ملاحق الصحافيين ينضم لقائمة المدافعين عن صحف فيلادلفيا

بعد إعلان صحيفتين إفلاسهما بسبب تعرضهما لضغوط الديون البالغة 318 مليون دولار

TT

ذلك هو المسار الذي اتخذته صناعة الصحف أخيرا؛ حيث أصبح بريان تيرني التنفيذي السابق بالعلاقات العامة، الذي يشتهر بملاحقة الصحافيين، هو أحدث المنضمين إلى معركة إبقاء صحف فيلادلفيا بعيدا عن أيدي الدائنين، ذلك ما كتبه دايفيد كار في صحيفة «النيويورك تايمز».

ويعد تيرني الذي كان يدير شركة للاتصالات قبل أن يشتري «فيلادلفيا إنكوايرر»، و«فيلادلفيا دايلي نيوز» في عام 2006 هو ذلك النوع من الأشخاص الذي كان يلقى دائما كراهية المسؤولين عن الصحف. فهو يمتاز بالبراعة، كما أن له خبرة واسعة في العمل في العلاقات العامة كما أنه يحب استخدام العبارات الرنانة.

وفي الوقت الراهن، فإن كل ما تبقى له هو تلك الكلمات الرنانة؛ حيث إن «فيلادلفيا نيوزبيبرز» التي تمتلك الصحيفتين قد أعلنت إفلاسها في فبراير (شباط) من عام 2009، بعدما كان أداؤها ضعيفا وكانت ترزح تحت وطأة 318 مليون من الديون. ومع ذلك، أكد تيرني أهمية استمراره في إدارة هذه الصحف، أو تسليم إدارتها لأي شركات إعلامية أخرى من أجل الصالح العام، وكان تيرني قد نجح في الدفاع عن وجهات نظره أمام المحاكم حتى الآن.

وربما تبدو القضية محلية للغاية - أشار تيرني إلى أن مستقبل العمل الإخباري في فيلادلفيا أصبح على المحك - ولكنها لها أصداؤها في كافة أنحاء البلاد؛ فقد تم بيع العديد من الصحف في الأعوام القليلة الماضية نظرا لتفاقم ديونها. وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في عام 2008، كان المراقبون الإعلاميون يتساءلون كيف سينظر العالم إلى قضية امتلاك الدائنين للصحف.

بالإضافة إلى أن العائدات التي كانت توازن تلك الديون قد تقلصت، ومن ثم كانت هناك 13 عملية إشهار إفلاس في صناعة الصحف؛ فقد أصبح الدائنون يديرون «ستار تريبيون» في مينابوليس، وقال التنفيذيون بشركة «تريبيون كومباني»، التي اشتراها «سام زيل» مقابل ديون قدرها 13 مليار دولار، خلال الخميس الماضي، إنهم توصلوا إلى اتفاق يقضي بتسليم الإدارة إلى الدائنين والذين من بينهم صندوق التحوط، «أنغيلو جوردون وكومباني».

ولكن تيرني يرغب في البقاء في الإدارة أو على الأقل، كما يقول تيرني، تسليم إدارة صحف فيلادلفيا إلى شخص يحب ذلك النوع من العمل وليس شخصا اشترى الدين مقابل 12 سنتا وسيحاول بيعه في مقابل الحصول على المزيد من الربح. فيقول تيرني: «لدي واجبات يجب علي الوفاء بها، ليس فقط للدائنين ولكن للموظفين وغيرهم من الناس الذين يعتمدون على الصحيفة».

ومن المقرر إجراء تلك المناقصة في 27 أبريل (نيسان)، ويقول محامون تيرني إنه لا يجب السماح لكبار الدائنين؛ «سيت غروب»، «أنغيلو»، «غوردون»، «كريديت سويسي» باستغلال الديون التي يمتلكونها للمناقصة على الشركة.

وعلى نحو مفاجئ، تمكن تيرني من تسييد حجته أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية؛ حيث رفضت المحكمة السماح باستخدام الديون في مناقصة 22 مارس (آذار)، ولكن المسألة تعقدت مرة أخرى عندما طالب الدائنون بتأجيل المناقصة لكي يحصلوا على الوقت الكافي للاستئناف.

وخلال تلك المعارك الدائرة بين تيرني والدائنين، اتهم تيرني الدائنين بالتسجيل غير القانوني له، وبالتحايل سواء داخل المحكمة أو خارجها. وفي مؤتمر صحافي عقد خلال الأسبوع الماضي، هاجم تيرني على نحو خاص «أنغيلو جوردون وكومباني»، وهو الصندوق المتخصص في الأسهم المتعثرة.

وبالإضافة إلى حصته الكبرى في ديون فيلادلفيا، فإن صندوق «أنغيلو جوردون وكومباني» لديه حصة كبرى أيضا في «تريبيون كومباني» التي تمتلك «لوس أنجليس تايمز» و«شيكاغو تريبيون»، بالإضافة إلى «فريدوم كوميونكيشنز» التي تمتلك «أورانج كاونتي رجيستر» و«ستار تريبيون» في مينابوليس. ووصف تيرني «أنغيلو وغوردون» يوم الخميس بأنه: صندوق التحوط الغامض الذي يضع يده على «لوس أنجليس تايمز» و«شيكاغو تريبيون» والذي سوف يتمكن في يوم من الأيام، على ما يأمل، من السيطرة على ثلاث من الشركات الصحافية الأربع الكبرى في البلاد وذلك إذا ما تمكن من السيطرة على فيلادلفيا.

ولكن القاضي رفض الالتماس الذي تقدم به حاملو الديون يوم الخميس، وتم تأجيل القرار إلى يوم الجمعة، حيث قرر أنه سيتم إجراء المناقصة في الموعد المحدد لها، وسوف يعقبه جلسة استماع يتم خلالها التحقيق فيما إذا كان كافة أطراف ذلك النزاع قد حصلوا على القيمة العادلة لمصالحهم في تلك المؤسسة أم لا. فيقول تيرني: أنا سعيد للطريقة التي سارت بها الأمور يوم الخميس. وقد تمكنت من عقد مؤتمر صحافي حتى يرى الناس ما الذي نتعامل معه.

ومن جهة أخرى، رفض توماس فولر، التنفيذي المسؤول عن الأسهم المتعثرة في صندوق «أنغيلو جوردون وكومباني» إجراء حوار معه، كذلك فريد إس هودارا، المحامي الرئيسي للدائنين الرئيسيين ولكنه أرسل رسالة إلكترونية إلى «فيلادلفيا إنكوايرر» أشار فيها إلى أن تيرني يلقي بالحجارة رغم أن بيته من زجاج. فقد كتب هودارا: «إن ذلك حنث بالوعد. فقد اقترض 400 مليون دولار لتمويل استحواذه على الشركة وهو الآن يفعل كل ما بوسعه لتشويه الأشخاص الذي يدين لهم».

ومن جهة أخرى، يؤكد تيرني أن تسليم الشركة للدائنين، سوف يؤدي إلى إغراقها في الديون حتى يصبح الإفلاس ممارسة معتادة. وعلى الرغم من أن مارتن بينستوك، المحامي الخبير في الإفلاس بشركة المحاماة «ديوي وليبويف» بمانهاتن، ليس أحد أطراف ذلك النزاع، فقد كانت له آراء قوية بشأن محاولات تيرني لمنع الدائنين من إدارة الشركة. فيقول: «تحاول إدارته أن تختار ملاكها على حساب حقوق الدائنين»، مضيفا أن قرار المحكمة بمنع مناقصة الدين لا يبدو كذلك منطقيا بالنسبة له.

ولم يكن من المتوقع أن يخوض تيرني تلك المعارك الشرسة دفاعا عن الصحف. فقد كان كتنفيذي اتصالات، يشن هجمات عنيفة على الصحافيين نيابة عن عملائه المختلفين. ولكن على الرغم من سوء حظ صناعة الصحف في الفترة الماضية، فقد أصبح ينظر إليه باعتباره البطل الذي يدافع عن الملكية المحلية للصحف. وأعرب باز بسنغر، المؤلف والكاتب بـ«إنكوايرر» عن دهشته من موقف تيرني الجديد. فيقول: «عندما امتلك هذه الصحف، كانت لدي مخاوف كبرى، مثل أي شخص آخر، لأن برايان قضى وقتا طويلا في الصراع مع الصحيفة ولكنه أصبح يحبها، فهو رجل قوي وأعتقد أن ما يحركه دائما هو قناعات صادقة».

وتتقلص قيمة الأصول التي يتصارعون عليها يوما بعد يوم. فيقول تيرني إن الصحف حققت صافي مبيعات بلغت 17 مليون دولار خلال العام الماضي من إجمالي العائدات الذي بلغ 325 مليون دولار. وتوقع أنه، حتى في ظل التعافي الاقتصادي، فإنها سوف تنخفض بنسبة من 12 إلى 17 في المائة خلال العام الحالي. وإذا ما أضفنا 30 مليون دولار من المصروفات المرتبطة بذلك الصراع على الإدارة، فلن تتمكن الشركة من الصمود حتى الصيف، إذا ما تأخرت أكثر من ذلك في حل مشكلة الديون. وإذا ما أقيمت المناقصة، كما هو مقرر، فسوف توفر السيولة لحاملي الديون، وتقلل من حجم الدين، والمدفوعات المرتبطة به، وإذا ما حالفهم الحظ، فإن ذلك سيساعد على استقرار الصحيفة.

وقد نفدت بالفعل العشرة ملايين التي استثمرها تيرني في تلك المنشأة حيث إنه والمستثمرين المحليين الآخرين قد تعرضوا للخسائر، ولكنه قال إنه سيشعر أنه قد أدى مهمته إذا ما التزم من يدخلون المناقصة بخدمة المصالح المحلية أو إذا ما فازت إحدى الشركات الإعلامية بها. وقال إنه اتصل بالفعل بأكثر من 200 شركة إعلامية من المحتمل أن تشارك في المناقصة.

وأضاف: «لقد سافرت إلى كافة أنحاء البلاد، وتحدثت مع الناس الذين ربما يكون لديهم اهتمام بشراء هذه الصحف. فمن الممكن أن يصبح ذلك العمل ناجحا، وسأبذل قصارى جهدي كي أضعه في يد الناس الذين يريدون إدارته لخمسة أو عشرة أعوام القادمة».

ولكن الحقيقة المحزنة هي أنه ربما لا يكون هناك قدر كبير من الاهتمام بمن الذي سيفوز بتلك المناقصة، أو بمن الذي سينتصر في جلسات الاستماع التي تليها. فيقول آلان ماتر، المستشار الإعلامي إن مبيعات الإعلانات في صناعة الصحف انخفضت إلى 27 مليار دولار في عام 2009، بعدما كانت تبلغ 49 مليار دولار في 2005، وبالتالي فإن مجرد التخلص من الديون لن يكون كافيا بغض النظر عن من الذي سيملك تلك المؤسسة. «أفكر فيما نفعله الآن، وأتحدث حول تداعيات تلك القصة وهذه القضية. أليس ذلك عظيما؟» ثم سارع بالقول: «سأقطب جبيني بلا شك عندما أقرأ ذلك؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»