة».

وتميل الصحف الروسية إلى أن تبتعد إلى حد ما عن النفوذ الحكومي، ونشر عدد من هذه الصحف تعليقات يوم الثلاثاء تنتقد القنوات التلفزيونية، التي بالكاد غيرت برنامجها المخطط على مدار اليوم التالي.

وقالت أرينا بورودينا، الصحافية التي تغطي أخبار التلفزيون لصحيفة «كوميرسانت»، «لم تكن هناك حاجة لعرض المشاهد الدموية للجثث أو أي شيء من هذا القبيل، ما عليكم سوى تقديم المعلومات، مثل تحديثات بشأن المرور، والأشخاص المتوفين، وأي الطرق نسلكها، وبمن نتصل. فكل هذه الأشياء ليست متعلقة بالسياسة».

ولم يكن التلفزيون الروسي دوما بهذا الشكل. ففي بعض الأوقات في الماضي، قدمت القناة الأولى تغطية غير خاضعة للرقابة وغالبا مخيفة للكوارث التي حدثت في البلاد، بما في ذلك الهجمات الإرهابية التي هزت البلاد في العقد الذي تلا انهيار الاتحاد السوفياتي.

لكن ذلك انتهى بعد فترة وجيزة من تولي فلاديمير بوتين، الذي يشغل حاليا منصب رئيس الوزراء، رئاسة البلاد.

وبحلول يوم الثلاثاء الماضي، كانت هذه القنوات تقدم معلومات حول المأساة، بما في ذلك تغطية الأحداث المؤسفة في اثنتين من محطات مترو الأنفاق، التي تجمع فيها المئات.

جرى بالفعل استبدال البورسلين وألواح الرخام التي دمرتها الشظايا في محطة لوبيانكا، وجرى تنظيف المكان. كما تم ترميم الجدران، وإزالة بقايا الزجاج الذي حطمته إحدى القنابل. وتم تنظيف المكان كذلك من بقايا الدم.

وكانت الكاميرات تصور المسؤولين، بمن فيهم بوتين وعمدة موسكو يوري لوجكوف، الذين كانوا يعربون عن رضاهم عن تعاطي الحكومة مع التفجيرات.

بيد أنه إذا لم تكن الحقائق المقلقة حول هذه الهجمات قد تم تجسيدها بالكامل في هذه القنوات، فإن الركاب الذين كانوا يتحركون على نحو متقطع في قاعات مترو الأنفاق بدوا وكأنهم ينقلون صورة أكثر اكتمالا.

وقالت ماريا أنشاوروفا، طالبة تبلغ من العمر 21 عاما وكانت موجودة في محطة لوبيانكا، «كانت الحالة النفسية في المدينة واضحة على وجوه الناس. ينظر الناس إلى بعضهم البعض عن كثب. من الواضح أن الناس كانوا خائفين، بل خائفين للغاية».

* خدمة «نيويورك تايمز»