مخرج فيلم يطلب إدراج مصادره تحت قانون حماية الصحافيين

على خلفية فيلم وثائقي يتناول النزاع القضائي بين مدّعٍ إكوادوري وشركة «شيفرون»

جدل قانوني حول حصانة المخرجين والصحافيين («نيويورك تايمز»)
TT

أعادت قضية بشأن التلوث والشركات الكبرى والأفلام الوثائقية فتح النقاش الطويل حول تعريف الصحافي والمدى الذي يمكن أن تصل إليه أطراف الدعوى القضائية المختلفة خلال سعيها للحصول على أدلة تدعم حججها.

وتدور القضية حول فيلم وثائقي بعنوان «كرود» أو «النفط الخام» يتناول النزاع القضائي الطويل الذي يقاضي فيه مدعٍ إكوادوري شركة «شيفرون للنفط» لتلويث غابة الأمازون المطيرة.

وكجزء من دفاعها طالبت «شيفرون» بـ600 ساعة من المشاهد التي لم تعرض في الفيلم والتي تقول إنها ستساعد الشركة في إظهار فساد وسوء إدارة المدعي. وقال مخرج الفيلم إن عمله يندرج تحت قانون حماية المصادر للصحافيين الذي يحمي الصحافيين والمراسلين والشبكات الإخبارية من الإجبار على الكشف عن سرية مصادرهم أو الكشف عن المواد السرية.

بيد أن القاضي لويس كابلان قاضي المحكمة الفيدرالية في نيويورك وافق يوم الخميس على طلب الشركة. وقد حاول المخرج التمسك بحقه، لكن القاضي أقر بأن الشروط التي تكفل ذلك غير مستوفاة في هذه الحالة.

أثار قرار القاضي غضبا عارما بين صناع الأفلام الوثائقية الذين قالوا إنها عرّضت صورتهم الصحافية للخطر. ووصف مايكل مور مخرج الأفلام الوثائقية القرار بأنه «سيكون له تأثير سلبي كبير». فإذا ما حدث ذلك، فسيفكر كاشفو الفساد مرتين قبل أن يقدم لي وثيقة يمكن أن تحتوي على معلومات قد تضر بالشركات التي يعملون بها».

من المتوقع أن تتخطى نتائج هذا القرار الأفلام الوثائقية، إذا ما سُمح للشركات بالتفتيش في سجل المراسلين أو في غرفة تحرير الأخبار في التلفزيون».

لكن راندي ماسترو محامي «شيفرون» قال إن من انتقدوا القرار لم يفهموا القانون الأساسي الخاص بنوعية المواد التي يمكن الحصول عليها، ومن ثم فإنه مهما كان الفيلم يجب أن لا يدرج تحت مسمى الصحافة.

وقال ماسترو: «الأمر لا يتعلق بالتعديل الأول للدستور. إنه يتعلق بمحامي صاحب الدعوى الذي قرر أن يجعل من نفسه بطلا وحاول كسب التعاطف لقضية المدعي».

وأصرّ على أن المشاهد التي لم تُعرض في الفيلم تقدم تسجيلات فيديو للنشاطات التي اشترك فيها محامو المدعي لإفساد وتلويث العملية السياسية في الإكوادور.

من جانبه، قال إيلان مازل، محامي صاحب الدعوى إن هذه الجهود من قبل «شيفرون» للحصول على هذه المقاطع «إنما هي محاولة الدقيقة الأخيرة لتعطيل القضية وتجنب القضايا، وإن الشركة تلوي الحقائق، وإنها أساءت تفسير المشاهد في الفيلم لجعل تصرفات المدعي تبدو كأنها فساد». وقال المحامي: «الفساد لن يوجد في بعض الأشرطة التي يبلغ مجموعها 600 ساعة، إنها في الأرض والماء والغابات المطيرة التي يراها الجميع ويحسونها».

اعترف القاضي في قراره بأن محكمة النقض في الدائرة الثانية تدرك وجود الحماية الممنوحة للمعلومات الصحافية وأعلن أن الفيلم يستوجب هذا النوع من الحماية.

لكن تلك هي بداية المسيرة، لأن هذه الميزة لا تمنح الحماية المطلقة للمواد التي تم تصويرها. ويقول ديفيد هدسون من مركز التعديل الأول في ناشفيل: «لا يعني ذلك بالضرورة أنهم مُعفَون من قرار المحكمة، إنما يعني وجود ثغرات تسعى الشركة للحصول على المواد لاستغلالها».

أشار القاضي كوبلان إلى أن تلك الثغرات في القضية التي تم الاستشهاد بها هي قضية غونزاليس ضد قناة «إن بي سي»، التي أصدرت فيها المحكمة قرارا بالحصول على بعض المشاهد التي لم تُعرض من برنامج «ديت لاين إن بي سي» الذي عرضت فيه تقريرا حول ما سمّته التوقيف في إشارة المرور على أساس عنصري من قِبل شرطة لويزيانا. وقالت محكمة النقض في الدائرة الثانية إن الإفراج عن المواد ممكن إذا كانت تتعلق بقضية بأمر هام في القضية ولم يتوافر الحصول عليها من مكان آخر.

وخلص القاضي كابلان إلى أن «هذه الشروط متوافرة في هذه القضية وأن هذه المشاهد ستسهم في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة».

ويرى خبراء قانون الإعلام أن قرار القاضي كابلان لم يخرج عن التعديل الأول للدستور، فيوضح ديف هيلر كبير المحامين في «ميديا لو ريسورس سنتر» في مانهاتن أنه «إذا ما سعى شخص للحصول على قرار من المحكمة يقول إن المواد المصورة تتعلق بقضايا هامة فمن المفترض على القاضي أن يتعامل مع الأمر بجدية». بيد أن هيلر أضاف أنه ليس على يقين من ضرورة صدور مثل هذا القرار.

رد الفعل الصائب في هذه المسألة هو أنه إذا كانت هذه المواد وثائقية كما هو مبين فهذا يعني أن «شيفرون» وأصحاب الدعوى في الإكوادور سيكون لديهم ما يكفي من الأدلة التي سيسعون خلفها ويسألون الأفراد للحصول على معلومات متعلقة بالقضية محل الدعوى. دون إجبار منتجي الفيلم على الكشف عن مصادره وإساءة العلاقة مع هذه المصادر، وعرض المواد التي لم تنشر.

ويقول جوي بيرلنغر، مخرج الفيلم، إن قرار القاضي كابلان جاء بمثابة صدمة. فعند تلقي هذا الأمر بتسليم كل شيء متعلق بالقضية، فإن ذلك استخفاف بالتعديل الأول للدستور والحقوق الممنوحة للصحافيين. على الرغم من أن الأفراد الموجودين وافقوا على المشاركة في الفيلم ووقعوا وثائق تنازل، يقول برلينغر إنهم لا يزالون يحتفظون بحق السرية التي كان ينبغي مراعاتها بصورة أكبر في قرار كابلان بشأن القضية.

وقال: «كل من شاركوا في الفيلم لا يوافقون على الوجود طوال الوقت أمام كاميرا الإنترنت التي هي لُبّ ما يحدث».

وأعرب عن أمله في أن يتم نقض الحكم، لكنه أضاف: «في نهاية اليوم، إذا خسرت كل خياراتي سألتزم بالقرار وأسلم المشاهد، فأنا والد لطفلين، ولا أعتقد أن الأمر يستدعي دخول السجن».

* خدمة «نيويورك تايمز»